في باطل النقل و صحيح العقل ...


اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن - العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 17:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


تختبئ الاشياء في الاشياء و من الاشياء تخرج الاشياء في عُسرها و يسرها ( ... )

من يخرجها (؟) لا أحد يخرج الاشياء من الاشياء , تخرج في ذاتها و من ذاتها و نحن نتكهّن خروجها ( ... )

كمون الاشياء و خروجها في الطبيعة و الفكر و المجتمع محكومة بقوانين عُسر و يُسر تحولها من شيء الى شيء (!)

إن كل الاشياء في طبيعة أشيائها في خروجها و كمونها و هي محكومة بأجوائها في الكمون و الخروج ... ان اجواء التاريخ و الجغرافيا تحدد طبيعة انواع الحياة و تعددها في الاشياء في كمونها و خروجها .

إن ديمومة الحركة في الاشياء لا نراها بالعين المجردة الا اننا نحدد حركتها تحت المجهر(...)

كثر الحديث قولاً في اشياء لا تُعد و لا تُحصى براهين ملمومسة دالة في مدلولها تجاه كمون الاشياء في الاشياء و خروجها " يُخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي "

لا اعتراض على ذلك في الدين و يأتي الاعتراض صارخاً في البحوث العلمية و الفلسفية (...) العلم في الملموس واقعاً و عقلاً و ما هو خارج الواقع و العقل لا مكان له في ميادين العلوم الفلسفية (!)

إن حركة اللاهوت تأخذ الى خارج التاريخ خلاف العلوم الفكرية و الفلسفية التي تجسد رؤاها في حركة التاريخ و مسار دلالتها في حياة الناس ...

الخطو في التاريخ يعني التطور و الخطو خارج التاريخ يعني التخلف (!)

و كان الخيار ان نجسد خطواتنا في التاريخ في العلوم الفكرية و الفلسفية او خارج التاريخ ضمن حركة اللاهوت التي نعاني وبالها في ظواهر ما يُعرف بالاسلام السياسي و تجليات خزي و عار داعش و القابضين على مفاهيمها في التراث (...)

ان التراث في الخلافة فيما تلّوح به داعش من مفاهيم و رؤى اكل و شرب عليها الدهر و تجاوزتها الحياة (!)

ان اهل السلف يدفعون بنا الى الخلف في ماضي الجهل و العبودية خارج التاريخ ... الموت خارج التاريخ في كهنوت متاهات ما انزل الله بها من سلطان او الحياة في التاريخ في كمون الاشياء و خروجها تاريخياً و على مسار الدولة المدنية الديمقراطية لا دولة الكهنوت الاسلامية الداعشية . إن ردم الاشياء في اشيائها و الحيلولة دون خروجها واقع يتجدد في الاسلام السياسي الذي يرى ان الحلّ هو الاسلام : اي العودة الى تراث الخلافة الاسلامية كما هو عند داعش و الداعشيين و من فلول الاسلام السياسي (!)

ان الانغلاق في الاشياء و الدوران فيها و عدم الخروج منها فالخروج من الشيء الى الشيء يعني الخروج على الدين و تعاليمه , فالدين ثابت في اشيائه و بقائه ثابت في كمونه (!)

ان الاديان ترتبط بالعقائد في ممارساتها ولا احد يريد تغيير الدين و زعزعة قيمه الدينية الخالدة و إنما العمل على تطبيع افكاره بطابع العصر و تحديث مفاهيمه و عصرنتها و الاخذ بها من خارج التاريخ الى داخل التاريخ (...)

ان العلمانية الطريق الى اخذ الدين من خارج التاريخ و دفعه في التاريخ : في فصل الدين عن السياسة و سياسة الدولة ليصبح الدين لله و الوطن للجميع . الدين عليه ان يستقل من فتنة السياسة و الدولة و ان تحدد ممارسته الدينية و العبادية بين الخالق و المخلوق دون ان يكون للدولة و السياسة علاقة نفوذ في المعتقدات الدينية للافراد و الجماعات من ابناء الوطن (!)

الدين ثابت في العبادة عند الناس و الدولة و المجتمع لا ثبات لهما في الزوال و التغيير من نظام الى نظام و من مجتمع الى مجتمع و لذا فإنه لا يجوز ربط الدين الثابت في دولة زائلة و نظام و مجتمع زائل و في ذلك بالضبط حكمة العلمانية و اهميتها في الدول و المجتمعات .

ان العلمانية تفسح المجال لمن اراد ان يؤمن و من اراد ان لا يؤمن و هي تعكس خيار : ( لكم دينكم و لي دين )

ان تغيير افكار النصوص الدينية و ليس النصوص الدينية لكي تلتئم عقلاً لا نقلاً بمصالح الناس ولا احد يطالب بتغيير نصوص الدين و إنما التغيير يتحدد في افكار النصوص و معانيها بحيث لا تتناقض مع مصالح الناس و ازدراء عقولهم بالاساطير و الخرافات (...)

النص يخضع للعقل و العقل يُحدد النص و يؤوّل افكار النص لمصلحة الناس فإذا تعارض النص مع مصلحة الناس لا يؤخذ به و إنما يؤخذ به اذا التأم مع مصلحة الناس (...) العقل و ليس النقل عليه ان يُحدد مسار الدين و الدولة في المجتمع في التحول من مسار ما هو خارج التاريخ الى مسار ما هو تاريخ و في التاريخ (!)

العقل يحدد ابعاد الدين العبادية و ليس النقل ... النقل مساره خارج التاريخ في الطبيعة و الفكر و المجتمع و على مسار باطل النقل و صحيح العقل تنهض الشعوب و تزدهر في حياتها (!)