ماركس وأفيون الشعوب!


اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن - العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 23:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

لماذا تحفر الذاكرة ذكرتي «؟» ادري لأمر ما «...» الا ان هذا الامر لا تستحضره ذاكرتي الآن وانا أغط في كتاب «كارل ماركس مسألة الدين» لمؤلفة «سربست نبي».
يوم ان داهمت مكتبتي ثلة من رجال المباحث كانوا يتناهبون الكتب من على رفوفها ويضعونها في كراتين بالية.. وعندما تناول احدهم كتاب كارل ماركس «الرأسمال» القى به على الارض وكاد ان يلمسه بحذائه وهو يمط وجهه في وجهي قائلا: هذا قرآنكم «...» وبعد ليلة نمتها عندهم بلا فراش ولا لحاف كنت وجها لوجه وضابط التحقيق «العثيم».
قال: انت شيعي قلت لا قال: انت شيوعي قلت عندكم ما يثبت ذلك لماذا السؤال «؟!» قال انت كافر قلت في قلبي بيني وبين نفسي كافر بالظلم «...» أليس من الهمكم كارل ماركس مقولة الدين افيون الشعوب قلت ليس بمعناه السطحي الساذج والمغرض.
وكنا نقولها على عجل دون ان نتفهم مدلولها الفلسفي والعلمي «!»
أمس اتاني احد الاصدقاء قائلا: ما تقوم به داعش في العراق من جرائم ما يذكر بما قاله ماركس «الدين افيون الشعوب» ولا يقوم بمثل هذه الجرائم التي تقوم بها داعش الا من سيطر على قلوبهم وعقولهم ومشاعرهم خدر التدين.. الدين في مفاهيمه ضمن العقل وهو يفقد توازنه اذا مسه الخدر واصبح خارج العقل.. فقدان التوازن في الدين هو الافيون الذين عناه ماركس في مقولته التاريخية «الدين افيون الشعوب» اقول لصاجي المشكلة اننا لا نقف على الحقيقة الفلسفية العلمية التي عناها ماركس ونتصدر الدفاع عنها دفاعا دغمائيا نشوه نظرية مارسك العلمية الفلسفية تجاه الدين بالرغم من موقفه المادي الالحادي للدين كقضية شخصية تعنيه «...» والمشكلة ايضا انه لا الدولة ولا رجالها واجهزة امنها على بينة علمية فلسفية بما عناه ماركس: «الدين افيون الشعوب» ولذا فقد استغل استغلالا سيئاً من اوساط دينية ورجعية لغرض سياسي وليس لغرض ديني «...»
ولم يكن ماركس اول من قال «الدين افيون الشعوب» فقد سبقه الكثيرون من الفلاسفة الالمان وغيرهم وقد استخدمها ب. بأور B. Buare في كتابه «مسألة الحرية الطيبة» اذ يتحدث كيف ان الدين «بالتخدير الشبيه بالأفيون بحافزه المدمر ويذكر عن تأثيره الشبيه بالأفيون للاهوت على الجنس البشري» والكثير من الهيغيليين الشباب قد استخدموا ايضا هذا التعبير كون خدر الدين اشبه بخدر الافيون هو ما يأتي على ذكره «سربست بني» في كتابه: «كارل ماركس مسألة الدين» وهو كتاب قم جدير بالقراءة والتأمل «!»
ان الاسلام السياسي كرس انتقاداته المشوهة والمغرضة ضد اليساريين والشيوعيين كونهم يشكلون فصائل سياسة فكرية وثقافية ضد الاسلام السياسي الذي ينتشر في المجتمع كقوة رجعية تتخذ من الدين غطاء لأغراضها السياسية في تشويه مواقف القوى اليسارية والديمقراطية والشيوعية، انهم ضد الدين ويتمثلون في مقولة كارل ماركس «الدين افيون الشعوب» وكان رجل المباحث يصرخ في وجهي وهو يدفع برأس العصا في شعر رأسي قائلاً انت وزمرتك ستواجهون العقاب في افترائكم: بان الاسلام افيون الشعوب «!»
امام هذا الافتراء الوقح لوطنيين كانوا يحذرون ومنذ الستينات من الاسلام السياسي ومخاطره الذي راح يتفشى كالوباء الخبيث في المجتمع... وباء العنف والارهاب والقتل على الهوية عند داعش والقاعدة والنصرة الذي يذرع بمخاطر جرائمه البشعة بعض الدول العربية ويهدد بإيماءات جرائمه البقية الباقية منها «!».
ومنذ الخمسينات كانت القوى اليسارية التنويرية تتعقب قوى الاسلام السياسي وتقوم بفضح نواياها الارهابية وكانت في حماية ورعاية الدولة واجهزتها الامنية الى ان اتى اليوم الذي قال فيه وزير الداخلية الامير نايف بن عبدالعزيز ان بلاوي الارهاب تأتينا من الاخوان المسلمين «!» وهو ما يأخذ هزيز نشوة اهوائه الارهابية الداعشية المريبة في مؤسسات المجتمع «!»
ان المجتمع المأزوم بشقاء اوضاع بؤس ابنائه هو مجتمع يعكس تجليات بؤس وشقاء ابنائه في معتقداتهم الدينية التي تتحول الى صيغ توحش عنف وارهاب واحتراب طائفي بين ابناء الشعب الواحد «!» وفي الرجوع الى صيغة كارل ماركس «الدين افيون الشعوب» ووضعها في حقيقة سياق فلسفتها العلمية ندرك حالا الزيف الذي الحق بها الاسلام السياسي لانها تمس بشكل أو بأخر جذور تجليات الاسلام السياسي السياسية في استغلال بؤس المجتمع وشقاء ابنائه في تفعيل الدين في السياسة لبلوغ اهدافهم في استلام سلطة المجتمع واقامة دولة الخلافة «...»
في مقدمة كتابه «كارل ماركس مسألة دينية» يضعنا «سربست نبي» وجها لوجه امام عبارة كارل ماركس «الدين افيون الشعوب» كما وردت وفق سياقها كالتالي: «ان الشقاء الديني هو من جهة تعبير عن الشقاء الواقعي ومن جهة اخرى احتجاج على الشقاء الواقعي الذي هو تنهيدة الكائن المقهور قلب العالم العديم القلب كما هو روح الاوضاع العديمة الروح انه افيون الشعوب».
ان شعوبنا تتنهد شقاء واقعها الاجتماعي والسياسي.. وما يتشكل في داعش والقاعدة والاسلام السياسي بشكل عام: تنهيدات الكائنات المقهورة من ابناء دولنا العربية في شقاء وبؤس اوضاعها «!» واذا كانت هناك لنبوءات ماركس في الانظمة الرأسمالية لدورات ازماتها..
فان نبوءته السياسية في مقولته «الدين افيون الشعوب» هو ما نراه بشكل من الاشكال في ذات جرائم داعش على الاراضي العراقية المسطولة بخدر افيون العنف والارهاب المتأسلم بالدين «!».