داعش عصا التقسيم !


اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن - العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 10:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

... و كان جهداً اعلامياً كبيراً فاجراً من لدن الولايات المتحدة الامريكية ان تظهر امام العالم انها بعيدة كل البعد عن مشاكل التأثيرات السياسية التي تأخذ مدها و جزرها على الاصعدة الداخلية و الاقليمية في المنطقة العربية و هو ما يرتبط بالشأن السياسي و كذا العكس من واقع ان السياسة و الاقتصاد وجهان لعملة واحدة !!

حتى ان احداً لا يستطيع ان يرفع حجراً في طول الدول العربية و عرضها الا و يجد لبصمات الولايات المتحدة اثراً سياسياً اجرامياً تحتها !!

و قد استطاعت الولايات المتحدة ان تختفي خلف جرائم الكيان الصهيوني الاسرائيلي و تتخذ منه واجهة " مخلب قط " لتكريس سياستها العدوانية في المنطقة و كان وجه القبح الامريكي ان اختفى خلف وجه القبح الاسرائيلي حتى تشاكل القبحان في قبح وجه واحد يكرس السياسة الامريكية في المنطقة و تماثلت الولايات المتحدة الامريكية حملاً وديعاً في عيون العرب و خارج لعبة الذئاب الاسرائيلية الكاسرة في المنطقة و تمادت اللعبة السياسية القذرة حتى اصبحت الولايات المتحدة قبلة للديمقراطية و حقوق الانسان و المدافع عن حقوق الشعوب المظلومة في المنطقة و في التظاهر انها ضد الانظمة الديكتاتورية و من اجل حقوق الانسان و تكريس الديمقراطية حتى ان البعض يشير الى دلالات ضلوع مخابرات الولايات المتحدة ( CIA ) بشكل أو بآخر فيما يعرف ( بالربيع العربي ) .. أليست الولايات المتحدة في هذا الزمن الرديئ قبلة تحرير الشعوب في ( مشروع الشرق الاوسط ) من انظمة الديكتاتوريات و ملوك و امراء و سلاطين التخلف و الاستبداد ...

ان ظواهر الاحداث السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الفكرية و بطابعهاالارهابي العنيف هو ما ينعكس في مخاض بوادر التحولات السياسية في المنطقة الخاضعة لرياح هذا العصف في صعود الرساميل الاحتكارية الامريكية على صعيد العالم و تأثيراتها على حقيقة الاوضاع الجيوسياسية و تفكيكها بحيث تتلاءم و طبيعة ضرورة هذا التحول الطاغي في الارصدة المالية للشركات الاحتكارية العابرة للقارات .. ان اوج عالمية الرساميل الامبريالية و صعود نفوذ استحقاقاتها المالية و البنكية ما يؤدي الى تحقيق " استحقاقات " تقسيم دول المنطقة لتسهيل حركة هذه الرساميل العالمية و لإضعاف دولها بهدف تأمين النهب و السلب و السيطرة في حركة استثمارية سريعة آمنة و في دول ضعيفة مفككة و مقسمة ... و قد اصبح الاسلام السياسي الحصان الاكثر ايجابية في العسف و التطويع لمقاصد عالمية الرساميل الامريكية و سعي سيطرتها في التقسيم !!

ان صعوبات التقسيم ادت الى ضرورة ايجاد اوضاع تساعد و تسهل طبيعة هذا التقسيم خضوعاً لعجلة هذه الرساميل الامريكية المتعاظمة في عصف ايقاع عالميتها المنوطة بتنامي و عصف حركة العلوم و المعارف التكنلوجية التي اصبحت تحت ايقاع نهم رساميل الشركات الاحتكارية على صعيد العالم .. و خصوصاً الامريكية !!

ان التقسيم الجغرافي لدول المنطقة لا يمكن بلوغ اهدافه الا بتقسيم الشعوب و على ايقاع تكريس انقساماتها الدينية و العرقية و المذهبية و الطائفية و في ظروف اوضاع مُهيّأة لقابلية التقسيم جرّاء الاوضاع السياسية و الاقتصادية غير العادلة .. و استشراء الفساد في اجهزة الدولة و طغيان حكامها ... الامر الذي حفّز مراكز الدراسات الامريكية المتنامية مع مستجدات صعود الرساميل الامريكية على صعيد العالم في وضع قواعد التقسيم : و كان اللعب على وتيرة الطائفية و المذهبية الدينية في مدخل تفعيل الصدامات المذهبية الطائفية و بلورتها في مذابح الارهاب و التكفير الذي يؤدي بالضرورة الى تفعيل الغِّل الطائفي المذهبي و استثارة توجداته التاريخية و الذي لم يزد المجتمعات السياسية إلا غلاً على غل في نفوس و عقول ابناء الشعب الواحد !!

ان هذه الحقيقة المرّة لا يمكن لأحد انكارها ... و لايمكن لأصابع الحاكمية العربية التي تمتد مرتعشة تجاه هذا الانفلات الطائفي التكفيري في طلب النجدة من احد لا ينجدها ... فكلا الطائفتين السنية و الشيعية ذاقت ويلات قمعها و اضطهادها ... و بدت في نجدتها انها مترددة في هذه النجدة ...

و كان تحذيراً صادقاً من لدن قوى وطنية و يسارية تنويرية تجاه مخاطر الاسلام السياسي بشكليه السني و الشيعي و كذا الخميني و خطورة عدم مبالاته بالاستعمار و الصهيونية العالمية ... إلا ان النتيجة كانت مؤلمة فقد كانت الانظمة العربية رهن تأثيرات الولايات المتحدة الامريكية و سياستها في المنطقة ... الأمر الذي أدى الى ترك الحابل و النابل لقوى الظلام و الارهاب و التخلف و في تلقي التأييد و المساعدة و المشورة من الولايات المتحدة الامريكية دون رادع من احد و في الوقت الذي شرعت ابواب السجون و المعتقلات على مصراعيها لقوى التحرر و الاستنارة الوطنية و اليسارية في المنطقة و قد ادركت الولايات المتحدة مبكراً ان اهدافها يمكن تحقيقها عبر قوى الظلام و التخلف في الاسلام السياسي و في امكانية استيعابهم و تطويعهم و هو ما تكشف في ارتباطات الاخوان المسلمين المشبوهة مع المخابرات الامريكية ( CIA ) في ثورة الشعب المصري بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي !!

ان قوى السلم و التنوير من اليساريين و الديمقراطيين في تناقض مبدئي جذري مع الانظمة الرأسمالية المتوحشة و يرون في الولايات المتحدة الامريكية اصل داء و بلاء تخلف الشعوب العربية و هي حامية و حاضنة الانظمة الرجعية و قوى الارهاب و التخلف في المنطقة !!

ان حاكمية البعث في عهد نظام صدام حسين ارتبطت بالارهاب و التنكيل بالشعب العراقي و اشتهرت بالمقابر الجماعية و استخدام المواد الكيماوية ضد الآمنين في حلبجة و كانت واجهة اعتداءات على دول المنطقة و قد اشعلت الحرب ضد الشعب الايراني و احتلال الكويت و كان ذلك تبريراً لوجستياً للولايات المتحدة الامريكية و مدخلاً في تطبيق اهداف مشروعها على ارض الواقع ( مشروع الشرق الاوسط ) عبر نظام ارهابي متطرف في قمعه ضد شعبه .. فأشاعوا في اجهزة الاعلام مخاوف المفاعل الذرية التي لدى صدام حسين و نظامه .. لتبرير هجومهم العسكري و اسقاط نظامه و هو ما تم تحت تهليل و تكبير الشعب العراقي و الشعوب العربية للتدخل الامريكية .. و للحقيقة و الواقع فقد كان اليسار العراقي قد تجافل شاجباً التدخل العسكري في الوقت الذي ايده حزب الدعوة و الاحزاب الدينية الشيعية الاخرى و الجمهورية الاسلامية الايرانية و دول المنطقة بشكل عام ... و كان واقعاً اخذ تجليات ابعاده الطائفية في تحقيق الروح الطائفية بين السنة و الشيعة و قد لعبت الجمهورية الاسلامية الايرانية في شخص الجنرال قاسم سليماني دوراً خسيساً في تعميق الشرخ الطائفي بين السنة و الشيعة : فذهب برايمر و اعقبه ديك تشيني ... و سلمت العهدة الامنية بعده الى الجنرال قاسم سليماني و كانت اللعبة القذرة تجد مستساغاتها عبر انتشار الفساد و النهب من اموال الشعب العراقي و الضرب من تحت الحزام طائفياً بين ابناء الشعب العراقي الواحد !!

و قد دفعت حكومة نوري المالكي الى مضاعفة شق الشعب العراقي في تكريس مصالح و نفوذ طائفة ضد طائفة اخرى ... و احتضنت كوادر بعثية و قيادية و عسكرية تحت سمع و بصر و تخطيط من الجنرال قاسم سليماني الشاخص النظر و المرهف الحس و السمع في دقائق مجريات الانشطة السياسية على الارض العراقية و لم تكن داعش و من لف لفها من الارهابيين و التكفيريين الذين تنامت انشطتهم في ظل نظام نوري المالكي و تحت سمع و بصر و بصيرة الجنرال قاسم سليماني الا واقعاً تراجيدياً مخطط له سابقاً في احتلال داعش للموصل و ظهور البعثيين و مرتزقة نظام صدام حسين من جديد في الحياة السياسية العراقية و هم يخوضون بجانب الارهاب السياسي الطائفي في داعش في دماء اطفال و نساء الشعب العراقي !!

ان سلسلة التفجيرات الارهابية التي اخذت جرائمها في عهد نوري المالكي ما هي الا تهيأة النفوس ارهابياً الى هذا اليوم المشؤوم الذي بدأ التقسيم الطائفي يأخذ تأييده و مساندته على ارض الواقع العراقي من الولايات المتحدة الامريكية و الجمهورية الاسلامية الايرانية و الرجعية العربية و الطائفية و تركيا و اسرائيل في المنطقة !!

ان داعش و البعث هما عصا تقسيم المنطقة برعاية الولايات المتحدة الامريكية و الجمهورية الاسلامية الايرانية في شخص عرّابها الطائفي الجنرال قاسم سليماني ( !!! ) ..

تسألني قائلاً : الموقف الامريكي واضح في التقسيم وفقاً لضرورة صعود الرساميل الامريكية اوج عالميتها على صعيد العالم ... و لكن أراك ملتبساً في الموقف الايراني في ضلوعه لمسار التقسيم في المنطقة كما تقول ...

أ لايران مصلحة في تفكك الدول العربية الى دويلات صغيرة و ضعيفه ؟! بلى تلتقي هنا مصلحة و هناك مصلحة ... فلايران مصالحها في ضعف الدول العربية و تفككها الى دويلات صغيرة و لتركيا و اسرائيل كما اوضحت سلفاً !!
اذا تقسّم العراق ... و هو عصي على التقسيم ... فإن بقية الدول العربية ستصبح في مهب رياح التقسيم !!