وهل كان عمر بن الخطّاب لوطيا شاذا ؟!


سامي النابلسي
الحوار المتمدن - العدد: 3464 - 2011 / 8 / 22 - 14:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

من الأساليب الرخيصة والدنيئة لبعض الإسلاميين هو مهاجمتهم للكتاب العلمانيين عن طريق تكفيرهم وتحريض العامة والدهماء على قتلهم، فيصفونهم بأعداء الأديان وأعداء الإسلام بل إنهم لا يتورعون عن ممارسة الانحطاط الأخلاقي عندما يهاجمون الكاتب شخصياً فيصفونه بأنه شاذا لوطياً وعميلاً صهيونيا ووو إلخ.
ولا تقتصر حرب هؤلاء الشرذمة الشاذة والمهلوسة ضد العلمانيين فقط، بل تتعدى ذلك إلى حرب بين الإسلاميين أنفسهم، فهذه مواقع شيعية كثيرة تصف الخليفة عمر بن الخطاب ( ر ) بأنه كان شاذاً لوطياً !! لن أضطر لوضع أية روابط وعلى المهتمين بها البحث عنها عن طريق محرك البحث.

أما عملية اتهام الخصوم وتكفيرهم والتجريح الشخصي بشخوصهم، فهو ليس جديداً على ثقافة الحكم الإسلامي، فعندما قام الخليفة المنصور العباسي بإعدام العالم الجليل والفيلسوف العظيم عبدالله بن المقفع بسبب كتاب كليلة ودمنة، لم تقم السلطة الحاكمة بنشر السبب الحقيقي للإعدام وهو معارضته لسياسة الخليفة في تعيين الوزراء، بل قاموا بإشاعة التشويه الشخصي الشهير وهو أن ابن المقفع كان لوطياً شاذا !!

لن يهاجر العلمانيون من أوطانهم بسبب التفكير والتشويه الشخصي، بل سيواصلون المطالبة الحثيثة بفصل الدين عن الدولة وبإرساء دعائم دول مدنية حديثة تحترم حقوق الإنسان وفي مقدمتها حقه في التكفير والقراءة والبحث وكذلك حقه في ممارسة حرية الكتابة والتعبير الحر.

إن فقدان الإسلاميين للحجة والمنطق في الرد على القراءات العقلانية للتاريخ الإسلامي هو ما يجعلهم يمارسون أعمالهم البلطجة والدناءة والخسة ضد المفكرين والكتاب، فقد حرضت جبهة علماء الأزهر ضد المفكر فرج فودة بتكفيره بسبب كتاباته المطالبة بفصل الدين عن الدولة، وتم بعدها اغتياله بكل إجرام على يد متخلف مهووس لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
أما موضوع ضرورة فصل الدين عن الدولة الذي يطالب به العلمانيون والليبراليون والديمقراطيون والاشتراكيون والذي يؤدي إلى التفكير والتحريض على القتل، فهو موضوع يخضع لرغبات الحكام السياسية ولكن بذرائع دينية، أي أنه يتم استغلال مشاعر الناس الدينية لتنفيذ مآرب سياسية بعيدة عن الدين. فالخليفة عمر بن الخطاب ( ر) قام بتجاوز النصوص القرآنية المحكمة في أكثر من سياق. أولاً عندما قام بإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم بدعوى أن سهم المؤلفة قلوبهم قد فرض أيام ضعف المسلمين وقلة عددهم وأنه لم تعد للمسلمين حاجة به بعد أن قويت شوكتهم وازداد عددهم، وثانياً عندما أوقف العمل بحد السرقة في عام الرمادة وهو عام قحط وجوع.

لماذا لم يجرؤ فقهاء الإسلام السني على مر التاريخ الإسلامي أن يتهموا الخليفة عمر بأنه تجاوز الشريعة أو أنه تطاول على كتاب الله ؟! لماذا لم يتم اتهامه بأنه عدو للأديان وعدو للإسلام ؟! والإجابة الوحيدة الصحيحة في اعتقادنا هو أن جميع دعاوى التكفير والتحريض على القتل ليست لأسباب دينية عقائدية بل لأسباب سياسية وهو ما يجعلنا نصر على ضرورة تجريد السلطة الحاكمة من سلاح الدين ومن إصباغ القداسة على شخصوهم بحيث يصبحوا شيئا متعاليا على النقد والمحاسبة كما فعل الحكام العرب والمسلمين طيلة 1400 عاما من الحكم الثيوقراطي الاستبدادي.

إن الإسلام لا يحتاج إلى حركات إسلامية تضم البلطجية والسفاحين والقتلة، فعندما انهار الاتحاد السوفييتي عاد الناس في الجمهوريات المسلمة إلى إسلامهم وصلاتهم وصيامهم كما عادوا إلى إعمار مساجدهم بعد 70 عاماً من الثقافة الإلحادية دون الحاجة إلى إخوان مسلمين أو سلفيين أو جماعات إرهابية تقتل المدنيين دون وازع من خلق أو ضمير. هؤلاء لا يريدون الاقتناع بأن إرهابهم لن يدوم طويلا، وبأن عصر الإنترنت وحرية الكلمة قد خلقت مناخات جديدة يمارس فيها المفكرون كامل حريتهم في النقد والإبداع. هم إلى زوال وأما الثقافة العقلانية فهي تزدهر وتنمو وسوف تتمكن الشعوب من نيل حريتها وكرامتها رغماً أنوفهم، وما انتهاء حكم صدام ومبارك والقذافي إلا بداية جديدة لعهد جديد.