مطلوب إسقاط سلطة أوسلو بفرعيها .. غزة والضفة !!


سامي النابلسي
الحوار المتمدن - العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 04:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ليس هذا المقال لمجرد القراءة والاطلاع فقط بل للنشر على صفحات مواقع التواصل من أجل توسيع النقاش حول المأزق الخطير الذي دخلته القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة، وبالذات منذ سيطرة حماس على قطاع غزة منذ عشر سنوات، أو على الأدق منذ نكبتنا الثانية في أوسلو بعد نكبتنا الأولى في 1948 !!!

ماذا لدينا الآن ؟؟؟ سلطتان تحت الاحتلال، واحدة في غزة وواحدة في الضفة .. سلطتان تعيشان كالطفيليات على دماء الناس الواقعين تحت الاحتلال !! قبل الانتفاضة الأولى كانت لدينا سلطة تحت الاحتلال، وكانت إسرائيل تمنحنا وثيقة سفر خاصة بسكان غزة تعترف بها جميع دول العالم، وبعد الانتفاضة المشؤومة عام 1987 بدأ الاحتلال في سحب جميع الحقوق المدنية والاقتصادية التي كانت ممنوحة لسكان غزة والضفة إلى أن وصلنا الآن إلى وضع خطير لدرجة يمكن معها إعلان غزة منطقة منكوبة، حيث لا عمل ولا كهرباء ولا سفر ولا علاج ولا مياه نظيفة وحيث غاز الطهي سلعة عزيزة في كل شتاء !!

كنا بسلطة تحت الاحتلال وبعد أوسلو أصبحنا بسلطة تحت الاحتلال أيضاً، مع فارق أن سلطة الاحتلال عندما كانت مسؤولة مباشرة عن الناس الواقعين تحت الاحتلال، كانت ملزمة بتقديم كافة الخدمات من تعليم وصحة وعمل وعلاج وحتى رفاه .. الآن أصبحنا بسلطتين تحت الاحتلال، تحكمان الشعب في غزة بالحديد والنار، مع ملاحظة أن مشروع الحصول على دولة ضمن حل الدولتين قد فشل بالاستيطان في الضفة مع تهويد القدس والأغوار !

قبل أيام قامت السلطة بتجديد رخصة شركة الاتصالات وشركة جوال للعمل في أراضي السلطة ( غزة والضفة ) لمدة عشرين سنة قادمة مقابل 290 مليون دولار أي حوالي 14.5 مليون دولار في السنة، علماً بأن أرباح الشرطتين تزيد على 150 مليون دولار .. سلب ونهب واحتكار حقير لا مثيل له .. من أين لكم هذا المبلغ ؟؟؟ في دولة الاحتلال توجد خمس شركات تتنافس لتقديم الخدمة ما يجعل المواطن الإسرائيلي يحصل على خدمات تفضيلية بأقل الأسعار .. لكن هل تعتقدون أن شركة الاتصالات وجوال شركات وطنية فلسطينية حقاً ؟؟؟ إنهم مجرد سماسرة للتكنولوجيا الإسرائيلية، وما زالت بدالة غزة في الهاتف الثابت ( 08 ) أي نفس بدالة جنوب إسرائيل، وما زالت شركة جوال تبدأ خدمتها بالرقمين ( 05 ) وهي رقم البدالة الإسرائيلية لجميع شركات الهاتف الخلوي !!
السلطة عبارة عن مجموعة احتكارات حقيرة، فكم مليون دولار تنهب الهيئة العامة للبترول من ثمن المحروقات الإسرائيلية ؟؟؟ وكم مليون دولار تنهب شركة سند لتوريد الإسمنت ؟؟؟ وكم مليون دولار تنهب شركة توريد التبغ ؟؟؟ لماذا كل هذا النهب والسلب ؟؟ لأجل أن ننفق من دمائنا على سلطة تحت الاحتلال ؟؟!
كنت في السابق أدعو العقلاء والوطنيين لمناقشة حل السلطة وتسليم مفاتيحها للاحتلال بوصفه الجهة المسؤولة قانونيا عن تقديم الخدمات، لكن الآن سأطالب بإسقاط هذه السلطة التي جعلت من شريحة من الشعب تعتاش بالبلطجة والسفلقة على حساب الناس .. 65 % من موازنة السلطة هي من ضريبة القيمة المضافة التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة، ثم دخلت حماس على الخط لتفرض بدورها ضريبة التكافل وتمارس النهب والسلب على طريقتها !

قبل أيام دعى شخص من قيادة حماس شعب غزة إلى اقتراح حلول لمشكلة الكهرباء، والواقع أن الحل هو أن تدفع حماس ثمن الكهرباء التي تسرقها وتبلطجها لصالح مؤسساتها الحكومية ووزاراتها ومساجدها ومراكزها الشرطية والأمنية والتي تقدر بنحو 40 % من قيمة الاستهلاك .. تخيلوا قيمة استهلاك 40 % من الطاقة لمدة عشر سنوات منهوبة مجانا دون أن تلزم حماس نفسها بدفع شيكل واحد !!! أي ظلم وأي افتراء وأي فساد ؟؟!

لقد وصلت طريق التفاوض المزعوم إلى طريق مسدود منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 وما تبقى لا يعدو عن كونه أكبر شركة احتكارية لبيع التنسيق الأمني مقابل أموال الضريبة التي تقرصنها إسرائيل لحساب السلطة !!!
عن أي وطن وأي مفاوضات وأي مقاومة تتحدثون ؟؟! عن نزيف دموي استمر طوال 70 عاماً لننتهي إلى سلطة التنسيق الأمني والحكم بالوكالة ؟؟؟ لماذا نعفي دولة الاحتلال من تقديم التزاماتها للناس تحت الاحتلال ؟؟! قبل أيام هاتفني صديق يشكو من غياب الكهرباء لمدة تزيد عن 13 ساعة وكأنني أعيش في كوكب آخر وكأن أولادي لا يحتاجون الكمبيوترات للدراسة ونحن في أيام الامتحانات الفصلية !! حدثني أيضاً عن بيت عزاء لجيرانهم احتاج توصيلة إنارة من بطارية بيته وبأن البطارية على وشك النفاذ لتنقطع الإنارة عن بيته وعن المأتم في آن معاً !!!
طبعا أبو مازن لديه كهرباء 24 ساعة، وقيادات حماس لا تنقطع عنهم الكهرباء !!!

إن مهزلة السلطة التي تمخضت عن انتفاضة عفوية لابد أن تنتهي لنعترف جميعاً بأننا ما زلنا تحت الاحتلال، وما زالت البحرية الإسرائيلية تصادر مراكب الصيادين من بحر غزة وتطلق عليهم النار يومياً، فأين فنادق قطر من المقاومة ؟؟؟ هل قطر تدعم حماس لأنها تقاوم أم العكس ؟؟؟ قطر دولة مطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي والدعم القطري هو دعم مشبوه لاحتواء المقاومة وتدجينها ضمن حالة اللاحرب واللاسلم في غزة !! هذه الحالة التي أوصلت المجتمع للفقر والتسول والأمراض النفسية وحالات الانتحار ( المعلن عنها والمسكوت عنها ) !!!
الشعب في غزة يريد أن يحيا بكرامة من عرق جبينه .. حلوا السلطة وحلوا المقاومة وحلوا الوكالة ودعوا دولة الاحتلال تقوم بالتزاماتها كدولة محتلة وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة !
غزة تريد عمل وتزيد سفر وتريد علاج وتريد مستشفى للسرطان وتريد كهرباء، وإذا كانت رشوة رواتب السلطة وكوبونات الوكالة تطال شريحة معينة من الناس، فإن في غزة 300 ألف عامل لا يجدون ما يقتاتون به !!
العام الماضي كان طالب يأتي في الفترة المسائية متاخرا عن الحصة الأولى حوالي ربع ساعة، وعندما سألته عن السبب قال بأن أخته تدرس في الفترة الصباحية وأنه ينتظر عودتها لكي يحصل على حقيبتها المدرسية .. حقيبة ثمنها 10 شيكل !!!!
------------------------------------
ما زال لدى الناس أمل بأن تنزاح غمة السلطة وغمة حماس اللتان تعتاشان من دماء الناس دون أن تحررا شبرا واحداً من الأرض !!
-------------------------------------
إهداء
إلى قراء الحوار المتمدن وبالذات عشاق الحياة أهدي لهم هذه الغنية من تلحيني وبصوتي ومن كلمات الشاعرة إلهام أبو ظاهر .. كل عام وأنتم بخير.
https://soundcloud.com/ox8w8euqqc2q/oep1xabpn25e