الكارثة الدينية في العالم العربي !


سامي النابلسي
الحوار المتمدن - العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 10:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

نشرت جريدة الأيام الفلسطينية مقالاً للـ د. خالد الحروب يتضامن من خلاله مع الشاعر أحمد حجازي ويستعرض بوجه عام طبيعة التصادم بين الاصولية الدينية والإبداع .. شاهد المقال:
( http://www.al-ayyam.ps/znews/site/template/Doc_View.aspx?did=63667&Date=8/20/2007 ).

والواقع أن الصدام بين الأصولية الدينية وثقافة الإبداع والتجديد قديم وقد بلغ أوجه في الفترة الثانية لحكم العباسيين بعد احتلال بغداد على يد المغول، حيث حدثت ردة هائلة رافقها انتشار فكر الحنابلة وابن تيمية أدت إلى حرق الكثير من مجلدات ومؤلفات العلماء والنوابغ، وتم تكفير معظم العلماء أمثال الرازي والخوارزمي وابن سينا والبيروني وابن رشد والتوحيدي، وتم إعدام الحلاج وتقطيع أوصاله أما ابن المقفع فقد امر الخليفة " بتطيينه حياً " !، ثم تواصلت بطولات الفكر الديني في العصر الحديث فتم خنق محاولات النهضة على يد الأفغاني والطهطاوي ومحمد عبده، ثم جرت محاكمة كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي "، وفي بداية التسعينيات تم قتل فرج فودة بسبب كتاب " الحقيقة الغائبة "، وفي أيامنا هذه، تطارد الأصولية معظم النوابغ والمفكرين والمثقفين العرب مثل سيد القمني وكتب خليل عبد الكريم ونصر أبو زيد وأحمد حجازي والغيطاني وغيرهم.

ليس ثمة مؤامرة تستهدف العالم العربي لإبقائه فريسة للجهل والتخلف، وليس ثمة قوى خارجية هدفها تدمير العالم العربي، وحتى إن صح وجود قوى عالمية مستفيدة من حالة التخلف العربي، غير أن أسباب الهزيمة الحضارية أمام إسرائيل والغرب، بل أمام العالم، أسباب داخلية محضة ولم تهبط علينا من السماء، فماذا ننتظر من أمة تطارد مبدعيها وتحرق مؤلفاتهم بسيف التكفير الديني، وكيف يمكن للعقل العربي أن يتكون بصورة علمية تفتح الآفاق أمام الأجيال القادمة فيما تسيطر القوى الدينية على معظم مناحي الحياة المدرسية بدءاً من قراءة الفاتحة في طابور الصباح مروراً بالمناهج المكتظة بالإسلاميات، على نحو يدمر أي أثر للكتابات والمقالات التنويرية والنهضوية.

إن العالم العربي يعيش الكارثة الدينية مثقلاً بالجهل والتخلف والاستبداد وتفشي الفقر والأمية إلى معدلات غير مسبوقة، كما أشارت أكثر من مرة تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، الأمر الذي يؤكد ضرورة القيام بالإصلاح الديني الثوري في مواجهة الكارثة الدينية الأصولية ( الوهابية )، ويجب استغلال كل الإمكانات المتاحة للضغط في سبيل تغيير المناهج المدرسية لنحظى بأجيال أقل تطرفاً، وأكثر انفتاحاً وتفهماً لإنتاج المبدعين والمفكرين والمجددين.