غزة والضفة: الاحتلال المباشر أم الاحتلال بالوكالة .. أيهما أفضل ؟؟!


سامي النابلسي
الحوار المتمدن - العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 01:03
المحور: القضية الفلسطينية     

غزة والضفة: الاحتلال المباشر أم الاحتلال بالوكالة .. أيهما أفضل ؟؟!

في استطلاع غريب من نوعه، تقوم حالياً شركة جوجل بتنظيم استفتاء حول تسمية قطاع غزة، هل تبع فلسطين أم إسرائيل .. حتى الآن نتيجة الاستفتاء لصالح إسرائيل !

http://www.israel-vs-palestine.com/PS/EN

الغريب في الأمر أن الاستفتاء يجري تنظيمه بعد فشل جولة المصالحة الأخيرة في الدوحة، والتي برهنت بما لا يدع مجالا للشك، بأن كل من سلطة رام الله وسلطة غزة، تصر على حرق الوقت مثل أي مخرج فاشل، وهاكم حقيقة ما يجري دون مواربة أو تزوير !

إسرائيل هي اللاعب الأقوى في الضفة وغزة اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، فهي من أوجدت السلطة عام 1994 لخدمة مصالحها وهي من أوجدت حماس والانقسام عندما نفذت الانسحاب أحادي الجانب عام 2005 وأيضاً لخدمة مصالحها، ولما كانت إسرائيل تستطيع تقويض وإزالة حكم سلطة رام الله وسلطة حماس في غزة في أقل من 48 ساعة، فإن على الشعب في الضفة وغزة أن يقرر جدوى وجود سلطات وظيفية فاسدة تحت الاحتلال من عدمه .. ربما نصل إلى نتيجة مفادها أن العودة إلى الاحتلال المباشر أفضل بكثير من وجود سلطات تحكم بالوكالة ! هذه السلطات دمرت انتماء الناس للقضية التي تحولت إلى أرصدة وأبراج ورشاوى ومحسوبية وتعيينات للمقربين على حساب شعب تم توريطه واستغفاله بانتفاضات وثورات وحروب فاشلة دفع فيها أثمن ما يملك، لتكون النتيجة ضياع الأرض والإنسان في ملهاة كارثية هي الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية !

أولاً: سلطة رام الله

نشأت هذه السلطة عام 1994 بناء على اتفاق أوسلو، حيث تخلصت إسرائيل من مسؤولياتها كدولة محتلة من جميع سكان غزة والضفة، وبدلاُ من أن تنفق إسرائيل على السلطة مقابل التنسيق الأمني، قامت بذكاء وحنكة بتدفيع الشعب الفلسطيني كامل النفقات من خلال ضريبة القيمة المضافة، فيما احتفظت هي بكامل سيادتها العسكرية والأمنية والاقتصادية على الضفة وغزة. المستفيدون الحقيقيون من هذه السلطة هم طغمة فاسدة. بعضهم يصل راتبه لأكثر من 25 ألف دولار شهرياً ! إسرائيل وافقت على قيام السلطة باحتكار توريد كافة صادراتها إلى غزة والضفة، مثل توريد المحروقات والغاز ( الهيئة العامة للبترول )، والإسمنت ( شركة سند التابعة للرئاسة )، والتبغ، بالإضافة إلى احتكار تقنية الاتصالات ( الثابت والخلوي ) والإنترنت. هذه الطغمة تحتكر الوظائف الرفيعة كالوزارات والسفارات وأطقم ما يسمى بالمفاوضات، وكما أوضحنا من قبل في مقال ( الاحتلال الرقمي لقطاع غزة )، فإن كل شركة تبدأ بدالتها بالأرقام ( 05 ) هي شركة إسرائيلية، حيث ( سيلكوم 052، بيليفون 050، أورانج 054، جوال 059 وهكذا )، وبالتالي فإن شركة الاتصالات والجوال والإنترنت هم مجرد سماسرة يسوقون تقنية الاتصال للشركات الإسرائيلية !! المستفيدون الحقيقيون من سلطة رام الله هم فئة ضئيلة، يقدمون رشوة لحوالي 120 ألف موظف صغير في الضفة وغزة. هؤلاء رواتبهم لا تكفيهم في الواقع ويضطرون للاستدانة والاقتراض !

ثانياً: سلطة غزة / حماس

نشأت هذه السلطة في غزة عام 2007 بعد انقلاب دموي على أجهزة السلطة الأولى، وتدريجياً تحول قطاع غزة إلى مزرعة أو حاكورة لزعامات حماس. حماس التي اتخذت من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، أصبحت تكتفي بغنيمة غزة، فقد أصبح لها جيش وشرطة ووزارات ونظام ضريبي مخيف، ومن سابع المستحيلات أن تتخلى حماس عن غنيمة السلطة في غزة لصالح فك الحصار أو ما يسمى بالمصالحة. حماس تحرق الوقت كأي مخرج فاشل يريد تعبئة حلقات المسلسل، ولولا الحروب الثلاثة التي أنهكت سكان غزة، لما استمرت حماس بالحكم منفردة دون معارضة أو محاسبة أو شفافية أو انتخابات. حركة حماس كحاطب ليل كما يقول المثل العربي، لا يرى ما يجمع، وقد يجمع ما يضره، فمن تفجير الباصات إلى مسيرات تطالب بانتخابات، إلى انقلاب، إلى حروب فاشلة، إلى السطو على شركة الكهرباء والبلديات، إلى فرض ضرائب مخيفة وخاوات، وصولاً إلى تهديد الأمن الغذائي والمعيشي ل 2 مليون نسمة في قطاع غزة !!

------------------------------------------

الطغمة الفاشية الحاكمة في كل من رام الله وغزة، تقومان برشوة 170 ألف موظف، معظمهم لا تكفيهم رواتبهم لا لتعليم أبنائهم ولا لعلاج سرطاناتهم. لكن مقابل 170 ألف موظف يعتقدون أنهم فائزون !
يوجد 6 مليون إنسان معتقل في الضفة وغزة.
6 مليون يشترون بضائع إسرائيل بدءاً من الطحين وكيس الإسمنت وليس انتهاءاً بالكهرباء وتكنولوجيا الاتصالات.
6 مليون يدفعون الضرائب الباهظة والمضاعفة لثلاث حكومات.
6 مليون محرومون من السفر والعلاج والعمل والسكن !

فمتى ينتفض المظلومون والمضطهدون الضفة وغزة لإسقاط سلطتي فتح وحماس لتعود العلاقة الطبيعية والصدام الحتمي بين شعب محتل ودولة عنصرية محتلة تصادر حقوقه ؟؟!

ما جدوى وجود سلطات فاسدة تحت الاحتلال توجع الشعب وتصادر حقوقه في المقاومة ؟؟!

وبناء على خبرة الواقع والتاريخ، أيهما أفضل حالياً، الاحتلال المباشر، أم الاحتلال بالوكالة ؟؟!

على الأقل، فإن حل السلطتين سيفرض على دولة الاحتلال وقائع وجود دولة واحدة على الأرض. دولة واحدة رغماً عنهم، ففلسطين ليست لهم وحدهم وعلى الشعب الفلسطيني أن يقرر مصير هاتين السلطتين في أقرب وقت ممكن !

دمتم بخير