أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد فاروق عباس - أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 7 ) هل تقدم مصر فى ظل تدخل الدولة القوى فى الاقتصاد ممكن ؟















المزيد.....

أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 7 ) هل تقدم مصر فى ظل تدخل الدولة القوى فى الاقتصاد ممكن ؟


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7449 - 2022 / 12 / 1 - 10:51
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


والإجابة على السؤال هى : نعم ممكن .. ولكن !!

أولا يجب القول أن ذلك النمط هو الأسلوب الذي نمت به دول مثل ألمانيا واليابان فى أواخر القرن ١٩ ( وليس نموهما الحديث طبقا للنمط الأمريكى بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية ) ..

وكانت أبرز محددات ذلك النمط من النمو قائمة على عمليات التصنيع ، وسيطرة الدولة على التجارة الخارجية ، وفرض رسوم جمركية عالية لحماية الصناعات الناشئة ، وهو ما عرف - طبقا للاقتصادى الشهير فريدريك ليست - بالقومية الاقتصادية ..

واخترت تعبير تدخل الدولة ولم استخدم لفظ الاشتراكية ، لأن تأميم وسائل الإنتاج لم يعد خيارا مطروحا فى هذه الحقبة من تاريخ العالم ، واكتفى كثير من دول العالم - الصين مثلا - بوجود الدولة القوى فى الاقتصاد ، والملكية العامة لجزء من الاقتصاد مع ترك قوى السوق تفعل فعلها ..

أى أن ما أقصده هو التنمية المستقلة ، المعتمدة على الذات ، وهى تحتوى على ملامح رأسمالية واضحة ولكن فى ظل تدخل قوى للدولة وسيطرتها على الاقتصاد وتوجيهه ..

ودور الدولة في الاقتصاد مهم حتى فى أعتى الدول الرأسمالية ، وقد كان من أبرز ملامح خطة روزفلت المعروفة بالصفقة الجديدة الإنفاق الحكومي الهائل للتخلص من آثار أزمة ١٩٢٩ ، ثم كان لتدخل الدولة المباشر في الاقتصاد ، بالتسليح الهائل ثم الحرب أن تخلصت أمريكا من أكبر أزمة اقتصادية فى تاريخها ..

ولم يكن ذلك بعيدا عن أزمة الديون والرهون العقارية عام ٢٠٠٨ ، وكان ما أنقذ الاقتصاد الأمريكى مرة أخرى من الانهيار هو تدخل الدولة ، بضخ مئات المليارات لإنقاذ آلاف الشركات والبنوك من الإفلاس ..

وربما لا يعرف كثيرون أن البنتاجون مسئول عن أكبر قطاع عام فى العالم ، وهو قطاع التصنيع العسكرى الأمريكى ، حتى وإن اتخذ شكل القطاع الخاص فى الظاهر ..

وقد بنت بريطانيا نفسها - وهى أم الرأسمالية - اقتصاديا وصناعيا فى ظل الحمائية ، وعندما سبقت غيرها كان من مصلحتها تركها وإتباع سياسة التجارة الحرة ، وهو عين ما فعلته ألمانيا واليابان ، ونفس ما فعلته الولايات المتحدة ، وعكس ما فعلته دول أمريكا اللاتينية ، وهو ما يفسر لماذا تقدمت دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وتخلفت دول مثل البرازيل أو المكسيك أو الأرجنتين ، مع أن العالم الجديد - الأمريكتين - تم اكتشافه في وقت واحد ..

وبالنسبة للبرازيل مثلا ، فقد كانت خاضعة للنفوذ الاقتصادى البريطانى ، وقد منع البريطانيون - كالعادة - أى محاولة لقيام صناعة برازيلية مستقلة ..

وقد خضع الشرق الأوسط كله تقريبا لأوربا في القرن ١٩ ، وانفتح تماما أمام المنتجات الأوربية والبنوك ورؤوس الأموال الأوربية ، مما قضى على أى أمل في قيام تنمية مستقلة ، وأصبح مجرد تابع فى ألة الاقتصاد الغربى ، ولم يؤد الانفتاح على الغرب طوال مائة عام - من أربعينات القرن ١٩ إلى خمسينات القرن ٢٠ - إلى تقدم مصر أو غيرها ..

وليس صحيحا أن الدول لم تعرف التقدم إلا فى ظل الرأسمالية ، فألمانيا وصلت إلى القمة العالمية فى نهاية القرن ١٩ وبداية القرن العشرين وازاحت إنجلترا فى ظل سياسات الدولة التدخلية وقيادتها للنمو والتقدم ، وكذلك فعلت اليابان بالضبط في نفس الفترة ، تدخل قوى للدولة وسيطرتها على الاقتصاد وتوجيهه في إطار معين وسياسات قوية للتصنيع الثقيل والسريع ..
وحققت الدولتين في هذا الإطار نجاحات خارقة ..

وحتى تجربة الاتحاد السوفيتي ، وهى تجربة متطرفة في اشتراتكيتها بنت روسيا اقتصاديا وصناعيا بعد أن كانت من أكثر دول أوربا الكبيرة تخلفا اقتصاديا ..

ولمن ينسى فقد كان تقدم الاقتصاد السوفيتي فى الخمسينات والستينات قويا للغاية ، وحتى فى سنوات الركود في السبعينات والثمانينات لم تكن مشاكل الاقتصاد السوفيتي أكثر من مشاكل الاقتصاد الأمريكى مثلا فى نفس الفترة ..
وعلى الرغم من كل الدعاية الغربية أن إنهيار الاتحاد السوفيتي كان بسبب الاقتصاد فإن الحقيقة أن السياسة - وجورباتشوف - هما سبب إنهيار الاتحاد السوفيتي الحقيقى ..

نرجع مرة أخرى إلى مصر وظروفها ..
والمشكلة يمكن وضعها في الصورة الآتية :

لا تقدم لمصر - أو لغيرها - بدون التصنيع ، والتصنيع يحتاج إلى استثمارات ضخمة ، وهنا يأتى السؤال :
من الذى يتقدم ويضخ استثمارات في الصناعة والتصنيع ؟
إذا كان الجواب هو : القطاع الخاص ، فسوف تواجهنا المشكلات الآتية :

١ - معدل الادخار فى مصر منخفض للغاية ، والادخار هو الذى سيتحول إلى استثمار .
٢ - القطاع الخاص المصرى له قطاعاته المحببة التى يضع فيها أمواله ، وليس من بينها الصناعة ، أو على الأقل ليس من بينها الصناعات الثقيلة ، ويفضل غالبا الاستثمار العقارى أو الخدمى أو الترفيهى ..

هل تكون الاستثمارات الأجنبية هى البديل إذن ؟
ان تجربة مصر فى نصف القرن الأخير تقول أن الاستثمارات الأجنبية لم تأت لمصر إلا من اجل البحث الطاقة - البترول والغاز - أو شراء وحدات القطاع العام المعروضة للبيع ..

.. والأهم أن تجربة مصر فى الأربعين سنة الأخيرة كاشفة عن احجام القطاع الخاص المصرى والاجنبي عن أخذ مصر فى طريق التصنيع ، أو على الأقل الصناعات الثقيلة أو المتقدمة ..
كما أنها كاشفة أن الاستثمار الأجنبى المباشر لم يكن له دور يذكر فى نقل التكنولوجيا إلى الاقتصاد المصرى .

وأصبحت مصر - فى النهاية - تعتمد على موارد ذات مصادر خارجية ، وهى موارد تعتمد إلى حد كبير على عوامل تخرج عن سيطرة صانعى القرار الاقتصادى والسياسى المصريين ( وهى تحويلات العاملين في الخارج - قناة السويس - الاستثمار الأجنبى - السياحة ) ، وكلها يعتمد على رضا القوى الكبرى وسماحها ..

ولا يحتاج الإنسان إلى ذكاء كبير ليفهم أن هذه الموارد سيتوقف بعضها فورا ، وسيقابل بعضها الآخر مشاكل كبيرة اذا حدث واتخذت مصر - فى وقت ما وتحت ظروف معينة - سياسات تراها في مصلحتها ، وخارج عن الرغبة الأمريكية ( حرب مع إسرائيل مثلا ، أو إثيوبيا أو تركيا ) وهو ما يلغى عمليا قدرة مصر على خوض حرب خارجية طويلة ومكلفة في اقتصاد يعتمد بصورة كبيرة على مصادر خارجية ، ويجعل ذلك من التنمية المستقلة - وفى قلبها الصناعة الوطنية - أول خطوات بناء وقوة مصر بصورة حقيقية ..

يبقى - إذن - الطريق الآخر وهو أن تنشأ الدولة قطاعها الصناعى ، على الأقل الصناعات الثقيلة ، وعلى الأقل لفترة معينة تقف فيها هذه الصناعات على قدميها وتصبح قادرة على المنافسة ، وهنا تقابل مصر عقبتين كبيرتين ، طالما واجهت الدول التى سلكت هذا الطريق ، وهما :

١ - إن سلوك مصر هذا الطريق يقتضى سياسات أخرى اقتصادية وتجارية معينة ، منها مثلا سياسيات جمركية وضريبية مختلفة ، ومنها مثلا السيطرة على التجارة الخارجية وتقييد الاستيراد بشدة ، ومنها مثلا السيطرة على المدخرات المحلية وتوجيهها في الإطار الذى ترسمه الحكومة ، ومنها مثلا سياسات مالية ونقدية معينة ، ومنها سيطرة الدولة على أسعار الصرف ، ومنها مثلا العودة إلى التخطيط الاقتصادى ... إلى آخره ..

وبرغم أن هناك مشكلات فنية ليست هينة فى ذلك ، فإنها فى النهاية مشكلات ممكنة الحل رغم صعوبتها ..

منها مثلا .. هل يحقق استيلاء الدولة على الفائض الاقتصادى تقدما مطردا ، أم أن " سِلال الفلاحين والفقراء الاستهلاكية الخاوية " ستلتهم ذلك الفائض مع مرور الوقت ؟!

وكان ذلك جزءا مهما من مشاكل تجارب ما بعد الاستقلال في العالم الثالث ..
فقد كانت المعضلة بعد الاستقلال أن الجماهير ترى أن لها كل الحق في قطف الثمار بعد ماض تعيس وحرمان طويل ، وذلك بزيادة الاستهلاك وتعويض ما فاتها من متع الحياة ، ولكن مقتضيات أى سياسة اقتصادية عقلانية كانت ترى أن رفع معدل النمو الاقتصادي - وبالتالى تقييد الاستهلاك - هو الأولى والأهم ..
ومن هنا حدث الصدام الذى عم العالم الثالث كله ، فتصبح الجماهير التى قامت الثورات ضد الاحتلال من أجلها بعد قليل معادية للثورة !!

٢ - وتأتى هنا المشكلة الثانية ، وهى أكثر صعوبة وأكثر خطورة ، وهى باختصار أن مصر باتخاذها السياسات الاقتصادية السابقة تضع نفسها في تناقض - وربما عداء - مع القوى الكبرى التى تسيطر على النظام الاقتصادى العالمى ، والتى سوف تجابه أى محاولة للتنمية المستقلة ، كما فعلت مرارا مع تجارب دول بلا حصر ..

أى أنه طريق صعب ومكلف وغير مأمون العواقب ..
اى باختصار يصبح السؤال .. هل سترضى أمريكا عن ذلك ، وهل ستتركنا في حالنا ؟!!

وهو ما يقتضى حديثا آخر أكثر تفصيلا ..



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 6 ) هل تقدم مصر فى ظل الرأسما ...
- أضواء على المشكلة الاقتصادية (5) التقدم الاقتصادى فى زمننا . ...
- أضواء على المشكلة الاقتصادية (4) الجرى وراء السراب .. قصة ال ...
- أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 3 ) .. القصة من أولها .
- أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 2 ) هل كانت السنوات السابقة ج ...
- أضواء على المشكلة الاقتصادية ( ١ ) هل هناك فعلا مشكلة ا ...
- قطر .. والإسلام !!
- العرب والديموقراطية
- هل يمكن النسيان ؟
- لقاء مع الإخوان
- اردوغان .. والحادث الارهابى أمس .
- تقاليد الحكم
- هل الخوف هو السبب ؟!
- قنوات الإخوان وأصدقاءهم .. لماذا لندن ؟
- بشار الأسد .. قصة مسكوت عنها
- زكريا بطرس
- قصيدة قديمة جميلة
- موضوعات وكلمات الأغانى المصرية
- الموسيقى والغناء فى مصر
- أحلام جديدة .. وأهداف جديدة


المزيد.....




- HTC تعلن عن حاسب لوحي بمواصفات منافسة
- وكالة -فيتش- تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية
- أسعار النفط تتكبد أكبر خسارة أسبوعية في 3 أشهر
- -دبلوماسية لحم البقر-.. ماذا حدث بين البرازيل واليابان؟
- أسهم -وول ستريت- ترتفع في أسبوع وسط آمال خفض الفائدة
- المعدن الأصفر يتراجع للأسبوع الثاني على التوالي
- لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية
- مسؤول بالفيدرالي: لا يمكن القبول إلا بمعدل التضخم المستهدف
- -تسلا- تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية
- -بيركشاير هاثاواي- تحقق أرباحا تشغيلية قياسية في الربع الأول ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد فاروق عباس - أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 7 ) هل تقدم مصر فى ظل تدخل الدولة القوى فى الاقتصاد ممكن ؟