أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - شكري شيخاني - كنت في سجن صيدنايا 29/30














المزيد.....

كنت في سجن صيدنايا 29/30


شكري شيخاني

الحوار المتمدن-العدد: 7233 - 2022 / 4 / 29 - 02:43
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


في الحلقة السابقة توسعت قليلا" في شرح العلاقة بين الاخوان والنظام السوري اذ كانت علاقة سيئة للغاية.. ولهذا كنت مهتما" بصديقي السجين والذي ينتظر اخوته الثلاثة ولا يعرف تماما" اين هم ولا باي فرع . لذلك كان يسأل كل من ينزل الى المحكمة.. وانتهت الاستضافة وانتهت اوجاع النزول للمحكمة واثارها السلبية على النفس اولا"
ورجعت الى زنزانتي بعد غياب حوالي عشر ساعات ما بين التفتيش والطريق والمحكمة وصلت واذان المغرب يقول الله اكبر .. وتقريبا" كان هذا اليوم هو قبل الاخير من شهر رمضان الكريم وكان قد مضى على وجودي في قسم المنفردات الشهر الرابع... طبعا" كانت قصعة الاكل جاهزة والطعام بارد ولا طعم له .. حتى انني لا أعرف كيف أكلت بضع لقيمات واستسلمت الى نوم عميق من تعب اليوم والعذاب النفسي الفظيع .. ولم أصحو الا على صوت الحارس وهو يطرق على الطاقة ... قائلا" لم يبقى على اذان الفجر الا قليلا" .. اذا بدك تتسحر... فاكتفيت بشرب الماء وتوضأت لصلاة الفجر بنفس حزينة ومكسورة .. لا اريد شيئا" الا الفرج.. ورؤية عائلتي... ورجعت مرة ثانية مستسلما" لنوم عميق ..بعض القراء والقارئات قد يتفهمون معنى هذا الكلام الحزين والقاسي على النفس البشرية.. وصدق المثل القائل الحرية تاج على رؤوس الاحرار لا يراها الا المعتقلون. والسجناء . والمغيبون وراء الشمس.. تماما" مثل الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراها الا المرضى.. بمعنى اخر لكل مكان روحانياته.. وكذلك الزنزانة كان لها روحانيات...... فمثلا" .روحانية حياة المعتقلين، في عتمة المعتقل: "على المعتقل أن يعيش دور المغلوب دائماً. المنكسر . الحزين . البائس .. الفاقد للأمل ولكن متمسك بحبل الله ومنتظر الفرج .. لقد عشت هذا الدور لفترةٍ طويلة في المهاجع . حيث كنت محاطاً بالمتدينين في المعتقل، ولم أكن أنتمي إليهم لكني كنت أحسدهم كثيراً، إذ كنت أفقد إيماني بالعدالة الإلهية شيئاً فشيئاً. ومع هذا كنت أشعر بالراحة كلما بادر أحدٌ ليتلو بعض الآيات القرآنية سرّاً في غيبة السجان. كان هذا كفيلاً بأن يسرّي عن أنفسنا الضجر والضيق وانسداد الأفق". وعن المعنويات والحالة النفسية التي تعتري المعتقل يقول: "بالرغم من تعدّد أساليب التعذيب والتجويع والتعطيش ، إلا أن أكثر ما كان يخيف المعتقل هو العتمة. كنت ألعن فيها من اخترع السجون بلا ضوءٍ، وأخمّن أنه من سلالة الشياطين. كانت روحي تنعصر في الظلام. لطالما انتظرت أيام الاستحمام، التي تأتي مرتين كلّ شهرٍ، في باحة السجن، كي أتشرّب الضوء أكثر من الماء". في فترة الوجود بالمهاجع كانت الحمامات اجباري مرتين او ثلاث في الشهر .. طبعا" في الحمام الكبير للسجن وكنا ننزل افواجا" لوجود الماء الساخن.. وكان الامر لا يطول كثيرا" فقط كانت المدة حوالي نصف ساعة نأخذ معنا المنشفة والصابون.. والغيار الداخلي (( الملابس الداخلية )) واحيانا" توفر ادارة السجن الصابون... وكون الماء ساخن فأحيانا: نأخذ معنا بعض الالبسة المتسخة تماما" ونغسلها في الحمام العام ... هذه الحمامات كانت احيانا" تنسينا مانحن فيه .. من عذابات وقهر.. أما عن انعكاس قسوة التجربة على حياة المعتقل فأقول صادقا" انه كلما طالت المدة في المعتقل كلما خرج السجين ومعه عدة حالات نفسية إلا يعلم بها الا الله والمحيطين به .اذا كانوا على قدر من الوعي والتفهم لحالة السجين فانا مثلا" "منذ خرجت من المعتقل وكانت المدة ست سنوات وحتى اليوم لم أستطع الجلوس في العتمة ولو لساعة. لأنني وانا في المعتقل كنت أجلس قرب باب المهجع طوال الوقت، وكان السجّانون يدخلون علينا ويطلبون واحداً أو أكثر من المعتقلين، نكتشف بعد أيامٍ أنهم ذهبوا إلى الإعدام. معظم هؤلاء كانوا يمكثون عند الحائط المقابل لي في آخر المهجع، حتى خيّل إليّ أن نافذة الموت فتحت هناك، وأني هنا أبعدُ الجميع عنها. آمنت بالفكرة لفترةٍ طويلة"..
وعندما خرجت من المعتقل بدأت افهم او أعرف اليوم أنها لم تكن إلا محاولةً نفسيةً للتملص من فكرة الموت التي زرعت في كلّ مكانٍ داخل السجن. كلٌّ منّا كانت له حياةٌ خاصّةٌ في مخيلته، تتخبّط انفعالاتنا ومشاعرنا بين عالم الموت التراجيديّ الذي نراه أمامنا، والذي يغلق كل أبواب الأمل، وبين حياةٍ متجدّدةٍ في مخيلتنا نتحايل فيها على عتمة المعتقل". غدا" نكمل مع الحلقة 30



#شكري_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت في سجن صيدنايا 28/30
- كنت في سجن صيدنايا 27/30
- كنت في سجن صيدنايا 26/30
- العثمانيون.. أطماع...لاتنتهي
- كنت في سجن صيدنايا 25/30
- عام 2023 ماذ يعني لتركيا؟؟
- كنت في سجن صيدنايا 24/30
- كنت في سجن صيدنايا 23/30
- كنت في سجن صيدنايا22/30
- كنت في سجن صيدنايا 21 /30
- .كنت في سجن صيدنايا 20/30
- كنت في سجن صيدنايا 19/30
- كنت في صيدنايا18/30
- كنت في سجن صيدنايا 17/30
- كنت في سجن صيدنايا 16/30
- كنت في سجن صيدنايا.... 15/30
- كنت في سجن صيدنايا14/30
- كنت في سجن صيدنايا 13/30
- كنت في سجن صيدنايا 12/30
- كنت في سجن صيدنايا 11/30


المزيد.....




- اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 أ ...
- نائب رئيس حماس: تبادل الأسرى والمحتجزين سيتم على 3 مراحل
- الأمم المتحدة تدعو إلى تجنب التصعيد بعد إعلان موسكو عن تدريب ...
- غزة.. فرحة عارمة بين أوساط النازحين في رفح بعد إعلان حماس قب ...
- الاتحاد الأوروبي: أمر الإخلاء الإسرائيلي لسكان رفح ينذر بمزي ...
- اليمن.. مئات الطلاب يتظاهرون تضامنا مع غزة
- الغضب يجتاح مدينة تونسية بسبب تدفق المهاجرين الأفارقة الراغب ...
- يونيسف: 600 ألف طفل في رفح الفلسطينية مهددون بكارثة وشيكة
- الأمم المتحدة تتهم إسرائيل برفض دخول المساعدات لغزة
- تونس.. أزمة المهاجرين بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإنسان ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - شكري شيخاني - كنت في سجن صيدنايا 29/30