عادل عبد الزهرة شبيب
الحوار المتمدن-العدد: 6783 - 2021 / 1 / 9 - 10:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في بيان له أكد البنك المركزي العراقي أنه قرر رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصيرفة الى 1460 دينار للدولار الواحد بهدف تعويض تراجع الايرادات النفطية الناجم عن تدهور اسعار النفط . وبين البنك المركزي ان السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار العراقي هو سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار اسعار النفط العالمية وهو مصدر رئيسي للموارد المالية العراقية وحدوث عجز كبير في الموازنة العامة . ويعتمد العراق في 95% من دخله على عائدات النفط. فلو كان الاقتصاد غير ريعي يتميز بتنويع مصادر الدخل القومي وبتوفر الارادة السياسية ووجود الرؤى الاستراتيجية وعدم اعتماد نهج المحاصصة الطائفية – الأثنية , لما تأثر بأزمة انخفاض أسعار النفط بسبب جائحة كورونا , الا ان الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم لم تفعل شيئا من اجل تحويل الاقتصاد العراقي الريعي الاستيرادي الاستهلاكي الى اقتصاد انتاجي مصدر .
يدافع البنك المركزي العراقي عن قراره بخفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار بنحو الخٌمس الى انه يهدف الى دعم المالية العامة ومتطلبات الانفاق العام . كما عزت وزارة المالية العراقية قرار خفض قيمة الدينار العراقي الى محاولات الحكومة معالجة الأزمة الخانقة التي شهدها العراق من جراء انخفاض اسعار النفط وضمان حماية الاقتصاد وتحقيق الاصلاحات التي وعدت بها قبل عدة اشهر . وبسبب انهيار اسعار النفط اضطرت الدولة المصدرة للنفط الى الاقتراض من احتياطيات البنك المركزي بالدولار لسداد ما يقرب من خمسة مليارات دولار شهريا تمثل رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين .
لقد تسببت مسودة مسربة لقانون موازنة الدولة لعام 2021 في اثارة ضجة في الشارع العراقي حين تأكدت خطط خفض قيمة الدينار , كما تضمنت المسودة ايضا مقترحا بتقليص رواتب موظفي القطاع العام بفرض ضريبة دخل جديد-ة بنسبة 15% للموظفين من الدرجتين المتوسطة والعليا , كذلك تخطط الحكومة لزيادة تعرفة الكهرباء لإجبار المواطنين على دفع المزيد في مقابل الكهرباء ( الغير موجودة اصلا) , ورفع اسعار البنزين وفرض ضرائب على بعض السلع غير الأساسية . ويمكن ان تؤدي الاستقطاعات في رواتب الموظفين وما يتعلق بالطبقى الوسطى في العراق الى تحول الكثير منهم الى فقراء اشهر فقط .
هناك الكثير من الاتهامات التي تطال قوى وشخصيات سياسية بالوقوف وراء احداث الأزمة الحالية وتسريب نسخة من مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021 كونها تحتوي على تفاصيل استقطاعات وخصومات طالت مرتبات الموظفين فضلا عن خفض قيمة سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار بنحو 30% عن قيمته السابقة. وبهذا الصدد اشار محافظ البنك المركزي العراقي الى وجود رغبة حكومية بتغيير سعر الصرف, علما ان اعباء هذا القرار ستكون كبيرة على الطبقة الفقيرة والهشة حيث ستكون المتضرر الأكبر من تخفيض سعر صرف الدينار العراقي , ولا يمكن استبعاد وقوف اطراف سياسية وراء الأزمة الحالية على اعتبار ان اغلب المصارف الأهلية تابعة الى احزاب وسياسيين ومن ثم فهم من يستفيد من هذا الوضع كلما زاد سعر الصرف . وفيما يتعلق بالمصارف الأهلية التي يملكها السياسيون العراقيون فقد أشارت ( سكاي بريس ) الى اهم هذه المصارف المتورطة بغسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة الى بنوك خارج العراق , ومن هذه المصارف :-
1) مصرف انتركونتننتال الذي يملكه روز نوري شاويس / التحالف الكردستاني .
2) مصرف آشور ويملكه برهم صالح / التحالف الكردستاني .
3) مصرف البحر المتوسط ويملكه همام حمودي / كتلة المواطن .
4) مصرف الشرق الأوسط للاستثمار ويملكه احمد الفتلاوي / كتلة المواطن .
5) مصرف المتحد للاستثمار ويملكه عادل عبد المهدي / كتلة المواطن .
6) مصرف البلاد الاسلامي ويملكه علاء الموسوي / كتلة المواطن .
7) مصرف المنصور للاستثمار ويملكه طلال الزوبعي / اتحاد القوى .
8) مصرف دجلة والفرات للتنمية والاستثمار ويملكه طلال الزوبعي / اتحاد القوى .
9) مصرف الموصل للتنمية ويملكه اسامة النجيفي / اتحاد القوى .
10) مصرف الاستثمار ويملكه خميس الخنجر / اتحاد القوى .
11) مصرف بيروت والبلاد العربية ويملكه مهدي العلاق / دولة القانون .
12) المصرف العراقي للتجارة ويملكه وليد الحلي / دولة القانون .
13) مصرف دار السلام ويملكه علي التميمي / كتلة الأحرار .
14) مصرف الهدى ويملكه حمد الموسوي / كتلة الاحرار والذي تقول عنه لجنة النزاهة البرلمانية انه يعود لشخصيات سياسية وذات نفوذ كبير جدا في الحكومة وهو من اكبر المصارف التي انتفعت من الفساد في العراق .
15) المصرف اللبناني الفرنسي ويملكه محمد الدراجي / كتلة الأحرار ,
وغيرها من المصارف . وان من سلبيات قرار خفض قيمة صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي فعندما ينخفض سعر الدينار تنخفض قدرته الشرائية لكون الواردات الان وبنسبة 90% من السلع الموجودة في السوق العراقية هي سلع مستوردة ونتيجة خفض قيمة الدينار فانها سوف ترتفع وتنعكس على الأسعار الموجودة في السوق كما يرى ذلك سكرتير الحزب الشيوعي العراقي في تصريح له والذي يؤكد على ان النقاش ينبغي الا يكون احادي الجانب بل يجب ان يبحث عن الحزمة لتخفيض اعباءها على ذوي الدخل الضعيف والمحدود, مؤكدا على وجود اجراءات مالية اقتصادية وادارية تتخذ كحزمة لأجل سياسة تحسين الدينار . وعن الاقتراض اكد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي ان الاقتراض بكميات كبيرة من البنوك يستنزف الرصيد وبالتالي يؤدي الى خفض الدينار مشيرا الى ان العراق بلد مقترض اكثر من الحد المطلوب ويجب تقليص الانفاق الحكومي حيث يوجد انفاق حكومي منفلت .
يبدو ان الجهات الحكومية في العراق ليس لديها الارادة الحقيقية لتثبيت سعر الصرف بسبب الضغوطات التي تتعرض لها من جهات سياسية متنفذة ضالعة ومستفيدة من الفوضى المالية الحالية .
ان خفض قيمة العملة العراقية يجعل واردات الدولة اكثر تكلفة على المستهلك العراقي ما يؤدي الى خفض عمليات الاستيراد . كما قد يتسبب خفض قيمة العملة بتأثيرات نفسية تضعف ثقة المستثمرين باقتصاد البلد وتؤثر سلبا على عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية . ولوحظ بعد ساعات من قرار الحكومة العراقية بخفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار تراجعت الحركة التجارية الى ادنى مستوياتها في اسواق الجملة الرئيسة في بغداد مثل سوق الشورجة ومنطقة جميلة والبياع وغيرها وتم اغلاق عدد كبير من المحال التجارية كما ادى هذا القرار الى ارتفاع اسعار السلع في الأسواق وبنسبة 50% , وان الموظفين واصحاب الدخل المحدود والكسبة هم المتضرر الأكبر من قرار خفض العملة العراقية, كما تأثرت قطاعات الأدوية والأغذية والقطاعات الاخرى بشكل كبير حيث ارتفعت اسعارها التي لا يتحملها فقير الحال , وفي العراق فأننا لا نحتاج الى خفض قيمة الدينار العراقي وانما نحتاج الى ضغط النفقات العسكرية وترشيد الانفاق الحكومي المنفلت والسيطرة على موارد المنافذ الحدودية التي تتحكم بها مافيات الفساد التابعة للأحزاب المتنفذة وتفعيل الرسوم الجمركية وفرض الضرائب التصاعدية العادلة وتفعيل القطاعات الانتاجية من صناعة وزراعة وتعدين وسياحة وغيرها من القطاعات والعمل على استثمار الغاز الطبيعي الذي يحرق هدرا بدلا من استيراده من ايران بمبالغ طائلة الى جانب محاربة الفساد بكافة اشكاله واسترجاع الأموال المنهوبة وتقديم كبار الفاسدين للمحاكمة العادلة . فكل هذه العوامل ستوفر مصادر مالية للعراق . كما اثر القرار الحكومي على توقف بعض المصانع والشركات مؤقتا في بغداد وبعض المحافظات خاصة تلك التي تستورد موادها الأولية من الخارج بالدولار وتبيعها في الداخل بالدينار العراقي المنخفض القيمة ولذلك فضل العديد غلق باب معمله او شركته بانتظار ما ستؤول اليه الأمور .
ان القرار الحكومي هذا سيزيد من الفقر في البلد وسيؤدي الى ارتفاع نسبة الجرائم والسرقات بسبب الأحوال المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد .ولم يكن القرار لصالح الشعب العراقي المبتلى بالأزمات .
#عادل_عبد_الزهرة_شبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟