أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - «إياك أعني واسمعي يا جارة»














المزيد.....

«إياك أعني واسمعي يا جارة»


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6667 - 2020 / 9 / 4 - 15:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وتوظيف مجموعة من الاستعارات والإيحاءات والعبارات المتداولة في خطابات الاتّهام التي يوجّهونها لمن يريدون تشويه صورته أمام الرأي العامّ حتى صارت عبارة «الأطراف» من أكثر العبارات المثيرة للسخرية لكثرة تردّدها على ألسن السياسيين. فالأطراف تنطبق على الجميع وهي من «المعلوم في السياسية بالضرورة» دون أن تعني طرفا في حدّ ذاته، وليست الغاية من استعمالها إلاّ تحسّب الآتي في عالم السياسة ومراعاة انقلاب موازين القوى في المستقبل. فمن هو اليوم خصم لدود (حزب المقرونة )يمكن أن يتحوّل إلى صديق النهضة/الإئتلاف.

ولئن اختلفت شخصية الرئيس قيس سعيد عن التركيبة الشخصية لسائر الذين تقلّدوا منصب رئاسة الجمهورية فإنّه لم يشذّ في خطابه الأخير، عن قاعدة اعتمدها غيره من الفاعلين السياسيين تتمثّل في الإلغاز والتلميح دون التصريح بدعوى أنّ «التونسيين يعلمون» ولكنّه إذ يلغز لا يحتسب حسابا لموقع أحزاب فقدت شرعيتها في نظره بل له اعتبارات أخرى.
لقد كان من المتوقّع أن يوجّه الرئيس خطابه المباشر للحاضرين من الوزراء الجدد وأن يكتفي بالتهنئة وإسداء النصيحة والتأكيد على ضرورة التفاني في خدمة المصلحة العامة وتجنّب الأخطاء التي ارتكبها السابقون، وكان بإمكانه أن يجدّد في البرتوكل فيحترم رغبة النساء الرافضات وضع غطاء رأس عند أداء القسم وقناعتهن بقاعدة المساواة والمواطنية ..

ولكن يبدو أنّ متابعة «جلسة محاكمة الرئيس وحكومة الرئيس» قد جعلت الرجل يختار استبدال الخطاب التواصلي «البارد» بالخطاب «الحارّ» ويفضّل التخاطب مع الغائبين(هم) لا مع ممثلي حكومة «المشيشي» ملغيا بذلك حضورهم. فالكلام ، وإن كان ظاهريا موجّها لهم إلاّ أنّ مضمون الرسالة يخصّ الخصوم: الغائبين/ الحاضرين.

ولم يكن عدم التصريح بأسماء الخصوم قاعدة تقتضيها الآداب الاجتماعية أو رغبة في تجنّب خدش مشاعرهم ، بل هو إمعان «سعيّد» في تحقيرهم وتجريدهم من الفضائل لأنّهم في نظره، لا يرتقون إلى مستوى الخصم الشريف الذي يمكن أن نتحاور معه على قاعدة الندّية والاحترام. فالتسمية علامة اعتراف والتغييب دليل إنكار وجود الآخر.وبما أنّ «سعيد» يتصوّر أنّه في موقع قوّة فإنّه يتعمّد كشف سوءات خصومه في خطاب رسميّ يتابعه الجمهور.

لقد أراد الرئيس توجيه عبارات التقريع والوعد والوعيد لمن اعتبرهم دون المستوى المأمول في التعامل الأخلاقيّ وفي المستوى العلميّ، وهو في ذلك لا يخرج عن جبّة المعلم/المؤدّب/الأستاذ الّذي يتكلمّ من موقع تعليميّ اكتسبه بفضل مهنة زاولها طيلة سنوات. ويضاف إلى تلك السلطة «المعرفية» المزعومة سلطة ثانية اكتسبت من الموقع السياسيّ فالرئيس في أعلى هرم السلطة وفي المركز، وسلطة ثالثة اكتسبت بفضل الشرعيّة «الشعبية» التي أذهلت خصومه وسلطة رابعة دستورية فضلا عن السلطة «الأخلاقية» إذ لم يستطع أي سياسيّ بمن في ذلك الغنوشي، أن يبني لنفسه صورة تتماهى مع شخصية «الورع/ التقيّ» . ومن يمتلك كلّ هذه السلط يستطيع أن يصرخ ويؤدّب ويهين ويسخر...
وبناء على ذلك تتسع الفجوة بين لاعبين انكشفت عوراتهم أمام جميع التونسيين فما عاد التعريف بهويتهم ضروريا. فهم منذ سنوات يركضون وراء السلطة سمتهم النهم والجشع والنفاق... مستعدون لبيع كلّ شيء في سبيل نيل المراد فقدوا ماء الوجه وما عاد يهمّهم شيء، وبين لاعب تسلّل إلى المشهد فقلب قواعد اللعبة من موقع من ليس لديه ما يخسر. ولأنّه اختار أن يلاعب خصومه في مجال الأخلاق لا في «الدهاء السياسي» فإنّه حاز على رضا التونسيين حتى أولئك الذين يختلفون معه في الرأي فالسياق سياق شوق إلى القيم والمبادئ والإيطيقا...

سيُناور اللاعبون السياسيون ويراوغون ويستعملون كلّ الوسائل المسموح بها وغير الأخلاقية في سبيل إزاحة من كسر شوكتهم وفضح ألاعيبهم وفرض عليهم قواعد جديدة للتعامل وقلّل من «مرئيتهم» وجعجعتهم ولكن هل بإمكان «اللاعب المنفرد» أن يقاوم ويردّ عليهم «الصاع صاعين» دون أن يرتبك ويقترف الأخطاء ويتعثّر فتصيبه عدوى التسلّط؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...
- التجربة التونسيّة في بؤرة التحديق
- الأداء السياسيّ طريق لانتزاع الاعتراف
- من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاس ...
- الترفّق بالديمقراطية الناشئة
- مجلس الشعب و«التسويق» لثقافة العنف
- الشباب والحكومة وثنائية: المركز والهامش
- عرس ديمقراطيّ أم تعرية لواقع متأزّم؟
- معركة: الصناديق
- الغنوشيّ ... والاختبار العسير
- سياسات ارتجالية
- لثم الوجه ...ولا تكميم الأفواه
- العنف ضدّ النساء في زمن الكورونا
- حين تتحوّل الكورونا إلى مرآة نرى فيها عيوبنا
- طقوس الموت في زمن الكورونا
- هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟
- الكورونا بين السياسيّ والدينيّ


المزيد.....




- مشتبه به يرمي -كيسًا مريبًا- في حي بأمريكا وضابطة تنقذ ما دا ...
- تعرّف إلى فوائد زيت جوز الهند للشعر
- مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم ...
- مسؤول إسرائيلي: العملية العسكرية في معبر رفح لا تزال مستمرة ...
- غارات جوية إسرائيلية على رفح.. وأنباء عن سماع إطلاق نار على ...
- من السعودية والإمارات.. قصيدة محمد بن راشد في رثاء بدر بن عب ...
- شاهد.. أولى الدبابات الإسرائيلية تسيطر على الجهة الفلسطينية ...
- هل انتقلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى السودان؟
- فيديو: ارتفاع حصيلة القتلى جرّاء الفيضانات والأمطار في كينيا ...
- فيديو: آلاف المجريين يخرجون في مظاهرة معارضة لرئيس الوزراء ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - «إياك أعني واسمعي يا جارة»