أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فلورنس غزلان - متى نخرج من قمقم عبودية النصوص والخطوط الحمر؟















المزيد.....

متى نخرج من قمقم عبودية النصوص والخطوط الحمر؟


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1586 - 2006 / 6 / 19 - 07:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا يكفي المواطن العربي ما يعترضه من قوانين جائرة وأحكام عفا عليها الزمن ولا تتناسب مع التطور العلمي والحضاري ، الذي تعيشه بقية الشعوب وتتمتع به الأمم الأخرى، بل يسعى بفضل عبوديته وطاعته العمياء التي تعودها وتعودته، إلى إغراق حياته بمزيد من التكبيل والتنكيل ويعمم رأسه ويجلل يومه ظلام دامس محشو بالأهوال والويلات ومطعم بالخزعبلات والاحترامات الزائفة ، بل ومقتنع بأنها الأخلاق الفاضلة والقدرات المبجلة التي تجعل من حياته مجرد نعامة تدب فوق سطح الأرض!، ووصل به حد الارتهان لنصوص اخترعها وعبدها ولا علاقة تربطها بدينه أو دنياه، كما لا تعني البتة أنه ينتمي لأكثر الأمم حضارة وتقديرا وأكبرها عزة وتواصلا، بل تنم هذه الخزعبلات عن محدودية في قدراته الذهنية وعقما في ثقافته الحياتية، وجهلا في معنى الاحترام الحقيقي لمن يستحق الاحترام
ما بدأت حديثي هذا على هذا النحو ، إلا بعد أن اقتلعتني الكثير من العبارات الطنانة والاتهامات الموجهة من هذا الطرف لذاك، بحجة القدسية والتكريم والتبجيل، وكلها لأشخاص مثلنا، ولشخصيات لا فضل لها علينا، ولا زيادة تحملها في خلقها وخلقتها، إلا لكونها تتمركز أو تتموضع بفعل الصدف أو التراتبية ، أو حتى الانتهازية، وربما جاء بعضها بفعل الحظ، وآخر بفعل المقدرة والكفاءة وساعدته فيها الشهرة والإشهار ليصبح في المصاف العليا ، ويتصدر صفحات علام والتلفاز والمحافل، أو يتسلم زمام حكم أو أمر ونهي في هذه البقعة أو تلك من أرضنا المشرقية أو المغربية العربية..إما بفعل الوراثة الملكية أو الجملوكية لا فرق، أو بفعل الديمقراطية الخاصة بالعرب فقط!! ، والتي تمنح حبها وتبجيلها وثقتها للزعيم ليتربع فوق أكتاف جماهيره المحبة والوفية عشرات السنين أو إلى الأبد، حتى تأخذه يد الأقدار..وإن نسيتم أو خانتكم الذاكرة أو كنتم مستجدين على الساحة السياسية العربية، فما عليكم سوى إلقاء نظرة فاحصة على كل من ( مصر الكبيرة وزعيمها حسني مبارك، وليبيا الثرية وزعيمها التاريخي معمر القذافي، وتونس الخضراء ورئيسها المحبوب ابن علي، واليمن السعيد ورئيسها الوحيد علي عبد الله صالح، كلها مجتمعة من الجمهوريات المعدة لتصبح مثل سورية جملوكيات، والبقية الباقية إما امارات عربية مورثة أو ممالك لا حول لأهلها ولا قوة ، لأن الملك يحكم كممثل شرعي إلهي على الأرض...
كل هذه البلاءات العربية ، مقدسة مبجلة، لا يحق لمواطن أن يذكر اسمها إلا ويؤدي الخشوع والطاعة والانحناء لكل ما تأتي به وتقدمه وتفعله وتقوله ، ولا يحق له الاعتراض إن سامته سوء العذاب أو حرمته تنسم الهواء.
لماذا نختلف عن بقية شعوب الأرض بهذه المقدرة على حب الشخصنة؟
لماذا تسعى كل قبيلة منا صغرت أو كبرت لتصنع لنفسها زعيما وتبجله كإله؟
لماذا يغدو الاقتراب من آلهتنا الأرضيين ( حكاما وشيوخا ورؤساء أحزاب وغيرها وغيرها) مقدسين مبجلين، لا يجوز لأحد أن يمسهم بكلمة أو ينتقد ما يقولوه أو يفعلوه، وإن تجرأ بعضهم ومس بحرف هذه المقدسات، طاله الويل وجر عليه ومن حوله المصائب والنكبات، وربما تخفيه أيدي الشر والقتل وتدمره أيدي الخراب والبطش ؟!!
بل يمكن لنقد بسيط وساخر يتناول أحد المشايخ المبجلين، أن يخرج آلاف الجياع للشارع، يهتفون ويهددون ويتوعدون بالموت والعذاب لمن سولت له نفسه التعدي على الشيخ الجليل، ولو استخدم أحد الفنانين موهبته وحسه المرهف ومعايشته لهموم أبناء وطنه، وشاركهم مشاعرهم في افتقاد الحرية، فقلد صوت الزعيم، أو صدح بأغنية ناقدة، أو استخدم عبارات ذاك الزعيم وأقواله في مسرحية من مسرحياته الساخرة، فيعرض بذلك جلالة العفة والإحترام ، المنزهة عن النقد، ويراها مجرد بشر مثلنا تنزل من صومعة التأليه لشارع الأوادم... وتختفي عنها جبة الأنبياء الصالحين والتقاة المعصومين!..
يحدث هذا في بلداننا كل يوم تكتبه صحفنا وتزخر فيه مجلاتنا ويتشدق به مذيعونا ومذيعاتنا، وتنحني له رؤوسنا حتى في مناماتنا.. لكننا لا نخرج بالمقابل للمطالبة بتخفيض أسعار المحروقات، ولا ننزل للشارع من أجل المزيد من الحريات، ولا نطالب بإلغاء قانون الطواريء ولا المحاكم الاستثنائية، فقط ينتابنا الإحراج ويحط علينا الخوف ، ويكبل أيدينا الرعب ويعرقل سيرنا الرهاب، بل ويخفي أصواتنا ويقطع ألسنتنا اسم المخابرات حتى لو اختطفوا آباءنا وفلذات أكبادنا، مفكرينا وكتابنا!.
تخرج جموع غفيرة إلى شوارع بيروت ..من أجل نقد ساخر تعرض لسماحة الشيخ ( نصر الله)، وتطالب القناة التلفزيونية الجريئة بالاعتذار وسحب النقد وتتعرض للتهديد والوعيد هي ومن قدم العمل!!...
يختطف الفنان اليمني( محمد الأضرعي) في ساعة متأخرة ليل الثلاثاء ، ويودع بالسجن، لأنه تجرأ ..وقلد صوت الرئيس( علي عبدالله صالح!!)
تودع عشرات الشخصيات الوطنية المثقفة، من كتاب ومفكرين ورجال مجتمع مدني وصحفيين ورجال قانون وحقوق إنسان، خلف قضبان السجن، يحرموا من حقهم في التعبير عن آرائهم السياسية، وإبداء رأيهم بما يجري على ساحة وطنهم وطرحهم أفكارا تساهم في حل المشاكل العالقة داخليا وخارجيا في سورية...لمجرد أنهم يوقعون على وثيقة ترى فيها السلطات خطاً أحمراً مغايرا لما تخططه وترسمه للبلاد!! لا تريد رأيا ينطق ويصل
للمواطن سوى رأيها السديد!، ولا تسمح بتصريح لا توافق عليه فروعها الأمنية، ولا توافق على إقامة حفل دون أخذ علمها سلفاً...الخ
يحارب الكتاب والروائيين وتسحب قصصهم وكتبهم من الأسواق وتحرم عائلاتهم من الحياة، لمجرد أن البعض يرى فيما يكتبون جرأة أو اختلافا عما يرسموه للمجتمع، يهدد السيد القمني وينسحب من المجابهة فالنظام لا يحمي الكتاب المتنورين!!، ويغتال سمير قصير وجبران تويني، لأن ما يخطه يراعهم يسبب إزعاجا للذوات العليا المتسيدة والمتسلطة على رقابنا، يغادر آخرون كما حصل لحامد أبو زيد، وتوجه كل التهم للترابي لأنه أفتى بالحقيقة، ولجمال البنا لأنه قال صدقا وفسر غير ما يريده حكام الظل والظلام، لكن دوائر الأمن تسمح بنشر كتب وروائع السيد البوطي، وترى فيها نورا وتنويرا!! .
في نفس الوقت ، ومنذ ثمانينات القرن الفائت، يشتهر أعظم مسرحي فرنسي ويحظى بشعبية لا تموت حتى بعد موته( كولوش)، لأنه كان يركز على النقد اللاذع للحكومة يمينها ويسارها، ولا يكتفي بالكلام والتندر والسخرية، بل وصل به الحد إلى ترشيح نفسه للرئاسة، وقال على الملأ مسرحيا، " أتعلمون لماذا أريد أن أصبح رئيساً؟ لأني أريد أن أتبرز في الأليزيه"!!، ولم تتوقف السخرية ولم يتوقف النقد لا فنيا ولا كتابيا ولا بأي وسيلة إعلامية، وكم من النقد الساخر وجه لشيراك وأمامه وكان يواجهها بابتسامة عريضة!، وماذا عن ( الغينيول) والذي يصور كل رجال الحكومة كلعب كرتونية تتحدث ساخرة ويتابعها كافة الفرنسيين! ، لا أريد ولا أحلم أن نصل لهذا... لأنه بعيد حتى عن عقلية وثقافة المواطن العربي ، وعمرها عقود طويلة، وقد أخضع خلالها لتنويم مغناطيسي، لكن ما نحلم به ، هو حراك هذا المواطن المنوم واستيقاظه من سباته وموته الكلينيكي المخيف، وما أخشاه أن نظل عبيدا لما يقوله زعماء الأحزاب من جهة وما يقوله الرؤساء وأولادهم وذريتهم، وما يأمر به رجال الأمن وخطوطهم الحمراء، وتصبح كلها قوانين حياة تتحكم بنا وتأسرنا فنغدو ( غينيول الكرة الأرضية).
فلورنس غزلان ــ باريس في 17/06/2006



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعرفوا على رئيس سورية المستقبل!! هكذا يقدم - الغادري - نفسه ...
- إضاءة على الخطوط المنحنية والمتعرجة، ذات المغزى في صحيفة -ا ...
- هل هناك بوادر لصفقة إيرانية أمريكية، تليها صفقة سورية أمري ...
- نهرع للقاء......ولا نلتقي
- ليبرالية في عالم الاستبداد! ...ردا على المحور الثالث
- نحن والآخر!
- أنراهن على الطاغوت، أم على المحاربين الأشداء؟
- المسموح به في سورية، هو الالتزام بالممنوع
- أحبك ولو أسيراً...كما الوطن
- لماذا هذه الحرب وهذا السعار من النظام السوري على الشعب؟
- ذاكرة الخوف....ذاكرة الرعب، والألم
- هل هي مؤشرات انتحار النظام؟ أم مؤشرات الخراب على مبدأ نيرون ...
- عائدات بترول العرب للعرب....شعار أيام زمان!!
- للنظام السوري خطوطه الحمراء، وللمعارضة أيضاً!
- هل ستمطر سماء طهران جحيماً أسوداً، كما أمطرت سماء بغداد؟
- لماذا تعشش الطائفية في بلادنا؟؟؟؟؟؟؟؟
- تناقضات النظام السوري، وبعض معارضيه
- رؤيا
- لجنة للتنسيق، أم لجنة للتفريق؟
- صرختي الأخيرة للمعارضة السورية


المزيد.....




- للمرة الأولى في فرنسا... محاكمة غيابية لمسؤولين بالنظام السو ...
- الشركة المنتجة لمروحية الرئيس الإيراني المنكوبة تصدر بيانا ...
- ماذا لو أصدرت الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق قيادات إسرا ...
- تمر بأربع مدن.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه تبدأ ال ...
- برلين وواشنطن تنتقدان خطوة -الجنائية الدولية- ضد نتانياهو
- وزيرة الخارجية الألمانية تصل كييف في زيارة مفاجئة
- ألمانيا تدعو لتشكيل تحالف لتزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي سيبدأ في يونيو مفاوضات رسمية حو ...
- الجنائية الدولية -تسجن- نتنياهو في إسرائيل
- تحذير من الإفراط في تناول الشاي الأسود


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فلورنس غزلان - متى نخرج من قمقم عبودية النصوص والخطوط الحمر؟