|
الثورة العراقية الكبرى
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6399 - 2019 / 11 / 4 - 21:45
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لم يشهد التاريخ أن حدث في العراق ما يحدث من ثورة وقيام شعبي على الظلم والإستبداد والطائفية المقيتة ، إن وصف قيامة العراقيين بالثورة لم يأت من فراغ ، فما يحدث في العراق ليس إحتجاجات أو تظاهرات مطلبية محددة ، إنما هي ثورة شعبية في كل المقاسات ، لأنها تعبر عن هموم وتطلعات شعب - جبار عنيد - كما وصفه الجواهري الراحل ، ولأنها كذلك فهي لا تبحث عن قوت يومها ولا معاش أبنائها الآني ، إنما هي حاجة شعب للتغيير السياسي والإجتماعي والفكري والإقتصادي ، حاجة شعب ليكون جزءا من المنظومة العالمية وليس عالة عليه . ومنذ سنة 2003 يوم سقوط بغداد وإلى اليوم و الفشل يتراكم ويكبر حتى صار العراق أفشل دولة في العالم ، وإن الذين تناوبوا على حكمه أثبتوا بالدليل إنهم المصداق الأبرز لمعنى - المفسدون في الأرض - ، إن شعب العراق شعب حي ثار من أجل التغيير الكلي ومن أجل طرد المفسدين ومن حولهم ممن تسببوا بنكبة العراق وتدميره في وضح النهار ، لقد قلنا في مناسبات عدة : - إن السنوات الماضية كانت عبارة عن مُهل أعطيت من الشعب للزمر التي حكمت العراق - لكي يصححوا ويمارسوا دورهم في المسؤولية الحكومية المنوطة لهم ، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه فقد زادوا في معانات الشعب وحولوا الدولة والنظام إلى مرتع للحرامية واللصوص والمأجورين والقتلة ، ولقد كانت تجربة دول الجوار مرة ولم تكن على قدر المسؤولية بل ولم تساهم في حل المشكلات بل زادتها تعميقاً و تعقيدا ، ومن هنا جاءت نقمت الشعب عليهم أيما نقمة عبرت عن بعضها ما حدث في كربلاء البارحة . كذلك ولم تكن تجربة الدين السياسي بأحزابها ومنظماتها إلاَّ المثل السيء عن فشل مشروعهم وإفتقادهم للإرادة والرؤية ، وكانوا مجرد لصوص وحرامية وقطاع طرق لا غير ساهموا بشكل مباشر في خنق العراق وشعبه ونهب أمواله وسرقتها ، ولهذا رفضهم الشعب وعبر عن ذلك في مناسبات عدة بكل وضوح ومن غير لبس . إن وصفنا للثورة العراقية اليوم بأنها الكبرى فإننا نعني ما نقول ، فهي بحسب المقاسات و المواصفات العالمية لمعنى الثورة في التاريخ ، فهي إذن تساوي في البعد وفي الدرجة كلا من الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية والثورة البلشفية والثورة الصينية وحتى الثورة الإيرانية إن لم تزد عليهم ، وهذا النعت ليس مبالغة قوليه بل هو تعبير عن المعنى الدقيق للثورة في كل المقاسات والموازين ، وإن أحداً تندر وقال : ولماذا لم تعلن الثورة عن قيادتها ؟ ، ونقول : بحسب منطق الأشياء الواقعية ليس هناك مصلحة تقتضي ذلك بإعتبار الشعب هو القائد الآن ، والشعب كما ترون جميعاً نابض بالحيوية والروح وهو حكيم وعاقل وغير متسرع . إنها ثورة بهذا المعنى المُراد للثورات ، ولم تكن مطالبية بالمعنى الضيق وإن بدت في الأول هكذا ، وهذه لزومية من لزوميات كل الثورات عبر التاريخ ، إنها كلمة شعب عبر عنها في صرخات وإحتجاجات في سنوات ماضية ، وكنا مع معشر الثوار نرغب في أن يصغي لنا من هم في سدة الحكم والسلطة ، ولكنهم عن عمد تجاهلوا كل ما كنا نقوله عبر بيانات ومقالات وخطب ، تجاهلوا كل ذلك ورسخوا مع داعميهم مبدأ الهيمنة والإستبداد والظلم ، في حصر الدولة والحكومة بثلة من أنصارهم ومؤيديهم ، وأما عامة الشعب فليذهبوا إلى الجحيم ، وتنافسوا في السرقات والنهب ، ووزعوا مراكز القرار وفق تأليفة طائفية مقيتة ، وعينوا رجال غير أكفاء في مراكز الأمن والجيش والشرطة ، وأزاحوا عن عمد قوى الشعب الحقيقية وبجرد بسيط لكثير من الضباط والمراتب فسنجد إنهم أميون وجهلة في هذا الشأن والمقام ، والكثير منهم حتى لا يعرف معنى الجندية والتعليم العسكري ، وكبيري السن من أحزابهم قد أغدقوا عليهم بمناصب وهمية ورتب ومقامات عسكرية كبيرة تتناسب وما يعطونه لهم من تقاعد ، وقد سمتهم السلطة نفسها بالفضائيين الذين لا وجود لهم في الأصل ، هم مجرد أسماء تنهب وتنهش بالمال العام . لقد كان مجلس النواب في كل دوراته أعضاء ومؤوسسة من أفسد المجالس وأسوئها في العالم ، ولم يعمد على إقرار أو تبني أي شيء فيه مصلحة للشعب ، بل إن هؤلاء النفر من الأعضاء تمرسوا على الجريمة والنهب والتعامل المالي السيء ، والرشوة من خلال التوظيف بحسب الدعم . إن الثورة العراقية هي النتيجة الطبيعية لما حدث في العراق من تآمر وخيانة من قبل البعض ، ولقد كانت تجربة الأحزاب الدينية أسوء تجربة مر بها العراق ، لذلك كان لا بد من وقفة وإن كلفت دماء وتضحيات كبيرة ، وهذا هو قدر الثورة والثوار ، فنيل المطالب لا يأتي بالتمني وإنما بالعمل والجهد والتضحية وهكذا كان شعب العراق على قدر المسؤولية وهو يواجه قدره ، غير آبه أو متردد ولعل المشاهد التي رآها العالم أثبتت ذلك من غير شك ، لقد دلت على حيوية الشعب وعمق إنتمائه لوطنه ، الذي كان ومازال وسيبقى أغلى من كل غال ، لقد تسابق الرجال والنساء من مختلف الفئات والأعمار في أن يكونوا حاضرين في المشاهد الثورية جميعها . إن أعداء الثورة كثيرين وهم خليط من الفاسدين والمنتفعين والمرتشين والخانعين والخونة ، الذين أستجابوا لأعداء العراق الحاليين والتاريخيين وسلطوا أعوانهم في بث الدعايات من أجل تشويه هدف الثورة والثوار ، ، إن الخوف من إنتصار الثورة ومحاسبة المفسدين من أي الطبقات والرتب جعل الأعداء يتكاتفون على أختلاف ذممهم ومشاربهم ، حدث هذا في الدعوات لتغيير النظام من قبلهم ولكن تحت مظلة الدستور ، وحدث هذا تحت بند الإصلاحات الشكلية . نعم إن الثوار يكنون حباً وإحتراما عميقين للمرجعية في النجف الأشرف ، وبنفس الوقت يدعونها للوقوف مع الثورة والثوار وقفة واضحة لا لبس فيها ولا تقبل التأويل ، ويدعون دول الجوار عدم التدخل بشؤون العراق وعدم المس بكرامة الثورة والثوار ، فدماء العراقيين أغلى من كل مقاماتهم ورتبهم ، وشعب العراق ليس شعبا مشاغبا ولكنه صاحب حق ، ولا يجب الوقوف بوجه الثائر لأن ثمن ذلك كبير في الحاضر والمستقبل ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا تعني ثورة العراقيين ؟
-
إنتفض
-
أدعياء الوطنية الزائفة
-
الحراك العراق اللبناني
-
الحروب السخيفة
-
عندما يثور الشرفاء
-
عاش العراق
-
قتل المتظاهرين العُزل
-
سفر روحاني إلى نيويورك
-
الحكومة السائبة
-
الحوار الإيراني الأمريكي
-
ثمن الحرية
-
قانون التقاعد العام
-
هل يجوز النيابة عن الميت للحج ؟
-
سقط القناع
-
ماذا تعني الضجة المفتعلة حول الإحتفال بكربلاء ؟
-
الفساد في البلاد العربية
-
عيد العمال العالمي
-
الإرهاب في عيد القيامة
-
هزيمة المسلمين
المزيد.....
-
وكالة حماية البيئة الأمريكية تحذر من زيادة الهجمات الإلكترون
...
-
عمدة نيويورك يبرر رد الشرطة العنيف على متظاهرين مؤيدين لفلسط
...
-
في الذكرى السابعة والثلاثين لمهدي عامل، المفكر والقيادي الثو
...
-
“مياه المنيا” تنهي تعاقد 5 موظفين بعد المطالبة بالتثبيت
-
أمن الدولة تجدد حبس عمال المحلة 15 يوم
-
للمطالبة بالتثبيت.. اعتصام موظفي تحصيل “مياه الشرب” بأسوان
-
في ذكرى استشهاد مناضل حزب العمال الرفيق نبيل بركاتي: قراءات
...
-
آلاف المتظاهرين في بروكسل يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيل
-
الحراك الثوري الجنوبي يعيد هيكلة المجلس في مديرية الضالع وين
...
-
مظاهرات في عدن بجنوب اليمن تنديدا بانهيار الأوضاع المعيشية و
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|