أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - صقيع














المزيد.....

صقيع


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 5756 - 2018 / 1 / 13 - 14:40
المحور: الادب والفن
    


في الصباحِ الباكرِ هيَّأَ فطورَ صغيرته للمدرسةِ...
تناولَ فطوره البسيط ، أعدَّ قهوةً بالحليب ، وخرجَ إلى الشُرفة يمارسُ طقسه الأثير صباحاً ،
قهوة مع سيجارة.. قبلَ أنْ يَشرَعَ بتقليبِ بريده.. وما خَمّرَه تحت اللحاف من أحلامٍ لايحكيها لأحدٍ،
ولا يكتبها مخافَةَ إنكشافها مثلَ "مؤامرةٍ"...!
أَحلامٌ إستولَدَها من أَرَقٍ مُتكبِّرٍ ، إعتاشَ على رغيفِ السهر !
* * *
نهارٌ باهرٌ،
سماءٌ صافية إلاّ من شَتيتِ غيومٍ بيضاءَ، تتجمّع ببطءٍ،
لتُنازِعَ الشمسَ على "شقفَةٍ"من جسدِ السماء، تشبه منظرَ البحرِ من الطائرة،
أتكونُ السماءُ بحراً مقلوباً ..؟! هكذا تتقافزُ الصورُ في رأسه...
رأى سحابةَ بُخارٍ من أنفاسه إرتدَّتْ إلى وجهه ، قبلَ أنْ يُشعِلَ سيجارته ...
"إذنْ الطقسُ باردٌ جداً هذا الصباح ..."، فكَّرَ.
في الحديقةِ بقعةٌ من ماءٍ ، فاضَ عن المزريبِ النازلِ من فوق ، تَجلَّدَتْ ،
ولما حاول غُرابٌ إلتقاطَ شيءٍ، تزحلَقَ فوقها، فأطلَقَ صرخته المميزة،
قاسيةً جارحة.. مذعوراً طارَ إلى أعلى شجرة الكستناء،
ظَلَّ يُحدِّقُ في البقعةَ، حيث تَزَحلق ... !
عاريةً تنتصبُ الشجرةُ، مثل غجريٍّ حائرٍ ، يتسوَّلُ لحناً أضاعه في ضجيجِ "الكونْ"...
شجَرةٌ تختضُّ حنيناً لندىً يَبُلُّ أوراقاً كانت ترتديها...
الأغصان العاريةُ أمتلأتْ بقطراتٍ فاجأَها الإنجمادُ قبلَ أنْ تسقطَ على الأرض ..
فأضحتْ مثل كراتٍ زجاجية في أشجار الزينة،
إذن ، ليسَ برداً فقط ، بل صقيع ...
...........................
صباحٌ يتأوّهُ صقيعاً !
أحكمَ سَدادَ القمصلة وأشعلَ سيجارته ... دفَنَ يمناه في جيبه ،
هدوءٌ ، له رنين في الأذن ، يُهيمن على المكان ،
الناسُ نيامٌ ،
قناديلُ ناعسةٌ عند شبابيك العمارة المقابلة...
صقيعٌ على جدران الوحشة في الغربة ،
.. في الحديقة ، في الشرفةِ ، تحتَ الجلد ، له صليلٌ يدقُ العظام ...
صقيعٌ .. يُلَوِّنُ الركودَ ، الذي يَسِمُ أيامه،
فكَّرَ: عسى الصقيع يُفتِّتُ السأمَ في حياته ، فقد شَرِبَ كفايةً من كاسات المَلَلِ ..!
لكنه، سرعانَ ما تذكّرَ أنَّ صديقاً له عاتبه نهايةَ العام المنصرمِ ، توَّاً، لغيابِ الفرَحِ في بضعةِ
نصوصٍ كان قد بعثها له قبل ذلك...
تأمَّلَ ورنينُ عتاب الصديق يُنَقّرُ في رأسه :" سأحاولُ اليومَ أن أكتبَ عن شيءٍ مُبهجٍ ...
عن شروق الشمس ، وأتركُ لغيري يكتب عن مغيبها !!" قالَها مع نفسه.
لكنْ أُسقطَ في يده !! فالسماءَ تَلَبَّدَت بالغيوم...
قالَ سأذهبُ إلى برج التلفزيون وسط برلين ، فهو أعلى من برج إيفل بحوالي خمسينَ متراً ...
ولابُدَّ أن يكون فوق السحاب حيث يمكنني مراقبة الشروق ...
......................
وفيما كان يُجهِّزُ نفسه للخروج إلى وسط برلينَ ، تذكَّرَ أنَّ ما بحوزته لايزيدُ على 10 يورو، والشهرُ في أَوّله ..
بطاقة الدخول للبرج 18 يورو، ناهيكَ عن الأسعار "الفلكية" للمطعم الدوّار في أعلى البرج ..!
.....................
ثمَّ تذكَّرَ أنَّ البُرجَ لايفتحُ أبوابه للزوار إلاّ الساعة العاشرة قبل الظهر...
آنذاك تكونُ الشمس قد بدأت رحلتها في قبّة السماء...!
وهكذا قرَّرَ البقاءَ في البيتِ ، يحاول .. عساه يفلحُ هذه المرة!
إنتبه إلى أصيصٍ يحتضن نبتة الأوركيد، عندَ الشباك ، تماماً جنب طاولة شغله...
لاحظَ أنها أطلقَتْ غصنين جديدين ، فيهما حُبيبات براعمَ ستُزهرُ أورادَ أوركيدَ حمراءَ وأُخرى برتقالية
بهيّة، تُعلنُ حلولَ الربيع ، رغمَ أنف الصقيع ...!!

أحسَّ بتعبٍ لذيذٍ ، أطفأ حاسوبه ، وذهبَ إلى الفِراش ...





#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صاحبي الشحرور
- مِعجَنَةُ سراب !
- رحلَ صادق الصَدوق - صادق البلادي
- أسئلة حيرى
- .. تلك المنازل و-الشِريعه-
- هو الذي تَبِعَ سربَ القَطَا
- رواية داريغو : ترنيمة للبحر... ملحمة عائد من الحرب ... غنائي ...
- مقاصير نصوص (4)
- ومضات
- هو الذيبُ .. صاحبي !
- غِرّيدٌ أَنبَتَ صداهُ .. ومضى
- الوداع الأخير للمبدع صبري هاشم
- شَذَراتْ
- مقاصير نصوص (3)
- فائز الصغير
- هيَ أشياءٌ عاديّة ، ليس إلاّ !
- ضِدَّ التيّار (8)
- مقاصيرُ نصوص (2)
- ضِدّ التيّار (7)
- لِنَكُن أكثر جرأةً على التنوير !


المزيد.....




- انطلاق مؤتمر دولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم في ليبيا
- ماركو رويس ـ فنان رافقته الإصابات وعاندته الألقاب
- مهرجان كان: دعوة إلى إضراب للعاملين في الحدث السينمائي قبل أ ...
- حفاظا على الموروث الشعبي اليمني.. صنعاني يحول غرفة معيشته لم ...
- فلسفة الفصاحة والخطابة وارتباطهما بالبلاغة
- غزة في المتحف العربي للفن الحديث عبر معرض -شاهد- التفاعلي با ...
- بجودة عالية الدقة HD.. تردد قناة ماجد 2024 وشاهد الأفلام الك ...
- استقبل تردد قناة MBC2 على جميع الأقمار الصناعية لتستمتع بأفض ...
- كيف استغلت مواهب سوريا الشابة موسيقى الدراما التصويرية في ال ...
- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - صقيع