عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 19:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحوار ومبدأ التواصل
لم أكن متأكدا من موافقة الاخر على هذا الطرح وقررت في لحظة ما على ترك الحوار بهذا النموذج برمته لعقم الاسلوب وعدم توصلنا لهدف فما يقوله الاخر هو ما معلن ومعروف من اتجاهات وخطوط سير السياسة الامريكية, وفي الحقيقة ان المهم لديه الاسس الفكرية المؤثرة والصانعة لها وليس من مفردات هذه السياسة.
بقيت مترددا طوال اليوم التالي في أن أطلب من صديقي العربي ذلك أو الاعتذار أصلا من إجراء الحوار وفكرت كثيرا في العواقب الاخلاقية من ترك الحوار مما أعط فرصة للضيف أن يأخذ تصور العجز أو أن يفهم من ذلك عدم الرغبة في الحوار اصلا ومما يشكل ذلك من إهانة لذكاء والتزاميه الطرف العربي والمسلم عند من يريد هو أصلا أن يكون قريبا من فهمنا نحن ومن مصدر حقيقي قد يساهم ولو بشكل بسيط بالتواصل الحر بعيدا عن ما يطرح عنا من مسلمات تبدو للغير الاخر صفات تكوينية لاحقة ومتأصلة في وعينا وتفكيرنا.
وبذلك نخسر فرصة إمكانية توصيل ما نريد بلا واسطة ودون قولبة مسبقة عن طريق أخرين لا يعبرون بالحقيقة ولا بالضرورة عن جوهرية ما نفكر به ونسعى اليه, لذلك قررت ومن مقام اليقين الواثق من نفسه مواصلة الحوار وفق ما ذكرت , وأسمع منه ما يرغب ويسمع مني ما أرغب بعيدا عن الضبابية ومنطق الوعي الضبابي كما يقول السلوكيين, وها أنا اكتب لصديقي بذلك حتى نرى كيف تجري الامور, أرسلت رسالة بالبريد الاليكتروني واعطيتها درجة عالية من الاهمية لتدارك موعد اللقاء القادم ولكي يتهيأ الاخر لذلك وأنا كذلك, ولا زالت عندي هواجس الرفض حية وإن كان حدسي يشير اليه بأن الاخر موافق .
إختراق الجدار
إختراق الجدران كان هدفي هذه المرة وليس النظر من خلال الثقوب لقد كان هدفي طموحا وأنا أتهيا للمناظرة التالية ومع مرور الساعات ومع اقتراب الموعد أزداد التحدي لنفسي وأنا أنتظر الموعد, لقد استحضرت الشجاعة الأدبية وعبأت نفسي لهذا الامتحان وفي بالي أكثر من سؤال وسؤال وأنا أحاول أقناع نفسي بجدية الهدف.
وكلما أقترب الموعد أزداد توترا ليس خوفا من أن أعيا عن المواجهة ولكن القلق المشروع من رفض محاوري أن ينساق مع توجهي الجديد.
أريد هذه المرة أن أكثر تفاعلا مع الحوار لعلي اتمكن من قراءة ما يدور في خلد نظيري في المحاورة وأثبت لنفسي أن العقل العربي والاسلامي يستطيع أن يكون أكثر إيجابيه ونحرر من عقدة المؤامرة الراسخة في ذات وعينا أو على أقل تقدير نزع هذه الصورة في ذهنية الاخر وتصوراته التي رسخت عنا على مر التجربة وثبت تاريخيا عنا, هنا أنا في الانتظار, لحظات من الترقب حاولت استثمارها في وضع بعض العناوين الابتدائية التي سوف نفتح الحوار بشأنها وخاصة أني لا زلت غير واثق من قبول الامر من محاوري, لكنها محاولة علي أن اثبت فيها جديتي وجدية الاخر ومن خلال ذلك الانتقال الى مسائل أكثر عمقا وأهمية, تعذرت لنفسي من كون استدراج محاوري الى ما أريد قد يكون عما أقل أخلاقية من هدف المحاورة أصلا.
جاءت رنة هاتفي النقال رنة تؤكد جاهزية الطرفين للربط عبر الشبكة العنكبوتية لبدء الحوار, لاحظت أن الاتصال منقطع عبر الانترنت وقد فاتني أن الاحظ ذلك وأنا في انشغالاتي النفسية والصراع الذي كنت فيه مع نفسي وأنا أحاول أن أستجمع شتات فكري, المهم ربطت الاتصال وتبين لي أني متخلف بعدة دقائق عن الموعد ورسالة منهم تبشرني بالموافقة على العرض, صباحكم خير,
+عمت صباحا.
_أنا متأسف لقد كنت في الانتظار ولكنني لم أنتبه لتواجدكم ,أكرر اعتذاري,
+لابأس.
_هل يمكنني أن أعتبر سلفا أنكم موافقون على العرض.
أجابني بكلمة (ميبي)لم أستطيع أن أفهم هل هي لا باس أم لا يهم.
_ حقيقة أريد أن يبدأ حوارنا من نقطة غير خلافية لننطلق منها على أسس مشتركة لما هو ألاهم,
+لا مانع بشرط أن تكون ذا فائدة,
_ وهو كذلك.
_في ديننا الاسلام دعا الرسول محمد صل الله عليه واله وعبر نص ثابت الى مبدأ في غاية الاهمية والحيوية وهو الانطلاق من المشتركات التسليميه بيننا وهذا النص لو استطعت أن تجلي معانيه السامية نكون على ضفة واحدة من الوعي والادراك هذا النص يقول {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64, وحسب ما عرفت من صديقنا المشترك أنت من المسيحيين المؤمنين وأنكم مواظب على حضور الكنيسة بقدر ما تسمح الامور, أرجو أن أكون مصيبا.
+ جيد ,لقد قرأت هذه الآية من القرآن عبر ترجمة وافية له ووقفت كثيرا إزاءها وأنا أتأمل في معانيها وأنا ممتن جدا لان بدأت من هذه النقطة , ولكن في الحقيقة تكمن المشكلة ليس في النصوص ولكن في المدى الذي نستطيع به أن نفهم النص, الكثير من المسلمين وعذارا لهذا التعميم يفهم النص على أن المطابقة الحيثية لبيننا وبينكم هي المطلوبة وهذا يعني رفض الاخر وتطبيق ما يفهم هو على ما أفهم أنا , هنا تكمن المشكلة.
_ ولكن المشكلة قد توجد عند الطرف الاخر أيضا ,عموما أنا لا أقصد ما يفهمه البعض ولكن ما نفهمه أنا وأنت.
+ حسناً يمكن أن أفهم أنا من النص أن يكون الحوار بين الاسلام والاخر على مبدأين هما أننا جميعا لابد من أن نشترك بالعبادة لله تعالى وأن لا نشرك به غيره هذا جانب والجانب الاخر أن لا نتخذ بعضنا أربابا من دون الله فنكون أمام الله وجها لوجه وهذا ما يقصده النص طبعا بما أفهم أليس ذلك ما أراده النص؟.
_ بصورة عامة ومن غير الدخول بالتفاصيل يمكن أن أقول أجمالا نعم.
+حسنا, أنا أفهم كمسيحي وكما يقول الكتاب المقدس إن الايمان بالرب يسوع المسيح هو الطريق الى الله وليس هناك طريق مباشر يوصلك لله غير طريق الايمان بالمسيح الرب, إليك ما كتب الرسول بولس لأهل كولوسي(6:2){فكما قبلتم المسيح (بالإيمان) أسلكوا فيه} فهذه دعوة الله التي نؤمن بها أن السلوك الى الله يتم عبر القبول بالمسيح. هذا هو جوهر الافتراق ليس من خلال الشرك بالله فكل مخلوق مؤمن بالله على طريقته ولكننا نختلف بالطريقة التي توصلنا الى الله ألاب الذي يحب كل خلقه وبهذا الحب يظهر المسيح به ذاته, أستطيع أن أقول أنك تفهم ما أقول.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟