أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس














المزيد.....

الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 00:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو تجسس على حياتى جهاز أمريكى جديد دقيق فلن يكتشف فضيحة ما، فأنا أول من يعلن عن فضائحى، لأننى أكره العمل السرى فى الخفاء.

الإبداع هو الكشف عن خفايا النفس قبل الكشف عن خفايا الآخرين، لكن النظام الطبقى الأبوى الدينى الحاكم فى كل بلاد العالم يفرض على الرجال والنساء الازدواجية وأن يكون لكل منهم حياة علنية تتناقض مع حياته السرية؛ لهذا لا بد من وجود هذه المهنة الرائجة المتطورة التى اسمها التجسس.

أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أو أى دولة فى العالم، قادرة، بحركة إصبع على الكمبيوتر، أن تعرف رقم التليفون المحمول لأى إنسان فى أى مكان، وبريده الإلكترونى ورسائله الخاصة والعامة وكل اتصالاته وشبكات التواصل الاجتماعية معه وبحوثه فى الإنترنت، ويمكن لأجهزة هذه الدولة متابعة كل أنشطته السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

إن الحجر الأساسى للديمقراطية الحقيقية هو حق كل إنسان فى التمتع بالحرية والخصوصية والأمان فى حياته وبيته، وجسمه وعقله وروحه وبيئته، لكن هذا الحق الإنسانى الأول للديمقراطية أصبح منتهكاً فى هذا القرن الواحد والعشرين.

أى إنسان يعيش تحت المراقبة هو شخص مسلوب الحرية، وأى شعب يعيش تحت المراقبة هو شعب مستعبد محروم من الحرية والديمقراطية الحقيقية. لا بد أن تتسع الديمقراطية لتشمل الحياة على الأرض وفى السماء، أى ما يسمى الفضاء الإلكترونى.

الرقابة أو التجسس تنتهك مجال الإنسان الخاص به وتصادر حرية التفكير والرأى، وماذا يعنى التجسس أو الرقابة؟ إنها تعنى أن كل إنسان مذنب مشكوك فى أمره، مشكوك فى تفكيره وسلوكه، وهذا يهدم كل ما حققه التطور الإنسانى على مدى آلاف السنين، والذى أدى إلى اعتبار الإنسان بريئاً حتى تثبت إدانته، وليس العكس، أى مذنبا حتى تثبت براءته.

تمارس الدولة قوتها وسطوتها على الإنسان بعد أن تنزع عنه قوته وتخلع عنه ملابسه، بل تنفذ بأشعتها المتطورة عبر جلده ولحمه وعظامه إلى خلايا عقله وقلبه وروحه. الرقابة أو التجسس هى سرقة وغش وخديعة، من حق كل إنسان، امرأة ورجلاً، كبيراً وصغيراً، أن يملك جسده وعقله وخصوصياته. التجسس يسرق الإنسان من أعز ما يملك: الحرية والكرامة والإنسانية. من حق كل إنسان أو إنسانة أن يحتفظ بأفكاره لنفسه، ولا يتجسس عليها الآخرون.

من حق كل إنسان أن يخلع ملابسه وأقنعته فى بيته دون أن تتلصص عليه العيون.
يجب على كل أصحاب الضمائر فى العالم أن يعلنوا رفضهم جميع أنواع الرقابة والتجسس التى تستخدمها الدول للسيطرة على شعوبها والشعوب الأخرى، لكن أحسن وسيلة للقضاء على مهنة التجسس هى أن تكون لنا حياة واحدة علنية صادقة مكشوفة شفافة، ولا تكون لنا أسرار يمكن التجسس عليها، وهكذا توجه المليارات إلى الأعمال الفنية والثقافية والإبداعية بدلاً من الأعمال التجسسية. أشهد القلق المتزايد (من النشاط التجسسى) على وجوه الناس، خاصة ممن يكتنزون الأموال والسلطات والصفقات والأسرار؛ فأشعر بحرية وسعادة كبيرتين لأنى لا أملك أسراراً، وحياتى العامة والخاصة مكشوفة على الملأ.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجبل وشابات لبنان
- هل تتغير المهن مع تغير النظام؟
- المنطق الغائب والصدق
- التناقضات الصارخة فى الدستور
- هل هو فيروس مجهول ؟
- الثورة تبدأ فى العقل
- الأسرة الدينية فى الدولة المدنية
- قوارير ذكورية والجوهرة المصونة
- واحدة من النساء تكفي
- أيضحكون على دقون النساء؟
- القمة والحضيض.. عودة الوعى وغيابه!
- فقط لأنها ليست ولداً؟
- لماذا أصبحت المعرفة خطيئة؟
- الأسئلة البديهية الطفولية
- هل نتعلم مما يحدث فى أمريكا؟
- الشيوعية. والإسلام. وجدتى
- الطفلة والشيخ العجوز
- قانون العيب المزدوج
- اقتلاع جذور التفرقة
- لجنة الخمسين والسقف المحرم!


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة انهيار منصة بمرشح رئاسي وأنصاره في المكسيك.. ...
- طريقة أداء خامنئي لصلاة الجنازة على إبراهيم رئيسي تثير تفاعل ...
- بدء مراسم تشييع عبد اللهيان في مقر وزارة الخارجية (فيديو)
- موسكو: مستعدون لزيادة إمداد بلدان جنوب شرق آسيا بالأغذية إن ...
- ثلاثة نازحين فلسطينيين يعودون لمنازلهم المدمرة بحثا عن المقت ...
- نيكي هيلي تفجر مفاجأة: سأصوت لصالح ترامب في الانتخابات الرئا ...
- بالفيديو.. الشرطة الأمريكية تطلق النار على رجل يعاني من نوبة ...
- موسكو: نبحث مع -الطاقة الذرية- مشاركة مختبرات روسية في تحليل ...
- ملك البحرين وحاكم تتارستان يؤكدان أهمية التعاون الروسي البحر ...
- تايلاند.. المحكمة الدستورية تقبل شكوى تطالب بإقالة رئيس الوز ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس