|
المركز والأقليم .. بينَ مَشروعَين
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3945 - 2012 / 12 / 18 - 11:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يُلاحِظُ أي مُراقبٍ بسيط .. ان العمليات الإرهابية والإنفجارات والمفخخات .. في الأشهر الثلاثة الاخيرة .. أي منذ التوتُر المُتصاعد ، بين المالكي وأقليم كردستان .. قد خّفتْ حِدتها في معظم مناطق العراق .. بينما إرتفعتْ وتيرتها ، في ما يُسمى [[ المناطق المتنازع عليها ، حسب الدستور ]] .. أو كما يُسميها البعض ، المُختَلَف عليها او المُختَلطة .. والبعض الآخر ، المُستَقطَعة أو حتى المناطق الكردستانية خارج الاقليم . فلا يكادُ يمُر إسبوع .. إلا وتتعرض هذه المناطق ، الى إعتداءات عنيفة ، يروح ضحيتها ، العديد من القتلى والجرحى الأبرياء ، وخسائر كبيرة في الممتلكات . وكما هو واضح ، فأن موجة العُنف الأهوَج ، في الآونة الاخيرة ، تُرّكِز على كركوك وأطرافها .. لِما لهذه المنطقة من حساسية ، وإمكانية كامنة لتعقيد المشاكل وتفريخ الأزمات ! . ( وكائناً مَنْ تكون الجهات المُخطِطة والجهات المُنفِذة لهذه العمليات الإرهابية ) .. فأن غايتها الأساسية ، هي تأجيج الصراع بين المكونات الاساسية : الكُرد والتركمان والعرب ، وإيصالها الى حافة الحرب الأهلية ، وبالتالي ، نسف كُل إمكانية لإستقرار العراق ووضع العراقيل بوجه تقدمه وإزدهاره . أدناه محاولة للتعرف على نقاط القوة التي يستند عليها كل فريق : هنالك طرفان رئيسيان في الأزمة : الحكومة الإتحادية ويُمَثلها المالكي ، وأقليم كردستان ويُمّثله البارزاني " مع التأكيد ، على ان جذور المُشكلة قديمة بقِدَم الدولة العراقية الحديثة نفسها " . علماً ان جبهة المالكي ، تتكون أساساً من حزبه ، حزب الدعوة وحزب الدعوة تنظيم العراق ومجموعة الشهرستاني وكتلة هادي العامري وحزب الفضيلة وبعض المُستقلين وقسم من مجالس الإسناد العشائرية في الجنوب والوسط / هذا على الجانب الشيعي ( اما التيار الصدري ، فهو في الوقت الحاضر لايؤيد المالكي ، ولا يتبنى وجهة النظر الكردية أيضاً .. بل هو يتلاعب بالطرفَين من أجل الحصول على المكاسب ، وأعتقد انه لايمكن الركون الى موقفٍ ثابت للتيار الصدري ! . في حين ان المجلس الاعلى الاسلامي ، يحاول ان يمسك العصا من الوسط ، وهو عموماً أكثر عقلانية ورصانة من التيار الصدري ) . اما سُنِياً ، فأن المالكي ، خلال السنوات الثلاث الماضية ، إستطاع كسب العديد من أعضاء ما كان يُسمى بالقائمة العراقية ، ولا سيما من عرب كركوك ، مثل النواب ياسين العُبيدي وعُمر الجبوري والوزير محمد تميم وغيرهم .. وكذلك في الموصل ، حيث نجحَ في الكسب الجُزئي لشيوخ شَمر ومجموعتهم البرلمانية وفي مجلس المحافظة ، وكذلك بعض النواب مثل زهير الاعرجي وآمنة سعيد والوزير عز الدين الدولة ، ويحاول تأمين تأييد بعض وجهاء الكُرد من عشيرة الزيباري في الموصل . هذا الى جانب ، نجاح المالكي في جَر المُنشقين عن العراقية في بغداد والوسط ، مثل العراقية البيضاء والعراقية الحُرة ، الى جانبه . ويلعب المالكي لعبة اُخرى خطيرة ، وهي تسليح بعض العشائر العربية المتاخمة لمدينة كركوك ولا سيما في الحويجة والرياض " بحجة محاربة الإرهاب " . اما جهود المالكي ، في كسب التركمان ، فهي مُستمرة منذ سنوات .. ويمكن القول ، انه يمتلك شعبية لابأس بها عند التركمان الشيعة ، فعدا عن " محمد تقي المولى " الموالي للمجلس الاعلى الاسلامي ، فأن المالكي له اتباع ايضاً في الوسط الشيعي التركماني .. ولا يتوانى المالكي في " تحييد " التركمان السُنة ، من خلال إنتهاج سياسة إنتهازية تجاه " الجبهة التركمانية " ومحاولة شق الصف التركماني واللعب على الخلافات الداخلية التركمانية . إذا أضفنا الى كُل ما سبق .. عاملَين آخرَين : الاول هو النفوذ القوي والسيطرة شُبه التامة ، للمالكي ، على " بعض " تشكيلات الجيش وكذلك الشرطة وقوى الامن الداخلي ، وإنفراده بالتعيينات منذ سنين وإدارتهِ للأموال العامة الضخمة التي تحت تصرُفه .. والعامل الثاني ، هو الدعم القوي الذي يحظى به من إيران . فأنه بالإمكان ، إعتبار جبهة المالكي ، عريضة وتمتلك العديد من عناصر القوة . اما جبهة البارزاني .. فأنها تعتمد أساساً على قوة الحزبَين الديمقراطي والإتحاد الوطني .. ولقد حاولَ الإتحاد الوطني الكردستاني ، جاهداً التمَلُص من " إلتزامات الإتفاق الإستراتيجي " وعدم التورط في إحتمالات النزاع مع الحكومة الاتحادية .. إلا انه فشلَ في ذلك .. وإكتشف بأنه لا يمكن البقاء على الحياد .. ومن الطبيعي ، لايمكن أيضاً تأييد المالكي .. فإضطر مؤخراً الى مُجاراة البارزاني ، والتنسيق والإتفاق على موقف موَخَد . وحتى أحزاب المعارضة الكردستانية ، ومع مآخذها الكثيرة على الحزبَين الرئيسيين في الداخل الكردستاني .. فانها اي المُعارضة ، لها موقفٌ متطابق الى حدٍ ما ، مع موقف الحزبَين بالنسبة الى قيادة عمليات دجلة والمناطق المتنازع عليها . أي يمكن القول ، ان الأحزاب الكردستانية عموماً ، تؤيد توجهات البارزاني بالنسبة الى الأزمة الحالية ، بدرجةٍ او بأخرى . وفي إعتقادي الشخصي ، ان الكُرد ليسَ لديهم حُلفاء " حقيقيين " من الجانب العربي بصورةٍ عامة ، بقسميهِ الشيعي والسُني . فالتيار الصدري مثلاً ، يؤيد الكُرد ، فقط في المسائل التي تُضعف قبضة المالكي على السلطة ، لكي يحلوا هُم ، أي التيار الصدري محله ، او على الأقل ، المجئ ببديل من دولة القانون ، يتلائم مع تطلعات التيار . لكن الصدريين ، لن يقبلوا ان تُطّبَق المادة 140 الى المدى الذي يصل الى إحتمال ، إنضمام كركوك والمناطق الاخرى الى أقليم كردستان . وينطبق ذلك الى حدٍ ما ، على المجلس الاعلى أيضاً . أرى ان التقارب ، بين " اسامة وأثيل النجيفي " ، والتحالف الكردستاني ، في الآونة الاخيرة .. تكتيكي ، ولا يرقى الى مستوى ، تحالف إستراتيجي .. بل ان النجيفي و" عراقيون " و " قائمة الحدباء " ، ليسوا مَحل ثقة أبداً .. ويعملون فقط من اجل مصالحهم الضيقة .. وكما بّدلوا سياستهم بصورةٍ حادة ، قبل سنتَين .. فمن الممكن لن يفعلوا ذلك مرة اُخرى بسهولة . أي انهم حسب رأيي لا يُمكن الإعتماد عليهم كردستانياً ، كحلفاء ! . أعتقد انه ، عدا بعض الشخصيات العربية الموالية ، لأقليم كردستان ، ورُبما بعض العشائر العربية المتواجدة في المناطق المتنازع عليها والخاضعة لحكومة الأقليم .. فأن الكُرد ليسَ لهم مُساندة "عربية " جدية ، لا في كركوك ولا الموصل او ديالى وصلاح الدين " يمكن القول ان أياد علاوي والقِلة التي بقيتْ معه يؤيدون الكرد بدرجة معقولة " . ينطبق ذلك ، على التركمان أيضاً .. فغالبية الاحزاب التركمانية ، تّدعي الحياد في الازمة الراهنة .. لكن هنالك إحتمالات ، ان يميلوا الى جانب المالكي ، لو تيقنوا انهم سيحصلون على مكاسب اكثر ! . هنالك تأييد تركي [ جزئي ] لأقليم كردستان ، في صراعه مع الحكومة الإتحادية .. أقول " جزئي " ، لأنه يؤيد الكُرد بِقدَر ضغطهم على المالكي ، وإجباره على الإنصياع للسياسة التركية في المنطقة ، وتأمين المصالح التركية العُليا .. ولا يؤيد الكُرد ، في جُزئية السيطرة التامة على جميع المناطق المتنازع عليها ، ولا في إنتهاج الكُرد لسياسة مُستقلة بعيداً عن النفوذ والمصالح التركية ! . عموماً ان جبهة الكُرد أيضاً .. تمتلك بعض مقومات القوة . ............................. وهُنا يبرز التنافس الشرس ، بين " المشروع " الإيراني في المنطقة ، و " المشروع " التركي .. وتداعيات الوضع في سوريا .. وعلاقة كُل ذلك بملفات مُهمة للغاية : ملف حزب العمال الكردستاني / ملف حزب الله اللبناني . أعتقد ، اننا أي العراقيين عموماً .. من ضمنهم الحكومة الاتحادية وحكومة أقليم كردستان .. لا زُلنا جُزءاً من المشروعَين الإيراني والتركي .. فلا المالكي يمتلك " مشروعا " عراقياً مُستقلاً قوياً واضح المعالم .. ولا البارزاني له " مشروع " كردي مٌتكامل مُستقل واضح المعالم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنتخابات مجالس المحافظات ، وجيل الشباب
-
إختِطاف أبو جعفر المنصور
-
الحَرب التي لا نُريدها
-
مُجّرَد دعايات مُغرِضة
-
البلد الأول في النمو الإقتصادي
-
أكيد .. معمولٌ لنا [ عَمَل ]
-
وضع المسؤولين .. على - الصامتْ -
-
بغداد الطاردة .. وبغداد الجاذبة
-
الوجه الآخر من صراع بغداد وأربيل
-
لهذا .. لسنا مُتفائلين
-
العودة الى البيت حافياً
-
- تسويق - حربٍ قومية في العراق
-
لماذا يُقتَل طبيبُ أسنان ؟!
-
الحاجَة .. وبيع الأعضاء البشرية
-
الأسدُ والحِمار
-
مؤتمر الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق -4-
-
مؤتمر الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق -3-
-
مؤتمر الدفاع عن الاديان والمذاهب في العراق -2-
-
مؤتمر الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق -1-
-
أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق
المزيد.....
-
ساعة يد نادرة قد تحقق مبلغًا قياسيًا قدره 4 ملايين دولار في
...
-
الاضطرابات في كاليدونيا الجديدة: أستراليا ونيوزيلندا ترسلان
...
-
هكذا وصف رئيس إسرائيل التطبيع المحتمل مع السعودية.. ويؤكد: ن
...
-
-الجنائية الدولية أُسست من أجل البلطجية كبوتين-.. كريم خان ي
...
-
لماذا نفت مصادر صحافية علاقة إسرائيل بحادثة سقوط طائرة الرئي
...
-
فيديو: مقتل سبعة أشخاص على الأقل في قصف روسي على خاركيف ووزي
...
-
إردوغان يهاجم مسابقة يوروفيجن: -أحصنة طروادة للفساد الاجتماع
...
-
لليوم الـ228.. إسرائيل تواصل قصف غزة وتوسع نطاق عملياتها
-
هرتصوغ: التطبيع مع السعودية هو تغيير تاريخي لقواعد اللعبة
-
سفير: أوكرانيا لم تقدم تعازيها لإيران بوفاة رئيسي
المزيد.....
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|