أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شذى احمد - عبود وحنا














المزيد.....

عبود وحنا


شذى احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3594 - 2012 / 1 / 1 - 00:55
المحور: المجتمع المدني
    


خضرة الحقول لا تخزن البارود ، طراوة الأشجار لا تعرف رائحة الرصاص . لذا تراها توغل صدور ساكنيها بالحب والمودة!. كانا فلاحين تقاسما منذ ميلادهما جيرة حسنة. يتشابهان بكل شيء. معرفة الحقول . فنون زراعتها.ربها وبذورها مواسم حصادها الخ الخ .
لما تزوجا وعد يوسف جاره بان يطلق على ابنه اسمه. هكذا في لحظة صفاء ولم يزد.
لما أنجبت امرأته تؤما سمى الأول عبود والثاني حنا على اسم أبيه. وصار الجميع يدلل الأول بعبوده ولان اغلب جيرانه مسلمون أصبح اسمه ابو عبوده. كبر الصغيران، ولعبا مع صغار الحي وتخطيا سنوات المدرسة وخطت لهما بلدهما طريقهما مثل الآخرين بلا إرادة . ذهبا الى الحرب جنبا الى جنب. واسماهما لا يطابق قصتهما مهما سردت.
اقتربا من الموت ، كشر عن أنيابه لكنه لم يكن جادا كفاية لأخذهما لما تعرضا للمخاطر . مضت سنوات الحرب العجاف عادا معا الى مدينتها وأداما خضرة حقولهما لتسير قصتهما برتابة كل القصص التي نصنعها صباح مساء.
حتى خيم طاعون الموت ، وتهدمت أسوار البلاد ، وصار يدخلها وينهبها كل من هب ودب. وفاحت رائحة البارود والموت على رائحة الدراق والياسمين. و غزت أسراب الجراد الحاقد على سنابل الحقول مخلفة إياها يباب.
داست الأحذية السميكة زهور الحقول النضرة. لترمق ساكنيها وتنذرهم بالفناء.
- ما أسمك ؟
- عبود
- أسمك الكامل؟
- عبود يوسف
- انت مسيحي
- نعم أنا كذلك
اسمع عليك مغادرة المكان خلال ثلاثة أيام .ان عدنا بعدها ورأيناك ستكون نهايتك .
لم يكترث عبود. لم يقلق حنا الذي غادر البلاد بعدما لاقى نفس هذا التهديد . فغادر وأسرته بصمت بعيدا حيث لا يمكنه حتى سقاية جذوره بالدموع.
لن ارحل قرر عبود البقاء. لا يمكنهم قتل كل من لا يريدونه. روى للجيران والأصدقاء. لكنهم جميعا أقل حيلة منه. لا سلاح بأيديهم سوى صدور عارية ، وأمنيات لا تغني من جوع.
ومثل الآلاف أيضا قتلوه. قصته تشبه قصصهم. ودموع من بكى عليه لا تختلف بقطرة واحدة عن دموع ذرفت لمن سقطوا قبله ، ولما ستختلف عما سيسقط بعده.
وحنا ظل قلقاً يضرب أخماسا بأسداس. رمى بأوراقه بعيدا. وتلفت يتفرس وجوه من حوله. لما لا يرد عبود على الهاتف. الساعة تقترب من منتصف الليل . لحظات وتلد سنة جديدة.
هل حدث له مكروه. عبود عصاه التي كان يتوكأ بها في غربته. تعينه على خوار العزم والهمة .قلة الحيلة . وحشة الفراغ . سكون الأحلام .
كان عبود عصاه وحفنة التربة التي عرف سرها وألوان حنتها.
وكان عبود عصاه التي يهش بها غنمات أمنياته. فتكبر وتكبر ليبيعها كل مرة بأمل يتجدد بغد يأتي.
حنا حائر وحيد . بحث عن أوراقه وراح يقرأها بصوت عالٍ . فاضت عيون من حوله بالدموع. أطلق ضحكات متقطعة خنقتها عبراته وهو يصيح: عبود لن يرد على هاتفي من لي في ليلتي .
انا يا حنا .. هنا بعيدة عنك وعنه مئات الكيلومترات. سأروي لك نكتة. وسأستمع لفصولك مهما تقاطعت تفاصيلها مع فصول الآخرين المهجرين المذبوحين ، ألمسلوبي الحق في وطنهم الضائع. إنا من سيستمع لك يا حنا . هات . اسمعني . ما هي نكتك التي أعددتها. عبود هنا رغم انف قاتليه. محلقاً في سماء الأبد يصله صوتك أوضح من ذي قبل. هات اسمعنا يا حنا. الوقت قصير لا تضيعه بالاحتفال بالقتلة وتمجيد صنائعهم بالهم ،والحزن. هات حنا ما عندك ابتسم. ابتهج. دع غيضك يحترق مثل عود البخور. واستمع للكلمات الجميلة التي تسبق ترانيم الميلاد على محراب عالم يغار من الجمال فيجرحه بين الحين والآخر. هات حنا ما عندك. لا تبقى حائرا . التقط أوراقك. سنصغي لك جميعا مع عبود.
و إنا ساعد لك للتوي هديتي التي أحضرتها لك من رحلتي الصيفية.

http://www.4shared.com/office/jebzhWzY/San_Pietro.html
هناك حيث عثرت على حجر رحى عمره إلفي سنة. وكنيسة عامرة بالذكريات يقترب عمرها من عمر الرحى المحفور على احد جوانبها. و.. و.. كل عام وأنت وعبود بخير . كل عام وحقول الخضرة بخير. كل عام ورائحة الدراق والياسمين بخير. كل عام وأجراس الكنائس بخير. كل عام وأصوات الحب بخير. كل عام ، ومن دعا وجاء بالسلام بخير. وكلماته بقلوب الحالمين بخير.. المجد لصبر المتعبين. المجد للمحرومين المسحوقين . الحالمين بأرض يعمها السلام.

ملاحظة: حقا ولد لمسيحي ولد واسماه على اسم صديقه عبود وهذه قصة حقيقية وهم من أصدقاء العائلة .



#شذى_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل قلب الصفحة
- كان الإسلاميون حاضرين
- دع الإسلاميين يأتون
- دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي ...
- صور من المعركة حصار برلين
- صور من المعركة شميستنا شمس الأطفال
- صور من المعركة وضاع ابنك يا راعي
- صور من المعركة المؤذن في فراش أمي
- صور من المعركة زوجة الدوق
- غابت صباح
- صور من المعركة العازفتان
- صور من المعركة مذكرات زوجة الريس
- صور من المعركة بين صفتي جدة
- صور من المعركة الما
- صور من المعركة. الخط الساخن
- صور من المعركة .. سيدتا اللوحة والحزن
- صور من المعركة رجالهن
- أكلي لما تشبعين
- ما طاب من عذب المزاج
- لا تترك جريدتك


المزيد.....




- حملة ترمب تركز على -المهاجرين- لتضليل الناخبين
- صحة غزة تطالب محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في تعذيب واغتي ...
- جنوب السودان يلغي الضرائب التي أدت إلى تعليق عمليات الإنزال ...
- برنامج الأغذية العالمي: الجماعة تتجه نحو جنوب قطاع غزة
- الأمم المتحدة تحذر الأطراف المتحاربة في السودان بشأن دارفور ...
- الانتفاضة الطلابية.. حرية التعبير تدعس في حرم أرقى جامعات ال ...
- الغذاء العالمي: المجاعة واسعة في شمال غزة وتتجه نحو الجنوب
- تونس.. إجلاء قسري لمئات المهاجرين ونقلهم للحدود الجزائرية
- تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و ...
- إسرائيل تبلغ منظمات الإغاثة بخطط إجلاء رفح وواشنطن تؤكد: لم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شذى احمد - عبود وحنا