أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - بغداد واشنطن: انتبهوا الوقت ينفد!















المزيد.....

بغداد واشنطن: انتبهوا الوقت ينفد!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 20:47
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    




أكّد الرئيس الأميركي باراك أوباما مجدداً، بلغة لا تقبل التأويل، أن الولايات المتحدة ستنسحب من العراق في نهاية العام الجاري 2011. قد تكون انتخابات الرئاسة القادمة سبباً في ذلك، وقد تتعلق المسألة بالوضع الداخلي الأميركي، لا سيما بعد الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة، ويذهب بعض آخر إلى ضغط الرأي العام الأمـيركي والأوروبي.
لكن أياً كان السبب، فالأمر أثار تساؤلات مشروعة: هل إن الإنسحاب يعني عدم الإبقاء على عدد محدود من القوات الأميركية لتأهيل وتدريب القوات العراقية، لا سيما إذا طلبت بغداد ذلك؟ ثم هل سبق لواشنطن أن تخلّت طواعية عن «وجودها العسكري» من تلقاء نفسها من دون أن تترك لها أثراً معلوماً، مثل اتفاقية عسكرية أو أمنية تضمن استمرار مصالحها أو غيرها، الاّ إذا خرجت مهزومة كما حدث لها في فيتنام، التي شكّلت عقدة لها، صاحبتها في حربها واحتلالها للعراق وما بعد ذلك؟ هل بحسن نيّة أم أنها مضطّرة بعد مقاومة عنيفة لها، خسرت معها ما يزيد على أربعة آلاف وأربعمئة قتيل وما يقارب الـ 30 ألف جريح، فضلاً عما يزيد عن 3 تريليونات دولار حتى نهاية العام 2008؟
وأظنّ أن وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس كان واضحاً حين خاطب المسؤولين العراقيين خلال زيارة مفاجئة له لبغداد في نيسان الماضي لمناسبة الذكرى الثامنة لغزو العراق قائلاً «انتبهوا الوقت ينفد في واشنطن»، إذْ ان من المفترض أن تنسحب القوات من العراق في نهاية العام الجاري 2011 بموجب الاتفاقية العراقية - الأميركية المبرمة العام 2008. لكن، هل سيتم تنظيم بقاء عدد محدود عبر صيغة جديدة أم عبر بروتوكولات بين وزارات عراقية ونظيراتها الأميركية من دون الحاجة إلى عرضها على البرلمان أو طلب الموافقة عليها، بزعم أنها «اتفاقيات» تنفيذية؟
وبعدها، هل سيحتفظ الجنود الأميركيون بالحصانة القانونية في العراق كما حصل في الاتفاقية السابقة؟ وهل سيستمر العراق في شراء الأسلحة والمعدّات الأميركية، كما فعل في الفترة الماضية، الأمر الذي استوجب التدريب والتأهيل كما جرى تبريره؟ وماذا عن عدد أفراد الشركات الأمنية الذي لا توجد إحصائية رسمية عنه، لا سيما أن لديهم تعاقدات خاصة مع القوات الأميركية تضمن حصولهم على الحصانة أو تمكّنهم من الزوغان من تبعات القوانين العراقية؟
ثم ماذا عن تعويض العراقيين الذين تضرّروا بسبب الاحتلال، فهل سيسدل الستار على المطالبة بحقوقهم المادية والمعنوية من جانب الحكومة العراقية، كما حصل في الاتفاقية السابقة، على الرغم من أن حقهم كأفراد أو حتى جهات حقوقية أو معنوية يمكنهم إقامة الدعوى على المرتكبين الأميركيين بسبب ما لحق بهم من غبن وأضرار جرّاء الاحتلال؟ وأخيراً هل القوات العراقية مؤهلة حالياً لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية لتستعيض عن دعم واشنطن وقواتها العسكرية في العراق؟
وإذا كانت أجوبة هذه الأسئلة واضحة أمـيركيا، فإنــها غير ذلك عراقياً، بل إن الأمر لا يزال مصدر خلاف بين القوى والفاعلـيات السياسية المشاركة في الحكومة، فبعضهم يريد إلقاء تبعات تقدير ذلك على رئيـس الوزراء، وبعضــهم الآخر لا يزال ينتظر « أكل الثــوم بلسان الغير»، أما الجهات الأكثر تعبيراً عن مواقفها الواضــحة فهي حكومة إقليم كردستان التي رحّبت لأكثر من مرّة ولأكثر من مسؤول، لا سيما في تصريحات لرئيس الاقليم مسعــود البارزاني عن رغبــتها، بل حاجتها الى وجود قوات أميركية لفضّ النزاعات بين القوى السياسية، لا سيما بخصوص ما تسميه «المناطق المتـنازع علـيها»، ومن الجهة الأخرى فإن التيار الصدري بزعامة مقـتدى الصـدر حتى الآن يرفض التمديد للقوات الأميـركية ويدعو لمغـادرتها العراق، وإنْ كان قد خفّض من نبرة التنديد بها أو التهديد بمهـاجمتها في حال بقائها.
وأخيراً وليس آخراً ظلّت السرية والكتمان يغلّفان الموقف الرسمي العراقي مثلما حصل إبان إبرام اتفاقية العام 2008، التي نظّمت «الاحتلال العسكري» بتحويله الى «احتلال تعاقدي» في إطار قواعد قانونية، وشملت هذه السرّية كل شيء، ابتداءً من تشكيلة الوفد المفاوض ومكان انعقاد الاجتماع وجدول العمل ومشروع نص الاتفاقية، ومع أن السرّية سمةً ملازمةً للسياسة الرسمية، سواءً في ظل النظام السابق أو في ظل النظام الحالي، فإن السرية الحالية في ظل تفكيك الدولة وإعادة بنائها وفقاً لشروط المحتل، جعلت منها عامل هدم وتشكيك، حيث اعتبر الحصول أو الإطلاع على نصوص مشاريع قوانين أو معاهدات أو اتفاقيات دولية مقترحة بمثابة «اختراق أمني»، وبالتالي يجب فرض شكل من التعتيم عليها، كما حصل بخصوص نصوص الدستور وقانون النفط والغاز والاتفاقية العراقية - الأميركية، في حين أن السرّية القديمة طبعت جميع القضايا من أصغر الأشياء وأتفهها الى أكبرها وأخطرها، فحتى غزو الكويت العام 1990 مثلاً لم يطلّع عليه أكثر من ثلاثة أشخاص يمثّلون المثلث الحاكم آنذاك، كما ظلّت ميزانية العراق منذ العام 1976، لا سيما بعض مفرداتها الأساسية، وخصوصاً التي تتعلق بالتسليح والأمور العسكرية سرّية ولم يطّلع عليها أحد أو يناقشها حتى أعضاء قيادة حزب البعث الحاكم نفسه.
لقد وقّعت الحكومة العراقية على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة على الرغم من بعض الممانعات الرسمية أو شبه الرسمية، إلاّ أنها ولا سيما أركانها الأساسية لم يكن لديها «بديل» أو» خيار» عن الاتفاقية، وإنما كانت تريد استثمار الوقت والمناورة لتحسين بعض هوامش أو شروط التفاوض، وقد يكون للظهور بمظهر الممانع أو الرافض أو المضطر، وهو ما تحاول القوى السياسية سلوكه اليوم باستثناء جماعة السيد الصدر المعارضة للوجود العسكري الأميركي والكتلة الكردية الممثلة للإقليم المؤيدة لاستمرار هذا الوجود.
وقد برّرت الأطراف السياسية المؤيدة سرّاً أو علناً للوجود العسكري الأميركي صيغة التعاقد بين بغداد وواشنطن بالقول إن الاتفاقية ستُخرج العراق من مظلّة الفصل السابع ووصاية الأمم المتحدة، وتارة أخرى خرجت علينا بتبرير حول إمكانية إطلاق الأموال العراقية المجمّدة في البنوك الأميركية، وثالثة انتقدت الأطراف الرافضة، كما فعل رئيس الوزراء نوري المالكي عندما قال انهم عارضوا قبل أن يطّلعوا على نصوصها وصيغتها النهائية، ورابعة بتبرير انسجام هذه الاتفاقية مع مبادئ السيادة وضمان مصالح البلاد!
وإذا كان التعارض العراقي واضحاً عشية التوقيع على إتفــاقية العام 2008، فإنه لم يكن كذلك لدى الولايات المتحدة وكما جاء على لسان رئيس هيئة أركانها في حينها مايكل مول فقد حذّرّت الحكومة العراقية من عدم توقيعها على الاتفاقية الذي سيؤدي إلى عواقب كارثية، حيث ستضطر الولايات المتحدة إلى سحب قواتها، ما سيعرّض الوضع العراقي لانهيار متوقع تتحمل مسؤوليته والنـتائج التي ستترتب عليه الحكومة العراقية. وأياً كان الأخذ والرد في حينها، فإن واشنطن استطاعت فرض الاتفاقية السابقة باللين أو بالــقوة، واضطرت الحكومة العراقية للموافقة عليها باختيارها أو باضطرارها، سواء أجرى تعديل بعض نصوصها شكلياً أم لم يجر، وبالمقـابل فقد كان عدم توقيع الاتفاقية يعني بالنسبة لواشنطن اضطرارها لسحب قواتها من العراق، الأمر الذي سيعني انهيار استراتيجيتها في المنطقة ككل.
وبحسب القانون الدولي فإن إبرام أي اتفاقية أو مــعاهدة دوليــة يمـثّل في حقيــقة الأمر أحد مظاهـر ممارسة الســيادة، والدولة الكاملة السيادة هي الشخص القانوني المؤهل في المجتمع الدولي الذي يملك الصلاحية الكاملة في إبرام المعاهدات والاتفاقيات مع غيره من أشخاص القانون الدولي الآخرين من دول ومنظمات. وانطلاقاً مما تقدم، فإنه يجب أن تكون للدولة السيادة التامة ليتسنّى لها إبرام الاتفاقيات والمعاهدات، أما بالنسبة للدول الناقصة السيادة كالدول المحمية أو الدول التابعة والخاضعة لنظام الوصاية أو الواقعة تحت الاحتلال، فإن صلاحيتها لإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية تتوقف على مدى الاختصاصات الممنوحة لها في هذا المجال بموجب اتفاقية الحماية أو التبعية أو نظام الوصاية أو أي نظام أو قرار دولي أخر يمكن أن تخضع له.
وعند الحديث عن الاتفاقية الأمنية الجديدة أو توقيع بروتوكولات أو تنظيم العلاقة بين بغداد وواشنطن، فإنها لا تخرج عن الحيثيات التي سبقتها، خصوصاً أن توازن القوى ما زال مختلاً بين طرفيها، فأحدهما محتل وقوي ويستطيع فرض إرادته وهو الولايات المتحدة، والآخر محتلة أراضيه وضعيف ولا يملك أوراقاً كثيرة للعب أو للضغط بها، فوحدته الوطنية مفككة والإنقسام والتشظي المذهبي والإثني يهدّد كيانية الدولة، والإرهاب والفساد مستشريان على نحو لا مثيل له، والميليشيات والصحوات تتصرفان بمعزل عن الدولة وأحياناً بالضد منها، وهيبة هذه الأخيرة لا تزال مصدر شك وتصدّع!
وأياً كانت التبريرات والذرائع التي تسوقها الحـكومة العــراقية، إذا ما أرادت واشنطن الابقاء على عدد من قواتها أو قواعـدها فإنها ستـضطر الى التوقيع على اتفاقية جديدة أو بروتوكولات جديدة تلبّي الغرض ذاته بعد انتهاء مفعول الاتفاقية المذكورة في نهاية العام 2011، خصوصاً وأن الظروف التي أجبرتها أو «أقنعتها» على التوقيع على الاتفاقية السابقة، لا تزال موجودة، لا سيما بعد تدهور علاقات القوى السياسية مع بعضها البعض وهو ما أفرزته انتـخابات آذار العام 2010، مع بقاء شواغر في الوزارات الأمنية، خصوصاً وزارتي الدفاع والداخلية حتى الآن، وحصول بعض الاختراقات في الوضع الأمني، وارتفاع منسوب العمليات الارهابية واستهداف الأكاديميين والعلماء.

باحث ومفكر عربي


جريدة السفير اللبنانية، العدد رقم 12029 الخميس 3/11/2011.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الدستور
- الأردوغانية: زواج كاثوليكي بين الإسلام والعلمانية
- إسرائيل- والمياه
- مشكلة المياه العربية
- سمفونية الرحيل- عبد الرحمن النعيمي الرجل الذي مشى بوجه الريح
- الحق في الماء
- سورية :هل لا يزال طريق التسوية التاريخية سالكاً!؟
- العقدة اليمنية وما السبيل لحلها؟
- في رحيل عبد الرحمن النعيمي
- بالمر جولدستون.. أَيُّ مفارقة وأَيُّ قانون؟
- أسئلة الثقافة والسلطة: اختلاط الزيت بالماء
- ثروات العراق: عقود ملتبسة ومستقبل غامض!!
- إرهابيون أشرار وإرهابيون أخيار!
- في وداع عبد الرحمن النعيمي : حين يجتمع العقل والحكمة والصدق
- الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة
- ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟
- مصر التي في خاطري
- البوعزيزي وسيدي بوزيد وبحر الزيتون
- التزوير «القانوني» وكاتم الصوت العراقي
- ما بعد كركوك.. هل جنوب السودان نموذج؟!


المزيد.....




- قوات الاحتلال تقتحم بلدات بالضفة وتشن حملة اعتقالات
- بعضهم أدينوا وآخرون فارون.. أبرز قضايا المحكمة الجنائية الدو ...
- هل تصدر الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتانياهو؟
- مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: نرفض العدوان الإسرائيلي على رفح ...
- من بينهم أمل كلوني.. خبراء قانونيون يوضحون سبب دعمهم لإصدار ...
- المحكمة الجنائية الدولية ترفض الاتهامات الإسرائيلية بـ-معادا ...
- المحكمة الجنائية الدولية ترفض الاتهامات الإسرائيلية بـ-معادا ...
- ما فرص تنفيذ مذكرات المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال مسؤولين ...
- بايدن: طلب المحكمة الجنائية الدولية مشين
- جونسون: الكونغرس الأمريكي قد يتخذ أي إجراءات ضد المحكمة الجن ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - بغداد واشنطن: انتبهوا الوقت ينفد!