|
إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 17:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
النظام الذي أسسه مبارك لم يسقط ، و لن يسقط بسهولة ، فهو سيقاوم السقوط بكل ما أوتي من قوة ، و عزم ، فهناك الآلاف الذين إستفادوا منه بالحرام ، و هناك أمثالهم من إرتكبوا الكثير من الجرائم . لكن النظام يبدو إنه تعلم درس مما حدث في الفصل الأول للثورة ، ذلك الفصل الذي سُطرت ملحمته في الفترة المحصورة بين الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و إلى أن سقط مبارك عن عرشه الرئاسي . النظام تعلم أن الإستبداد الصريح لم يعد ممكناً ، فقد تعلم الشعب كيف يواجهه ، أو كيف يسقطه . لن يكون هناك مبارك أخر ، عنيد جبار . لن يكون هناك مستبد أخر يحكم بإسلوب وضع حذائه على رأس الشعب جهاراً ، كما حكم مبارك . لن يكون هناك جبار أخر سياسته الداخلية هي : إن كان عاجبكوا ، كما نقول في عاميتنا المصرية ، كما كانت سياسة مبارك . لكن من الممكن أن يكون هناك إستبداد أخر . إستبداد بشكل أخر . إستبداد مغلف بالأبوة . إستبداد الوصاية . الوصاية هنا هي الفكرة التي سيتم بها تبرير إستبداد المستبد المستقبلي ، فالشعب عندما تكون الديمقراطية حاضرة في ذاكرته ، يحتاج المستبد لمبرر لإستبداده ، كما كان إستبداد عبد الناصر يتم تبريره بالنضال ضد الإمبريالية ، و النضال من أجل فلسطين ، أو إستبداد : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة . الوصاية كفكرة تقوم على مبدأ الحماية ، كحماية شخص لمصالح شخص أخر غير قادر على القيام بحماية مصالحه ، أو غير واعي لمصالحه من الأساس ، كوصاية شخص على طفل يتيم ، أو وصاية الوالدين على أطفالهما . المستبد المستقبلي سيرتدي عباءة الوصاية ، و بإسم الوصاية ، أو بإسم رعاية مصالح الشعب ، سيستبد بالأمر . و لن تكون هناك وصاية دون أن يتم إثبات أن الشعب قاصر ، و غير صالح لأن يدير شئونه بنفسه ، أي غير صالح للديمقراطية ، و عدم صلاحيتنا للديمقراطية هي نفس الفكرة التي رددها أحمد نظيف في 2005 ، حين بشرنا من الولايات المتحدة الأمريكية بأن الديمقراطية ستأتي بعد ثلاثين ، أو أربعين ، عاماً . إذاً الهم الأول للنظام الحاكم هو إثبات ذلك ، و أفضل وسيلة هي إشعال فتنة طائفية . لهذا لاحظنا أنه بمجرد أن إستعاد النظام الحاكم الملعون أنفاسه ، و أخذ زمام المبادرة ، بعد أن بدأت الثورة تدور حول نفسها بلا هدف ، بعد أن تعطلت بوصلتها ، حتى إستيقظت الفتنة . في فترة قصيرة كانت هناك حوادث عدة هدفها إشعال الفتنة ، و جر مصر إلى حرب أهلية . كانت هناك محاولات الإيقاع بين المسلمين و المسيحيين ، كما جرى في المقطم ، و أطفيح ، و في قنا ، و إمبابة ، و في ماسبيرو ، على بعد أمتار من ميدان التحرير التاريخي ، و في موقع فيسبوك . و هناك محاولات أخرى خبيثة جرت ، و لم تأخذ حظها من الإهتمام ، بالرغم إنها لا تقل في الأهمية ، و الخطورة ، عن المحاولات السابق ذكرها ، و هي محاولات إشعال الفتنة بين السلفيين ، و الصوفيين ، و من مظاهرها إحراق بعض المساجد التي بها أضرحة لأولياء صوفيين ، في محافظة المنوفية ، و لكن ملاعين النظام لم ينجحوا في تحقيق هدفهم الخبيث ، بعد أن أصدر التيار السلفي المحلي هناك بيان مطبوع أشار صراحة إلى إنها محاولة للوقيعة ، و من جانبه إلتزم التيار الصوفي خط الحكمة فلم يشر بالإتهام لأحد . إذا كان هناك الآن بعض الهدوء ، خاصة بعد أحداث إمبابة ، و ماسبيرو ، فإن ذلك لا يعني أن النظام الملعون الذي أسسه مبارك ، و لازال يحكمنا لليوم ، سيتوقف . إنها فترة هدنة قصيرة معتادة بين كل حدث ، و الذي يليه ، أو بين كل جريمة ، و أخرى . لقد نجحنا حتى الآن في إبقاء الفتنة نائمة ، و لكننا لا نضمن أن يستمر ضبط النفس ، كما إنه من غير المعقول أن نظل في موقف الدفاع ، أو موقف التوعية ، و الشجب ، أي نأخذ فقط دور الإطفائيين ، الذين عليهم فقط إطفاء الحرائق . علينا أن نتصدى للمجرمين ، لمنعهم من إشعال الحرائق . علينا أن نقول للشعب من هم المجرمين الذين يسعون بدأب لا يفتر لجر الشعب المصري لحرب أهلية . إنه بالطبع النظام ، كما هو واضح من المقال ، و لكن علينا أن نكون أكثر تحديداً ، لكي نكون أكثر نجاحاًً في حربنا على المجرمين . المخطط هو جهاز الإستخبارات السليمانية ، الذي لازال يديره عمر سليمان ، أما المنفذ فهو جهاز الشرطة ، و على رأسه جهاز مباحث أمن الدولة ، أو أمن النظام ، فهو الجهاز الذي لا يبارى في هذا الشأن القذر . رجوع عمر سليمان لحياة الظلام ، و حل مباحث أمن الدولة ، لا يعنيان أن الإستخبارات السليمانية قد أصبحت جزء من التاريخ ، و أن جهاز مباحث أمن الدولة قد إنقضى أمره . إن أردنا لمصرنا السلامة من الفتنة الطائفية ، فعلينا أن نطيح بالرأس الخبيث الذي يخطط ، و أن نقطع اليد الملعونة التي تشعل .
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
20-05-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟
-
لماذا لا يحاكموا عسكرياً هم أيضاً ؟
-
الديمقراطية في مصر هي لصالح أهالي غزة
-
إنتخاب قيادات الحكم المحلي أفضل للأقباط
-
من الخليج أعلن شرف نتيجة الإنتخابات القادمة
-
التهديدات مستمرة ، و التمثيلية لازالت تُعرض
-
حتى لا نسمع بجمعة الشكر ، أو بثلاثاء العرفان
-
أوباما ، ضاع منك السلام ، فلا تضع الديمقراطية ، و حقوق الإنس
...
-
عمر سليمان إختار لمصر النموذج العسكري التركي الأتاتوركي
-
إننا ننتقد سياسات كيان أصبح سياسي
-
لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟
-
إلى متى ستظل البلطجة قطاع من قطاعات الدولة ؟
-
من يرعبه الخطاب الديني لا يقود التغيير
-
مباحث أمن الدولة تحاول الوقيعة بين الشعب و جيشه
-
إسبوعان من التظاهر و سيقف مبارك و سليمان أمام المحكمة
-
عندها سترون كيف تكون المعارك
-
حتى تصبح المبادئ و الأهداف واقع
-
الفرص يجب أن تتكافئ أولاً
-
جُمع قتل الثورة
-
هل سينطبق نموذج أمريكا اللاتينية على البحرين ؟
المزيد.....
-
شاهد.. محتجون إسرائيليون يخربون شاحنات مساعدات متجهة إلى غزة
...
-
في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني.. نص ما ورد في -إعلان البحرين-
...
-
سقوط مزيد من القتلى والجرحى مع تواصل القصف الإسرائيلي على غز
...
-
قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا
-
الرئيس الصيني شي يستقبل نظيره الروسي بوتين في بكين
-
صحيفة: درونات مجهولة تصور بشكل خفي أكبر سفينة حربية يابانية
...
-
بوتين: تحالف روسيا والصين في قطاع الطاقة سيتعزز
-
وزراء خارجية 13 دولة يحذرون إسرائيل من الهجوم على رفح
-
كندا تفرض عقوبات على أربعة مستوطنين
-
الدفاع الروسية: تدمير أكثر من 100 طائرة و6 زوارق مسيرة أوكرا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|