أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أدراجها الخفيفة كصوت النوم














المزيد.....

أدراجها الخفيفة كصوت النوم


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3154 - 2010 / 10 / 14 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


أدراجُها الخفيفةُ كصوتِ النومْ

أَخَذَتْ وردةً من سماءٍ لا تُرى، غمّسَتْها بألوانٍ لا تُرى، خَمَشَتْ قطعةً من الأفْقِ وعلَّقتْها على آخرِ النارِ في مكامنِ الكلامْ، تَدَلّتْ نغماتٌ غامضةٌ بعيدةٌ لها صوتُ داليةٍ على سطحٍ من طين، وانتشر النرجسُ في المكانِ والياسمينُ في الزمانْ، كأنّها بأدراجِها الخفيفةِ كصوتِ النومِ تفتحُ عالمَ الموتى الفائضين عن الأرضِ وتُخْرِجُهُم كعشبٍ حالمٍ بورداتٍ صفراءْ، نامتْ، وقد اطمأنت إلى قدرة الخلقِ في يديها.

غادَرَتْ الحكايةَ متسلِّلَةً كخيطِ موسيقى، وفي المكان، تَرَكَتْ بحرينِ بنفسجيَّينِ وغابةً من كلامْ، وتحتَ الطاولةِ وجدتُ نايَها السحريَّ وبعضاً من بلادٍ مؤَرَّقةٍ بالحلمِ وشبّاكاً يفيضُ أغانٍ وأشجاراً واختباراتٍ للنسيانِ على الحائطِ تشبهُ جيشاً في مواجهةِ محاربٍ وحيدْ، وبضعَ نساءٍ سقطنَ من خجَلِها الصيفيِّ بعدَ القبلةِ الأولى، وبالصدفةِ عثرتُ على كوكبين مرميينِ في الزاوية، سقطا حين بَكَتْ وتجمّدا كثمثالين من أسئلةْ.

وعلى رفِّ الكُتُبِ بقايا أصابِعِها تخدشُ حدودَ المعرفةْ، وتخرجُ من كلماتِ الشِّعرِ مثلَ نظرةٍ في العينِ، ثابتةً كأمٍّ ومطمئنَّةً كرضيعْ، أذكُرُها فقطْ كلّما ناحَ النورَسُ في جبالِ الموجِ، وانتشرتْ رائحةُ الشتاءِ على مدخلِ الذاكِرةْ، لا شيء يشبهُ رائحةَ الشتاءِ على مدخل الذاكرةِ إلا حضورُها اليوميّ كفضَّةٍ على سوادِ الفجرِ القليلِ، وفيروزُ متنقلةً بين القلبِ والدمّْ.

في آخرِ مرورٍ تركَتْ خلاصةَ الأناشيدِ على الشبابيكِ المفتوحةِ، ندِمَ أصحابُ الشبابيكِ الأخرىْ، لمحوا ثوبَها الأزرقَ بلونِ سمائهم يمرُّ مُبدِّلاً لونَ الإيقاعاتِ في الطبيعةِ، وشكلَ البحارِ، ملأتْ الأوديةَ بالحكاياتِ والرواةْ، ودلّلَتْ النساءَ الخالياتِ من عشّاقِهِنَّ.

في الجوِّ الكئيبِ بعدَ ذلك بكثيرْ، كان المكانُ يحفظُها كنشيدٍ مقدّسٍ من حريرٍ وكتابِ دعاءٍ ضروريٍّ للطقسِ الكبيرْ، لغاتٌ كثيرةٌ تَرْجَمَتْ فكرةَ وجودِها، العصافيرُ في تغيُّرِ ألوانِها، الورودُ في غنائها المُرتجلِ، الموسيقيونَ في انضباطِهمْ المحنّى بالرعبِ، والدراويشُ في بحثهم المجنونِ عن صورةِ الله في آخر الطقسِ، وأممٌ لا تُحَدُّ أوقفَتْ حروبَها حينَ مرَّ اسمُها فوقَ أشجارِهِمْ، الجزءُ الوحيدُ الذي لم تمسسهُ نارُها المقدسةُ، ما زال صُدفةً عاريةً من النورِ والظلمةِ والأمنياتْ.

14 تشرين الأول 2010



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاءت، وما زلت في انتظارها
- يُحكى أن
- أيها القلب: أخرج من قلبي
- أتْرُكُني خلفي
- المدن في غيها
- خمس أغنيات للخريف السادس
- كأنّكِ هنا
- كأنك هنا
- ومضى وحيداً
- قلتُ... أقولُ
- ما سيأتي لم يأت بعد
- أما كرمي فلم أنطره
- هل قلت إني لا أحب القدس؟
- حقل موسيقى
- فجر أزرق حزين
- كيف تحتمل روحك كل هذا الجمال
- الشق
- اعتذارات
- أو هكذا قالت الغيمات
- أعتقتها فمت مرتين


المزيد.....




- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أدراجها الخفيفة كصوت النوم