عمرو اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 16:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن اللحظة التى تخلينا فيها عن الإسلام كدين و اعتبرناه دينا و دولة كانت اللحظة الفارقة فى التاريخ بين سعادة الدنيا و الآخرة و العنف و التطرف و إراقة الدماء باسم الدين و الإسلام ....
إننا نحتاج الإسلام مثل اي دين آخر .. كدين حب لكى نعرف الله و نتقرب اليه ونتعلم الرحمة ومكارم الاخلاق ...
أما أمور دنيانا من حكم و اقتصاد و زراعة و صناعة فقد تركها لنا من سميناه الخالق لكى نديرها بأنفسنا تحقيقا للحكمة الدينية المسماة الاستخلاف فى الأرض مستلهمين فى ذلك مباديء الاديان العامة من عدل و مساواة وحرية وأمان .. فليقل لى أحدكم أن كان يعرف, متى طبقت هذه المباديء طوال القرون في بلادنا التعيسة الحظ ... بينما تحظى بها الكثير من شعوب الأرض التي نتهمها بالكفر و الزندقة وندعو عليها ليل نهار و رغم ذلك نزداد تخلفا وتزداد هذه الشعوب قوة و رفاهية ولم نسأل أنفسنا أبدا لماذا, ألا يوجد هناك احتمال و لو ضئيل أن هذه الشعوب عندما فصلت الدين عن الدولة كانت على حق, ألم تتحسن احوالنا الاجتماعية ولو قليلا عندما تخلصنا من الخلافة العثمانية وطبقنا القوانين المدنية, وأنا أقول أحوالنا الاجتماعية وليست السياسية فما زال الفكر الشمولي يحكمنا و مازالت هناك أنظمة تستمد شرعيتها لأنها من قريش أو أنها هاشمية أو أنها تحكم باسم الدين.
الحقيقة المرة يا سادة أن من منحنا هذا التحسن فى أحوالنا الاجتماعية فى القرنين السابقين كان نابليون بونابرت عندما غزا مصر فزاد احتكاكنا بالحضارة الغربية وعرفنا قيمة القانون المدنى ثم أكمل كمال أتاتورك الطريق فخلصنا نهائيا من مشروعات الخلافة, فلماذا ننتظر دائما أن يكون الإصلاح على يد الأجنبى . أن مصر كانت أكثر ديمقراطية و هى تحت الأحتلال البريطانى وكانت هذه الديمقراطية هى المناخ التى مهد لثورة يوليو و الخلاص من الأستعمار البريطانى ولكننا لم نستفيد من التجربة و لا من التاريخ ومازال يوجد بيننا من يدعو الى العودة الى القرون الوسطى و مآسيها و يريق دماء الأبرياء بأسم الدين و الشريعة الأسلامية بعد أن كنا قد تخلصنا من هذه الآفة
لا أدرى ما هى المشكلة فى أن يعبد كل انسان ربه بالطريقة التى يريدها , يتعبد الشيعى على المذهب الجعفرى و يتعبد السنى على المذهب المالكى أو الشافعي أو الحنفي ويكون الوطن متسعا للجميع والحكم للأكثر كفاءة بناءا على اختيار الشعب فى انتخابات نزيهة حرة دون اى اعتبارات دينية او طائفية , قبلية أو عائلية.
ألم يحن الوقت لكى تتخلص شعوبنا من وصاية رجال الدين شيعة كانوا أم سنة, ومن وصاية شيخ القبيلة أو كبير العائلة وتمتلك أرادتها الحرة.
ألم يحن الوقت لكى نتخلص من أوهام تراث السلف الذين أراقوا دماء المسلمين صراعا على السلطة باسم
الدين.
ألم يحن الوقت أن نعرف ان عصر خالد بن الوليد الذى جعل نهر دجلة أحمر اللون قد انتهى الى غير رجعة وأنه لو حكم عليه بمقاييس عصرنا لوجب محاكمته كمجرم حرب.
أن الحل فى أيدينا فإما أن نطبق قيم العصر فى الحكم من الديمقراطية و سيادة القانون المدني على الجميع والإيمان بأن الدين لله و الوطن للجميع أو تزداد معاناتنا ونضيع الوقت الثمين فى تجارب أليمة مآلها الفشل
لأنها لا تصلح للقرن الواحد و العشرين وثبت فشلها مرارا و تكرارا..
سوف يعتبر الكثيرون كلامي هذا هرطقة وهي تهمة لن أحاول نفيها .. أو تخريفا وهي تهمة لا أنفيها .. فرغم أراء و أقوال متطرفي الأديان جميعا فهناك أوجه شبه كثيرة بين الأديان السماوية الثلاثة .. فالقصص حول الجنة والنار و خلق آدم وحواء والأكل من الشجرة المحرمة و نوح وأولاده متشابهة الي حد كبير في أسفار التوراة الخمسة والقرآن .. واضطهاد اليهود في مصر متشابه الي حد كبير مع اضطهاد المسلمين في مكة واضطهاد المسيحيين في البداية .. وخروج اليهود من مصر الي فلسطين مشابه أيضا لخروج المسلمين من مكة الي المدينة .. ثم تكوين كلاهما لدولة بما يعني هذا من صراعات سياسية وتشريعات خاصة بهذا الصراع السياسي متشابه الي حد كبير بين الحالتين الاسلامية واليهودية .. كما أن هناك أوجه شبه كثيرة بين روحانيات القرآن المكي وبين تعاليم المسيح عليه السلام .. وكل من المسلمين والمسيحيين وإن اختلفوا حول واقعة صلب المسيح يتفقون أن المسيح رفع الي السماء وأنه سيعود يوما الي الأرض ..
ورغما عن ما قد أواجه به من اتهامات فهناك أوجه شبه كثيرة بين التلمود عند اليهود وبين الحديث عند المسلمين .. سنتهم وشيعتهم ..
فقد ظل كلاهما شفهيا عدة أجيال قبل تدوينهما. وحفظ كلاهما عددا كبيرا من المعلومات حول ما يعتقده سواء من كتب التلمود أو كتب الحديث أو من مؤيديهم الكثير من التعليمات التي لم تكن ظاهرة بشكل مباشر وواضح في نصوص التوراة أو في القرآن... أي اعتبارهما مذكرات تفسيرية تفصيلية للنصوص الإلهية ... كلاهما يعتبر ملزما بالرغم من أنهما ليسا كتب إلهية .. .يعتبر أهل السنة والشيعة في الاسلام أقوال سيدنا محمد في الأحاديث المدونة في الصحاح عند السنة وكتب الحديث عن الأئمة عند الشيعة .. والتي تم الاعتناء بسندها أكثر من متنها نوعا من الوحي الإلهي ,,, وكذلك الحال بالنسبة للتلمود في الديانة اليهودية وبالتالي فكرهما ملزم ..
وفي كل الديانات الثلاث ورغم مايقوله أتباع كل ديانة .. فقد ظهر نوع من الكهنوتية .. غير موجود أساسا في الأصل ... وسيطر بشر علي توصيل مفاهيم كل ديانة الي أتباعها بعد وفاة الرسل أو رفعهم الي السماء في حالة سيدنا عيسي عليه السلام .. وأدخلوا في كل دين ما ليس فيه .. من الحاخامات في اليهودية الي رجال الكنيسة في المسيحية ورجال الدين في الاسلام من محدثين الي فقهاء المذاهب السنية والشيعية وغيرها في الاسلام ..
في كل مكان علي ظهر الأرض الآن وبفضل العولمة ... أتباع كافة الأديان والمذاهب يعيشون جنبا الي جنب ولن يمكن لأي طرف أن يتخلص من الآخر .. لا المسلمين من المسيحيين في بلاد الشرق ولا المسيحيين من المسلمين في بلاد الغرب .. ولا السنة من الشيعة ولا الشيعة من السنة في العراق والشرق الأوسط .. فكفي هذا الصراع البغيض الذي يلبس ثوبا دينيا ومذهبيا .. كفي قتلا متبادلا .. فأي انتحاري علي الطرفين يقتل الأبرياء بلا أي سبب .. فمآله جهنم ان كانت هناك جنة و نار ..
ستظل الصراعات السياسية الناتجة من الأطماع البشرية ما بقي الانسان علي الأرض .. ولكن يجب أن نسميها اسمها الحقيقي ... أنها صراعات أطماع وليست صراعات أديان أمر بها الله .... لقد استقرت كل الأديان فلا داعي لأي صراع فيما بينها .. وليترك كل إنسان أخيه الانسان يعبد الله كما يريد ويترك الحساب الي يوم الحساب وإلي صاحب الحساب ان كان هناك فعلا حساب..
ولا أجد خيرا من إنهاء المقال الا هذه الآيات من القرآن والتي أومن بوجود معناها في كل الكتب المقدسة سماوية أو غير سماوية وإن لم تكن بنفس اللفظ .. والتي يجب أن تكون بلفظها أو معناها هي أساس التعامل بين البشر الآن ..
وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ..
رحمن و رحيم وليس اله قتل و سبي و غنائم من الصبية و الغلمان وماملكت الايمان
#عمرو_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟