جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2626 - 2009 / 4 / 24 - 07:58
المحور:
كتابات ساخرة
عاشت فلسطين حرة عربية ..وأدام الله لها الأنظمة العربية والحكام العرب المطورون للإستبداد والمطورون للفساد والمطورون للبيرقراط الفاسد... يحيا الفساد ..وتحيا الأنظمة الرجعية والديكتاتورية ..وعاشت الأمة العربية كما تعيش الطحالب على سطح الماء ...ويلعن أبو كل دمقراطي وكل حر وكل متطور ثقافياً وإجتماعياً وسياسياً ..عاشت أنظمة الحكم الشمولية ..وعاشت الأمتين العربية والإسلامية ..وسُحقاً لرداءة المواقف العربية ..عاشت أمتنا الفاسدة ..عاشت المرأة الملكة على زوجها وأولادها ...وعاش النظام العربي والكلام العربي ....والأنياب العربية ...والمخالب العربية ..وعاشت فلسطين حرة عربية ..وعاشت المساجد ..وعاشت الأدوات القمعية .
إنسوا الفساد القديم ,والإستبداد القديم, فقد ذهبت كل أشكاله وتلاشت مع الماضي وحلّت محله أشكال جديدة من الإستبداد الحديث و
الفرق واضح بين الشخصية المستبدة وبين الشخصية الديمقراطية , فالمستبد مثل سائق سيارة يسوق سيارته بسرعة مذهلة فلا يستمع لنصيحة الإشارات الضوئية ولا يستمع لنصيحة إشارات تحديد السرعة على الطرق الخارجية فهو متهور يقود سيارته بسرعة جنونية ويعتقد أنه يضحي بحياته في سبيل من معه ولكنه غالباً ما يضحي بحياة من معه قبل أن يضحي بحياته هو .
ويلجأ الزعماء العرب ومن والاهم من بطانة السوء والبيرقراط الفاسد إلى إستحداث أنظمة إستبداد شمولية تستطيع أن تستبد بالكاتب والمثقف العربي دون أن تنتج عنها أي روائح كريهة أو غير ذلك, فنجدهم ما زالوا إلى اليوم يحاصرون أهالي المثقفين وكل من يصل له بقرابة حتى لا يتلقى الكاتب أو المثقف أي دعم , وبالتالي يتجنب أهالي المثقف المثقف نفسه, وذلك كنظام وقائي إذا شكّوا في الأمر أي إذا أصبح لديهم قناعة أنهم محاصرون إقتصادياً بسبب قريبهم المثقف .
إن أجهزة المخابرات ما زالت مصرة على برامجها القديمة وحتى تظهر أمام العالم أنها لا تقمع الثقافة نجدها تتخذ وسائل وتدابير أهم وأكبر وأخطر من تلك القديمة التقليدية يوم كانوا يأتون بالسياسيين وبالمثقفين ويسحبون على وجوههم في السجون , أما اليوم فإن الموضوع أخطر من ذلك إنهم يعممون على التجار بضرورة تجنبه وذلك لسلامتهم الأمنية هذا إن كان المثقف تاجراً, أما إذا كان موظفاً فإنهم يؤخرون ترفيعه ويمنعونه من مزاولة الفساد البيروقراطي فالفساد البيروقراطي مكافأة من الأجهزة الأمنية للموظفين على خدمتهم للدولة والأمن معاً .
وكل من يمشي مع الدولة الفاسدة والنظام الفاسد نجد الدولة تفتح له أبواب الفساد المالي .
تحديث الإستبداد مثل تحديث الفساد , وتحديث التعهُر وتحديث الظلم , كله ,له أشكال جديدة ولكنه ما يزال يحمل العناوين القديمة
أما الديمقراطي الحر فهو يستمع لأصوات الجميع وينظر في إشارات المرور ويرتاح في كل الإستراحات ويستمع للركاب ولنصائحهم , ويوم يقع في ورطة تجد كل الركاب معه يساندونه ويحمونه إذا إعتدت عليه الطريق .
سائق السيارة الذي يستمع للنصيحة هو نفسه الحاكم الذي يستمع لمجلس النواب ويراقب الفساد ويوم يقع عليه إنقلاب عسكري يجد آلاف ومآت من الناس تقف في صفه .
والحاكم المستبد هو الذي يقود شعبه دون وجود مجلس نواب أو برلمان أو معارضة لذلك حين يسقط لا يجد من يدافع عنه ولا يجد تنظيماً سياسياً يدافع عن حرية الرأي والدين والمعتقد.
صدام حسين قاد شعبه كما ولو أنه سائق سيارة مسرعة سرعة جنونية لم يكن يسمح بحرية الرأي والرأي الآخر, وذلك مثله مثل السائق الذي (يزعل) إذا قلنا له أنك مسرع جداً وسوف ترتكبُ حادثاً إذا بقيت مسرعاً.
ويوم غزى الكويت لم يذهب لمجلس نواب لكي يستشيره في هجومه , ولم يذهب إلى أي مؤسسة مدنية ترشده ولم يجد كاتباً معارضاً يسارياً يظهر له عيوبه , كان الذين من حوله يستفيدون منه بالفساد الذي كان يدعي هو أنه يحاربه , كانوا يحمونه من الحرية والديمقراطية والرأي والرأي الآخر كانوا يذهبون به أين يريد ويعلقون المشانق لمن يقول له أو لهم لالالالا.
لذلك يوم سقط لم يجد حزباً عراقياً معارضاً يدافع عنه ولم يجد كاتباً واحداً يكتب عنه أو عن حرية الإستبداد .
كل الطرق كانت مسدودة أغلقها هو , أغلق الأفواه والعيون وربط الألسن , وظلت الألسن مربوطة والعيون معصوبة والآذان مسدودة كما هي الطرق , لذلك غابت كل القوى المعارضة ,و لو كان يقود سيارته بروية ويفتح الأحزاب السياسية المعارضة له والمؤيدة له لوجدها يوم أرادوا إعدامه .
هذا المصير الذي كان ينتظر صدام حسين ووجده , سيأتي لا محالة على باقي الحكام, الأبيض مهنم والأسود, يوم تزداد المؤسسات الديمقراطية غياباً عن المجتمع ويوم تغلق الأفواه .
السلاطين يغلقون الأفواه إما بالذهب وإما بالبندقية وبالأسلحة , وهذا ليس مهما المهم أنهم يقفلون أفواه المثقفين وغالبية الشعوب تكون على قدر كبير من التدني والرداءة والتراجع .
تحديث الإستبداد ظاهرة لا توجد إلا في الدول العربية, فلا توجد دولة أو نظام يحترم نفسه من الممكن أن يقبل بتطوير شروط الفساد , الدول العربية تطرد المعسكرات القديمة من النظام الإداري وبنفس الوقت تقوم بإعادة أبناء المفسدين إلى الوزارات والمرافق الإدارية , لا توجد دولة تحترم نفسها يبقى بها المثقف بدون دجخل شهري يكفيه ولو لآخر الشهر , الشرفاء يموتون والمتعهرون مع أنظمة العهر يعيشون والمفسدون يزدادون فساداً والفقراء فقراء بالإكراه والأغنياء أغنياء بالضرورة والإنسان المفسد إنسان مبدع , والمرتشي شريف وعفيف, والخائن يصلي الجمعة في الناس .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟