أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد الخميسي - لثورة اليمن ، والتطور ، وليلى














المزيد.....

لثورة اليمن ، والتطور ، وليلى


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 605 - 2003 / 9 / 28 - 07:00
المحور: حقوق الانسان
    


 

خطت اليمن خطوتين كبيرتين في تاريخها الحديث : ثورة  سبتمبر عام 1962 ، واستعادة الوحدة اليمنية في مايو 1990 . ألا أن التحديات التي تواجه عشرة مليون امرأة يمنية – تمثل نصف السكان – مازالت شاقة للغاية . فاليمنية لم تدخل البرلمان إلا في عام 1990 

وبه الآن سيدتان فقط من أصل ثلاثمائة عضو مقابل 35 امرأة في البرلمان السوداني .

ولا يعرف اليمن سوى امرأة واحدة عينت سفيرا ، واثنتين بدرجة وكيل وزارة واحدة منهما شغلت منصب وكيل وزارة الثقافة في يونيو العام الماضي . وبشكل عام تنتشر الأمية بين النساء لتصل نسبتها إلي 80 بالمائة ، ولا يجد أكثر من ستين بالمائة من الأمهات عملا في ظل البطالة ، ولم تبرز حركة أدبية نسائية إلا في التسعينات بفضل عدد محدود من الأسماء . وتبرز مشكلات المرأة وتتضاعف على خلفية من الفقر العام الذي لا يقتصر على اليمن وحدها . فقد جاء في تقرير للجنة " أسكو " بالأمم المتحدة أن نصف سكان العالم العربي يعيشون على أقل من دولارين في اليوم ، وفي إطار الجهود المبذولة لمواجهة التحديات شغل اليمن في تقرير للتنمية البشرية عام 1999 المرتبة 133 من أصل 162 دولة . ولا يعني ذلك كله أن الصورة معتمة تماما ، فهناك جهد حثيث لتطوير المجتمع والارتقاء بوضع المرأة فيه خاصة مع حلول ذكرى الثورة التي تدخل عامها الواحد والأربعين في 26 من سبتمبر الحالي . لقد استبدلت الثورة التطور وتجديد المجتمع اليمني والتقدم بصورة الإمام الذي كان يدهن جسمه بمادة فسفورية ويتجول ليلا ليقسم الناس أنهم شاهدوا نوره ! وثمة امرأة شابة صغيرة تتعلق آمالها كلها الآن بكلمة من الرئيس اليمني على عبد الله صالح . إنها ليلى ردمان عايش التي تقبع الآن في سجن المنصورة بمحافظة عدن في اليمن في انتظار تنفيذ الحكم عليها بالرجم بالحجارة حتى الموت !  وليلى واحدة من فقيرات اليمن ، كانت قاصرا عندما استغل أحدهم براءتها ، وجهلها ، وأقام معها علاقة تحت ضغط حاجتها الملحة إلي خبز وقروش قليلة لم يستطع زوجها الشرعي أن يوفرها لها . ليلى هذه التي لا يتجاوز عمرها الآن ثمانية عشر عاما تقبع وحدها في سجن النساء وتخايلها كل يوم صورة الأحجار التي سترمى بها حتى الموت. لا أهل ، لا صديق ، لا أحد ، سوى الأيام التي تنقضي في قبضة الذعر . هكذا كان قرار محكمة عدن في القضية رقم 105 ، أما شريكها في العلاقة فقد اكتفت المحكمة بسجنه عاما ونصف العام . ولم تحظ ليلى بدفاع قانوني حقيقي في مجتمع يؤمن بأن المرأة عورة ، وليست زهرة ، وموضوعا للتمتع بها  وليست أختا ووالدة وزوجة وصديقة . 

واعتمدت المحكمة الحكم بالرجم بالحجارة رغم أن القرآن الكريم لا يتضمن نصا أو آية من أي نوع تشير إلي الرجم . وليس في القانون أو الدستور اليمني رجم النساء بالحجارة. لكن المحكمة أصدرت حكمها على طفلة تقريبا مع أن المادة 31 من الدستور اليمني تنص على أن : " النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون " . تنتظر ليلى الرجم بالحجارة ، بينما توقف اليهود عن الرجم منذ الهدم الثاني للهيكل ، ورفض السيد المسيح رجم الزانية معلنا " من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر " . يأتي ذلك في الوقت الذي رحبت فيه منظمة العفو الدولية

هذا العام ببدء تنفيذ البروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والذي يحظر عقوبة الإعدام في جميع الظروف والأحوال . كما أن البلدان العربية قاطبة لا  تعرف شيئا كهذا . فما الذي يستحق الرجم ؟ ليلى ؟ أم الظروف التي قادتها إلي ما فعلته؟ 

     إن خلاصة قصة عمر بن الخطاب المعروفة هي : عاقبوا الظروف ولا تعاقبوا الضحايا.

وفيها أن بعض الغلمان سرقوا جملا وذبحوه وأكلوه ، وقبض عليهم فاعترفوا . وحين مثلوا بين يدي عمر سألهم عن أجورهم ، فوجدها قليلة لا تكفي طعامهم . فأخلى سبيلهم وأسقط جريمة السرقة واستدعى الرجل الذي كانوا يعملون عنده وقال له أمام الناس :

" والله لو عادوا إلي سارقين لنفس السبب لقطعت يدك أنت " ! . وعلى الثورة اليمنية وهي تدخل عاما جديدا أن تقطع يد الفقر ، وجهل النساء ، والأمية ، وأن ترجم كل ذلك بالحجارة ، وأن تواصل مسيرتها ، دون أن تعني كثيرا بقوى الظلام .  ليلى لم تصنع  الحاجة إلي الطعام والمأوى ، ولا كل هذا التاريخ الذي وضع المرأة اليمنية في جحور الظلمة ، لكن الحاجة والجحور هي التي ارتكبت كل شئ . وقد استبدلت الثورة آمال التقدم بعهود الظلمة الطويلة . وليس أمام ليلى الآن من أمل سوى قرار  من الرئيس اليمني الذي تسمح له صلاحياته بعدم التصديق على ذلك الحكم ، والعفو عن ليلى بموجب المادة 478 ، والمادة 479 . أيضا فإن المادة 123 تنص على أنه:" لا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد التصديق عليه من رئيس الجمهورية ". 

    ثمة بيت من الشعر يقول : لا ترموا المرأة ولو بزهرة . فهل نرميها بالأحجار حتى الموت ؟ . وهل ندع ليلى وحدها تتطلع إلينا من قاع حفرتها وتتشبث بحواف الهوة بخوف ورعب ؟ أم أن ذكرى الثورة التي قامت من التقدم بالمجتمع اليمني والمرأة ستمد إليها يدها فتنتشلها ؟ . هذا ما يتمناه الكثيرون والكثيرات من كتاب وكاتبات مصر ، لثورة سبتمبر ، ولليلي ، وللتطور ، ولليمن العزيز .

***

* أحمد الخميسي . كاتب مصري

 



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفون المصريون : تحية للشعب الفلسطيني ولرئيسه المنتخب
- اتحاد الكتاب العرب نوما عميقا وشخيرا عاليا
- السياسة أقوى من الحداثة أو الحكايات المختلقة
- نظرية الاحتلال الثوري عند أنصار واشنطـــــن
- إسرائيل من الحرب إلي الثقافة
- ذكرى ناجي العلي
- حكاية صغيرة لطفلة - معتقل سياسي مصري
- وجدان الأقلية الدينية في الرواية المصرية
- الخوف من الكتابة
- هــمـوم قــبـطــيـة في أحـزان بـلـدنـا
- بغداد التي في خاطري
- حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش
- شموع على كف حوار متمدن
- 1948 الفرصة الضائعة
- الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا
- الوطنية والديمقراطية في العراق


المزيد.....




- انعكاسات الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حو ...
- اقتحام رام الله والبيرة واعتقال 3 فلسطينيين بالخليل وبيت أمر ...
- عودة النازحين.. جدل سياسي واتهامات متبادلة
- الخارجية الأردنية تدين الاعتداء على مقر وكالة -الأونروا- في ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من شلل جهود الإغاثة في لبنان
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسئولين أمميين حو ...
- الأونروا: استمرار غلق المعابر ومنع دخول الوقود سيصيب العمليا ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: السلام يبدأ بعضوي ...
- رسالة تهديد من مشرعين أمريكيين للمدعي العام بالمحكمة الجنائي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد الخميسي - لثورة اليمن ، والتطور ، وليلى