أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - دانا جلال - التعذيب عبر التاريخ















المزيد.....

التعذيب عبر التاريخ


دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 587 - 2003 / 9 / 10 - 03:26
المحور: حقوق الانسان
    



لقد اقتحمت الجبل ، وانحطت جيوشي على قاع عدوي اللعين ( هولاي) حطمت الابواب، ، وفضضت اختام المدينة العاصية ، ستمائة محارب عرضتهم على السيف، وتدحرجت رؤوسهم عند قدمي، ثلاثة الاف من اهالي المدينة القيت بهم احياء في المحارق ، اخذت هولاي ، ركع عند قدمي ذليلا مهانا حيث توسل بي قائلا (( انت مليكي ، ساعبدك الى اخر لحظة في حياتي ، واخذ القرابين الى معبدك ، يا مولاي ، اني اطمع في رحمتك ! )) سترى رحمتي قبل ان تذهب الى عالم النسيان ! اسلخوه حيا ، ثم علقوا جلده على سور قصري والقوا بما تبقى منه للنمل )) هذا هذا نص اشوري للمك اشورنا ناصربال مجسدة في رسم حائطي لرؤوس واشلاء ادمية ممزقة تضمها جدران المتحف البريطاني ، ان كون ارض الرافدين مهدا للبشرية  وكونها  مخترعة للابجدية والقانون  لاينفي  اختراعها الخازوق والمبالغة في تعذيب ضحاياه فقد عرف عن البابليين قلع عيون اعدائهم حيث نص القانون البابلي والعبري على خصي الاسرى من الاعداء واعدام المجرمين بالرجم او النشر الى نصفين بالمنشار ولم يكن الفراعنة اقل رحمة ففي زمن الفرعون تحتمس الثالث واثناء حملته على بلاد النوبة امر الفرعون بالف اسير ان يتركوا كتلا من الاجساد المشوهة في الخلاء ، بعد ان قطع اطرافهم حيث تناهشتهم الطيور الجارحة ، اما الامبراطور الروماني جاليوس الاول فقد ذبح زوجته وامر طباخيه بان يجعلوها وجبة غذاء له ولاولاده لانها تركت الوثنية واصبحت مسيحية اما نيرون فقد كان يلبس ضحاياه جلود الذئاب ويطلقهم للكلاب المفترسة وكان يحرق ضحاياه ويتركهم كتلا ملتهبة تجوب ارجاء المدينة ، اما كاليغولا فانه كان يفضل تناول  الطعام امام منظر نشر ضحاياه بالمنشار ، اما الصينيين فانهم استخدموا التنقيط بالماء كوسيلة للتعذيب وكانت النار في اوربا الاكثر شيوعا في التعامل مع الضحايا، ويعتبر موقف الاسلام تحولا كبيرا بكل المقاييس في التعامل مع الجسد الانساني فقد عرف الفقهاء التعذيب بانه النكال والعقوبة وذلك بغية تمييزه عن التعزيز وهو بمعنى التاديب دون الحد ، والتعذيب اعم من التعزيز لان التعزيز لايكون الا بحق شرعي بخلاف التعذيب فقد يكون ظالما. وبشكل عام حرم الاسلام التعذيب استنادا لحديث نبوي ( ان الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا ) ويقسم الاسلام التعذيب الى قسمين  1-التعذيب  المشروع : وهو التعذيب الذي امر به الشارع على وجه الفرضية كالحدود والقصاص والتعزيزات بانواعها وتاديب الاولاد والتداوي بالكي وقد حرم الاسلام التعذيب بالنار لان الله يعذب بالنار وهذا يشمل السم لانها نار باطنة وقد حرم الاسلام تعذيب المتهم المعروف بالصلاح وسجن الغير معروف لحين معرفة سلوكه وتعذيب المعروف بفجوره 2 - التعذيب الغير مشروع : ويشمل تعذيب الاسرى بدليل قوله تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا ) ، ان وضوح الموقف الاسلامي لم يمنع ظهور شخصيات  مثل الحجاج الذي قال عنه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ( لعن الله الحجاج ، فانه ماكان يصلح للدنيا ولا للاخرة ) وقال عنه ( لوجاءت كل امة بمنافقيها  وجئنا بالحجاج لفضلناهم ) لم لا فهو الذي حاصر مكة وهدم الكعبة ورماها بالمنجنيق  وتعج الكتب التاريخية بجرائمه ففي وفيات الاعيان  نراه يتلذذ بسفك الدماء ويذكر التنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة  ( ان الحجاج قتل اكثر من الف الف رجل ولما مات خلف في حبسه خمسين الف رجل وثلاثين الف امراة بغير جرم وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد وفي مكان غير مسقف ليحمي ضحاياه من حر الصيف ومطر الشتاء ويمكن اعتبار عصر النهضة وافكارها الانسانية والثورات الاجتماعية الكبرى في تاريخ البشرية عوامل اكملت ما كانت تهدف اليه الديانات السماوية في خلق مجتمع خالي من التعذيب
ويعتبر المادة 5 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان للامم المتحدة 217 الف ( د/3 ) في 10 كانون الاول 1948 اول وثيقة عالمية لمنع التعذيب حيث نص على ( لايجوز اخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية ) وجاء اتفاقية مناهضة التعذيب والذي اقره الجمعية العامة للامم المتحدة بقرارها 39 /46 في  كانون الاول 1984 وعلى ان ينفذ في 26 حزيران 1987 والذي نصت المادة الاولى فيه على تعريف التعذيب بانه اي عمل ينتج عنه الم او عذاب شديد ، جسديا كان ام عقليا ، يلحق عمدا بشخص مابقصد الحصول من هذا الشخص او من شخص ثالث على معلومات او على الاعتراف ، او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه ، هو او شخص ثالث او تخويفه  او ارغامه  هو او اي شخص ثالث او عندما يلحق مثل هذا الالم او العذاب ، لاي سبب يقوم على التمييز ايا كان نوعه ، او يحرض عليه او يوافق عليه او سكت عنه  ، اما المادة الثانية  فقرة 3 فينص ( لايجوز التذرع بالاوامر الصادرة عن موظفين اعلى مرتبة او عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب ) ورغم كل الاتفاقيات الدولية فان تقرير لمنظمة العفو الدولية ذكر حالات انتهاك وتعذيب في 150 دولة  ولجعل التعذيب اكثر قبولا للجلادين فان الاجهزة القمعية استخدمت رموزا لغوية لعملية التعذيب  فيسمى التعذيب في الارجنتين  حفلة رقص وفي اليونان حفلة شاي وفي الفلبين حفلة عيد ميلاد وفي البرازيل الهاتف وفي فيتنام رحلة في الطائرة  اما في العراق فتتعدد المسميات ويمكن اعتبار كلمة ( ونسوه ) بفتح الواو وتشديد النون ، والونسة البعثية في الزمن الفاشي يشمل الفلقة والضرب على المناطق الحساسة والاعضاء التناسلية وربط الضحية من قدميه بمروحة سقفية متحركة وقلع الاظافر  وفقىء العيون وقطع الاذان والشحنات الكهربائية والكرسي الكهربائي والاعتداءات الجنسية وسحب اكثر من لترين ونصف لتر من الدم بشكل سريع مما يؤدي الى توقف القلب وتسجيل الحالة كموت بالسكتة القلبية، وصب الملح والخل في الجروح ،واستخدام الضحايا كعينات للتجارب الكيميائية والبايولوجية والمبتكر البعثي بتفجير الضحايا بمادة ال ت ن ت وبمقدار العدد المهول من الضحايا فان النظام خلف اعدادا هائلة من الاتجاه السالب لمعادلة التعذيب الا وهم الجلادين الذين هم مجرمين لايمكن تجاوز دورهم القذر رغم كونهم ضحايا النظام ويمكننا الاستشهاد بالروائي الاسباني الذي صور بشكل رائع نتاج هذه المهنة القذرة ففي رواية ( دماء على نوافذ السهرة ) يصاب الجلاد بالعجز الجنسي وحين مراجعته الطبيب يقول له الطبيب ( بما انك تشوه اجساد وارواح الاخرين ، فانت في نفس الوقت تتشوه ) ولانبالغ اذا قلنا ان جغرافية الجسد العراقي يعتبر الاكثر عمقا  وتعقيدا لان السوط والجلاد لم يكن نتاجا محليا فقط بل كان الجلاد يحمل سمات الشرق والغرب بمفهومه الجغرافي والايديولوجي ، فمن اجل ايقاف صوت السياط واغنيات المعذبين نرى ضرورة تناول موضوع التعذيب بشكل متكامل اثناء وضع الدستور العراقي الدائم بل اعتبار موقف الاحزاب من الموضوع في تعاملها مع اعضائها ومع الاحزاب الاخرى مسالة ضرورية للعمل المشروع ضمن العملية السياسية والبرلمانية في عراق ديمقراطي وفيدرالي
 
دانا جلال / ستوكهولم



#دانا_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزيباري ينهي سياسات العلوج
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن )) ج الاخير
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن )) ج2
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن)) ج1
- كوردستان الوطن المجزأ واشكالية الهوية ج2
- كوردستان/ الوطن المجزأ واشكالية الهوية ج1
- مسيرة الالف جريمة تبدأ بخطوة معاداة الشيوعية
- تشكل القزح في عالم رزكار
- الشوفينية ان كانت عربية او كردية فهو مرض يصيب الانسان بعمى ا ...
- فاشيون في فضاءات النكتة العراقية
- النكتة السياسية مملكة الحرية في زمن الفاشية/ج الاخير - حرب ا ...
- النائب رئيسا
- النكتة السياسية مملكة الحرية في زمن الفاشيةج3
- النكتة السياسية مملكة الحرية في زمن الفاشية
- حول اعمال السرقة .....دفاعا عن الشعب العراقي
- العراق....فيك اجتمع التناقض وافترق الترادف
- جراحات الكرد ومؤتمرات القمة العربية والاسلامية
- كل الطرق لاتؤدي الى واشنطن
- الخارطه السياسية في سماء كردستان


المزيد.....




- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - دانا جلال - التعذيب عبر التاريخ