مفهوم الهوية:ـ
يعتبرمفهوم الهوية اكثر المفاهيم اختلافا عليها لحداثةالمصطلح ولايديولوجيته القابلة للتناول من عدة زوايا ومفهوم الهوية في المعاجم العربيةهو /حقيقة الشيء او الشخص الذي تميزه عن غيره/ (المحيط) وفي قاموس الغني ( هوية الانسان : حقيقته المطلقة وصفاته الجوهرية وهو منسوب الى(هو) اما الهوية الوطنية فهي معالمها وحقائقها المميزة واصالتها) اما في العصور الاسلامية فان المفهوم يأخذ بعدا فلسفيا وعلميا بعيدا عن التعريف اللغوي حيث يشير الكندي في كتابه الفلسفة الاولى ص36 ( لاهوية الابما فيها من الوحدة وتوحدها هو تهويها) اما الجرجاني ففي تعريفاته ص260 يعرف الهوية ( الامرالمتعلق من حيث انه مقول في جواب ما يسمى: ماهية من حيث ثبوته في الخارج يسمى حقيقته ومن حيث امتيازه عن الاغيار هوية ). اما مفهوم الهوية في العصور الحديثة فقد تناوله الساسة وعلماء النفس والاجتماع بقدر كبير من التوسع فالعالم الاجتماعي ميلر اعتبرها انماطاً ذات سمات يتم ملاحظتها واستنتاجها كونها تميز شخصا في نظر نفسه وفي نظر الاخرين . امااريكسون فانه ياخذ الجانب المتغير في الهوية حيث يعتقد ان هوية الانا تتطور من الامتزاج التدريجي لكل الهويات اما الهوية القومية فانه يختص بما يشترك فيه الفر مع الاخرين . اما اوتوكلاينجر فانه يؤمن باختلاف النمط الجسماني او اللغة او الدين اوفي كل هذه مجتمعة.
ويحدد دوني كوشي في كتابه مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية /ت د.قاسم الحداد/ اهم المدارس التي تتناول موضوع الهويه ونوجزها ب
مدرسة شبه الوراثة/ توكد المدرسة ان الفرد بطبيعة وراثته البيولوجية يولد مع العناصر المكونة للهوية العرقية والثقافية
المدرسة الثقافوية / يستند اصحابها على الارث الثقافي في تحديد الهوية وليس العامل البايولوجي
النظرية الاولى / يؤكدون ان الهوية العرقية - الثقافية هي هوية اولية اساسية لان الانتماء للمجموعة العرقية هو اول الانتماءات الاجتماعية واكثرها جوهرية
المفهوم الذاتي / وترى هذه المدرسة في مسألة الهوية مسألة شعور بالانتماء او التماهي في جماعة خيالية الى حد ما
الهوية السلبية والهوية المعطاة :ـ
تعمق رولان بارث في دراسته لمفهوم الهوية حيث اعتبرها تجل علائق يسمح بتجاوز الموضوعية / الذاتية ويعدها شكلا من اشكال التقسيم الى فئات وهو التقسيم الذي يستخدمه المجموعات من اجل التبادلات فيما بينها ويرى بارث ان المهم ليس وضع كشف لمجموعة السمات الثقافية المميزة لذلك الهوية بل البحث في هذه السمات التي يستخدمها اعضاء لمجموعة لتأكيد التميز الثقافي والمحافظة عليه ،لقد ادخل بارث مفهوم الهوية السلبية والذي اعتبرها ناتجة من الحالة العلائقية لاسيما علاقة القوة بين مجموعات التماس والهوية السلبية ناتجة من نظرة الاغلبية الى الاقلية باعتبارها مختلفة بالنسبة للمرجعية التي تشكلها هذه الاغلبية فأن الاقلية لاترى في نفسها الا اختلافا سلبيا ان الهوية السلبية قابلة للتحول حينما تتغير العلاقة بين الاعراق وما كثرة الامثلة ( الكرد . الفلسطينيين - الزنوج في اميركا ) ويورد بارث مثالا عن التغير في الهوية السلبية حيث ان الهومونغ اللاووسية تلك اقلية العرقية المهمشة في لاوس من قبل الاغلبية اللاوية والتي كانت تسميهم بال ميو اي المتوحش ولكن الجالية الهومونغية كانت الانجح في فرنسا وصارت تلقب ب الهمونغ اي الانسان بلغة هذة الاقلية . ويعتبر الكرد من اكثر الامم التي عانت من هذه الاشكالية فقد جردوا من تاريخهم وشوه حاضرهم واغلقت الابواب امام مستقبلهم ويعتبر السلطات وكتبة السلطات التي احتلت ارض كردستان ابشع ما ذكره التاريخ الانساني فهم اتراك الجبال وفرس مختلفين وعرب تنبطوا ( قيل ان الكرد من العرب ثم تنبطوا وقيل انهم من اعراب العجم/ تاريخ ابي الفداء ص102 ) اما الغاء الهوية القومية في تركيا الطورانية فقد شرع في القوانين حيث منع التحدث بالكردية منذ عام 1924 وعقوبة الكلام بالكردية هو 5 قروش لكل كلمة كردية وهذا ليس مستغربا في مجتمع يرفع شعار ( الاتراك هم العرق الاكثر بسالة ونبلا ً على الارض) في واجهات المعسكرات والمدارس ، ان تغير الظروف عندالكرد في المهجر ادى الى تثبيت الكرد مواقعهم المتقدمة سياسيا واقتصاديا في اوربا بعد الهجرات الكردية الكبيرة الى اوربا منذ مطلع السبعينيات من القرن العشرين ان اهم انجازات الكرد ليس هو تغيرالهوية السلبية في مجتمعات غربية جددة عاشها المهاجرين بل ان الكرد الفيليين تمكنوا ان يحققوا اكبر اعجاز اجتماعي لتغير مفهوم الهوية السلبية حيث تمكن الكرد الفيليين من تغير الهوية السلبية في المجتمع الذي يقمعهم وفي جيل واحد حققوا المعجزة الفيلية بالانتقال من العمل كأجير الى تاجر واي تجار كانوا فقد ارتبطوا بهمومهم القومية وحلم اليسار العراقي بوطن حر وشعب سعيداكثر من ارتباطهم برأس المال المجرد من الوطن والقيم
وتمكن الجيل الاول من الكرد الفيليين ان يسيطروا على التجارة في بغداد مما عرضهم الى ثالوث القمع الطبقي - القومي - المذهبي
اما بيار بورديو ففي كتابه ( الهوية والتصور ) فقد ادخل مفهوم الهوية المعطاة ( ان من يملك الهوية الشرعية اي السلطة التي تمنحها القوة هو القادر على فرض تعريفه لنفسه ولغيره ومجمل تعريفات الهوية) ويضرب بورديو مثالا للجماعة المهيمنة في اميركا من البيض الانجلو ساكسون البروتستانيين حيث يصنفون الامريكيين الى مجموعات عرقية وسلالية يفلتون هم من هذا التصنيف بعملية سحرية، وفي كردستان المجزءة بين دول وشعوب مختلفة يقوم السلطة في المركز بتحديد وتصنيف شعوب هذه الدول ويتم وضع الكرد باشكال مختلفة وفق للخطاب السياسي فتارة هم ترك الجبال وتارة اخرى فرس مختلفين وتارة عرب تناسلوا مع الجن ان المأساة الكردية جعل الاكاديمي وعالم اللغة الروسي ن .ي .مار ان يسمي الكرد ( منبوذي التاريخ) بعد تعرضهم للحروب المستمرة والغزوات التدميرية وقمعت انتفاضاتهم بدموية وعمليات نفي جماعي ووضعت عراقيل منيعة في وجه وحدتهم السياسية وتطورهم القومي لاقامة دولةكردية مستقلة في كردستان موحدة
دانا جلال / السويد