حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 1928 - 2007 / 5 / 27 - 11:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الشجاعة حقا ان تواجه الممارسات الجاهلة-التى تصدر من رجال الدين او من المؤسسات الدينية-ومن الافضل ان يكون القصد هو بث التنوير-ومنع وحصار التطرف وحماية الوطن--على انه يتعين على الشجاع المغوار الذى يدعى الاستنارة والعلم والمدنية-ان يكون حياديا فى مواجهته مع المؤسسات الدينية-ايا كانت-وايا كان من ينتمى اليها-وايا كان من يحميها ويقف وراؤها ويدافع عن خرافاتها-فلا يصح ان تدعى الشجاعة والاستنارة وانت تكتفى-فى مواجهتك المزعومة بان تهاجم طرفا ضعيفا -ولا يصح ان نتجاهل جرائم دينية من مؤسسات ورجال دين ايضا ولكنهم تحت الحماية العصرية
من هنا انا اقدم التحية كل التحية لمن كتب وصال وجال فى مسائل رضاع الكبير-او مسائل البول وخلافه-فهذه شجاعة لاشك-لكنها شجاعة منقوصة-او فلنقل شجاعة تستهدف لفت الانظار وتستهدف الكاميرات التلميعية-التى تتجه اليا صوب كل من يهاجم العمل او الفكر الدينى الاسلامى او المتأسلم ايهما يروق لك-وانا اكرر مع البعض كراهيتى لممارسات بعض الجهلة والمتطرفين الذين يسيئون للاسلام ولرسوله وللانسانية-واكره وارفض عدم تقدمية الازهر وانصياعه-بشكل دائم ليصبح الة من ضمن الات سحق وسحل الانسان العربى والمسلم مقابل دراهم معدودة لنخبة حاكمة متسلطة-تعود على الازهر ورجاله المتواطئين-ببعض الفتات-ولكنها تؤدى الى ان يتقهقر الوطن مئات السنوات الضوئية امام اعدائه
لكن بهذا الرأى او هذه الاراء الشجاعة-ضد المؤسسات الدينية الاسلامية-هل انتهت وحلت المشكلة ؟ ام هل بردت بعض ينابيع الحقد التى تحتل وتسكن جوانب وشخصيات نخبة من المهاجمين ؟ ام ان التطور سوف يهب على الاراضى العربية لتطور -انيا وتلقائيا-؟ فالمهم ان المؤسسة الاسلامية-تمت شرشحتها-وبالتالى فقد تم القضاء على التخلف الوحيد-الذى لا يوجد غيره متخلفا دينيا؟ وبمعنى اخر هل ممارسات الازهر او غيره هى الممارسات الدينية الوحيدة التى تقودنا الى الخلف ؟
اخشى ان تكون الاجابة هى لا بكل الوضوح وبكل الصراحة-وان هناك ممارسات شنيعة من المؤسسات الدينية الاخرى فى مصر على وجه التحديد وفى لبنان على سبيل المثال-لكن الشجاعة المنقوصة تتجنب المواجهة الا مع الشق الاسلامى--فالممارسات الدينية الفضائحية تنتمى الى الجانب الاخر -المحمى من رجال المسيحية الصهيونية العالمية-اما الاسلام فهو طرف ضعيف يمكن مهاجمته ورسم علامة النصر والاستنارة ثم الذهاب سالمين-حتى ولو وقع احدنا فى فخ-فسوف يهب الجميع دفاعا عنه -
ولكى لا نكون متهمين بالكلام المرسل-او نتهم بعدم الشجاعة-لاننا نتحدث من على اطراف المشكلة ونشير من طرف خفى فقط-فاننى سوف اورد مجرد امثلة تعتبر فضائح -بلغة الاستنارة والقرن الواحد والعشرين وعصر العولمة
خذ على سبيل المثال تدخل الكنيسة فى الانتخابات--واخرها ما نشر موثقا بجريدة الامة المصرية المستقلة-من ان الكنيسة ورجالها يعدون الخرائط التنظيمية-بمحافظات مصر المختلفة ويوزعون الاسماء وارقام التليفونات-وتوزيع مراقبين ومشرفين مسيحيين على اللجان الانتخابية فى مصر-لتمرير وترشيح اشخاص وتعديلات بعينها بعيدا عن اجماع الامة المصرية--فهل تحولت الكنيسة فى مصر الى حزب سياسى--؟ ام ان التعديلات الدستورية لا تنطبق الا على الشعارات الاسلامية؟
خذ ايضا فضيحة اخرى تجاهلتها ابواق الاستنارة والمدعين بالعلم والنافخين فى حرائق الاضطهاد--راجع ما نشر بجريدة الكرامة المصرية الناصرية الاتجاه--حول ما نشر عن اعتداء كنسى رسمى-على اثر مصرى قديم هو حصن بابليون--وقيام احد القساوسة ببناء مصنع ومكتب فوق اثار الحصن--ومن المعروف ان حصن بابليون يعتبر من اهم الاثار الرومانية فى مصروبنى فى القرن الثانى الميلادى بغرض حماية الجيش الرومانى-ونظرا لصمت المسئولين فى مصر -عن تلك العتداءات على اثار انسانية -فقد تشجع رجال الدين المحبين السمحين وبدأوا بتدمير وتكسير الحصن الاثرى -لصالح انشاء مزيد من الانشاءات --ورد احد القساوسة بانه يفعل ما يفعله من اجل الكنيسة ؟ اى يحطم اثار مصر -بل اثار عالمية من اجل الكنيسة -فهل بعد ذلك فضيحة؟ المشكلة لم تكن الاولى فقد سبق تلك الممارسات-المعتدية على الاراضى والمنشاءات الاثرية وغير الاثرية-اعتداءات كثيرة--اخرها ما تم فى الوادى الفارغ بطريق الاسكندرية الصحراوى--عندما وصل الامر برجال الدين باحد الكنائس او الاديرة الاثرية هناك-باغلاق الطريق الذى يخدم العديد من المزارع-بحجة حماية الاثر الدينى القبطى-؟ فهل هذا اثر وهذا اثر بشرطة ؟
علما باننى لن اتحدث عن تكفير الاخ فى الانسانية الدكتور جورج حبيب-واخراجه من الكنيسة الارثوذوكسية-نتيجة اختلافه مع رجال الدين المسيحى-نكرر-تم تكفير شخص وانسان -ولم يدافع عنه احد ؟فهل هذا هو مستقبل التنوير فى مصر -اين الشجاعة الاستنارية التى لا يهمها شىء-سوى الحقيقة ايا كانت ومن اية ملة تكون او تنتمى؟ ام ان رضاع الكبير فقط هى قضية القضايا -؟
بل ان الامر لا يكتفى بتجاهل رجال الدين المسيحى وممارساتهم-والذى يعود من وجهة نظرى اما الى انحياز طائفى -او الابتعاد عن حساسيات مواجهة الكنيسة او الحقد فقط ضد البديل الاسلامى--لكن ان يتجاهل الكتبة مرور واختراق احد رجال الاعمال الكبار جدا والمنتمى الى الاقباط-تجاهل اختراقه لمنظومة التعليم المصرية-وقيام شركته الخاصة بالقاء الدروس والعظات اليومية لتلاميذ المدارس بعيدا عن اى رقابة-او مواجهة وبدون اية مبررات علمية اووطنية--فهذا امر مريب يستحق القراءة والتأمل -بل والاستفاقة من حملات البانجو المتتالية المتحاملة على جانب دون غيره --فماذا لو كان رجل الاعمال ينتمى الى الاخوان-او حتى الى الحزب الحاكم؟ هل كان الامر سيمر ؟ ايا كانت الحجة التى ابدتها وزارة التعليم من تعاونها مع القطاع الخاص-فهل هذا منطق-اختراق منظومة التعليم فى مصر من رجال اعمال مشبوهين
لا يهمهم الا اموالهم وانتمائهم الطائفى بدليل تعاونهم مع حكومة جنوب السودان--على حساب الشمال والتبرعات المليونية لخارج مصر-لحساب من ينتمون لذات الطائفة بينما البطالة والفقر تضم كل المصريين -لكنهم اى الفقراء ليسوا من طائفة نيافته-وبالتالى فاذا قدم معونة فيجب ان تكون مشروطة-ببث السموم الطائفية-بالمدارس؟
هل تريدون المزيد ؟ هل تريدون ان نزيد من الامثلة التى توضح كيف يكون التجاهل وتزييف الحقائق من البعض عن طريق التركيز على وجه واحد للمشكلة--ثم الادعاء بالعلمية والحياد والشجاعة ضد القهر الوهابى-والتخلف الاسلامى المزعوم -بينما ما قدمناه وبيناه يوضح ان الامر فيه فضيحة وليس تخلف؟
ان الموضوع لا يقتصر على الممارسات الكنسية فى مصر-فهناك ايضا ممارسات كنسية فى لبنان -يتم ايضا تجاهلها وتجاهل تدخلها الطائفى المستمر فى الحياة السياسية اللبنانية -بل يذهب ساسة لبنان الطائفيين الى مقر رأس الطائفة ملبين خاشعين منفذين للاوامر--ولا يصمهم اى كاتب او كويتب اوبوق بأى صفة من الصفات التى يلبسونها للثوب الاسلامى ليل نهار--لا لشىء سوى ان الجانب الضعيف الذى يمكن مهاجمته هو الجانب الدينى الاسلامى-وسوى ان المكاسب ايا كانت اعلامية تلميعية-فضائية-مالية نقدية -سوف تأتى حتما مع انخراطك فى الحملة الدولية للاستنارة--اما اذا تجرأت مثلى وتفرغت لحقيقة التى تدين الطرفين--فربنا يسترها -عليك
اختر وانت حر اى الطرق تسلكها--لكن الحقيقة لها طريق واحد-
المصادر---
جريدة النبأ الاحد 20-5-2007
جريدة الكرامة -الثلاثاء 17-4-2007
جريدة صوت الامة الاثنين 21-5-2007
جريدة الاسبوع-وصوت الامة والكرامة اعداد مختلفة
وكلها جرائد مستقلة غير حكومية ولا يسيطر عليها التيار الاسلامى
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟