منى وفيق
الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 10:28
المحور:
الادب والفن
من قلبي جررتني جرّا أيّها الصموت كحجر الصوان. لم أقاومك. مراقبة الحسناوات على الشاطئ أو تمييز ماركات مايوهات البحر أمور لا تشغلني إلا حين أحس بالقرف من جسدي. هكذا دون سبب أحسست بالقرف منك أيضا. صغارا رميناك بالأبله، السّلبي والضعيف. طفلا في نضجك الأول كنتَ تشهر أصدافك وحفنة رمل في أعيننا مدّعيا: “لمَ تهابون البحر ؟ اقتربوا .. من ذا الذي أخبركم أن هناك غدرا بملحه؟!”
ثمّ تغنّي أنت:
عينُ الصّدفة بحرٌ وتوبة ..
دمعةُ الصّدفة نوحٌ يواسي سفينةً ضالّة ..
صرخةُ الصّدفة تفّاحة تقلّم ضُفر طفلة ..
ثغرُ الصّدفة مهدُ قبلةٍ ونحلة ..
وخزةُ الصّدفة صلاةٌ ورقصة ..!
كنا نسخر منك بكل حقد، وأتساءل كنتُ دوما: هل للبحر عمى ألوان؟! كيف لا يختار إلا قصورنا الرملية ليطيح بها؟ ما كان الماء يقترب من أكواخك الرملية، قلبك الرملي، سلة فواكهك الرملية، قيثارتك الرملية، طيفك الرملي هو الآخر.
لاحقتُك يومها. جمعتَ أصدافا كثيرة ورسمتَ بها موجة بحر كبيرة. بغيرة متّقدة وطرف العين كنتُ أتابعك. على حين غرّة تقدّمتَ نحوي وأعطيتني صدفة بعدما أشرت عليّ أن أضعها فوق أذني وأنصت. لم أقاومك مجددا. كانت الصّدفة تصدر هواء وريحا تضحك ..
وتغنّي أنت:
عينُ الصّدفة بحرٌ وتوبة ..
دمعةُ الصّدفة نوحٌ يواسي سفينةً ضالّة ..
صرخةُ الصّدفة تفّاحة تقلّم ضُفر طفلة ..
ثغرُ الصّدفة مهدُ قبلةٍ ونحلة ..
وخزةُ الصّدفة صلاةٌ ورقصة ..!
صغارا كنّا نغيظك والبحرَ معا. لم نكن نخرج لساننا للبحر غاضبين منه لأنه اصطفى مدنك الرمليّة دون غيرها. لا. لم نفعل ذلك. كنّا نجري إلى طيفك الرمليّ مستفزّين البحر. ندور حولك كما يدور الهنود الحمر حول نارهم. نتقدّم دفعة واحدة. نهدم لك أكواخك الرملية، نهدم قلبك الرملي، نهدم سلة فواكهك الرملية، نهدم قيثارتك الرملية..!
يومها أيّها الصموت لم أهدم صدفات موجك. بل كنتُ أحشو الصّدفةَ التي أعطيتنيها بالرمل حتّى تصمت عن ضحكها.. أحشوها بالرمل والرمل. في حين كنتَ بدأتَ بالغناء:
عينُ الصّدفة بحرٌ وتوبة ..
دمعةُ الصّدفة نوحٌ يواسي سفينةً ضالّة ..
صرخةُ الصّدفة تفّاحة تقلّم ضُفر طفلة ..
ثغرُ الصّدفة مهدُ قبلةٍ ونحلة ..
وخزةُ الصّدفة صلاةٌ ورقصة ..!
#منى_وفيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟