أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى وفيق - سطر في الخواء!














المزيد.....

سطر في الخواء!


منى وفيق

الحوار المتمدن-العدد: 725 - 2004 / 1 / 26 - 05:23
المحور: الادب والفن
    


      " مأساتنا الحقيقية أننا نشبه الرّصاصة التي لم تنطلق من جعبتها و ظلّت حبيسة بندقيّة يقرضها الصّدأ "   محمد برادة

  جمر .. جسر.. و شمس  خضراء .. قمر يولد من سحابة .. ثمّ طائر حبيس في الرّوح يتخبّط . كذا ظلّ خافقه المعكّر طيلة فترة الصّباح . أمّا عقله الحاصل على دكتوراة باريسيّة فانطلق بخربشاته في إثر هذا الكون و فوضاه المنظّمة... خطوط حمراء و أخرى بيضاء .. و هو بينها الممنوع من الوقوف , من السّكون , من الحراك!!
.. أجوبة عديدة و عديدة ينتظرها .. يطاردها .. و هو يعي أن لا شيء سوى شعوره الأشدّ حميميّة في السّاعة الأكثر صمتا يستطيع أن يمنحه إيّاها !!
 ياالله !!! عن هكذا انتشاء كان يبحث دؤوباً و هو يرهف السّمع لهاته الموسيقى الصوفيّة الرّوحيّة .. هو ذا يكاد يشتمّ رائحة زهر اللّيمون تفوح دافئة و تغمر الفضاء .. و هي ذي أخيرا روحه تتحرّر، تنطلق، وتسكن أبعد نقطة في الأفق!
أخرجه رنين الجرس من توحّده . اللّعنة ثمّ اللّعنة ثمّ اللّعنة !!!! أيّ مزعج هذا الّذي أتى ليقطع عليه رحلة البحث عن شظايا الذّات؟!؟!!
.. إنّه يفضّل أن يختبىء بجرحه الغائر .. لذا ألصق تلك اللاّفتة على باب مكتبه : " طبيبك النّفسيّ هو نفسه يحتاج لطبيب نفسي .. أرجوك عد لاحقا "
.. ربّاه .. أمن الممكن أن تكون المساعدة الاجتماعيّة قد عادت مجدّدا ؟! أنّى له أن يقابلها ؟! أن يصرخ قائلا أنّه لازال  يحارب هزيما .. ضعيفا يسكن أعماقه و يحاول أن يحتجّ عليه ؟! كيف سيخبرها أنّه عاجز عن أن لا ينفر من جسد فقد احترامه و حبّه لنفسه بعد أن اختزلوه فجأة .. كيف ؟؟؟!!
 .. مذاق كالحنظل في شفتيه .. أخذ يحدّق في الفراغ .. قلبه ينفطر كمدا لكلّ الّذي يحصل !!
".. و أرجو أن لا يخيب ظنّي بك .. و يكون موقفك واعيا , متحضّرا و إنسانيّا .. قف بجانب زوجتك حتّى تتخطّى أزمتها هاته .. هي الآن محطّمة يائسة حدّ القتام بعد أن اغتصبت اغتصابا جماعيا .. أعطها من الحنان و الحبّ و التفهّم ما يكفيها لعمر بأكمله .... "
بهذه البساطة أخبرته المساعدة الاجتماعيّة أنّ شرذمة من المتسكّعين قامت باغتصاب زوجته .. و بهذه البساطة تسأله أن يتقبّل الأمر بل و يملأ زوجته أملا ويسقيها ودّا كثيرا .إنّها  لا تعلم أنّ كلماتها  هاته هي  دمعة فوق الخدّ تحرق !
لم يكن جرس المنزل هو الّذي  يرنّ بل الهاتف , و من فرط توتّره لم يميّز الأمر.. إنّه (جاك) يسأل عن أحواله .. ترى مالّذي ذكّره به الآن ؟! يقول أنّه قادم في غضون أسابيع إليه , فقد عرض عليه العمل كمستشار بيداغوجيّ في مادّة التّثقيف الجنسيّ هنا .ماذا .. تثقيف جنسيّ هنا في هذا البلد المتقوقع داخل رواسب عتيقة وتعصّب بليد؟! لم يمنع نفسه من القهقهة .. هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها .. عن أيّ تثقيف جنسيّ يتحدّث هذا (الجاك)؟‍!
 وووووووووو .. ترجع به الآن ذاكرته المهلهلة إلى الوراء .. لشدّ ما يحنّ إلى أيّام دراسته لعلمي النّفس و الإجتماع بباريس .. سرت في جسده قشعريرة غريبة إذ تذكّر يوم أغبط (جاك) على موقفه من اغتصاب خطيبته  حيث أنّه قدّم لها كل دعم معنويّ , و تابع مغتصبها حتى قدّمه للعدالة. بل إنّه لم يكتف بهذا و قام بالتّطوع لمتابعة حالة المغتصب النّفسيّة لمساعدته .أيّ إنسانيّة و قوّة و نبل يملكها (جاك) و أشباهه ؟!! لكم أعجب به يومها .. قد فرح به فرحة القرعاء بشعر أختها كما يقال! .. و كان قد أقسم أنّه لو وضع في موقف مماثل فسينحو منحى هذا الفرنسيّ المميّز .. لكن للأسف , نتائج الخوض أبرز من نتائج الإطّلاع!!!
.. صوت رخيم ناداه ببوح حزين : "عبد الواحد .. عزيزي .. كاد شوقي إليك يقتلني "
إنها شروق .. أجل زوجته .. تشبتت نظراته بياقة معطفها دون أن أن ينبس ببنت شفة .. دنت منه و قبّلته على خدّه وسط استغرابه الشّديد . أما هو فصمت في شبه وجوم ومنع دمعة ساخنة أن تطفر من عينيه .. ما عساه يفعل الآن ؟!هو  ليس بضليع في علم الحروب النّفسيّة لكنّه فاشل في الظّهور عكس سجيّته .. فاشل ..  فاشل!!لذا لم يتمكّن من ألاّ يواجه نظراتها البريئة بفتور ..
 يرنّ جرس المنزل .. و يتنفّس الصّعداء .. فستتأجّل المواجهة بينهما لوقت لاحق . لكنّها المساعدة الإجتماعيّة من جديد .. رحماك يالله !! ما من مفرّ .. أيّ لعنة تلاحقه ؟!
- إنني جدّا آسفة .. أخطأت العنوان .. ليست زوجتك المعنيّة بحديثي معك هذا الصّباح .. المعذرة .. إنّه خطأ بسيط ..
هذا ما قالته و غادرت . يال البرود !! قطعا لا تدري هي ما سبّبته له بخطئها البسيط هذا !!!!
جاريا كربابة في دمه يعود صوت شروق ليسأله :
- ما تعنيه هذه السّيدة عزيزي ؟
ينظر إليها في حنوّ كبير و لا يتمالك :
- لا شيء عزيزتي .. أتت فقط تقول لي أنّني حاولت أن أكتب رجلا خلتني كنته دون أن أنتبه أنّ يدي ملأى بالثقوب .. أتت تؤكّد أنّي لم أكن سوى سطر في الخواء !!


منى وفيق
قاصة من المغرب  



#منى_وفيق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نساء غانا المنفيات إلى -مخيمات الساحرات-
- شاب من الأنبار يصارع التحديات لإحياء الثقافة والكتاب
- -الشامي- يرد على نوال الزغبي بعد تعليقها على أغانيه
- وثائقي -المنكوبون- التأملي.. سؤال الهروب من المكسيك أم عودة ...
- فيلم -صوت هند رجب-.. حكاية طفلة فلسطينية من غزة يعرض في صالا ...
- الأطفال في غزة يجدون السكينة في دروس الموسيقى
- قرع جدران الخزّان في غزة.. قصيدة حب تقاوم الإبادة الجماعية ا ...
- رعب بلا موسيقى ولا مطاردات.. فيلم -بطش الطبيعة- يبتكر لغة خو ...
- -صوت هند رجب-: فيلم عن جريمة هزت ضمير العالم
- وزارة الثقافة تنظم فعالية


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى وفيق - سطر في الخواء!