الاول من ايار - حق العمال اولا

يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:22
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

التنوع الذي يوحّد تحت سقف نقابي واحد رجالا ونساء وشبابا، هو مثابة اعلان نوايا من قبل الجمعية التي تسعى لتوحيد الطبقة العاملة. ان حشد الطاقات لمواصلة المسيرة نحو الاعتراف بنا كمواطنين فلسطينيين مع كامل الحقوق، يحتاج الى خطوة اولى هي المطالبة باحقاق حقنا الاساسي بالعمل مع كامل الحقوق. حان الوقت ان تأخذ الطبقة العاملة زمام المبادرة بيدها، بعد ان سلمتها لاحزاب اصبحت بعيدة كل البعد عن تمثيل حقوقها.

يعقوب بن افرات

تستعد جمعية معًا النقابية للاحتفال بمناسبة الاول من ايار، يوم العمال العالمي، من خلال تنظيم عدة فعاليات عمالية اهمها المسيرة العمالية في مركز تل ابيب في نفس اليوم تحت شعار "حق العمال اولا". الاول من ايار هو مناسبة محورية في سيرة جمعية معًا وفرصة للمحاسبة الذاتية وتقييم دورها وادائها طيلة السنة الماضية. ونسعى في هذا اليوم الى ابراز الانجازات الكثيرة والهامة التي حققناها منذ الاول من ايار 2006.

نصل الى هذه المناسبة هذا العام وقد انضم الى صفوفنا عمال في مجال المطاعم والفنادق من الذين تمكنت الجمعية من ان تفتح لهم الطريق الى العمل المنظم، بالاضافة الى اعداد متزايدة من عاملات الزراعة اللواتي شاركن في الاحتفال المهيب ومسيرة في تل ابيب في الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، وطالبن بفتح اماكن العمل في الزراعة امامهن بشكل منظم ومع كامل الحقوق. هذا التنوع الذي يوحد تحت سقف نقابي واحد رجالا ونساء وشبابا، هو مثابة اعلان نوايا من الجمعية التي تسعى الى توحيد الطبقة العاملة العربية، بعد ان فقدت حاضرها ولم يعد مستقبلها مضمونا، بعد ان تم تجريدها من حقوقها العمالية الاساسية واغلقت في وجهها اماكن العمل.

الاول من ايار الذي كان قبل عقد من الزمن يوم عطلة، تحول الى يوم عادي بعد ان غيرت الهستدروت، وهي النقابة العامة في البلاد، لونها، علمها، برنامجها وتوجهها. فمنذ عقد من الزمن بقيت اغلبية العمال في اسرائيل، من اليهود والعرب، دون تمثيل نقابي وعرضة لأبشع انواع الاستغلال. منذ ذلك الحين توسعت دائرة الفقر والبطالة، وزاد معها التدهور في مستوى الخدمات في السلطات المحلية، كما تراجع مستوى التعليم، الصحة ورعاية المسنين. واتسعت الفجوات الطبقية في اسرائيل بين الاغنياء والفقراء، لتصبح من اكبر الفجوات في العالم المتطور.

وقد تحول هذا الواقع الى موضع نقاش عام في اسرائيل، وبات يعتبر مشكلة سياسية، اجتماعية واقتصادية لا يمكن تجاهلها. ودفع هذا الامر كل الدوائر ذات النفوذ في البلاد، سواء الحكومية، غير الحكومية والاعلامية للبت في الموضوع على نحو مكثّف.

على ضوء الاستياء العام والقلق من احتمال حدوث انفجار اجتماعي يمكن ان يؤدي الى زعزعة سياسية اضافية، اضطرت الحكومة لاتخاذ خطوات لمعالجة المشكلة ولكنها تبقى خطوات محدودة جدا. من ذلك مثلا تقليص معين في عدد العمال الاجانب، رفع بسيط للحد الادنى للاجور وسن قانون التقاعد. وتمارس منظمات اجتماعية نشاطات مختلفة في مجال الدفاع عن حقوق العمال غير المنظمين نقابيا، والذين يتعرضون يوميا لسوء المعاملة وانتهاك الحقوق. من هذه النشاطات التوجه للمحاكم والدفاع القانوني، او مساعدة العمال في تشكيل لجان عمالية.



ابراز الطبقة العاملة العربية

في الاول من ايار هذه السنة تقع علينا مهمة ابراز دور الطبقة العاملة العربية في البلاد، كونها الاكثر تضررا من السياسة الاقتصادية الحكومية. فنصيب العرب من الفقر هو الاكبر، وكذلك حصتهم في العمل من خلال شركات القوى البشرية التي تنتهك ابسط حقوق العمال، كما ان النسبة الاكبر من المجتمع العربي في البلاد هم عمال. ان تغييب العمال العرب عن الساحة هو بلا شك توجه عنصري نابع من عدم اكتراث الحكومة بمصير المواطن العربي.

لذلك، اخترنا ان نخصص مناسبة الاول من ايار للتظاهر في تل ابيب، ولنقول نحن هنا، ولنا دور في انتاج كل ما هو خير للانسان، سواء في البناء، المصانع، المزارع، الفنادق، المطاعم وغيرها. نتظاهر لنطالب بابسط الحقوق لانسان يساهم يوميا من اجل خير المجتمع ككل. ان حشد الطاقات الجماهيرية لمواصلة المسيرة النضالية الطويلة للحصول على الاعتراف بنا كمواطنين فلسطينيين مع كامل الحقوق، تحتاج الى خطوة اولى هي المطالبة باحقاق حقنا الاساسي بالعمل مع كامل الحقوق.

ان الاول من ايار هو عملية تصحيحية تهدف الى تحويل العمال الى قوة اجتماعية فعالة ومؤثرة في المجتمع العربي. حان الوقت ان تأخذ الطبقة العاملة زمام المبادرة بيدها بعد ان سلّمتها لاحزاب مختلفة ابتعدت عن تمثيل مصالحها كطبقة عاملة. الحزب الشيوعي دفن قضية العمال في حضن الهستدروت، والتجمع منح الاولوية لشريحة المثقفين الذين يصطدمون مع الدولة في جدال فكري حول "يهودية الدولة"، اما الحركة الاسلامية فلا تقترح على العامل سوى الحياة الروحانية كمنفذ للمعاناة اليومية وتقوده للانغلاق الطائفي امام كل ما هو تقدمي وعصري.

ان ما يميز الاول من ايار هو صفته الاممية، اذ يتم الاحتفال به في كل مكان في العالم، وهو تظاهرة عالمية ضد النظام الرأسمالي ومن اجل التغيير الاجتماعي. ان العملية التصحيحية التي نقوم بها ليست امرا استثنائيا، بل هي جزء من تطور عالمي يشمل الطبقة العاملة في كل مكان. ان التحرر من الاحتلال والعنصرية ومن الاستغلال الطبقي، ليس نضالنا وحدنا كجزء من الشعب الفلسطيني، بل هو مهمة تاريخية تقع على عاتق الطبقة العاملة في كل مكان في العالم. ان الحرب والبطالة، الاستغلال والتمييز القومي، الاحتلال والتبعية الاقتصادية، هي من ميزات النظام الرأسمالي العالمي الذي جر الويلات على العالم قاطبة.

ان الاول من ايار هي مناسبة للتواصل بيننا وبين بقية العمال في العالم، الذين يناضلون من اجل مستقبل افضل. انها فرصة لنمدّ ايدينا لكل العمال في هذه البلاد، على اختلاف جنسيتهم وقوميتهم، وتوحيد قوانا في المعركة ضد سياسة الحكومة التي لا تميز في هذا المجال بالذات بين يهود وعرب.

ان الاستغلال وتهميش حقوقنا هو ابرز ميزات الاضطهاد القومي. ولكن من يضطهد العرب لا بد ان يستغل في نهاية المطاف اليهود ايضا. ولا يمكن احداث تغيير اجتماعي حقيقي دون ان تؤخذ بالحسبان حقوق العمال العرب. ومن هنا، فاننا نناضل من اجل الاعتراف بدورنا المحوري في النضال من اجل التغيير الاجتماعي لصالح كل العمال في البلاد.

هذا ما نهدف الى تحقيقه في الاول من ايار، ابراز وجودنا ودورنا تحت راية الاممية والمساواة. لكل عامل من عمالنا دور في هذا اليوم للحفاظ على الكرامة العمالية وعلى مستقبلنا كمجتمع حر من كل انواع الاضطهاد. علينا ان نمضي قدما ونخرج من حالة اللامبالاة، فالشعب الذي لا يتقدم الى الامام فانه لا يبقى مكانه بل يعود الى الوراء، ويصبح مصيره الجمود والنسيان. ان المسيرة العمالية هي رمز للطموح الذي ليس بالامكان قمعه ودليل على اننا شعب حي يريد الحياة ويناضل من اجلها.

#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل