|
(17) رسائل حب خليجية
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 10:27
المحور:
الادب والفن
رسائل حب خليجية (17) رواية جاسم المطير (16 ) عزيزي فالون
أمس ، لأول مرة ، جلست في مكان عام ، في احتفال عام . كان حضوري هذا الاحتفال بتعضيد من المقيم السياسي العام وبضغط منه . أخذت ماري معي . نصحني أن اتخذ اسما ً مستعارا ً لماري . جلس حولنا ضباط بريطانيون من البحارة الذين كانوا يرقصون ويشربون على ظهر السفينة . كان الضابط التركي معنا . لم يحضر لوسو برغم أنني قد دعوته . عدد من العرب والإيرانيين قد حضروا أيضا ً يبدو أنهم من الضباط بملابس مدنية أو أنهم من المثقفين المدنيين ، فوجئت بهذا الاحتفال الكبير وقد بدا لي أن الصياد كان ينثر طعامه حواليه . كان المال يتدفق من الأيدي إلى الجيوب . ثم تآلفت المجموعات بالترحيب الرقيق والكلام المعسول والقبلات والهمسات الخداعة . علقت ماري بمزاح وخبث : - يبدو أن مهنة الجميع ، هذه الليلة . هي صيد الطيور . تعالي نغير المكان لنصطاد نحن أيضا. انتقلنا إلى مكان جديد وقد أشرت إلى الضابط التركي ليكون بصحبتنا . ماري سعيدة الحظ أو سيئة الحظ . لا ادري . فقد كانت العيون الفضولية تطاردها ، كانت الاستفسارات السريعة عنها تنتقل من مائدة إلى أخرى . دعوت الله أن لا يفضح أمرها . بعض الضباط كانوا ينظرون إليها كما لو كانوا يتطلعون لفتاة ناد ٍ ليلي . أطلقوا عليها أسماء وألقابا متعددة . احدهم أسرف في شرب الخمر إلى ابعد حد ثم غلبته الشراسة . اخذ يكيل الشتائم لبعض أصحابه ... لبريطانيا ... والخليج أيضا ً . انتبهت ماري إلى احتمال أن يبدأ هذا الشرس بالاحتكاك بنا ، خاصة إنها أكدت أن عينيه كانتا تركزان نظرهما عليها منذ أن انتقلنا إلى المائدة الجديدة . كانت ماري جذابة وقد أضفت زينتها عليها جمالا ً لا يمكن مقاومة التركيز عليه من جانب الأوربيين ولا من جانب الشرقيين الحاضرين في هذا الحفل . للحقيقة أقول أنني لم أجد أي شرقي من الحاضرين قد تجاوز إلى حد المجون أو السباب أوالاعتداء . أما الأوربي فقد وجدته قد تجاوز حدوده . كان جريئا ً في التعامل الغليظ والشرس . بل كان وقحا ً أيضا ً . كل منهم كان منهمكا ً ، كما يبدو ، في التمتع برغبة خاصة ، هي رغبة التحدث إلينا . بل يمكن القول أنهم في الساعة الأخيرة من الاحتفال كانوا يتلهفون لتطويق " السيدة المحبوبة " هكذا كانوا يسمونها في هذه الحفلة . اضطررت إلى دعوة سعيد ليجلس إلى جانبنا . صعد من الرصيف إلى السفينة ، أشرت إليه أن يجلس إلى جانب ماري . كلهم لاحظوا ذلك ، فخف هجوم الضغط الأوربي الغريزي المتوجه نحونا . كان سعيد يتصرف وكأنه سيد حقيقي ، وليس عبدا . كان ينظر بشدة وشكيمة إلى أولئك الذين اقتربوا من حدود التجاوز . يتصرف معنا ، ومع الخدم ، ومع الآخرين ، ومع الضابط التركي ، بدماثة خلق وبتسامح إلى جانب حدة نظراته التأديبية الموجهة إلى الراغبين في ممارسة فروض الغزل الإجباري . هذا الاحتفال حفز لدي ّ ولدى ماري الكثير من التساؤلات وفي مقدمتها : من هو الأفضل في المجاملات وتقديم شهادة الاحترام للمرأة في مثل هذه الاحتفالات .. الرجل الأوربي أم الشرقي .. ؟ هل الأفضلية نجدها لدى السكارى الأوربيين الذين شاهدناهم هذه الليلة والذين أرادوا إلحاق بعض الشـــــــــر بي وبماري أيضا فتراهم يقبلون نحونا بنظراتهم وغرائزهم كالثيران . آم نجد الأفضلية في هؤلاء المدعوين من الشرقيين الذين لم نجد منهم غير دماثة الأخلاق ، والمودة ، والتسامح ، والمحبة الحقيقية النابعة من القلب . أعجبني سعيد كثيرا فقد كان مقبضا صبورا لمنع أي تجاوز ً . كانت أحاديثه معي ومع ماري تثير بعض الذكريات الحـــــــــبيبة إلى نفسينا ، تصور أن هذا العبد كان نافعا ً في زجر الثقلاء ، مثلما كان نافعا ً لنا في تشعب أحاديث الجلسة . قالت لي ماري عنه هامسة في أذني : - يبدو أن لأسمه مزية حقيقية لنا . بالمناسبة أريد أن أخبرك بان ماري تزداد ، كل يوم ، تعلقا ً بسعيد وهو دائب في خدمتها على الرغم من انه يبدو فتى ساذجا ً فعلا ً . إلا انه يتصرف معها في غاية الذكاء ، مما يعزز القناعة لدي بأنه لا يريد الاندماج كليا ً في وسطنا ، آنت تعرف ماري جيدا ً أنها تريد أن تدمجه في لهوها ، وهي لا تحس بما تفعل . ويبدو أن هذا الفتى قد نال تنشئة قاسية تحت سلطان سيده السابق ، مما يستذكر ، حتى الآن النير الذي عاناه . لذا فهو لا يصدق انطلاقتنا ، أنا وماري ، في التعامل الحسن معه . بل انه لا يريد أن يصدق العاطفة التي تحملها ماري تجاهه . سألني على مسمع من ماري : - هل سأحظى معكما يا كريستين بوجود أبدي ..؟ قلتُ له : - لن تـُسلب منك الحياة الحرة بعد اليوم يا سعيد . تدخلت ماري بالقول ضاحكة : - بريطانيا منحتك الحرية يا سعيد وأنا سأمنحك ضياءها إلى الأبد . في اليوم التالي التقيت مع قبطان الباخرة الرائد كلايتون . انه من بورتسموث . أدهشني فيه احتفاءه بي كامرأة ، وكضيفة في سفينته في الليلة السابقة . كانت نظراته تترامى نحوي بشيء من الخجل . كان بعض الضباط البحريين يمرون إلى جوارنا باسمين . احدهم سخر منا بعبارة ساذجة . احمر هو خجلا ً. ثم اكتفيت بالانطواء في غرفتي بعد أن وجدت ماري في فراشها تغط في نوم عميق . كريستين في منتصف الليل الحار ******************** ( يتبع )
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
1313مسامير جاسم المطير
-
1312إلى الشاعرة وئام ملا سلمان .. رسالة رقم (7) ..مسامير
-
1311مسامير جاسم المطير
-
1310مسامير جاسم المطير
-
في الذكرى الثالثة و السبعين ... فهد وتنويعات الحزب الشيوعي ف
...
-
1309رسالة إلى الشاعرة وئام ملا سلمان .. رقم (5) ..!مسامير
-
1308مسامير جاسم المطير
-
1306جاسم المطير
-
(7) رسائل حب خليجية
-
1303مسامير جاسم المطير
-
( 8) رسائل حب خليجية
-
1305 رسالة إلى الشاعرة وئام ملا سلمان .. جواب رقم (3) ..!!مس
...
-
مسامير جاسم المطير 1304
-
( 5) رسائل حب خليجية
-
(6) رسائل حب خليجية
-
(4) رسائل حب خليجية
-
( 2 ) رواية-رسائل حب خليجية
-
( 3) روابة - سائل حب خليجية
-
1303إلى الشاعرة العراقية وئام ملا سلمان .. جواب رقم (1) ..!م
...
-
(1) رسائل حب خليجية
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|