|
العمل ، و إبداع العالم
محمد سمير عبد السلام
الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:00
المحور:
ملف الاول من آيار -العلاقة المتبادلة مابين الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني
بعد سنوات عديدة بدأت بأخيلة مرحة ، في تداخلها مع إحساس عميق بسطوة العبث كتبت خلالها النصوص القصصية ، و المقالات النقدية ، و الفكرية التي تجذرت في وعيي بلغة التداخل بين الإبداعي ، و الحقيقي ، أو التاريخي في حضور يمتزج بتغير الأثر ، أو غيابه في حياة أخرى تتهيأ للظهور ، ثم بتداخل المستويين اللغوي النصي ، و الوجودي ، يتولد الآن شعور آخر بالسياق الإبداعي الجديد المتجدد الذي تحدثه القراءة ، أو عقب الانتهاء من كتابة عمل ما ، هذا السياق الجديد / البديل عمل بحد ذاته يقاوم تاريخ العمل الوظيفي ضمن آليات السوق ، فهو مشبع بصناعة الحضارة و تحفيز التأمل ، و التمرد على الحياة الآلية معا . قد أحيا مع شخوص تاريخية ، و إبداعية في حضور استقبالي جديد مؤول للواقع اليومي ، أو مستبدل له ، و لحتمية الماضي في آن إذ يخلف مجالا جديدا للحياة ككتابة ، و تجدد إعادة التركيب ، و التمثيل الفكري لها . الآلية مستمرة ، و كذلك إبداع العالم ، بل إني أتصور أن الإبداع كوني ، يلازم لحظات النشوء المتكررة ، و تجلياته التصويرية على الجدران ، و الكهوف ، و في الأعين ، و الأحلام ، و النزوع التمثيلي الواقعي ، و تناقضات التاريخ ، و ارتباطاته النصية ، و الحكائية ، و في ثورة الشبكة الدولية ، أكثر بروزا من الشمولية المولدة لمركزية الآلية ، و ردها الشيء الفريد المختلف المتجاوز لكينونته إلى شبكة من العلاقات أحادية الاتجاه . أطمئن أحيانا لاستعادة أولية الإبداع المستمرة في الحدث التأويلى بطبيعته في العلم ، و تمرد العقل على نفسه ، و تحول العلاقات اليومية إلى ما يشبه ناتج الأثر الفني في كتابات مارتن هيدجر ، و الإبحار اللعبي الأول في الكتابة ، و الوجود عند ديريدا . هذا التحول يغيب استقلالية إجراءات الاستغلال ، و السيطرة على النمط ، حين يأتي تمرده النصي من داخله . أي من داخل الآلية الأحادية تتولد مجالات جديدة من الحياة الأخرى الخارجة عنها ، فإدارة الصراع قد تختلط بسخرية الصورة التي أنتجها هذا الصراع من منطق الصراع نفسه . و أذكر هنا تجربتي في معايشة بعض الاجتماعات الإدارية ، أو اليومية ، إذ تعلو الأصوات ، و حركات الجسد ، المتوعدة للآخر كأنها قد خرجت للتو من لوحات جويا الصاخبة ، ففي إحدى لوحاته الفريدة يختلط الصخب البشري بنشاط الأحصنة القوية ، و يمتزج الشعور المركزي بالقوة إلى ملامسة أحد الواقفين الرقيقة لذيل حصان ، و كأن المتأمل للصخب البشري من الخارج يشاهد امتزاج القوة الحيوانية بطيران الأصوات في الهواء لتجسيد حالة الالتحام الإبداعي للأداء في صورته اللعبية التداخلية دون مركز ، و تولد هذه اللوحة – المشهد الواقعي معا استحضار لوحة أخرى لجويا تحمل فيها مجموعة من الفتيات ملاءة يقفز فوقها في الهواء ولد صغير مرح ، هكذا يولد الأثر الصاخب في العمل الوظيفي راحة يعلو فيها اللعب التأملي على العداء الظاهر من داخله ، هل هي جنة الخروج من العمل من داخله ؟ المجموع هنا فرح بالممارسة الصاخبة الجديدة ، و كأنه ينتج منها الفراغ استعدادا لاشتباك آلى جديد يحمل معنى الراحة في ظهوره الآخر فيفقد مركزيته . الشروع الآخر في العمل يعني استعادة أطياف التاريخ ، و النصوص مثل نيرون ، و أوديب ، و أورفيوس ، و ديونسيوس ، و أبولو ، و تموز من خلال الاندماج بين الاختلاف ، و التأويل ، و مرونة المجالات الجديدة التي يعاد فيها إنشاء الصورة بصورة أولية ، تقاوم العزلة ، و التهميش ، و الاستعادة المبنية على التحديد معا . المجال المفتوح من العلاقات يتجاوز القسوة الداخلية ، و معاناة الكاتب بمعايشة حياة توشك أن تتحقق وفق تنوع السياق ، و قدرته على بلورة اليومي في أحلام ، و أساطير ، و أطياف في هيئة أحداث جزئية تحمل بهجة تجدد الحياة من خلال رتابة التكرار نفسها للأداء اليومي . و مثلما يختلط النص القصصي المعاصر في الكتابات الفكرية المعاصرة عند بول ريكور ، و فريدريك جيمسون ، و غيرهما ، بالهوية ، و تأويل الواقع ، و التاريخ ، تنفلق بعض المفاهيم الشمولية حول العمل مثل الرأسمالية ، و ينشطر العمل نفسه عند ديريدا بين الخير ، و الشر ، و أعلق على هذا في نقطتين : 1 – عقب قراءة النص القصصي تغلق الكتاب ، أو صفحة الإنترنت ، لكنه إغلاق زائف ، إلا إذا تعاملنا مع النص في حدود المنتج المادي ، إن جنرال ماركيز في تناقضاته التي تجمع بين طفولة الجنس البشري ، و آليات السيطرة ، و تعدد الأطياف الجزئية المولدة منه تخرج من الكتاب لتقرأ أحداثا كثيرة نراها يومية في صور أخرى دائما ، أما مايكل ك بطل رواية ماكسويل كوتزي يجمع بين التضاؤل ، و الاختفاء ، و تجاوز المركزية الإنسانية ، برفض النمط ، أو أكل اللحوم ، أو الحياة في واقع إنساني فيميل للتحول إلى حشرة ، و يترك عقب إغلاق الغلاف أسئلة حول تحديات التجاوز من وعي بشري تعمل بصورة داخلية في مشاعر الاختلاف عن السائد ، هكذا يحيا عساف بطل النهايات لعبد الرحمن منيف في الوعي بالصحراء ، كفضاء جمالي للفراغ ، و خلق ارتباطات وجودية – نصية – إبداعية تميز الشخصية العربية . 2 – تنقسم البذور الجزئية للعمل الشمولي الأكثر ارتباطا بالسوق عند دريدا ، و فريدريك جيمسون بصور تعزز من الفراغ ، و الحضور الآخر في الأثر دون مركزية للمفهوم فيرى دريدا أنه رغم صعوبة تصور العالم ، بدون العمل ، فالمشاهد التي تربطه بالعقاب ، و من ثم مسرحة الغفران ، و الحديث عن نهاياته كثيرة ، كأنه يجمع الخير و الشر معا ( راجع – دريدا – نهاية العمل في أصل العالم – ت : منى طلبة – الكرمل عدد 65 ) . هكذا يحمل العمل عند ديريدا بذور التناقض من داخله ، و لكن هذا التناقض فيما أرى يولد بذورا جديدة تجمع بين العمل ، و الراحة الأسطورية الأنثوية في آن ، فالفوتوغرافيا المعاصرة مثلا تجمع بين العمل ، و الراحة فيتحقق الوجود الفريد بين العمل ، و استلابه في الإبداع الذي يخلفه دونما انفصال . أما جيمسون فيكشف في كتابه التحول الثقافي عن الفراغ الذي يخلفه رأس المال في المناطق الإنتاجية باحثا عن الزيادة في مناطق أخرى مختلفة تماما . يبحث إذا رأس المال عن أصل مفاهيمي دائما بينما يخلف انعداما للعمل ، و الإنتاجية . إننا بصدد هدم يطرح الأسئلة دائما حول سياق بديل ، لا يمكنه العمل وحده أبدا ، لكنه يحيا في حياتنا اليومية ، و يكشف عن إبداع لا واع للعالم لا يمكن تهميشه ، أو مقاومته . محمد سمير عبد السلام – مصر
#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغياب في فضاء المحاكاة .. قراءة في فكر جان بودريار
-
العبث ، و أحلام التجدد
-
أحلام الأم المقدسة عند نوال السعداوي
-
الأسئلة الارتدادية للفن
-
القصيدة التفاعلية ، أو الامتداد الكوني للقصيدة - قراءة في لو
...
-
صخور السماء .. أنشودة الجسد
-
الأنا و تمثيل الآخر / الثقافي
-
نشوة التجزؤ .. قراءة في حالات الروح
-
كتابة أورهان باموك .. و خروج الهامشي من هامشيته
-
أولية التحول في الفوتوغرافيا و الشعر ... قراءة في شجن ل .. ع
...
-
جماليات الغياب .. قراءة في رشحات الحمراء ل .. جمال الغيطاني
-
نجيب محفوظ ... وهج بدء متكرر
-
تناثر المرآة و اللعب بالقصيدة .. قراءة في ديوان فوق كف امرأة
...
-
طفرة الخروج ... التجاوز و التجديد في قصيدة النثر المعاصرة
-
نهاية النموذج .. قراءة في كسبان حتة ل .. فؤاد قنديل
-
الاستباق و التحول - التفاعل المعاصر بين التراث الثقافي و الع
...
-
أرشيف الكتابة .. قراءة في ديوان النشيدة ل .. علاء عبد الهادي
-
مقاومة الهامش في ديوان المدخل إلى علم الإهانة ل ..مهدي بندق
-
العقل يتجاوز إطاره
-
ارتباك الواقع في مجموعة هشاشة عقول ل نبيل عبد الحميد
المزيد.....
-
مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام
...
-
السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل
...
-
دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
-
كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
-
-شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
-
مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج
...
-
ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو
...
-
بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ
...
-
سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
-
الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية
المزيد.....
|