أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هويدا طه - صراخ فقراء العرب وعلمانية الأتراك















المزيد.....

صراخ فقراء العرب وعلمانية الأتراك


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1890 - 2007 / 4 / 19 - 12:07
المحور: حقوق الانسان
    


شباب انتحاريون يفجرون أجسادهم في الدار البيضاء.. آباء وأمهات يقتلون أنفسهم وأبناءهم في القاهرة.. أطفال يهلكون على الحدود اليمنية السعودية.. والقاسم المشترك الأعظم بينهم جميعا وغيرهم هو ذلك اللعين.. الفقر، على مدى أسبوع كامل يستحق بالفعل تسمية أسبوع (انتحار الفقراء) كنا نتابع قصة (آل الريدي) في المغرب.. تلك الأسرة التي (انتحر) منها شابان في ريعان الصبا عبر تفجير نفسيهما في وسط مدينة مزدحمة مثل مدينة الدار البيضاء، ثم اللقاء الخاص الذي أجرته الجزيرة مع أخيهما الثالث الذي بدا شابا صغير السن مذهولا وأخذ الجزيرة- التي أخذتنا معها- إلى داره.. بيت مظلم.. محدود كما قال بخمسة أمتار طولا ومترين عرضا تعيش فيه أسرة من خمسة أفراد.. انتحر منها اثنان تفجيرا لجسديهما وسط المدينة، عثمان الريدي.. الأخ الثالث الذي تحدث بلهجة مغربية مغرقة في المحلية المغاربية الصعبة.. حتى تتساءل وأنت تسمعه أي لغة هذه؟ مما اضطر الجزيرة لوضع ترجمة مكتوبة على الشاشة لكلماته القليلة.. التي بدا وهو يقولها مشدوها.. ذاهلا.. ذهول طارئ بسبب فاجعة انتحار أخويه وذهول يبدو مغروسا في نفسه بعدد سني عمره الغض التي مرت عليه محشورا في ظلام هذا الجحر، كان الأمر يستحق تحليلا في (قضية الليلة) في نشرة الجزيرة المغاربية، قال الضيوف على شاشة الجزيرة ما عجز عن قوله هؤلاء الشباب.. فأطلقوا صرخة الموت تلك، عبد الغني منديب عالم اجتماع مغربي تساءل:( لماذا الدار البيضاء؟ مدينة كبيرة يسكنها ستة ملايين نسمة.. غنى فاحش وفقر مدقع.. شباب عجزوا عن تفجير بؤسهم ففجروا أنفسهم في مرحلة الإقدام على الحياة.. لا يستشعرون الحياة بل يتعاملون معها كورطة وجودية.. الحفاظ على الذات غريزة فإذا دمر الإنسان ذاته فتلك هي الدرجة القصوى من الاحتجاج)، الضيف الآخر الدكتور أحمد القديدي وهو أستاذ جامعي تونسي تحدث للجزيرة من باريس.. اتفق تماما مع توجيه إصبع الاتهام إلى ذلك الشرير.. الفقر، فقال:( التفاوت الطبقي هو الخندق الذي ينشأ على حافته يأس ثم تمرد.. جميع الشرائع والحضارات والثقافات تنبأت بهذا فاحتاطت بتشريعات أخلاقية..).. بالطبع تلك التشريعات الأخلاقية الاحتياطية التي يتحدث عنها دكتور القديدي لا (تخدر) الناس إلا قليلا.. خدر يفيقهم منه وجع الفقر المؤلم.. لكن الأستاذ الجامعي أشار إلى (الوجه الآخر) لوسائل الإعلام- وعلى رأسها طبعا الفضائيات- فقال إنها ليست فقط ناقلة للأزمة وإنما صانعة لها فهي تنقل لهؤلاء بريق أشياء يعجزون عن لمسها)، وأجاب عبد الغني منديب عالم الاجتماع متسائلا:( ما الذي كان يدور بخلدهم لحظة الضغط على الحزام الناسف؟ حلم الحياة الأخرى.. الحياة في العالم الآخر.. لكنهم بذلك التفجير يعاقبون المجتمع الذي حرمهم من شروط العيش الكريم.. هؤلاء لم يكونوا حينها مخدرين.. وإنما حاملين لأفكار تعطيهم أملا في حياة أخرى)، هكذا إذن.. الفقر ثم الفقر ثم الفقر.. هذان الشابان المغربيان اللذان عاقبا المجتمع قبل رحيلهما ليسا مجرمين.. بل هم من الفقراء، تماما كذلك الأب المصري الذي استمع ليلة اليوم الأول من العام الدراسي لأنين طفليه وهما يبكيان.. لأن المدرسة ستبدأ صباح اليوم التالي وهو لم يستطع أن يشتري لهما زيا مدرسيا جديدا أو حقيبة أو حذاءً جديدا.. فأطلق نفس الصرخة المدوية.. صرخة الفقر المميتة.. قتل طفليه ثم انتحر، صحيح أنه لم يعاقب الحارة كلها بتفجير نفسه فيها.. بل عاقب فقط نفسه وطفليه البريئين.. لكنه ترك في نفوسنا (طنين) تلك الصرخة الذي يحرم من النوم من كان لديه إحساس في هذا العالم، وعلى الحدود السعودية اليمنية يموت أطفال لا تزيد أعمارهم عن اثني عشرة سنة.. يرسلهم آباؤهم الفقراء مع مهربين وتجار بشر قساة ليعملون في السعودية كي ينفقون على أسرهم الفقيرة.. عوضا عن أن تنفق هي على تعليمهم وتغذيتهم.. على قناة الجزيرة أيضا وفي نفس هذا الأسبوع المؤلم.. كان ذلك التقرير من اليمن عن مؤسسة شوذب للطفولة التي أنتجت فيلما كارتونيا يوضح تلك المأساة.. وللجزيرة تحدثت لمياء الإرياني مديرة المؤسسة التي أنتجت الفيلم قائلة: إنها تهدف من هذا الفيلم إلى (توعية المجتمع بتلك الأخطار التي يتعرض لها أطفاله)، الفقر الفقر الفقر.. هؤلاء الأطفال المهربون عبر الصحراء.. يموت بعضهم.. يغتصب بعضهم.. يتشرد بعضهم في مدن السعودية وتدهس سيارات شوارعها بعضهم.. هؤلاء الأطفال يجب أن ينفق عليهم المجتمع لا أن يرسلهم للسخرة كي ينفقون عليه، أسبوع الآلام هذا يستدعي ألف فكرة وألف إحساس.. من مغرب العالم العربي إلى مشرقه تتداعى للذهن فكرة أن الفقر أولا.. حتى قبل أن نحرر فلسطين.. الفقر قبل إسرائيل هو من يجب أن نحاربه، كيف؟! ليس الفقر ظاهرة طبيعية كالرعد والسحاب.. إنه (صنيع) الإنسان.. يغذيه ويرعاه في تربة كل مجتمع ذلك اللعين الآخر.. الفساد، فساد الحكام والمتحكمين والمشرعين وكل واحد من (قواد المجتمع) أي من يقود المجتمع نحو تلك الهاوية.. سواء من يسرقون موارده أو من يوجهون هذا الشاب الفقير أو ذاك إلى حياة أخرى ليست هنا.. ربما حتى يرتاحون منه يغوونه بنعيم ليس هنا.. يتخلصون منه بإغواء (التشريعات الأخلاقية الاحتياطية)، غيبوبة (الحياة البديلة) تجعل المتبقى من طاقة في نفوس الفقراء بعد أن يستنزف معظمها الفقر يتوجه إلى تدمير الذات.. بدلا من توجهها إلى تدمير أس الفساد الذي يغذي الفقر، كل تلك المجتمعات التي (ينتحر فيها الفقراء).. كلها.. بها ذلك التناقض المروع الذي رصده ذلك التعبير القرآني الجميل (قصور مشيدة وبئر معطلة).. وبالمناسبة القرآن- كنص- ليس حكرا على البعض فهو نص تملكه البشرية كلها! ما علينا.. من منا لم يحفظ من التراث مقولات كمثل مقولات .. "لو كان الفقر رجلا لقتلته"، أو "ما جاع فقير إلا بما متع به غني"، أو "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار"، طالما ظلت مجتمعاتنا بها قصور مشيدة تجاورها بئر معطلة فسوف يتزايد عدد الصارخين موتا، لا يكفينا أن (نفسر) الأمر بأن سرطانا اسمه (ثقافة الموت) يستشري في المجتمع.. كارل ماركس الذي قضى عمره كله يبحث (كيف تقضي البشرية على ذلك التناقض المروع.. قصور مشيدة وبئر معطلة).. له مقولته أيضا.. مقولة جميلة دالة معبرة.. ولو كرهتموه.. " ليس من المهم تفسير العالم.. المهم.. تغييره"!
** تركيا والعلمانية:
الناس يتظاهرون أيضا من أجل العلمانية
عشرات الآلاف من الأتراك تظاهروا في تركيا.. ليس من أجل سعر الخبز أو البنزين.. وإنما احتجاجا على فكرة.. مجرد فكرة.. أن يترشح إسلامي لرئاسة تركيا! يعترض الأتراك على فكرة.. مجرد فكرة.. أن تأخذ دولتهم ملامح (الدولة الدينية) القابضة، مشهد الجموع التركية الحاشدة التي تظاهرت الأسبوع الماضي رأيناه جميعا في نشرات الأخبار! الحمد لله أنه يوجد بالدنيا شيء اسمه نشرة أخبار.. كيف الحياة بدونها؟! الأتراك مسلمون.. هل هذه مفاجأة مثلا؟! بل ويعتزون بمساجدهم وطقوسهم وروعة شهر رمضان في أمسيات تركيا.. ويحبون رسول الإسلام الكريم(ص) ولم يبدر منهم طوال مدة دولتهم العلمانية التي تأسست في أوائل القرن الماضي أنهم يريدون لدينهم بديلا.. لكنهم مع ذلك تظاهروا إصرارا على الملمح العلماني لدولتهم ورفضا لأسلمتها، تعلم الأتراك من (التاريخ العثماني) الكريه درسه التاريخي.. التقدم مرهون بفصل الدولة عن الدين.. دون أن يعني ذلك التخلي عن الدين في النفوس، إذا كان الأتراك يكرهون العودة إلى عثمنة دولتهم المدنية وهم كانوا الحاكمين أصلا في ذلك التاريخ العثماني الكريه.. فما بالك بنا؟! يقفز في وجوهنا ومن بيننا من يغوي الناس بضرورة (العودة إلى الخلافة التي كسرها الاستعمار)! وما الخلافة التي يريد إسلاميونا الأشاوس عودتها إلا تلك التي يرفضها أحفادها! هل نحن ماسوشيون مثلا؟! نرغب في تكدير وتعذيب وتشويه حياتنا؟ الأتراك العثمانيون لا يريدون عودة العثمنة ونحن من كنا عبيدا للعثمانيين نريد أن تعود عثمنتنا؟! هؤلاء الذين يخدرون الشعوب بمقولة (الإسلام هو الحل) ويقدسون فكرة (الخليفة) البالية.. هل شاهدوا نشرات أخبار هذا الأسبوع؟ أحفاد خليفتكم يا سادة.. أوهام خلافتكم يا كرام.. يقولون الآن (العلمانية هي الحل).. أفلا تعقلون؟!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختيار بين نفاق الشعوب أو خض سكونها
- إوعوا تقولوا للشعب إن الأرض تدور
- مرارة بطعم النفط: عضة كلب أمير
- خراب يا مصر (2): خليني في حالي!
- قناة الحوار وتساؤلات عن التمويل وهموم الناس في البرامج
- خراب يا مصر!
- غضب المصريين على الفيلم الإسرائيلي أخطأ الطريق
- !يعني أفلح القوم عندما ولوا أمرهم ذكرا
- التفاوت الطبقي في مصر مشروع انفجار
- شوية هموم بتوع كل يوم
- دستوركم يا اسيادنا
- عبدالكريم نبيل سليمان مثالا: الشغف بقتل المختلفين في مجتمع م ...
- إنقاذ المصريين من الهيافة
- فتيات هالة وفساتين هيفاء
- يا فرحة العادلي برجالته في الشرطة وفي التليفزيون
- برلمانيون لكن ظرفاء
- القصة الكاملة لما أثير حول فيلم الجزيرة الوثائقي عن التعذيب ...
- إقالة مبارك بخمسين قرشا
- الفضائيات تتحول إلى أحزاب سياسية، وجريمة تبديد أموال النفط
- معارك إعلامية بسبب الحجاب تخفي السبب الحقيقي للصراع


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هويدا طه - صراخ فقراء العرب وعلمانية الأتراك