أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف محسن - الاخفاق في صناعة دولة















المزيد.....

الاخفاق في صناعة دولة


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 12:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمثل المذكرات السرية الاختزالية للملك فيصل الاول مؤسس الدولة العراقية الحديثة وثيقة سيوسيولوجية بالغة الاهمية حيث نجد في هذه الوثيقة جرد حساب ختامي لمرحلة التأسيس الاولى حتى عام 1932 حيث وضع الملك هذا النص قبل سنة من وفاته الغامضة ووزعها على النخبة السياسية الحاكمة آنذاك (جعفر العسكري، ياسين الهاشمي، ناجي شوكت، نوري السعيد، ناجي السويدي). ان وضع هذه المذكرات في سياقها التاريخي والمجتمعي ضرورة منهجية لتجاوز القراءات المدرسية التي يحفل بها حقل التاريخية العراقية. حيث ان تحليل عناصر البنى والاشتراطات السيوسيولوجية التي حكمت الولادة العسيرة للدولة الوطنية العراقية عام 1921. ان هذه الدولة كانت انتاجاً مشوهاً لنمط الهيمنة الكولوثيالية واستجابة للنظام الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع العراقي. فقد تم تعيين الملك فيصل الاول ملكاً على العراق في مؤتمر القاهرة من قبل بيرس كوكس Percy cox وجير تووديل Gortudel ولورنس Lourans في حين تكونت النخب السياسية التي ساهمت في تأسيس الدولة العراقية من شيوخ القبائل العربية والآغوات الاكراد وكبار التجار والسادة والضباط الاشراف السابقين في الجيش العثماني. تمكن هذا التحالف التقليدي (العسكري والاشراف) في البقاء في السلطة حتى عام 1958. ان هذه الجماعات تبلورت كـ جماعات ازمة مستديمة. وداخل هذا الحقل السياسي المفصلي تتركز المذكرات السرية. حيث الازمة التاريخية في تكوين الدولة الوطنية العراقية والاخلالات البنيوية في تركيب الدولة. فالملك فيصل الاول يعترف في مذكراته ان العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنية مؤسسة على انقاض الحكم العثماني هذه الحكومة تحكم قسماً كردياً وأكثرية شيعية تم اقصاؤها وتهميشها سياسيا. هذا التكوين الاستبعادي للاغلبية العربية الشيعية من حقل توزيعات السلطة السياسية في عراق 1921 كان يندمج مع التصميم الكولونيالي البريطاني في انحيازهم الى مذهب الاقلية الديموغرافية وايجاد هوية غامضة للاغلبية حيث ان الاقلية تبقى بحاجة دائمية الى سند خارجي يحميها من سيطرة الاغلبية وهذا الوضع المثالي لسياسة تريد البقاء في العراق تحت الهيمنة حيث تتمحور السلطة في اقلية عشائرية او اقلية مذهبية او اقلية عنصرية يجعل اللجوء الى الاستبداد امراً مفروغا منه ولا يمكن لحاكم الاقلية ان يفكر بانتهاج اسلوب الديمقراطية ينتهي بانتزاع السلطة منه فالاستبداد حصيلة طبيعية لحاكم الاقلية وليس صفة خاصة بمذهب او دين او قومية معينة (العلوي. الشيعة والدولة القومية) حيث ان الملك فيصل الاول كان يمتلك قوة بصيرة ثاقبة وفهماً عميقاً وجذرياً لخصوصيات المجتمع العراقي في نصوص مذكراته فهو يرى ان العراق دولة ذات مذاهب وعناصر متعددة فهي بحاجة الى حكم نخبة لا تخضع لتفرد مجموعات طائفية او اثنية (حيث ان البلاد العراقية هي من جملة البلدان التي ينقصها اهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية هو الوحدة الفكرية والملية والدينية فهي والحال هذه مبعثرة القوى مقسمة على بعضها تحتاج من ساستها ان يكونوا حكماء مدبرين في عين الوقت اقوياء مادة ومعنى غير مجلوبين لحسابات او اغراض شخصية او طائفية او متطرفة يدامون على سياسة العدل والموازنة والقوى معا وعلى جانب كبير من الاحترام لتقاليد الاهالي وفي جانب اخر تؤرخ المذكرات نقداً صارماً لأوهام النخبة السياسية العراقية والتي تقول بوجوب عدم الالتفات الى افكار واراء الناس وسوق البلاد الى الامام طالما ان القانون والنظام والقوة بيد الحكومة حيث ان (عدم الاهتمام واللامبالاة بالرأي مهما كان حقيرا خطيئته لا تغتفر) على حد تعبير الملك فيصل الاول. ان هذه التوصيفات كانت تؤسس لمعادلة جديدة بين القوة/الدولة وانتاج المعنى داخل المشروع التحديثي العراقي ابان الثلاثينيات من القرن الماضي حيث الايمان بتنوع الاراء واختلاف الافكار ضرورة لتكون الدولة كهيئة سياسية لادارة السكان.. فقد حاول الملك فيصل الاول صياغة نمط من الهوية العراقية رغم الصعوبات التي كانت تسيطر على هذا المشروع بسبب ان في العراق لم يكن هناك ((شعب عراقي بل توجد كتلات بشرية خيالية. خيالية من اي فكرة وطنية متشبعة بتقاليد واباطيل دينية لا يجمع بينهم جامعة ميالون للفوضى مستعدون للانتفاض على اية حكومة) ولكون العراق في تلك الفترة وحتى الان حديث التكوين ليس له جذور موحدة كما ان كل القوميات والاديان والطوائف حتى لو تقبلت فكرة العراق لديها تاريخها الخاص ومنظوماتها الجماعية وتطلعاتها المستقبلية لهذا لم يتم بناء الامة في العراق (ليورالوكتير. البحث عن الهوية) بالاضافة الى الظهور الدوري للتوترات وصدام الهويات الطائفية وانهيار المشروع الليبرالي والعقلاني ونمو الاصوليات الدينية والطائفية والتي تمثل ازمة التشكيل الايديولوجي للمجتمع العراقي يرافقها هذه الفشل والعودة الى الهويات الفرعية القومية والهوية العرقية والاثنية والطائفية وخاصة بعد تصدع العقد الاجتماعي القسري للتأسيس الاولي للدولة بين الجماعات العراقية ابان الاحتلال الاميركي. ان الاصلاح والتحديث في العراق لا يمكن لهما ان ينطلقا دون توصيف وظيفة الدولة بشروط وضوابط واقعية. اول هذه القواعد هو تقديم مقاربة جديدة وتحليلية للاوضاع في العراق مؤسسة على فهم عميق للروابط المتراكمة والمعقدة التي تحكم المعادلة الاجتماعية والثقافية وتجمع الشعب الواحد او تلعب على العكس من ذلك دورا في تعميق التشققات والتصدعات السياسية والثقافية. حيث ان بناء هذه الدولة العراقية يشترط ثلاثة توصيفات حسب شروط سميث في (الاصول القومية للامم) وجود اقتصاد مندمج وشبكة من المواصلات تربط مراكز الانتاج بالاسواق وعصرنة الاساليب البيروقراطية في الحكم وتوحيد انماط الثقافة عن طريق ايجاد لغة مشتركة ادارية موحدة تروج عن طريق التعليم العام من اجل خلق لغة للتفاهم وهنا تكمن قوة المعنى في مذكرات الملك فيصل الاول حيث نكتشف التصورات البدائية لمشروع الحداثة في العراق (الشراكة بين الجماعات العراقية في الثروة/السلطة) واعادة تصحيح العقد الاجتماعي (النقيب/كوكس) ولحذف الصبغة الطائفية للدولة) و(تحويل الكتل البشرية الهلامية الى شعب والتي تمثل الاساس في اي مشروع للتحديث والاصلاح) وهي محاولات حكم عليها بالاخفاق والفشل في تأسيس دولة وصناعة شعب.



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة الدولة الوطنية العربية: نحو قراءة موضوعية للظاهرة الأص ...
- الجسد الانطولوجي الشارح الأولي لفوضى السلطة السياسية
- اثريات الطائفية السياسية / مقاربات اولية في العنف والعنف الط ...
- نحو إعادة قراءة حقل التمايزات للفضاء المفاهيمي، الإسلام/ الد ...
- إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع
- الحريم السياسي: مقاربات أولية حول الخطاب الجنساني في الثقافة ...
- اعادة انتاج النخب السياسية التقليدية2
- قراءة في التصميم الكولو نيالي للديمقراطية في العراق الراهن
- نقد النزعة التاريخية الأحيائية في الفكر العربي
- تحليل الخطاب السياسي حول مفهوم الديمقراطية الشعبوية


المزيد.....




- قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا ...
- مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا ...
- زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
- شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك ...
- الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك ...
- غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته ...
- محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
- خبير ألماني: بوتين كان على حق
- فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
- فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف محسن - الاخفاق في صناعة دولة