أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - نحو إعادة قراءة حقل التمايزات للفضاء المفاهيمي، الإسلام/ الديمقراطية















المزيد.....



نحو إعادة قراءة حقل التمايزات للفضاء المفاهيمي، الإسلام/ الديمقراطية


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة
تكشف الاعمال الفكرية والسرديات التحليلية حول الديمقراطية في العالم العربي والمجتمعات الاسلامية عن هشاشة الوعي السياسي لبعض جماعات الانتلجستيا إذ ان هذه الاعمال والقراءات تعمل في ضمن انساق ومفاهيم ومقولات لا تاريخية وتتميز بالمضامين الانفعالية والاسطورية. ان هذا العمل يستأنف التقليد النقدي في السياقات العربية والاسلامية حول تقويض ازمة الديمقراطية في العوالم الاسلامية بوصفها ازمة تكوين البنى والفاعلين السياسيين وتفكيك التصورات والتشكيلات الفكرية التي حفل بها الخطاب السياسي الاسلامي حول الديمقراطية إذ يتم طرح هذا المفهوم الكوني في ضمن افق ميتافيزيقي بعيداً عن الاشتراطات التاريخية والبنى المجتمعية والجماعات البشرية الفاعلة في التاريخ، وتجري عملية تحوير واقصاء لمحتوياته الفكرية لكي يتطابق او يتماهى مع البنية التكوينية للفكر الاسلامي متجاوزين اشتراطات التأسيس الديمقراطي لكون الديمقراطية الوريث الشرعي لعصر التنوير والتي لا يمكن أن تولد في المجتمعات العربية والإسلامية إلا بعملية علمنه للأفراد والمؤسسات وإيجاد الفرد/ الإنسان كذات مستقلة وليس كتلة هلامية مندمجة بالأمة الإسلامية، وأن يتحول القانون والتشريع إلى قاعدة تعاقدية من حيث أن الخطاب الديني الإسلامي يعمل على استنفار (هوية دينية) وهي تشكل عودة إلى ما قبل الدولة الحديثة.

مدخل لتركيب الاشكالية (الاسلام/ الديمقراطية)

تتطلب القراءة الاولية للموضوع الاشكالي (الاسلام/ الديمقراطية) طرح شبكة من التساؤلات والتقاطعات الفكرية والسياسية والمعرفية والتاريخية إذ تم طرح هذه الثنائية في بنية الفكر الاسلامي الليبرالي ولم يتم اخضاع هاتين العلامتين الابستيمولوجيتين للتفحص النقدي التاريخي إذ ان اخضاع قراءة هذين العلامتين داخل الفضاء المفاهيمي لكليهما مسألة بالغة الاهمية مرتبطة ببنية المقاربات.

فالاسلام نسق فكري يمثل رؤية كونية ذات مصدر مفارق، والديمقراطية مفهوم مؤسساتي وأنموذج وضعي.

وفي هذه العلاقة من التصورات هل يمكن ادماج مفهوم الديمقراطية في بنية الفكر الاسلامي؟

ان طرح السؤال بهذا الشكل الألتباسي الغامض يفسر ازمة الفكر الاسلامي حول تحيين الثقافات.لان هذه العلاقات تمر عبر البنى الفكرية.

ان اعادة صياغة السؤال الاساسي ضرورة معرفية، عن كيفية انتقال بنية فكرية ونظام مفاهيمي ونظام مقولاتي خاص ببنية اجتماعية محدودة الى بنية فكرية ونظام مفاهيمي ومقولاتي خاص ببنية اجتماعية مختلفة وبالتالي اثره في التطور التاريخي لهذه البنية الاجتماعية مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الديمقراطية مقولة خاصة ببنية اجتماعية رأسمالية متطورة وفيها نجد علاقات التناقض والتناص للمجتمعات الغربية والممارسات السياسية للفكر الغربي إذ ان التساؤل عن ماهية الاسباب الكامنة خلف انتاج موضوع الاشكالية (الديمقراطية/ الاسلام) من قبل الانتلجسيتا الاسلامية ولم يتم الاشتغال عليها منذ ظهور هذا المفهوم في المجتمعات الغربية؟ نجد الاجابة في الحقل السياسي والاشتراطات المادية التاريخية للعالم المعاصر. لذا فان الاسهام في الجدل الدائر حول التطابق/ التماثل بين الاسلام والديمقراطية وارتباط هذين المفهومين بالمسألة العراقية التي تشكل الحاضن النظري لهذا النص فضلاً عن الاسئلة التي يواجههاحقل النظام الابستيمولوجي الاسلامي.

ان هذا العمل ينطلق من سؤال اشكالي وهو:.

هل يتوافق الاسلام اللامتعين تاريخيا وكنظام ابسيتمولوجي مع عناصر الفلسفة الراديكالية الديمقراطية؟

ما هو السياسي في الاسلام؟ وكيف تتم عملية الربط بين السياسي والحقل الاقتصادي في تشكيل الدولة؟ وهل هناك نظرية حول الدولة في الاسلام؟ وكيفية تشكيل شرعيتها السياسية؟

وهل تستمد شرعيتها من الجماعات البشرية وتركيبات المجتمع، ام من النصوص التاسيسية؟ وهل يمكن اقامة التماثل بين الاسلام منظومة عقائدية قائمة على هوية ثابتة نسبياً والديمقراطية نظام تاسيسي مجتمعي يقوم على هويات متغايرة وديناميكية؟

ماهي القوى الايديولوجية الكامنة خلف الخطاب الديني السياسي الاسلامي في تقديم توصيفات دينية للمجتمعات العربية الاسلامية تتناقض مع التركيبة السياسية لهذه المجتمعات؟

قضية المرأة ومكانتها في النظام الثقافي البطرياركي الاسلامي الم تتناقض مع العناصر الرديكالية في فلسفة الديمقراطية فضلا عن حقوق الانسان ومفهومي الفرد/ الجماعة واللذين لم يتم حسمهما في الفكر الديني الاسلامي ونظامه المعرفي.

ان اعادة قراءة هذا التوصيفات في الثقافة العربية الاسلامية للوصول الى الرحم الابستيمولوجي (Epistemology) الذي يتكون من مجمل المسلمات الضمنية اليقينية التي تتحكم بشكلية الانتاجات الفكرية دون ان تظهر الى السطح والتي يطلق عليها ميشيل فوكو (اللاوعي المعرفي) وهي تبلور نظاماً فكرياً ورؤيا للعالم تستمد صيرورتها من سياسية الثيمات الأجتماعية ـ الأقتصادية والسياسية مسألة بالغة الأهمية لأشكالية الديمقراطية/ الأسلام.



الأسلام الديمقراطية (حقل التقاطعات الأبستيمولوجية)

اولاً : الشورى أو فخ الديقراطية

علينا ان نتساءل اولاً عما هي الديمقراطية في الحيز الثقافي الاسلامي؟

نتيجة للتمزقات الحضارية والتاريخية التي يعيشها العالمين العربي والأسلامي اكتشفت الانتلجستيا الإسلامية ان العودة الى الميراثات الثقافية والسياسية والدينية كآليات دفاع لتجاوز اخفاقات الدولة الوطنية الشعبوية فقد تم اعادة انتاج مفهوم الشورى قوة استعارية وتماثلية مع مفهوم الديمقراطية (ومن هنا نستطيع ان نفهم معنى الالحاح على ربط الديمقراطية وهي مفهوم حديث بالشورى ورفض استخدام المصطلحات الغربية عندما يمكن استبدالها بسهولة بمصطلحات عربية او اسلامية، ان الرغبة في استهلاك الحداثة تبدأ هنا من الرغبة في تأهيلها ثقافيا او استهلاك رموزها وقيمها الاساسية على الاقل)(1).

وهنا تكمن ازمة البنية المعرفية للانتلجستيا الاسلامية في البحث عن تأهيل مفهوم الديمقراطية او ايجاد صيغة اسلامية وعزلة عن السياق المجتمعي والتاريخي ونظامه الابستيمولوجي إذ ان الخطاب السياسي الاسلامي مسكون دائماً بهاجس التأصيل وباعادة انتاج المفاهيم الغربية الشاغلة في الانظمة الثقافية وايجاد مقاربات لها في المرجعيات الدينية، الروايات الاسطورية، الخطابات التاريخية والخرافية ثم موضعة هذا المصطلح داخل النظام المعرفي الاسلامي واضفاء الشرعية عليه. ان السبب الذي يكمن خلف هذه الآلية كون الثقافة العربية الاسلامية تعاني فراغاً معرفياً داخل البناء المفاهيمي والمقولاتي للفكر الاسلامي وعلى الرغم من تعدد التصورات داخل الحقل الثقافي التداولي الاسلامي فانها تقدم آليات الاستبدال ديمقراطية/ شورى رغم انهما ينتهيان الى بنيتين سياسية وثقافية وفكرية مختلفة ولهما حقلهما الايديولوجي والتاريخي. إذ ان مفهوم الشورى يطمس القوة السياسية ويؤكد وحدة التاريخ (والتطابق شبه التلقائي بين التاريخ الاسلامي والمجتمع والسلطة هذه النزعة في الاوساط الاسلامية ماهي في الواقع الا وسيلة لترجمة فكرة الوحدة المجتمعية من مثل اعلى لتشكيل بنية المجتمع الى حقيقة واقعة في بناء الدولة وهذا النوع من تنظيم الدولة ينبذ بطبيعة الحال أية تعددية سياسية على الطراز الغربي ولا يستبقي سوى تعددية الطوائف الدينية او تعددية الحضارات العالمية...) ان اكثر اطروحات الانتلجستيا الاسلامية حول الشورى كمفهوم ومؤسسة سياسية كلاسيكية لم ترتبط بالتراكم المعرفي حول طبيعة السلطة السياسية في الاسلام الكلاسيكي (... الشورى خصيصة اسلامية بل هي نص قرآني لكن بعدها السياسي في القرنين الاول والثاني الهجريين ما لبث ان غاب منذ القرن الثالث لصالح ابراز ابعادها الاخلاقية والاجتماعية الى ان اعاد رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الافغاني اكتشافها او اكتشاف البعد السياسي لها تحت تأثير الاطلاع على الدساتير الغربية. فصارت الشورى في نظر الطهطاوي ومن بعده الاصلاحيين مرادفة للحكم الدستوري) ان هذا الاستشعار للمفهوم يقع تحت ضغط الاسئلة السياسية داخل المجتمعات الاسلامية التي تحاول ان تبحث عن الذات الثقافية والسياسية في عالم متحول.



ثانياً: قراءة مقولة الاسلام كتمثيلات قانونية وتشريعية.

يتوالد خطاب الانتلجستيا الاسلامية حول العقد الاجتماعي من التكوينات الاولية ما قبل ظهور الدولة الحديثة، إن ازمة تركيبات الهوية التي تشكل مفصلاً دوغمائياً في تاريخ المجتمعات العربية الاسلامية إذ تحاول هذه الخطابات ان تدمج بين رأسمال رمزي مطلق متعالٍ وآليات سياسية نسبية تاريخية محققة انزلاق العقد الاجتماعي والسياسي من صعيد التحليل العلمي النقدي الى صعيد التظليل الايديولوجي البراغماتي.

ان الفصل بين اسلام تاريخي مشروط منذ البدء واسلام تخيلي اسطوري واخضاع هذا الفصل للتفحصات النقدية للكشف عن العناصر الايديولوجية داخل المعنى المقدس. ففي الاسلام التاريخي كمنظومة عقائدية توجد كتلة من التمايزات اللاهوتية والسياسية والقانونية واي عملية لاعادة انتاج نظام الانظمة للهوية الاسلامية هو الوقوع في فخ ميتافيزيقي يرافق اعادة انتاج الاشكاليات الفكرية والسياسية والفلسفية والاقتصادية لهذه الانماط المتعددة.

تكمن ازمة الخطاب السياسي الاسلامي حول الديمقراطية في (المكر التاريخي) كيف تتم العودة الى اسلاميات تشكلت على وفق نظام ابستيمي معين ورؤيا للعالم والتاريخ ووضعيات اجتماعية ـ اقتصادية وداخل تحديدات مادية؟

كيف يتم تحويلها الى تمثيلات قانونية وتشريعية؟

ان الخطاب السياسي الاسلامي يؤكد اسلامية النص اي الفصل التام بين النص التاسيسي الاولي والتجارب التاريخية ان هذا الفصل يقع في مفارقة بوصف التجارب التاريخية خارج النص ويؤدي الى تحطيم الخطاب التاسيسي والدخول في عملية جديدة من الادلجة والهيمنة. ان هذا التمييز والفصل اشكالية تقع فيها الجماعات الدينية والسياسية إذ تنظر الى النص الديني الاولي بوصفه نصاً خارج التاريخ لا يحمل في بنيته بصمات التاريخ الثقافي او اللغوي او الفلسفي.

ان توظيف الاسلام الامتعين الاصلاحي ليلعب دور عامل الضبط السياسي (السلطوي القانوني) داخل بنية المجتمعات العربية الاسلامية والتاكيد على مطلقيته هو اختراع الجماعات السياسية والدينية الاسلامية التي تدمج بين الاراء والافكار السياسية والقانونية والمعتقدات الدينية، رغم انهما خطابان مختلفان متمايزان يتأسسان ولكل منهما حقله اللغوي والثقافي والسياسي فان المساواة القانونية لا تتحقق الا باحتجاب عنصر الانتماء الديني في تحديد محتوى القواعد القانونية وضبط مجالها وحمولاتها الايديولوجية.



ثالثاً: المحددات التيولوجية (الاسلام/ الديمقراطية) مقاربات اولية.

ثمة محرمات في النظام الثقافي الاسلامي بصورة عامة تتمثل في عدم الاعتراف بالديمقراطية نظاماً اجتماعياً/ سياسياً لكون مفهوم الديمقراطية منتجاً غربياً ومرتبطا بالثقافة اليونانية المسيحية (اننا نعرف متى حدثت كلمة اسلام في اللغة العربية وبمعناها الدراج انها لا شك من ابتكار القرآن ولكننا على جانب اقل معرفة فيما يخص مصطلح (ديمقراطية) فنحن لا نعرف متى درج في اللغة العربية مفردة مستوردة ولا نعرف حتى تاريخ حدوثه في لغته الاصلية. انما نعرف انه صيغ في اللغة اليونانية قبل عصر بيركليس هكذا نرى ان الصلة مفقودة بين المصطلحين وربما امكن القول مجازا نظرا لهذا التباعد من حيث التاريخ ومن حيث الجغرافية بان ليس هناك ديمقراطية في الاسلام)(3) إذ يعتمد مالك بن نبي في تقرير احد الجوانب المهمة بين الديمقراطية مفهوماً سياسياً يقيد سلطة الانسان في الوجود التاريخي للنظام الاجتماعي وبين مفهوم الاسلام نسقاً ميتافيزيقياً يقيد بخضوع الانسان الى سلطة الله.

حيث ان الاسلام يمتلك نسقاً ايديولوجياً للتأويل المستمر ويؤكد التمايز والاختلاف عن الاخر في ضمن مخزون تاريخي ضخم من الاستفهامات والتضخم الذاتي والشعور بالتفوق المستديم لذا تم تكريس مجموعة من التصورات المعرفية داخل النظام الثقافي الاسلامي المتشكل تاريخيا من الانساق الشعبوية والراديكالية إذ لم تقم الانتلجستيا الاسلامية بمراجعة دقيقة وشاملة للآليات والمفاهيم الدينية والسياسية والمحددات التيولوجية للحقل المعرفي والتي تمثل احد المقاومات القطعية بين الاسلام والديمقراطية إذ تم تحويل هذا المفهوم السياسي داخل الحقل الديني الى مجموعة خرافات واساطير نتيجة لغلبة الاشتراطات المجتمعية المهيمنة في انماط التفكير الاسطوري واشتغال آليات البتر والتحوير والتقليص لكي يطابق مفهوم الديمقراطية مع تحديدات المنظومة الدينية الاسلامية (ان هناك تناقضات بينهما تحديدا بسبب التغيرات الجذرية التي سمحت ببروز ظاهرة كالديمقراطية ان مقارنة هذين المفهومين اللذين ينتميان الى كوكبات افكار متباينة قامت بينهما انقطاعات كبرى اسست الحداثة. انما يعادل اجراء تماهي تسلسلي وتجاهل الطبيعة التناسلية والسلالية للمفاهيم المصالحية)(4).

إذ ان الديمقراطية ظاهرة ديناميكية لا تعمل داخل جهازها المفاهيمي والمعرفي لا تشتغل داخل انساقها بالتصنيفات والتمايزات الطبقية او الجنسوية او الاثنية او القومية او الطائفية وانما تأخذ الوجود الموضوعي، الفرد حجر الزاوية اما في الاسلام فان فكرة الفرد مسبوقة دائما بالانتماء الى الامة او الجماعة هذا التميز الاولي بين الاسلام كمنظومة دينية/ اعتقادية والديمقراطية نظام وتمثيلات يتأسس على مفهوم الفردية يلخص مجمل هذه التعقيدات في البنى والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والانظمة الثقافية إذ ان الاسلام نظام سياسي يكرس حقوق الجماعة الدينية مما يؤدي الى الانزلاق نحو انساق توتاليتارية سلطوية تقوم على استقالة المجتمع ككل (ان هذا المبدأ يعود الى عصر فلسفة الانوار ومفهومها للعقلانية التي يفترض ان تحكم ممارسات الانسان الفرد الحر في جميع مجالات الحياة الاجتماعية على شرط ان يتمتع هذا الانسان الفرد الحر بحرية مزدوجة تخص مجال المبادرة الاقتصادية من جانب حرية المبادرة في انشاء انشطة انتاجية وحرية التبادل في السوق وحرية عقد العمل والخيارات الساسية) يضاف الى ذلك فكره السيادة إذ ان التأويل المسيحي لمقتضيات التسيس قد ارتضته البروستانتية (المخرج بين الدنيوي والروحاني) والبيوريتانية (الاقرار بشرعية التصويت على اساس القانون الذي اودعه الرب قلوب مخلوقاته) بما يشي ان فكرة السيادة الالهية لا تحول بالضرورة دون ان يمارس الانسان سيادته وان سياق الممارسة الاجتماعية هو الذي يقرب الحج الثيولوجية عن مفهوم الديمقراطية او يبعدها، اما في الاسلام فان مفهوم السيادة الكاملة لـ(الله) واستحالة السيادة للبشر ما يمكن تصوره والاعتقاد به الامر الذي طالما قدم في معرض رفض الأنموذج الغربي للديمقراطية في العالم الاسلامي.

اما مسألة التعددية والاختلاف والتنوع في الانظمة الفلسفية والسياسية والاقتصادية والثقافية داخل الأنموذج الغربي للديمقراطية يتناقض مع الأنموذج الاسلامي القائم على وحدة الامة والجماعة الاسلامية والهوية الدينية الكلية الثابتة(5).

إذ تطرح جماعات الانتلجستيا الدينية الاسلامية موضوع الاشكالية الثنائية الاسلام/ الديمقراطية في ضمن التاطيرات الميتافيزيقية/ المتعالية اي خارج حقل التاريخ بوصف الديمقراطية آلية اجرائية لتنظيم وتحويل السلطة في المجتمع وبالتالي يمكن الجمع بين الاسلام والديمقراطية في المدلولات الحضارية والسياسية وفقا لمنطوق النص (وإذا قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة) يؤدي الخطاب الاسلامي الراديكالي الى تجييش النص والتلاعب بالمعنى المقدس لصالح الضرورات التاريخية.

ندرك ان هذا الخطاب الديني يضع نفسه دائما في ضمن سيرورات الاجابة ليشكل حضوراً مستمراً في ضمن مشاغل المجتمع وداخل بنية الشروط الاجتماعية والاقتصادية إذ ان اسلمة الديمقراطية نظام مؤسساتي وادخالها ضمن فضاء المفاهيم الاسلامية يمنح الاسلام وظيفة تمجيدية لاضفاء الصفة الدينية عليها، وقد وصف المفكر الايراني شايغان هذه الاشكالية المعقدة (ان الاسلام هو الذي يفكر أن يدخل في التاريخ ليقاتل الكفرة، اي الفكرويات المنافسة هكذا يقع الدين في فخ مكر العقل: فالدين حين يريد الوقوف ضد الغرب انما يتغربن ويتفرجن)(6)، إذ ان هذا النمط من القراءات ينكر التاريخ كلياً ويؤدي الى اختراق الثوابت النصية لمنطوق النص المقدس لتكريس فكرة مسبقة عن تفويض الجماعات البشرية لتحديد مصيرها في التاريخ في حين ان الاسلام منظومة عقائدية ينبذ فكرة التفويض من الاساس، لان (الله) الاسلامي لم يفوض اي سلطة لأحد غيره ولم تكن فكرة اتصاليته سوى الوحي، لذا لم تتشكل في الاسلام التاريخي سلطة دينية نتيجة منطقية لهذا الوضع المعرفي في حين ان الأنموذج الغربي للديمقراطية قائم على فكرة التفويض التي تشكل بنية محورية داخل الفكر الغربي وتعبر عن هويته الثقافية المسيحية حيث يتم اضفاء الشرعية السياسية على التفويض ويتم تعزيز قيمته المادية داخل بنية المجتمع باستمرار، ان مفهوم التفويض داخل اثريات النظام الثقافي الغربي حقق قطيعة معرفية حاسمة داخل الحقل الديني في انتقاله الى الحقل السياسي. ان هذه الانساق الابستيمولوجية (الفردية، السيادة، التعددية، التفويض) تلعب ادوارا مؤسساتية في الممارسة السياسية في نبذ الديمقراطية كمفهوم وممارسة داخل المجال الاسلامي او قيام الانتلجستيا الاسلامية بتعديلات جوهرية تمس البنية الاركولوجية للديمقراطية واحداث انماط شعبوية والترويج لها كالديمقراطية العربية او الديمقراطية الاسلامية.



رابعاً: تأسيس القطعية الابيستيمولوجية داخل النظام الديني الاسلامي

ان تاسيس مفهوم الديمقراطية داخل المجال الاسلامي يتطلب مرحلة اولية تفكيك واعادة انتاج النظام المعرفي للثقافة الاسلامية الذي هو شبكة التصورات التي كونتها الجماعات الدينية والسياسية عن(الله/ الانسان/ العالم) وايجاد علاقة جديدة بين الدين والسياسة وموقعهم من نظام الواقع الاجتماعي واحداث قطيعة بروتستانتية بالمفهوم (الألتوسري) داخل الكتلة المعرفية للنظام الديني الاسلامي قطيعة تستجيب لاحتياجات عالم ما بعد الحداثة وقيام عناصر الفصل بمختلف اشكالها في المجتمع التي تمثل حجر الزاوية في التاسيسات الديمقراطية وحذف التمثيل الديني والقومي وتحجيم التكوينات العشائرية وخلق شخصية مدنية او تحول جذري الى ثقافات راديكالية حديثة. فضلاً عن استبعاد كل فاعل تاريخي مفارق او خوف انساني وتحرير العقلانية من كل تبعية لللاهوت سواء كان مفارقا للإنسان او محايثا له والاعتراف بان الناس هم صانعو التاريخ.



الديمقراطية، الحداثة، ايضاحات حول الحقل التاريخي للمجتمعات العربية الاسلامية

اولاً:التوسعات او الراسمالية الطرفية.

ان النقطة الجوهرية في عملنا تاخذ مساراً مرجعيا تاريخيا، لماذا الانتقال الى الحداثة والديمقراطية غير ممكن نسبيا في المجتمعات العربية والاسلامية؟

ان الديمقراطية نظام علاقات مركبة هي نتاج حقل التاريخ اي انها تفاعل العوامل الموضوعية المادية (العلاقات الاجتماعية، نمط الانتاج الحداثة، التحضر، العامل الايديولوجي) وهي ترتبط من حيث انها ممارسة بالنسق القيمي للمجتمع المدني والبنى التخيلية والاقتصادية والسياسية للجماعات التي يتكون منها المجتمع فهي ليست مثلا عليا او مبادئ مجردة يطبقها هذا المصلح او ذاك فهي في جانبها النظري ليست اكثر من تمثيلات فكرية لعلاقات متبلورة او قيد التبلور، نظام علاقات اجتماعية وسياسية واقتصادية ومؤسساتية وثقافية تعمل بايجاز شديد على ثلا ثة مستويات:

اولاً: نظام علاقات بين افراد وفئات مجتمع معين.

ثانياً: نظام علاقات بين هذا المجتمع وبين الدولة كهيأة ناظمة لاحتكار وسائل العنف المشروع والتقنين لصيانة حياة وملكية وثقافة سائر مكونات المجتمع وحماية المجتمع نفسه ككل من التحديات الخارجية.

ثالثاً: نظام علاقات وظيفي مؤسساتي بين مكونات هذه الدول التي تضطلع بوظائف متباينة، التنفيذية التشريعية القضائية(7).

إذ ان العالمين العربي والاسلامي ينتميان في تصنيفات سسولوجية التنمية الى مجتمعات العالم الثالث اي المجتمعات الطرفية الغائبة او المهمشة في هيكلية الاقتصاد العالمي. ووفق دراسات المفكر الاقتصادي سمير امين التي تتحدد في سياق نظرية التراكم العالمي حول (المركز/ الاطراف) إذ ان التراكم الرأسمالي يحصل في مركز الاقتصاد العالمي بينما يقوم التخلف الاجتماعي والاقتصادي في الاطراف هذا التراكم مرتبط بآليات التوسع الكولونيالي الذي يشمل القارتين الافريقية والاسيوية خلال القرن التاسع عشر وهي موجة توسع من اجل فتح الاسواق التي رتبت على انجازات الثورة الصناعية لقد ادى هذا التوسع الى استقطاب على صعيد عالمي لم يكن له مثيل خلال الألفيات السابقة لتاريخ الانسانية وقد انتج هذا التوسع والتراكم على الصعيد العالمي القوى التي انتفضت فقادت الثورات الاشتراكية في روسيا والصين وثورات التحرر الوطني في اسيا وافريقية اي في مناطق طرفية عانت من الاستقطاب مما اوجد تغيرات ملحوظة في هرمية ترتيب الامم في المنظومة العالمية. وبالذات مجتمعات الاطراف إذ انقسم العالم الثالث الى مجموعتين من التشكيلات الاجتماعية الراسمالية الطرفية تتكون المجموعة الاولى من تلك المجتمعات التي استطاعت ان تقيم منظومة انتاجية وطنية متمركزة حول الذات وتضم المجموعة المجتمعات الاشتراكية سابقا في اوربا الشرقية والاتحاد السوفيتي والصين كما تضم كوريا والهند والبرازيل اما المجموعة الثانية فتضم العالم العربي والمجتمعات الاسلامية الى جانب افريقية وهذه المجموعة تقع في موقع المفعول به العاجز عن تطوير ستراتيجية خاصة به(8).

فالقوى المهيمنة عالميا تفرض على هذه الدول التكيف الاحادي الجانب والخضوع لاحتياجات التوسع الراسمالي فالمنطقة مهمشة بهذا المعنى الاقتصادي والسياسي وينعكس هذا الوضع في غياب خطط وطنية مستقبلية لدى الطبقات الحاكمة واحلال مشاريع وهمية ثقافوية ودينية سلفية إذ ان هذه المشروعات غير قادرة اصلا على ان تدرك التحديات الحقيقة.

ونتيجة للتكامل التدريجي الذي ادى الى انهيار أنموذج النظم السوفيتية في الشرق ونمط الدولة الوطنية الشعبوية في العالم الثالث وبزغت ملامح موجة جديدة من التوسع الكولنيالي إذ تظل اهداف راس المال المهيمن للشركات العملاقة هي السيطرة على الاسواق والإفادة من استغلال العمل في الاطراف حيث ان المشروع الجديد يعمل في اطار تغييرات بالغة كما ان الخطاب الذي يغطي المشروع ويضفي عليه المشروعية فصار يدعو الى نشر الديمقراطية وحقوق الشعوب).

ان تفحص مسار التوسع والتراكم الراسمالي داخل الحقل التاريخي يكشف لنا ان الهيمنة صفة دائمية لتشكيلات راسمالية المركز موازنة بالطابع المبتور لراسمالية الاطراف إذ ان غياب الديمقراطية في جميع مناطق الاطراف يكمن في خصوصية التراكم الراسمالي على عكس ظروف التراكم في المركز التي انتجت شروطا موضوعية اتاحت تحقيق حلول اجتماعية وسطى بين راس المال والعمل.

ان مجتمعات العالم الثالث (مجتمعات العالمين العربي والاسلامي) خصوصا دخلت في مرحلة انحراف بنيوي عن خط سير التنمية منذ خمسينات القرن الماضي وبسبب هذا الفشل الاقتصادي والسياسي للدولة الوطنية الشعبوية اتخذت الانظمة السلطوية سلسلة من آليات الدفاع عن الذات (معاداة الغرب، الاصالة الاسلامية، الاشتراكية العربية كما حجمت وهمشت الطبقات الاجتماعية الحركية وبالذات الطبقة الوسطى (حاملة التنوير والديمقراطية).

ان عدم حدوث التراكم الراسمالي في المجتمعات الطرفية هو نتيجة آليات التوسع والتراكم في مجتمعات (المركز) ان حدوث التركم في هذه المجتمعات كان ممكن ان يؤدي دورا وظيفيا كحامل سياسي وفكري واجتماعي في قيام عناصر الفصل بمختلف اشكالها في المجتمع. بالاضافة الى ان الديمقراطية لم تتجذر في هذه المجتمعات لعدم استجابة البنى والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والمقاومات التي تتسيدها مؤسسة الدين وظلت في افضل الفرضيات ظاهرة مؤقتة. شكلية وجزئية وناقصة تظهر في بعض الحقب وخاصة في مرحلة الازمات او تتخذ شكلا شعبويا معارضا في الجوهر للفكر الديمقراطي.



ثانياً:تصدع الحداثة، اشكالية البنيات الاجتماعية/ الاقتصادية للعالمين العربي والاسلامي.

يحدد العروي ثلاث كيفيات رئيسة لفهم التاريخ العالمي في ضمن الايديولوجية العربية المعاصرة (الشيخ الديني، رجل السياسة الليبرالي، القومي التقني)(9). إذ نجد تعبيرات هذه الانساق تتشكل منذ القرن التاسع عشر وقد تم تحديد وعي المجتماعات العربية ذات المنحى الاسلامي من خلال هذه الكيفيات

1. الشيخ الديني: يحدد التعارض الجذري بين الغرب والشرق في اطار الايدولوجية وداخل ثنائية مانوية صارمة (مسيحية/ اسلام) وهو يشتغل على ميراث ضخم (تاريخي وفقهي) يعيد انتاجه على الرغم من اختلاف وتحولات المجال التاريخي إذ يرجع دائما الى حرفية الطقوس ويحاول ان يعثر فيها على اسرار القوة والضعف وقد انتهى هذا الشيخ الخارج من الصدمة الكولونيالية والفضاءات الليبرالية (محمد عبده) الى شيخ ظلامي، تكفيري، اصولي (اسامة بن لادن).

2. رجل السياسة الليبرالية: حاول ان يحتل المسرح السياسي العربي ويحكم تلاشي الطبقة الاجتماعية او الشريحة التي كان يمثلها فقد تم اقصاؤه من الدولة والمجتمع بعد ولادة الدولة القومية العربية والتي ارست تكويناتها البرجوازية الصغيرة ذات النزعات الفاشية فقد (اختفى لطفي السيد) كموضوع في الحقل السياسي العربي.

3. القومي التقني البرجوازي الصغير: الذي تشكل مع الانقلابات العسكرية وحاول بناء دولة قوية انحدرت من مشروع دولة وطنية او جنين دولة قومية الى دولة فاشية، عشائرية وقد نزعت هذه الدولة المجتمعات العربية الاسلامية من الحقل السياسي ونقلتها الى الحقل الرعوي هذا القومي التقني الذي يتبنى مشروع فخم (الاشتراكية، القومية، الوحدة) انتهى الى صدام حسين.

ان الديمقراطية تشكيل مجتمعي وممارسة تقوم اولاً على اختيار ثقافي لصالح العقلانية في حين نرى ان المجتمعات العربية الاسلامية تتمركز حول هويات سياسية (اقلوية) وتعيد اكتشاف القيم البدائية الماقبل الدولة وتعاني الرفض المستمر للاخر الثقافي والسياسي تحت تاثير الهوس الديني والاسطوري وهيذيانات الاصوليات الدينية والسياسية واليسار المتطرف حيث ان الحديث عن الديمقراطية في العالم الاسلامي هرطقة منتحلة. فأقامت المجتمع الديمقراطي يؤسس على مجموعة من المتغيرات داخل النظام البنيوي المجتمعي عبر تحسين النظام التعليمي وتحديث الانظمة الفكرية وديمقراطية السياسة واضعاف تاثير القادة الدينيين والقادة السياسيين وتكريس المواطنة....



هوامش، ملاحظات، توصيفات.

حقل المفاهيم.

1. البنية، النسق، النظام: لا يمكن لنا القيام بدراسة تكوين نسق معرفي الابمعرفة سيرورة تطور هذا النسق داخل النظام وتركيب البنية سواء كان النسق الاقتصادي عند ماركس او النسق الاسطوري عند غودلية شتراوس او النسق الاركيولوجي عند ميشيل فوكو.

أ. (ان العلاقة بين نسق وآخر هي علاقة استمرار، علاقة تكوين او على وجه الدقة تاريخية حتى وان كان مصدر اختفاء نسق ما يقع فيه هو ذاته.

ب. حتى وان كانت شروط امكان تكوين نسق جديد تقع فيه هو ذاته فان مصدر الاختفاء المذكور هو في الوقت ذاته مصدر ظهور او تكوين نسق). [البنيوية والتاريخ، افولفو ياسكيثر، ترجمة مصطفى المناوي].

2. الانظمة الفكرية التي تشكل رؤيا للعالم (لوكاتشي، لوسيان غولدمان) (لاسباب ابستيمولوجية....) نمط التصورات الفكرية التي تعمل كثوابت كونكريتية داخل الانظمة الفكرية وهنا في هذا الحقل (البنية الاسلامية المعرفية) منظومة دينية. تقوم على بنية كلية يقينية قطعية تنفي أثر الجماعات البشرية في انتاج اشكالية وجودهم المادي والتاريخي.

3. الاسلام التخيلي/الاسلام التاريخي: ثمة اتساع بين نظامين معرفيين النظام التخيلي والنظام التاريخي في جميع الانظمة الفكرية تؤدي هذه الفجوة المتسعة والمشبعة بالاسطورة الى التوالد المستمر للاصوليات الدينية والسياسية فالماركسية التخيلية والتي تمثل سيرورات المتخيل البروليتاري في القرن التاسع عشر (استخلاصات الحقل التنويري الاوربي تتناقض جذريا مع الماركسية التاريخية والتي تنحو الى دوغمائية، استبدادية. فردانية، شمولية. لا يختلف الاسلام كنظام فكري عن طبيعة الانظمة الفكرية العامة. هناك اسلاميات تاريخية وشيع وطرق وحركات وملل وإسلام ميتا واقعي يؤسطر المرحلة المبكرة. واسلام يستثمر سياسيا ليغذي الانظمة السلطوية التوليتارية الكلانية.

الاسلام، الديمقراطية (حقل التقاطعات الابستيمولوجية).

1. يحلل د.الطيب البكوش الاشكالية اللسانية للمفهومين الثنائيين ديمقراطية/ شورى عبر المنظومات الرمزية التاريخية إذ ان النصوص المعتمدة بالنسبة إلى مفهوم الديمقراطية ليست نصوص حقوق الانسان وانما هي نصوص سياسية يتم داخلها عمليات الاستبدال من الحركات السياسية لفظ ديمقراطية بلفظ (شورى) التي لها بعد ديني ذو صلة بالميراث الاسلامي حيث ان عملية الاستبدال داخل الحقل الاسلامي لجعل مفهوم الديمقراطية اكثر عربيا واسلاميا مع الرفض الكامل للغرب المسيحي رفض نمط الديمقراطية الغربية القائمة على السيادة البشرية ويتم توصيف الديمقراطية بانها بدعة مرفوضة.

هكذا يتم مرور رفض الاخر الثقافي والسياسي والتاريخي عبر رفض اللفظ الرمزي او الشفرة الرمزية للغرب رغم اندماج مفهوم الديمقراطية في المعجم السياسي العربي الحديث اندماج يشير الى تجاوز المعجم الى البنى الصرفية وآليات الاشتقاق وعلى الرغم من ان الديمقراطية والشورى يشتركان في النظام السيمائي رغم تباين المجالين الدلاليين لكونهما لايتماثلان او يتطابقان. الديمقراطية مفهوم ينتمي الى التاريخ الغربي ويحيل على سلطة الاغلبية بينما تحيل الشورى على النص الديني وسلطة غير فاعلة منحصرة في الخاصة من القوم فان الدلالة اللسانية لمفهوم الشورى مشحونة بالرمز إذ يستعمل كوسيلة للايحاء الديني المتحكم في تصورات الاشياء المثيرة لعواطف الناس إذ يهيمن الجانب السيميائي على الدليل اللساني من حيث التصور الثقافي المشترك.

2. تحليل نص (الديمقراطية نظام كفر) لعبد القديم زلوم.

ان هذا النص ينتمي معرفيا الى مجال نظام الفكر الاسلامي الراديكالي الاصولي إذ ان الخطاب الراديكالي الذي هو نتاج ازمة معضلات الحداثة المعاصرة واشكالية العصرنة التي تمر بها المجتمعات العربية والاسلامية فهذا النص يؤكد العودة الى الاصول التاريخية في تنظيم التفكير وقواعد السلوك واقامة المنظومات القانونية والحقوقية والاجتماعية وتنظيم المجتمع والدولة والسلطة السياسية. إذ يستخدم الميراث الاسلامي (نصوص قرآنية احاديث وقائع تاريخية واسطورية) حاذفا اشتراطات التاريخية الحاضنة للنص مما يؤدي الى قطيعة معرفية مع حقل التاريخ البشري العياني. بطرح منظومة دينية مضادة لهيمنة الغرب بماديته وعلمانيته منظومة تعيد تركيب حقل تخطيطات الهوية والدمج بين الدين كمؤسسة اعتقادية والايمان كقناعة فردية ويؤسس وجوده الموضوعي وشرعيته في حقل السلطة السياسية انه نص هجائي مضاد للتاريخ.

3. تعدد مصادر التشريع هو مصدر ديناميكية العملية السياسية والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية ويمثل جزءاً من التوازنات الثقافية في حين تكريس راسمال رمزي اعتقادي كتمثيلات دستورية وعقد اجتماعي يمكن ان يغذي التمزق والفوضى داخل العالم الواقعي للمجتمعات العربية الاسلامية.

4. نقد مفهومي الاغلبية الدينية او الطائفية والاقلية الدينية او الطائفية لكونهما نتاج اسطورة المحاصصة والتوافقات السياسية وتصورات مجتمع اهلي لم يتشكل كمجتمع سياسي ولم تتبلور فيه الدولة السياسية ويتغذيان على قاعدة بنيوية ضخمة من الاحباطات والانكسارات لافتقار المجتمع العراقي للوحدة البنيوية والتسارع في عملية التمايزات وبروز النزعات الفرعية والانقطاع في التسلسل الاجتماعي وهذا يتناقض مع فلسفة الديمقراطية التي تقوم على التعايش بين الجماعات الاجتماعية بعيدا عن الانتماء ات الدينية او الطائفية او القومية.

5. خطاب الاسلام المعرفي، محاولة لايجاد صلة بين القرآن كمعرفة مافوق علمية (meta-sciontifique) وكونه اطاراً للمعرفة الاجتماعية ومرجعا سوسيولوجيا محكما مطلقا بعيدا عن تأثيرات بنية المجتمع ووظائفه ومع المعرفة العلمية والاجتماعية والاقتصادية. ان هذه المحاولة لتاهيل مفاهيم الحداثة والمفاهيم العلمية والاقتصادية وإيجاد تأصيلاتها في النص المقدس محكومة برهانات السياسية اكثر مما مرهونة الى التاسيسات المعرفية حيث تم انتاج مفاهيم الاشتراكية الاسلامية والديمقراطية الاسلامية....

6. الديمقراطية، الحداثة، ايضاحات حول الحقل الاجتماعي للمجتمع العراقي.

7. تحاول الانتلجستيا العراقية الاسلامية ايجاد تماثل وتوافق بين الاسلام والديمقراطية تحت وطأة المشروع الامريكي حيث ان قراءة آليات التحول في الخطاب السياسي لهذه الجماعات يكشف ان هذا التحول ليس له علاقة بمشروع بناء الدولة الديمقراطية وانما السعي الى حيازة السلطة السياسية عن طريق الانتخابات اي دعم مشروع سياسي محسوم سلفا لصالح الاغلبية الدينية او الطائفية بسبب ركود البنى والتكوينات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع العراقي واستنفار وهيمنة الهويات الطائفية والقومية والدينية والاثنية.

8. ان الحركات السياسية في المجتمعات الطرفية تقوم باعادة انتاج الاستخدام الايديولوجي للمعنى المقدس وايجاد صيغ توافق بين البنى السياسية والبنى الدينية وتقديم قراءة براغمانية للنصوص الدينية.

9. ان الديمقراطيين العرب او المسلمين سواء كانوا ينتمون الى احزاب سياسية او دينية على الرغم من ارائهم الراديكالية او الثورية هم ليسوا ديمقراطيين بالمعنى الحقيقي حيث انهم يشكلون مجتمعات مضادة للديمقراطية.

الهوامش

1. برهان غليون، المحنة العربية، الدولة ضد الأمة، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1994، ص130.

2. رضوان، السيد، سياسيات الإسلام المعاصر، مراجعات ومتابعات، بيروت، دار الكتاب، 1997.

3. بن نبي، مالك، القضايا الكبرى، دمشق، دار الفكر، 1991، ص134-135.

4. شايغان، داريوش، النفس المبتورة: هاجس الغرب في مجتمعاتنا، لندن، دار الساقي 1991، ص39.

5. للمزيد من التفاصيل: (Little, D: religion, oder and law. Torch Book, new yourk .1999, p. 55)

6. الإسلاميون المستقلون، محمد حافظ ذياب، ص131.

7. عبد الجبار، فالح، الديمقراطية الممكنة والديمقراطية الشمولية.

8. أمين، سمير، غليون، د. برهان، حوار حول الدولة والدين، المركز الثقافي العربي 1996..

9. العروي، عبد الله، الآيديولوجية المعاصرة، المركز الثقافي العربي 1993 ص10.



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع
- الحريم السياسي: مقاربات أولية حول الخطاب الجنساني في الثقافة ...
- اعادة انتاج النخب السياسية التقليدية2
- قراءة في التصميم الكولو نيالي للديمقراطية في العراق الراهن
- نقد النزعة التاريخية الأحيائية في الفكر العربي
- تحليل الخطاب السياسي حول مفهوم الديمقراطية الشعبوية


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - نحو إعادة قراءة حقل التمايزات للفضاء المفاهيمي، الإسلام/ الديمقراطية