أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - اثريات الطائفية السياسية / مقاربات اولية في العنف والعنف الطائفي / الهيمنة /الثروات / الراسمال الرمزي















المزيد.....



اثريات الطائفية السياسية / مقاربات اولية في العنف والعنف الطائفي / الهيمنة /الثروات / الراسمال الرمزي


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 11:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة عيوب في اغلب الدراسات المُشبعة بالايديولوجيات التبريرية والتي تشتغل حول مسالة العنف الطائفي في المجتمع العراقي، حيث تروج وبشكل اعتباطي بان العنف الطائفي شاذ عن النظام الثقافي في العراق وهو تجاهل واضح لعناصر هذا العنف ومدياته الدورية حيث ان الدولة العراقية تمتلك اقدم نظام طائفي سياسي في التاريخ الحديث وان هذا النظام مرتبط بشروط تاريخية محددة وهي شروط تكون وتَبَلور الدولة الوطنية العراقية في طور ازمة نمط الانتاج الراسمالي العالمي.
ان هذه القراءة والدراسات تقع في وهم التاريخية الكليانية للمجتمع العراقي حيث تستخدم منظومة شوفينية معرفية للدمج القسري لكل هذه الفضاءات الاجتماعية، الاقتصادية، الطوائف . الاثنيات. الشفرات السياسية. التنوعات الثقافية والتي لم تتشكل كهوية وطنية صلبة على حد تعبير الملك فيصل وانها بقيت تركيبات مغلقة يتم استنفار مكوناتها نتيجة للازمات الدورية في طبيعة تكوين الدولة العراقية. إذ ان الطائفية السياسية والقائمة في النسيج السياسي والقائمة في النسيج السياسي للمجتمع العراقي هي المحرك الاولي للعنف الطائفي وتمثل الجزء الاهم في تبلور المكونات العراقية كفسيفسيات مضادة داخل التركيبات الديموغرافية يرافقها باستمرار احتكار توزيعات السلطة السياسية والثروة.
في هذا المادة اسعى الى ايضاح المسالة العراقية الطائفية بلا مكر او تجاهل بدأ من تحديد عناصرها التاريخية الاساسية الى تحولاتها الغامضة كهويات مغلقة في العصر الاصولي ادت الى اشتداد العنف الطائفي والابادات الجماعية المتبادلة والقتل على الهوية وتفخيخ الاماكن المقدسة مشهد يومي صاخب حيث ان هذا العمل يعيد تشكيل بعض المقولات النقدية في مجالات التداول الثقافي العراقي للوصول الى جدل الطائفية/ السياسية واكتشاف حقل العلاقات الشائكة بين الظاهرة الطائفية وازمة تكوين الدولة العراقية وتركيبات الهوية نتيجة انـحراف التراكمات الراسمالية في المجتمع العراقي وضعف المجال السياسي البنيوي في الدولة العراقية الريعية. وهو اسهام في نقد العقل الطائفي السياسي والبحث عن حالة تنويرية اصلاحية في الحقل الثقافي العراقي حيث ان النظام السياسي العراقي لم يخضع الى متغيرات راديكالية كبيرة تمس النواة الصلبة والمتماسكة للبنى السياسية فمنذ التشكيل الاول لمجلس الحكم الانتقالي حتى الحكومة الانتقالية الثانية لم يخرج عن النسق القبلي العشائري والنخب التقليدية والجماعات الطائفية والقومية لتوزيعات السلطة.
حيث ان قراءة ظاهرة العنف الطائفي المتبادل بين الجماعات العراقية يتطلب قرآءة أولية لمفهوم الطائفية السياسية وتشكلها وارتباطها بتعثر خطاب الديموقراطية والحداثة وضعف المدنية والوقوع في فخ المحاصصات.
(1)
(الدين هو احد المتغيرات الاساسية في المجتمع البشري وفي المجتمعات المتعددة الاديان يبرز هذا المتغير كاحد معايير التباين بين الجماعات. حيث ان التنوع الديني في نفس المجتمع لا يكتسب اهمية سياسية الا اذا ترتب عليه تنافس او تنازع او صراع في مجالات القيم او الثروة او السلطة ومن هنا يبرز الفرق بين مفهومين (الطوائف) (Sects) والطائفية (Sectarianism). () المفهوم الاول يشير فقط الى التنوع في المعتقدات والممارسات الدينية بين الافراد اما المفهوم الثاني للطائفية فهو يشير الى استخدام هذا التنوع الديني لتحقيق اهداف سياسية او اقتصادية او ثقافية مثل المحافظة على مصالح ومزايا مكتسبة او النضال من اجل تحقيق تلك المصالح او المزايا لزعماء او ابناء طائفة معينة في مواجهة طوائف اخرى حيث تصبح الطائفية بهذا المعنى استخدام الدين كوسيلة لتحقيق اهداف دنيوية) فالطائفية السياسية كمفهوم حديث انتاج الاصوليات الاسلامية ولكن يمكن اكتشاف مقترباته داخل الثقافة العربية ـ الاسلامية الكلاسيكية وهي ليست عملية اسقاط مفاهيم معاصرة وانما هنا تماثل او متشابهات دلالية رغم ان المفهوم الحديث يحتوي على تصنيفات سياسية ومؤسساتية ونظام قيم ومجال سياسي وفي هذه المادة نأخذ العنف الطائفي كأحد الجوانب المعيارية في الطائفية السياسية العراقية.
إذ أصبح العنف الطائفي يشكل الحيز الاكبر في الفضاء السياسي للمجتمع العراقي رغم التشابك الحاصل بين هذه الظاهرة والمقدس الديني فهو في احد تعريفاته هيجان جماعي انفعالي محكوم بايديولوجية دينية كليانية يؤسس نظامه السيمولوجي داخل تركيبات ومؤسسات الدولة، والافراد، الجماعات، الحياة اليومية والنسق الثقافي. مما تعطيه القوة الدائمية على انتاج المعنى. إذ ان العنف الطائفي كمفهوم وممارسة تاريخية يشكل عنصر تشريحي لقراءة التكوينات الاساسية للنظام المجتمعي العراقي ولا يمكن فهم ابعاده السوسيولوجية دون الاطلاع على تركيبة المجتمع الدلالية واللغوية الحافة به؛ اي شبكة العلاقات العلاماتية داخل نظام الدين والتي تعمل في الحقل الثقافي. اصوله. مرجعياته التاريخية .التقاليد . القيم الفلكورية . المنظومة الايديولوجية التخيلية. الطقوس. آليات التكفير والتصنيف والتسمية داخل الانظمة الفكرية الطائفية.
إذ ان ظهور الطائفية السياسية في المجتمع العراقي يؤشر الى نهاية التاريخ لمقولة الدولة وتاسيس نمط جديد من العلاقات الموغلة في تركيبات بنيوية معقدة سياسيا واقتصاديا ودينيا وصراع مستديم نجد اساسه في حقل الايقونات المادية الثلاثة (الهيمنة السياسية على السلطة ـ احتكار الثروات الارضية ـ توسيع الراسمال الرمزي) والتي تمثل النسق الاول للعنف بين الجماعات الشيعية والجماعات السنية الاصوليتين. فالاصولية السنية تكرس ذاتها على التمزق الرمزي والخروج التام من التاريخ وتجعل خطوط التماس مع الطائفة الشيعية للصراع على احتكار الراسمال الرمزي هو الوقوع في الوهم السياسي الذي يتم انتاجه داخل المخيلة الايديولوجية في الاصالة والتفرد والهيمنة المستديمة والاستحواذ على الممتلكات الارضية فيتم استنفار هوية طائفية مضادة لحركة التاريخ.
ان دراسة مولدات العنف الطائفي في المجتمع العراقي مرهونة بالاجابة داخل الحقل السياسي على مجموعة من التساؤلات.
التساؤل الاول: تاريخية الاقصاء الطائفي (حقل السلطة والثروات المادية) والاشكال التي تظهر بها وهذا التساؤل يطال تاريخ الايديولوجية الاسلامية والخط الارثوذوكسي للدين الحق وكذلك تاريخ الثقافة والحيز المعرفي.
التساؤل الثاني: اختفاء وظهور العنف الطائفي كممارسة سياسية داخل تكوينات الدولة العراقية. بنية المجتمع العراقي القائمة على الصراع بين الطائفية الشيعية والطائفية السنية. تشوش وتفكك الطبقات الاجتماعية لصالح نزعات طائفية.
التساؤل الثالث: قراءة واقعية الصراع ا(لعنف الطائفي داخل الحركات الاسلامية الدينية "الاسلام الاصولي") تلك الحركات التي تمتد الى استثمار راسمال الطبقات السفلى في تركيبة الطائفية السياسية.
(2)
في دراسة فؤاد اسحاق الخوري (الامام والامير) يحاول ان يقسم الجماعات الدينية في العالم العربي طبقا لمعايير اجتماعية مع وضع الهوية الخاصة بكل جماعة في الحسبان ويفرق خوري بين الدين والطائفة. فالدين في العالم العربي هو دين السنَّة اما الطائفة فهي اي جماعة (غير سنيَّة) وهذا التعريف يحدد علاقات القوة والسياسة داخل الجماعات البشرية فالقوة بالنسبة لخوري هي المقياس الاساسي الذي نقيس به التطور التاريخي والاقتصادي للجماعات بعضها عن بعض حيث يرى تاريخ نشأة جماعة وبلوغ اهدافها في نشر تعاليمها لا يعود اكثر من كونه قضية سياسية ويذكر ان هناك اكثر من عنصر يوضح التفرقة بين الدين والطائفة مثل درجة تغلغل التراث الديني والثقافي. الوضع المركزي للدين والوضع الهامشي للطائفة. ثنائية المنظمات الطائفية تبني العقائد الراديكالية التي ترفض الدولة كما ترفض ايضا اي سلطة مركزية للدولة.
هذه التصنيفات تبدوا اختزال وطمس للابعاد والصفات وتثبيت صور نمطية للجماعات الدينية غير السنية وهنا تكون التسمية نسق من الهيمنة والاستبعاد التيولوجي والسياسي داخل حقل التاريخ مما يشكل مجال واسع لانتاج العنف الطائفي ضد (اخروية الاخر) وعدم الاعتراف بوجوده الموضوعي والتاريخي.
هذه التوصيفات تتمركز وتؤسس لعناصر الايديولوجية الطائفية والتي لا تكمن في مرجعيتها الدينية وانما في تغير الدلالات المستمر وتغير قوة المعنى السياسي حيث يتم تهميش المتن التاريخي المولد للمعنى لكونه قابل للتفسير وليس له معنى ثابت فهو متغير في ضوء الازمات الكبرى للاسلام السياسي في العصر الحديث. وداخل تحديدات هذا النسق تم اقصاء الطائفة الشيعية منذ القرون الوسطى من تاريخية السلطة السياسية حيث كانت ايديولوجية الطائفة الشيعية الامامية تطالب بصعود خط عصبوي الى هرمية السلطة بوصفة يحمل تفويضا الهيا ضد الخطوط العصوبية الاخرى.
فقد ظهرت الطائفة الدينية الشيعية الامامية في معترك الصراع والاضطهادات وتشكلت كجماعة سياسية لها نظمها ومعتقداتها الخاصة وتمايزت في شبكة الرموز التاريخية والكاريزمية والتفرعات اللاهوتية وقد عبرت عن ضرب من الليبرالية والعقلانية والطوباوية لكونها بقيت مهمشة ايديولوجيا وسياسيا في حقل الممارسات التاريخية.
هنا نجد ان الموقع الديني والسياسي للطائفة الشيعية الامامية اخذ صبغة معارضة لوسط سني مركزي تأقلم مع تخطيطات الدولة ووظف المكتشفات الايديولوجية في التجربة التاريخة، هذا الوضع فرض على الطائفة الشيعية الامامية البحث عن تعويضات التاريخ الواقعي العياني والذي هو ليس تاريخ الطائفة او وجودها الموضوعي وانما تاريخ الاضطهاد والعنف اخذت تحذف عناصر هذا التاريخ وتحيله الى دلالات ومعنى والدخول عبر التاريخ الميثولوجي الى سلطة الرمز والاسطورة. او المقولات الايديولوجية المطلقة وفي صيغ مندمجة بهذا النسق المزخرف وقد وجدت الطائفة عبر هذا التاريخ مخرجا لتعبر عن رفضها للدولة السائدة في تاريخ العالم العربي الاسلامي هو الانسحاب الكلي من المشاركة السياسية والرفض المستمر للدولة او السلطة القائمة خوفا على قداسة المبادئ من الدنس. فضلاً عن هذه الوضعية التاريخية كانت الطائفة الشيعية تعاني من الطرد المستمر خارج التاريخ امتدادا من عصر الفقهاء العثمانيين والذين كانوا ينظرون الى الطائفة بوصفها خارج رعايا الدولة الاسلامية حتى عصر الفتاوى المعاصرة والاحاديث السياسية والتي تتخذ مفهوم (الروافض) والولاءات المزدوجة السياسية والدينية موضوعا لها.
(3)
صاحب انهيار الامبراطورية العثمانية تغيرات في الخرائط الجغرافية وتبدلات للقوى السياسية والاقتصادية والطائفية. وتشكلت الدولة العراقية 1921 إذ كانت نتاج مشوه لنمط الهيمنة الكولنيالية وفي الطور الاول من ازمة النظام الراسمالي العالمي واستجابة للنظام المجتمعي العراقي فقد تم استيراد الملك فيصل الاول وتعيينه على العراق في مؤتمر القاهرة من قبل بيرس كوكس وجرتووديل ولورنس وتكونت الجماعات التي ساهمت في التأسيس من شيوخ القبائل العربية والاغوات الاكراد وكبار التجار والسادة الضباط الاشراف السابقين في الجيش العثماني. تمكنت هذه الجماعة والتي تشكلت كنخبة سياسية في المرحلة الليبرالية الدستورية من البقاء في السلطة حتى عام 1958 (حيث ان البنية الطبقية في العهد الملكي تتسم بالاستقرار وذلك نتيجة لعدة عوامل: التشكيل السريع لمؤسسات الدولة الملكية والكساد الاقتصادي العالمي لعام 1929 وسياسة تسوية الاراضي بين عام 1932-1938 وحالات النقص الشديد في التزود السلعي والتضخم اللولبي خلال الحرب العالمية الثانية). فقد تم تصميم الدولة العراقية على فق عصر الحداثة الاوربية حيث الغاء الهويات القومية والطائفية والعرقية والاثنية لصالح تمركز هوياتي والدمج القسري للجماعات الاثنية على فق متطلبات المصالح الاقتصادية ويبين الباحث حسن العلوي ان مشروع كوكس - النقيب اخذ شكله النهائي بعد تحديد ايديولوجية الدولة القومية الطائفية والذي يمكن تلخيص خطوطها العريضة: بـ(التبعية السياسية للغرب، واعتماد رجال الاقطاع والملاكين العقاريين وشيوخ القبائل كقوة سياسية ساندة للنظام السياسي وتمذهب الدولة كركن سياسي من اركان السلطة حيث اصبحت حقا شرعيا للعرب وليس للاكراد وللسنة العرب وليس للشيعة العرب وان تكون الحكومة قومية عربية وليس للاسلاميين او الليبراليين او الماركسيين. فقد تم سلخ الطائفة الشيعية الامامية من حقل توزيعات السلطة السياسية في عراق 1921 تشكل المذكرات السرية للملك فيصل الاول وثيقة سوسيولوجية بالغة الاهمية لمؤسس الدولة الوطنية العراقية تندمج مع وثائق المفكر الاجتماعي علي الوردي حيث نجد في هذه الوثيقة جرد حساب للدولة الوطنية العراقية بعد ان طال هذا التصميم الاستبعادي الاغلبية العربية الشيعية وتم تخطيط هوية غامضة لهذه الاغلبية الديموغرافية بوصفهم ايرانيين، غرباء ،عجم.
ان استبعاد تمثيل الطائفة الشيعية في تشكيل الدولة العراقية يعود الى ان (الشيعة العرب يشكلون الاغلبية المطلقة بينما لم تكن نسبة السنة العرب تصل الى 19% وهنا يكمن السبب في اختيار الانكليز زعيم السنة الى العراق لادارة الحكومة ودون الدعوة احد من الشيعة فضلا عن الموقف الصارم الذي اتخذه الشيعة من الاحتلال البرطاني إذ ان البريطانيين على صواب في ستراتيجيتهم وفي انـحيازهم الى مذهب الاقلية والتي ستبقى دائما بحاجة الى سند خارجي يحميها من سيطرة الاغلبية وهو الوضع المثالي لسياسة تريد البقاء في العراق تحت الهيمنة حيث ان تمحور السلطة في أقلية عشائرية ، اقلية مذهبية ، اقلية عنصرية يجعل اللجوء الى الاستبداد امر مفروغا منه إذ لا يمكن لحاكم اقلية ان يفكر بانتهاج اسلوب ديموقراطي ينتهي بانتزاع السلطة من بين مخالبه إذ ان الاستبداد حصيلة طبيعية لحاكم الاقلية وليس صفة خاصة بمذهب او دين او قومية معينة).
بعد انهيار تجربة الحكم الوطني 1958 نتيجة اندلاع الصراعات السياسية والفئوية جاء انقلاب 1968 والذي يحمل في احشائه نسق الدولة القومية الطائفية القديمة ويعيد تشكيل الدولة العراقية وبناء نظام مركزي صارم يستند الى شبكة معقدة من نظام القرابات والروابط القبلية ومؤسسات الشرطة والامن الوطني وصعود الفئات الريفية بايديولوجياتها القومية التي تتسم بالنزعات الشوفينية والطائفية مما انتج بناء دولة توتاليتارية تلغي الاختلاف وتمارس العنف والاقصاء والتهميش للجماعات الدينية وبالذات الشيعية.
4
ان نظام التنضيد الاجتماعي للمجتمع العراقي ياخذ بالفكر التقليدي بعيداً عن شكل التراتبية الاجتماعية، إذ يتالف المجتمع العراقي من مجموعات فسيفسائية معزولة (دينية، طائفية، قومية) (المسلمون فوق المسيحيين واليهود والصابئة وهرميات دينية حيث السنة فوق المسيحيين واليهود والصابئة وهرميات طائفية حيث السنة فوق الشيعة). إذ ان هذه الفسيفسائية المضادة لتكوينات البنية المجتمعية العراقية شكلت خاصية مستديمة لنمو الاستبداد السياسي الطائفي وانتج عن ذلك تمزق الهويات وعدم تبلور معارضة متكاملة ومتسقة فضلاً عن هيمنة الاقلية الطائفية. إذ ان المجتمع العراقي تشكل من دمج مجموعات بشرية وتركيبات خيالية وبشكل قسري إذ نكتشف هشاشة هذا الترقيع البشري حتى في مجال الخرائط الجغرافية الطائفية فالمجتمع العراقي ينقسم الى مجموعات طائفية قومية اثنية متمركزة حول هويات مغلقة ادت هذه البنية من التكوين الى عجز الطبقات الاجتماعية العراقية عن التبلور كنواة سياسية إذ تعاني الطبقة البرجوازية الوطنية العراقية من ازمة تكوين مزمنة وانهيار الطبقة الوسطى وتفتت الطبقة العاملة العراقية وتحول الافراد السياسيين الى نمط من الولاءات والتوجهات المقدسة ادى الى حضور الطائفية السياسية كوعي وسلوك ومحرك أولي للتاريخ. ان هذا الوضع يؤكد الفكرة الاساسية؛ ان المجتمع العراقي مجتمع لايمتلك التنظيم الاجتماعي او السياسي فهو يؤسس ذاته على التشظي الشديد والتمركز حول هويات ومرجعيات فكرية وسياسية تتراوح بين التعايش والنزاع المنظم نتيجة للعنف الطائفي الذي مارسته الدولة التوتاليتارية.
إذ ان التمركز حول الهوية الطائفية في المجتمع العراقي ياخذ نسق متعرج هذا النسق من الهوية يختبي في شبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية إذ تاخذ تشكيلة مقدسة ونموذجا اولي لعمليات توصيفات ثقافية ضد الاخر الديني او الطائفي او السياسي تتكثف هذه الظاهرة في المجتمعات المغلقة معرفيا والفاقدة لعناصر التعددية في النظام الثقافي والسلطة السياسية والتي تؤسس نفسها ضمن اطر اقتصادية اجتماعية متخلفة تقنيا لتصل الى فرضيتين:
الفرضية الاولى: التمركز حول الهوية الطائفية كجزء من نظام السيرورات السايكو/ اجتماعية للجماعات والافراد وهي محصلة مرتبطة بتعيينات الثقافة. هذه الهوية الطائفية تتكون من عناصر اسطورية/ تاريخيات/ ثقافات عتيقة بنى/ تقاليد/ طقوس/ كارزميات.
الفرضية الثانية: عندما تتعرض هذه الجماعات الدينية الطائفية الى كتلة من العنف المنظم (اخلالات، تهميش، اقصاء). اقصاء من الدورة السياسية، تحقق عودة الى التاسيسات الاولية. حدث تاريخي واسطوري او نصوص تخيلية وضمن هذه الوضعية التاريخية تتشكل صور نمطية بدائية وتركيبات ذهنية عن المقدس الديني والحقيقة الإلهية، هذه المنظومة المعقدة والمتشابكة من المتخيل الديني والطائفي مرتبطة بالحقل السياسي وحقل الهيمنة وتوازنات القوى وانتاج المعنى في الثقافات العراقية.
إذ ان تشريح تاريخية الطائفية السياسية العراقية وتحليل المكونات الاسطورية الاولية للمتخيل الطائفي والمتشكل داخل بنية الطائفة الشيعية ازاءالطائفة السنية أو العكس في الدين الرسمي العلماء - الفقهاء او الدين الشعبوي هو الذي يحكم ويضبط حركة الجماعات الدينية ازاء بعضها للأستحواذ على الرأسمال الرمزي عبر الممارسات التاريخية والسياسية ويتم الكشف عنه في لعبة الهويات المسلحة إذ ان من السهل بكثير ان نلتقط بوساطة هذا التحليل النواة الأرضية للممارسات الطائفية من ان نعيّن بطريقة معاكسة. كيف ترتدي الشروط والظروف الواقعية شيأ فشيأ شكلاً اثيرياً، فالطائفة السياسية تشكلت داخل البنيات الاجتماعية للمجتمع العراقي كعلاقات هيمنة وانماط مفارقة على تمزيق الهوية العراقية وكل هذا يأتي نتيجة الازمة السياسية والعجز التاريخي للنخب الحديثة في تأسيس الدولة العراقية مصحوب بأزمة أيديولوجية وتفتيت الرؤية الفكرية التي من خلالها يمكن اعادة تشكيل الدولة. بنية الاقتصاد، الاجتماع البشري، التنمية الاجتماعية، وجود هذه الارضية وفي هذه الشروط التاريخية والاجتماعية والاقتصادية تؤدي الى تكثيف الصراع في الحقل السياسي والتي تعبر عن ذاتها كعنف طائفي ويتم اعادة إنتاج هذا العنف ما دامت حركة الشروط الاقتصادية والسياسية والايديولوجية مستمرة ولم يخضع الحقل السياسي ومختلف عناصر القوة والتكوينات في المجتمع العراقي الى تغيرات راديكالية.
(5)
جاء تفكك الدولة العراقية 1921- 2003 ليؤدي الى انهيار البنى المرجعية السياسية والاقتصادية والقانونية والارشيفية ويعاد تأسيسها من قبل المصمم الكولنيالي الامريكي وما رافق هذا التصميم الجديد من عودة الى المرجعيات الاولية لما قبل الدولة وتغيير العقد الاجتماعي السياسي للدولة العراقية والذي يؤشر الى متغيرات راديكالية في التاريخ العالمي تعود الى ظهور شروط جديدة من الهيمنة.
داخل هذه المنطقة الحساسة والمتشابكة من المصالح الاقتصادية والتراكمات السياسية يظهر العنف الطائفي بين الجماعتين الشيعية/ السنية في أشد أشكاله ضراوة، بسبب انهيار مشروع الدولة القومية الطائفية (كوكس ـ النقيب) وتبادلات السلطة داخل المكون الطائفي العراقي وتفكيك العلاقات الاقتصادية وما ينجم عن ذلك من اقتلاع وتغيير شكل الملكية ودمار علاقات سياسية محمية بقوة فكرية ومادية إذ ان العلاقات الايديولوجيه التي يتم توظيفها في العنف الطائفي تقوم على مكونات اسطورية وتنحو نـحو الطوباوية والخطابات الانفعالية إذ انها لاتحمل اي خيار ايديولوجي او مشروع سياسي وانما تعبر عن مجتمع هلامي لم تتبلور فيه التشكيلات والمؤسسات مما يؤدي الى ان تلعب الطائفية السياسية دورا ديناميكياً في الصراع السياسي وهو في المحصلة النهائية صراع مواقع وهيمنة إذ شكل المشهد السياسي العراقي تماهيا مثيرا لتوزيعات السياسة تتظامن مع طبيعة التشكيلات الطائفية مما يؤدي الى تهديد مركز الدولة العراقية بالتفكك.
ان هذا العنف الطائفي نتاج احادي لمجتمع يعيش مرحلة ما قبل الدولة/ المؤسسة لم يدخل مرحلة التراكمات الراسمالية مما يؤدي الى اختراق الجسد السياسي كله.
هوامش
1-1. استخدم مفردتين الشيعة/ السنة كمفهومين يتعالقان في الحقل السياسي للبنى المجتمعية العراقية وليس بالبنى التيولوجية، هذا الاستخدام لايحمل في طياته اي نزعة نابية حيث أصوغ تاريخية العنف والعنف الطائفي في السياقات الواقعية العراقية وداخل مجتمع عياني ممارس.

2-1. ان قراءة الظاهرة الطائفية وعلاقتها بالمؤسسة الدينية والتاثيرات المتشعبة في المجتمع ـ الثقافة.
3 -1. اللعبة الايديولوجية للطوائف الدينية العراقية: (1) العلاقة بين السلطة الدينية .السلطة السياسية . (2) تركيبات المهدويات الشيعية والطوبائية السنية (3) مؤسسة الطوائف الدينية واحتكار المعرفة والتغيير للنص الديني.
4 -1. حضور التصنيفات الطائفية في الثقافة العراقية قديمة إذ تم الترويج لها في المسلسلات التلفزيونية وتقديم الجنوب العراقي على أنه عبارة عن فلاحين محنطين وجماعات قبلية وعشائرية يعيشون رثاثة الوعي السياسي وقد تم تكريس هزلية اللهجة الجنوبية سيمائيا.
5 - 1. تحديد مفهوم الايديولوجية الطائفية ووظيفتها الطبقية وعلاقتها بالسلطة السياسية للطبقات المسيطرة (مراجعة اطروحة المفكر مهدي عامل).
6 - 1. تشريح تاريخية الطائفة تحليل الاساطير الاولية التي تحكم وتضبط ايديولوجية الجماعات الدينية .
1 - 2 . ستراتيجية المعنى في التركيبات الطائفية العراقية سوى كانت الجماعة الشيعية او الجماعة السنية يشتغل دائما في اليات التصنيف الهيمنة التمثيل .
2 - 2 . الهيمنة اداة ضبط نتاج فائض القيمة الرمزي.
3 - 2 . ان اليات التصنيف في التاريخ السني الذي تبناه الامويون ثم العباسيون ثم العثمانيون، ثم الاصولية الاسلامية السنية والتي هي نتاج الدولة الوطنية العربية فسمي الاسلام الشيعي المطرود خارج التاريخ الرسمي (الروافض) انعكست هذه التسمية في تحديدات الهوية وتخطيطات انماط الثقافة والعنف.
4 - 2 ، الترابط بين النسق الميثيولوجي والتاريخ الايديولوجي للطائفة الشيعية في المجتمع العراقي تحتاج الى قراءة الشعائرية الطائفية باعتبارها مجال واسع لانتاج العنف.
5 - 2 . الاستحواذ على الثروات باعتبارها مجال للهيمنة يتطلب السيطرة على جهاز الدولة الخراجية والتي تصبح مجال واسع للنهب والتراكم وتوسيع انتاج الراسمال الرمزي .
1 - 3 . تبدو ان الانساق والعلاقات الاجتماعية وانماط الانتاج الفضاء القادر على فهم المقدس داخل الطائفة .
2 - 3 . العودة الى كتاب الباحث حسن العلوي الشيعة والدولة القومية حيث يحتوي على سرديات تاريخية وثقافية موغلة في التفاصيل حول العلاقة الدموية الاقصائية بين شيعة العراق والدولة القومية.
3 - 3 . ان تاسيسات جيش المهدي ـ فيلق عمر ... والجيوش الاسلامية الاخرى تلعب في الحقل الدلالي الاكثر سخونة وخطورة وخاصة عندما يتم استنفار المخزون التاريخي او اعادة انتاج الاسم الدلالي في ستراتيجية توازنات وتوسيع دائرة العنف الطائفي وفي الرهانات السياسية الواقعية لتوليد القوة.
1 - 4 . الدولة العراقية شهدت ثورات انتفاضات لم تخضع الى متغيرات او اعادة بناء راديكالي للنسق السياسي. دائما يتم اعادة بناءها على نظام من التوترات المعقدة لحفظ الدولة من الفوضى وهذا النمط يطلق عليه في علم الاجتماع المعرفة (الفسيفسائية المضادة) والتي تتمحور حول الاستبداد والمدنية المنقسمة والنخب الدائرية والتي يتم اعادة انتاجها باستمرار.
2 - 4 . ان نمط الانتاج والملكية واللتان هما مقولتان عند ماركس تعودان هنا لتوصيف الثروة عند الافراد او المجموعات الاجتماعية داخل المجتمع إذ استحواذ الطائفة على الممتلكات.
3 - 4 . لا يمكن اختزال الطبقات الاجتماعية الى فروقات بين الافراد يمكن تعريفها بمسار نقاط الاختلاف في عنقود متعدد الجوانب في تراتيبة القوة والمكان والثروة لان الطبقات لاتشير الى علاقات التوزيع في السوق بل الى علاقات الانتاج. بريان. نهايات الاستشراق.
المصادر
1- سعد الدين ابراهيم . تأملات في مسألة الاقليات ص 12.
2 - فؤاد اسحق خوري . الامام والامير ص 7 .
3 - حسن العلوي . الشيعة والدولة القومية ص 128.
4 - ليلى خاكي . الشهادة في تراث الشيعة الامامية واهل السنة والجماعة .ص17 .
5 - د. فرهاد ابراهيم .الطائفية والسياسة في العالم العربي ص30 .
6 - حنا بطاطو . الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية ج3 ص 70 .



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو إعادة قراءة حقل التمايزات للفضاء المفاهيمي، الإسلام/ الد ...
- إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع
- الحريم السياسي: مقاربات أولية حول الخطاب الجنساني في الثقافة ...
- اعادة انتاج النخب السياسية التقليدية2
- قراءة في التصميم الكولو نيالي للديمقراطية في العراق الراهن
- نقد النزعة التاريخية الأحيائية في الفكر العربي
- تحليل الخطاب السياسي حول مفهوم الديمقراطية الشعبوية


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - اثريات الطائفية السياسية / مقاربات اولية في العنف والعنف الطائفي / الهيمنة /الثروات / الراسمال الرمزي