أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حسين محمود التلاوي - عن تيك توك وغسيل الأموال والفقر الحضاري: هل نحن مجتمع -تافه-؟














المزيد.....

عن تيك توك وغسيل الأموال والفقر الحضاري: هل نحن مجتمع -تافه-؟


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 18:49
المحور: قضايا ثقافية
    


كي لا أطيل في الإجابة عن هذا السؤال، أقول: لا، بفضل الله لسنا، في مصر، شعبًا تافهًا، لكن كل ما في الأمر أننا شعب كبير العدد. فإذا افترضنا أن عددنا 112 مليون نسمة، فإن 1% من هذا العدد يعادل نحو مليون ومئتي ألف شخص، ولنقل مليونًا تقريبًا. فإذا افترضنا أن 1% فقط من المجتمع يعاني التفاهة، فهذا يعني وجود مليون شخص تافه؛ وهو عدد قد يساوي تعداد سكان دولة. وإذا افترضنا أن 10% فقط من هؤلاء لديهم اتصال بالإنترنت، فهذا يعني وجود مئة ألف شخص. وإذا افترضنا أن 10% فقط من هؤلاء أثرياء، لا مجرد ميسوري الحال، فإننا نتحدث عن عشرة آلاف شخص قادرين على الاتصال بالإنترنت، وعلى درجة من الثراء والتفاهة تتيح لهم إرسال الأموال عبر تيك توك للمشاهير وغيرهم.
هذه، بالطبع، إحصاءات افتراضية عشوائية، لكنها تشير – في الحد الأدنى – إلى رقم لا يقل عن عشرة آلاف شخص؛ وهو عدد كافٍ لإحداث ضجيج حقيقي في الفضاء الافتراضي.
غير أن المسألة لا تقف عند هذا الحد. فكما أننا شعب كبير العدد، فإن لدينا أيضًا نسبًا مرتفعة من الفقر؛ وهو ما يخلق بيئة مواتية لنمو بعض الأنشطة الهامشية غير التقليدية؛ مثل احتراف التفاعل عبر الإنترنت. وبما أن هذه الأنشطة هامشية وغير تقليدية، فإنها تكون بعيدة عن رقابة المجتمع بأدواته المختلفة؛ سواء سلطة الأسرة داخل البيت، أو سلطة الدولة داخل المجتمع. وحين تخرج هذه الأنشطة عن السيطرة، تتحول إلى وسط حيوي مناسب لنمو أنشطة غير مشروعة، وعلى رأسها غسيل الأموال.
كيف تُغسَل الأموال؟
لدينا، على سبيل المثال، شخص فاسد: تاجر مخدرات، أو آثار، أو سلاح، أو كل ذلك معًا، جمع أموالًا لا يستطيع الاستفادة منها بصورة طبيعية، ولا يمكنه إيداعها في البنوك. ماذا يفعل؟! فطيلجأ إلى تأسيس شركة تتعامل مع تيك توك، ويستقطب مجموعة من الشباب الذين لا تتوافر أمامهم فرص عمل حقيقية، مع إغرائهم بتحقيق ربح سريع. تتفق الشركة مع هؤلاء الشباب على الدخول إلى حسابات مشاهير بعينهم، تكون الشركة نفسها على تنسيق مسبق معهم. يتفاعل الشباب مع هؤلاء المشاهير، فتتدفق الأموال الناتجة عن المشاهدات إلى حساباتهم، ثم تدخل الأموال القذرة إلى حسابات الشركة باعتبارها أرباحًا من تيك توك، فتتحول ظاهريًا إلى أموال "شرعية".
المسألة، في الواقع، أكثر تعقيدًا من هذا العرض، لكن هذا تبسيط غير مخل بجوهر الفكرة.
تهريب سموم، وسرقة ثروات..
وقد يُطرح سؤال: لماذا لا يلجأ صاحب هذه الأموال إلى بناء عقارات أو شراء أراضٍ؟ هذا يحدث بالفعل، لكن أولًا حجم الأموال يكون ضخمًا، وثانيًا: نحن أمام شخص يضخ سمومًا في المجتمع عبر المخدرات، ويسرق ثروته عبر تهريب الآثار. ومن الطبيعي أن تطلب منه الشبكات الخارجية التي تسلّمه المخدرات أو تشتري منه الآثار أن يُدخل نوعًا آخر من السموم إلى المجتمع، يتمثل في الترويج لأفكار وأنماط من المشاهير على تيك توك، ودفعها إلى الظهور والانتشار، بحيث يبدو أمام المجتمع أن لها شعبية حقيقية، وأمام الشباب أن هناك شبابًا "عاديين"، يدفعون الأموال ويدعمون هذا المحتوى. وهكذا يتشكّل مظهر زائف للمجتمع أمام نفسه، فنبدأ في وصفه بالانحراف والتفاهة، ونفقد الثقة في بعضنا وفي المجتمع ككل. وبهذا لا تُسرق الآثار فقط، بل تُسرق أيضًا ثروات أخرى أخطر؛ مثل الموارد البشرية، وطاقات الشباب، والتماسك الاجتماعي.
هذا يشبه إلى حد بعيد ما يحدث في شركات إنتاج ما يُعرف بأغاني المهرجانات، وعمليات تلميع من يُطلق عليهم "مطربو" المهرجانات.
ولأن لديَّ حسابًا على تيك توك، تصلني إعلانات ترويجية كثيرة، وعروض عمل متعلقة باحتراف التفاعل على المنصة. أستمع إلى العرض حتى نهايته بدافع المعرفة، ثم أرفضه بعد ذلك.
أين الدولة؟!
ماذا عن دور الدولة؟ لقد بدأت بالفعل في محاصرة هذه الظاهرة، لكن المشكلة أن أطرافًا نافذة متورطة فيها، والفساد في مجتمعنا واقع لا يمكن إنكاره. لذلك تسير الإجراءات ببطء شديد، بل ببطء ملحوظ.
وفي الختام، نحن شعب محترم. نعم، يمكن القول إن نسبة كبيرة منا تعاني الفقر، لكننا شعب ثري أخلاقيًا وحضاريًا. لسنا "شعب تيك توك". لا يزال الخير فينا، وسيظل فينا، بفضل الله، لكننا بحاجة إلى أن تبذل الدولة جهدًا أكبر وأسرع.
مرة أخرى أقول إننا لسنا شعب تيك توك، ولا شعب من تقول إنها إذا وقفت على أموالها، تستطيع أن ترى زامبيا. نحن شعب مكافح، باني حضارة، وصاحب بصمة واضحة في تاريخ الإنسانية عبر جميع مراحله وعصوره.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات إفريقية: الرجل الذي جعل بلاده أرض النُّزَهاء..
- حكايات إفريقية: الرجل الذي جعل بلاده أرض النُّزَهاء..
- حكايات إفريقية: لوران كابيلا.. الموت يأتي من قمم الأشجار
- هل من جديد؟!
- قراءة سريعة في خطاب الحزب الشيوعي الأمريكي إلى الحزب الشيوعي ...
- هاري بوتر... ما لم تقلْ رولينج في قصصها
- إيلا المسحورة.. بحث عن الذات وإثبات الهوية
- الاشتراكية الديمقراطية في مصر.. أبرز النقاط
- مخيم النصيرات: نظرة في عدوان أعمى
- نفسي الأمارة بك.. بطاقة تعريف أدبية
- دون جوان موليير.. خواطر سريعة عن تحفة إبداعية
- غزة والسيناريوهات اللبنانية
- لسان الدين بن الخطيب
- أدب أفريقيا السوداء.. تتبع وآفاق
- شجاعة (قصة قصيرة)..
- مستقبل الوضع الفلسطيني من وجهة نظر تناقض ماو
- في علم اللغة: على سبيل التقديم المبسَّط
- علم اللغة: على سبيل المقدمة المبسّطة
- وضع متجمد، وآفاق ضبابية وتساؤلات الممكن والمستحيل.
- سباعية الفَقْدِ والحنين


المزيد.....




- وسط تصعيد وضربة سعودية.. الإمارات تعلن سحب قواتها من اليمن
- سرقة بالملايين من خزائن بنك ألماني.. في واحدة من أكبر عمليات ...
- اعتراف إسرائيلي بأرض الصومال .. هل وُلِدت دولةٌ جديدة؟
- فرنسا وتسع دول أخرى تعرب عن قلقها إزاء -تدهور الوضع الإنساني ...
- استشهاد طفلتين وعمليات نسف متزامنة برفح ومدينة غزة
- نصائح للوقاية من العدوى المنقولة بالغذاء
- عبر الخريطة التفاعلية.. تفاصيل المشهد اليمني عبر الخريطة الت ...
- فيديو لغارة أمريكية على قارب بشرق المحيط الهادئ يثير تساؤلات ...
- السعودية: المملكة لن تتردد في مواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها ...
- تصاعد موجة الاحتجاجات في إيران بسبب ارتفاع الأسعار بشكل حاد ...


المزيد.....

- قواعد الأمة ووسائل الهمة / أحمد حيدر
- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حسين محمود التلاوي - عن تيك توك وغسيل الأموال والفقر الحضاري: هل نحن مجتمع -تافه-؟