أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - نفسي الأمارة بك.. بطاقة تعريف أدبية














المزيد.....

نفسي الأمارة بك.. بطاقة تعريف أدبية


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 7972 - 2024 / 5 / 9 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


تجربة هي الأولى للكاتبة العراقية المهندسة "فاطمة حسن حكمت"، وبكل تأكيد لن تكون الأخيرة؛ إذ قدمت رواية "نفسي الأمارة بك" للمشهد الأدبي كاتبة من العيار الثقيل على الرغم من حداثة تجربتها الأدبية.
ولعل من الغريب أن نقول إن الرواية قدمت لنا كاتبتها، بدلًا من أن نقول إن الكاتبة قدمت لنا روايتها؛ لأن الكاتبة، في تقديري، لن تجد بطاقة تعريف أبدية لها خيرًا من هذه الرواية. ولكي لا يكون الحديث مرسلًا، لنحاول في الأسطر التالية استكشاف بعض جوانب الرواية الصادرة عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع بالعراق مطلع هذا العام.

التعبير عن الذات.. بوصف الآخرين
يقال إن الكاتب لا يستطيع أن يخلع جلده على باب الرواية؛ وهو ما يعني أن شخصية الكاتب سوف تظهر لا محالة في جنبات الرواية، إن كان ذلك في صورة شخصية كاملة، أو بعض المواقف، أو شيء من التعبيرات على لسان شخصيات العمل الأدبي.
لم تكن رواية "نفسي الأمارة بك" استثناء من ذلك؛ حيث برزت شخصية الكاتبة في العديد من المواضع، وكأنها تعبر عن آلامها وهمومها في الشخصيات. لكن الجديد أن الكاتبة استطاعت أن تعبر عن جزء من ذاتها في شخصياتها على اختلاف هذه الشخصيات؛ فكأن الكاتبة اختارت من ذاتها أجزاء تناسب شخصياتها، ومنحت كل شخصية الجزء الملائم لها؛ فلا يبدو التعبير عن الذات فظًّا، أو خارجًا عن السياق، أو مفتعلًا.

سحر الوصف
وما دمنا نتكلم عن الوصف والشخصيات، فلا ريب أن أول ما يلفت انتباه القارئ دقة وصف الكاتبة واهتمامها بالتفاصيل؛ وهي الأمور التي تميز الأدب الأنثوي في العموم. كان هناك حرص من أول سطر في الرواية على الوصف الدقيق لكل شيء؛ فجاء وصف الشخصيات من الداخل إلى الخارج أو من الخارج إلى الداخل دقيقًا يجعل المرء يشعر، وكأن هذه الشخصية أو تلك تجلس بجواره أثناء قراءة الرواية. إذن، أكسب الوصف الشخصيات بعدًا أصيلًا بدت معه وكأنها شخصيات حقيقية. ولم لا، والشخصيات — كما قلنا — تتضمن جزءً من ذات الكاتبة؟!
يُعَدُّ كلُّ ما سبق من جوانب الإبداع في الرواية، لكن ما يمكن اعتباره من جوانب السحر في الرواية وصف المشاعر والمعنويات. وصفت الكاتبة المشاعر والمواقف في الرواية بدقة جعلت المرء يعيش الموقف، وكأنه يحياه في العالم الحقيقي، وليس بين صفحات الرواية. ولعل هذا هو السبب فيما ورد في أول هذه القراءة السريعة من أن الكاتبة منحت للشخصيات شيئًا من روحها؛ لأن المشاعر التي وصفتها الكاتبة في الشخصيات تبدو وكأنها مشاعر شخصية حقيقية مرت بالأنفس في الواقع؛ فجاء وصفها على الورق صادقًا ومعبرًا.

كآبة وحزن؟!
يقول الشاعر الراحل "نزار قباني" في قصيدته "الحزن" إن "الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان"، وقد غنى المطرب العراقي "كاظم الساهر" هذه القصيدة في أغنية بعنوان "علمني حبك" لتنتشر القصيدة عبر الأثير الناطق بالعربية على جناحي صوت كاظم الساهر. فهل من المصادفة أن يكون "الساهر" عراقيًّا مثل كاتبة الرواية؟
ربما كانت تلك مصادفة، لكن العراق لم يعرف الاستقرار والسعادة منذ سنوات طويلة، ولعل الأغنية تعبر عن حال العراق الوطن والمواطن؛ فلماذا تأتي الرواية استثناء؟! كما قلنا في بداية الحديث إن المؤلف لا يستطيع أن يخلع جلده على باب الرواية؛ ومن ثم يبقى فيها من ذاته وصفاته الكثير؛ وهو ما تحقق في هذه الرواية.
يمكن القول إن هناك جوًّا عامًّا من الكآبة والحزن يغلف الرواية وصفًا وأحداثًا وشخصيات؛ فهل هذا يرجع إلى الاضطراب الذي يمر به العراق؛ ذلك الاضطراب الذي ترك — بكل تأكيد — بصماته على روح المؤلفة التي انسابت عبر قلمها إلى صفحات الرواية؟! ليس هذا الأمر بالمستبعد، لكن المؤلفة استطاعت أن توظف هذا الإحساس القاتم توظيفًا ساهم في توضيح العديد من الأفكار والرسائل المفعمة بها الرواية، وكأن الكآبة والقتامة كانتا مصباحًا ألقى بالضوء على مجموعة من المفاتيح الرئيسية لفهم الرواية.

الحب؟! أم الفراق؟!
يقودنا هذا إلى سؤال: ما الرسالة التي ربما كانت مخبأة بين ثنايا الرواية؟! في قلب الأحداث وحركة الشخصيات التي تسير نحو مصائرها المحتومة دون حول منها ولا قوة تأتي الرسالة واضحة في نهاية القصة؛ الحب. تؤكد الكاتبة أن الحب يبقى، وورود تلك المقولة على لسان شبح تؤكد لنا أن الحب باقٍ؛ وهو العنصر الذي يربط الأحياء بالأموات من خلال الوفاء للمحبة؛ فالذي مات يبقى حيًّا في قلوب أحبته.
لكن يمكن القول إن هذه الرسالة الظاهرة؛ الحب باقٍ ومؤثر. لكن الرسالة المبطنة أن الكتابة دواء الروح؛ وهي حامية الحب، وما يبقيه على قيد الحياة؛ فلولا الكلمات والإبداع لمات الحب، وتلاشى.
ربما كانت تلك من جوانب الضعف في القصة؛ فالقصة واضحة للغاية تقول للقارئ ما يود الكاتب أن يقول دون أي ترميز أو إيحاء، بل تعبير مباشر وكفى. لا تتناسب تقنية التعبير المباشر مع الأعمال الأدبية؛ فلا بد في الأدب من ترميز وإيحاء، لكن الحديث المباشر يناسب أكثر المقالات والكلمات الدعائية.

في نهاية الحديث يبقى أن هذه الرواية تعبر بكل وضوح عن هموم المجتمع العراقي؛ وبوجه خاص الإناث فيه؛ وهو تعبير أجادته المؤلفة؛ وهي مدينة بذلك إلى قدرتها على الوصف واستخلاص كل شعور على حدة من كتلة المشاعر المتضاربة والمتشابهة التي مرت بها الشخصيات في العمل الأدبي.
هي رواية جيدة، وعلامة فارقة في أدب الكاتبات الشابات في العراق، وكما بدأنا حديثنا ننهيه بالقول إن الكاتبة لم تكن لتجد بطاقة تعريف أدبية خيرًا من هذه الرواية.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دون جوان موليير.. خواطر سريعة عن تحفة إبداعية
- غزة والسيناريوهات اللبنانية
- لسان الدين بن الخطيب
- أدب أفريقيا السوداء.. تتبع وآفاق
- شجاعة (قصة قصيرة)..
- مستقبل الوضع الفلسطيني من وجهة نظر تناقض ماو
- في علم اللغة: على سبيل التقديم المبسَّط
- علم اللغة: على سبيل المقدمة المبسّطة
- وضع متجمد، وآفاق ضبابية وتساؤلات الممكن والمستحيل.
- سباعية الفَقْدِ والحنين
- إلى ما بعد الأبد
- قبل أن يتلاشى الدخان (قصة قصيرة)
- العلاقات الثقافية العربية الروسية: تاريخ وتطور
- روسيا من الداخل (5): الأدب الروسي — أخماتوفا.. التي لم تترك ...
- روسيا من الداخل (4): الأدب الروسي — نظرة عامة (أ)
- روسيا من الداخل (3): مجتمع الروما
- روسيا من الداخل (2): سيبيريا — الجماعات العرقية (ب)
- أدب الثورة الجزائرية: موجز مختصر
- دينو بوزاتي.. حياة وكتابات وسمات وانتقادات
- أدب المرأة في الجزائر.. إضاءة نقدية سريعة


المزيد.....




- -الشاطر- فيلم أكشن مصري بهوية أميركية
- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - نفسي الأمارة بك.. بطاقة تعريف أدبية