أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - حكايات إفريقية: لوران كابيلا.. الموت يأتي من قمم الأشجار














المزيد.....

حكايات إفريقية: لوران كابيلا.. الموت يأتي من قمم الأشجار


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 02:59
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من بين الحكايات اللافتة في القارة الإفريقية حكاية كابيلا.. لوران ديزيريه كابيلا.
كان لوران كابيلا رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا). وقبل تولي الرئاسة، كان ثائرًا على الديكتاتور موبوتو سيسيكو، الرئيس المخلوع للكونغو الديمقراطية حين كانت تُعرف بزائير. اعتمد كابيلا في ثورته على تراث بلاده؛ فاستغل عنصر التراث والعادات والتقاليد بعمق لجذب القبائل إلى صفوف جيشه وحشدها ضد النظام الحاكم. وفي النهاية جمع جيشًا وزحف به إلى العاصمة كينشاسا، وسيطر عليها، وأسقط حكم سيسيكو في مايو 1997، وأصبح رئيسًا للبلاد. سقطت الديكتاتورية المتداعية، وتولى الثوار الحكم.
وكان من أوائل القرارات التي اتخذها كابيلا، بعد أن أصبح رئيسًا، أن أعاد اسم بلاده إلى "الكونغو" كما كان قبل الاستعمار البلجيكي. كانت تلك خطوة تعبّر عن رغبته في القطيعة مع الفترة الاستعمارية وكل ما يتصل بها. ولتمييزها عن الكونغو برازافيل – التي كانت دولة واحدة مع زائير قبل الاستعمار – جعل اسمها "الكونغو الديمقراطية".
لا يمكن وصفه بالنزاهة الكاملة، لكنه كان يسعى إلى إنهاء سيطرة الشركات الأجنبية التي كانت دولها تدعم سيسيكو. ومعه بدأت الكونغو الديمقراطية مسارها نحو الوحدة والاستقرار، وهو ما يعني بدء استقرار منطقة البحيرات في إفريقيا. تخيّلوا الوضع آنذاك: رئيس بتفويض شعبي، بلد واسع المساحة، ثروات طبيعية، تنوع عرقي، محاولة للحسم العسكري تجاه كل حركات التمرد في البلاد، وتصفية للارتباطات والموروثات من المرحلة الاستعمارية… عملاق إفريقي يتأهب للاستيقاظ.
كان طبيعيًّا ألا يروق هذا الوضع – على ما فيه من سلبيات – لبلجيكا ولا للولايات المتحدة، ولا لسائر العصابة الغربية؛ فالنموذج الثوري التحرري قد يُحدث عدوى في القارة الإفريقية، ويهدد النموذج التنموي، الذي بدأ الغرب يروّج له في رواندا المجاورة كدليل على أن لا نجاة لإفريقيا إلا بالارتباط بالغرب. في البداية، جرى دفع رواندا، وبدرجة أقل أوغندا، لدعم ميليشيات شرق الكونغو الديمقراطية استنادًا إلى الخلافات العرقية والسياسية بين البلدين. لكن ذلك لم يكن كافيًا من وجهة نظر العصابة الغربية؛ حيث كان لا بد من التخلص من "الرأس" نفسه، وهكذا كُتبت نهاية كابيلا.
وبما أن الغرب يهوى ترك بصمته – على طريقة العصابات في أفلام هوليوود – فقد كان مقتنعًا بأن نهاية كابيلا ينبغي أن تكون "تراثية"، بما أن الرجل يعشق تراث بلاده. في الكونغو مثل يقول: "الموت يأتي من قمم الأشجار"؛ لأن القناصين في أوساط القبائل يُعرف عنهم أنهم يختبئون فوق الأشجار ليقتلوا من يستهدفون، ثم يفرّون.
في عام 2001، أغتيل كابيلا، وجاء اغتياله بطريقة إفريقية خالصة؛ طريقة ترسم الطريق لأي رئيس يأتي بعده، وهذا ما حدث فعلًا، على الرغم مِن أن مَن خلفه كان ابنه جوزيف. كيف أغتيل؟ انعقد اجتماع بين كابيلا وعدد من الجنرالات، بينهم جنرالات كان قد أقالهم بسبب الهزائم العسكرية أمام المتمردين. ووقع خلاف حاد حول طريقة قتال المتمردين؛ إذ كان الجنرالات يريدون إبرام اتفاق سلام مع المتمردين الذين كانوا يسيطرون على نصف مساحة الكونغو الديمقراطية، لكن كابيلا كان يريد مواصلة القتال، وتحقيق مكاسب، ثم التفاوض بعدها. كان يعلم أن رواندا لن تكتفي بنصف البلاد؛ لأنه كان يفهم الروانديين بحكم تحالفه معهم سابقًا. وخلال المشادة، أطلق الحرس الشخصي لأحد الجنرالات النار على كابيلا فأرداه قتيلًا.
لم تكن نهايته بانقلاب ينفّذه صغار الضباط، بل جاء موته من القمة.. في اجتماع قمة.
عندما وصل ابنه جوزيف كابيلا إلى الحكم، كانت أول ما فعل أن فهم "اللعبة"؛ فقد أدرك أن أموال الغرب أقوى من وعود الإصلاح والوطنية، وأنه مهما اعتمد الإنسان على "الحشائش"، فإنه لا يأمن غدر "الأشجار". فـ"سمع كلام من هو أكبر منه"، وأعاد فتح البلاد أمام الشركات الأجنبية.
وحين صار من الضروري أن ينتهي اسم كابيلا من حكم الكونغو الديمقراطية، جرى عزل جوزيف كابيلا بداعي فساد كان متورطًا فيه حقًّا، لكن الرئيس الذي جاء بعده لم يكن أقل فسادًا منه. والآن يتحالف جوزيف كابيلا مع المتمردين – أعداء والده المدعومين من رواندا – لتستمر الفوضى "المحكومة" في الكونغو الديمقراطية عبر رواندا التي تطمع في أراضٍ وثروات كونغولية.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من جديد؟!
- قراءة سريعة في خطاب الحزب الشيوعي الأمريكي إلى الحزب الشيوعي ...
- هاري بوتر... ما لم تقلْ رولينج في قصصها
- إيلا المسحورة.. بحث عن الذات وإثبات الهوية
- الاشتراكية الديمقراطية في مصر.. أبرز النقاط
- مخيم النصيرات: نظرة في عدوان أعمى
- نفسي الأمارة بك.. بطاقة تعريف أدبية
- دون جوان موليير.. خواطر سريعة عن تحفة إبداعية
- غزة والسيناريوهات اللبنانية
- لسان الدين بن الخطيب
- أدب أفريقيا السوداء.. تتبع وآفاق
- شجاعة (قصة قصيرة)..
- مستقبل الوضع الفلسطيني من وجهة نظر تناقض ماو
- في علم اللغة: على سبيل التقديم المبسَّط
- علم اللغة: على سبيل المقدمة المبسّطة
- وضع متجمد، وآفاق ضبابية وتساؤلات الممكن والمستحيل.
- سباعية الفَقْدِ والحنين
- إلى ما بعد الأبد
- قبل أن يتلاشى الدخان (قصة قصيرة)
- العلاقات الثقافية العربية الروسية: تاريخ وتطور


المزيد.....




- Why Are We Failing to End One of Humanity’s Oldest and Most ...
- Why CBC Needs a Co-op Revolution
- How Trump Fueled an Affordability Crisis
- Whose Bosnia, Whose Name?  Identity Engineering in a Dayton ...
- Why America Is Removing Thousands of Dams and Letting Rivers ...
- Let Comedians Say Anything: Why Comedy Is Society’s Last Hon ...
- Democrats in Congress Are Out of Touch With Constituents on ...
- How Did We Get Here?—Palestine and the Mandates of Deception ...
- الفصائل الفلسطينية تعمل على تسليم جثمان محتجز للاحتلال عثر ع ...
- الأردن يشهد بوادر موجة رجالية جديدة للمطالبة بإصلاح قوانين ا ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - حكايات إفريقية: لوران كابيلا.. الموت يأتي من قمم الأشجار