حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)
الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 16:22
المحور:
الادب والفن
استيقظ من نومه كعادته من دون منبه؛ فهو لا يضبط المنبه من الأساس. ولِمَ يضبط المنبه؛ وحياته تخلو من المواعيد؛ كما هو الحال منذ سنوات طوال دون جديد فيها.
نهض من فراشه ليغتسل، وأدار المذياع ليأتيه صوت معلق النشر الإخبارية من بين خرير المياه؛ ليدرك أن عليه ألا ينتظر أي جديد في الأخبار التي سوف يتلوها المذيع على جمهور المستمعين.
أعد، كعادته، إفطارًا بسيطًا، تناوله؛ وهو يواصل الاستماع إلى المذياع، ويقلب الإذاعات في ملل، ليس بجديد عليه، قبل أن يعلن لنفسه أن الوقت قد حان ليذهب إلى العمل.
خرج من منزله، فصكت مسامعه صوت الضوضاء المعتادة للشارع الرئيسي الذي الذي يسكن في شارع جانبي منه.
في طريقه الى الشارع قابل أحد أبناء جيرانه يلهو في بهو البيت؛ فداعب رأسه في مرح، وخرج إلى الشارع لتقابله المشاهد المعتادة؛ العطّار العجوز يجلس أمام محله يمسك مسبحته محركًا شفتيه ببعض الأدعية، وصاحب "السوبر ماركت" الوحيد في الشارع والشوارع المحيطة يجلس يقرقر مياه الشيشة نافثًا الدخان في استمتاع.
لم يُلق السلام على الاثنين كعادته؛ فهو لا يحب أن يُلقي التحية على صاحب "السوبر ماركت"، ويدفع ثمن ذلك بتحمل شبهة الانطوائية، أو "النِّفَريَّة" بتعبير العطار العجوز.
وبعد مسيرة ثلاث دقائق، لا تزيد أو تنقص، خرج إلى الشارع الرئيسي، وسار وسط حشود الظهيرة وضوضائها المعتادة، قبل أن ينزل إلى محطة مترو الأنفاق القريبة. وما إن هبط حتى سمع المذيع الداخلي يطالب رواد المحطة بالابتعاد عن الرصيف لقرب قدوم القطار؛ فأسرع يقطع درجات السلم نزولًا ليلحق بالقطار قبل أن يغلق بابه بثوانٍ.
انطلق القطار بحمولته البشرية ليدخل بهم في النفق المظلم؛ وقد غرق كل من ركابه في همومهم ومشاغلهم المعتادة انتظارًا لوصول القطار إلى المحطة التالية، وخروجه من النفق.
#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)
Hussein_Mahmoud_Talawy#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟