محمد جواد فارس
الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 23:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نحن لن ننساكم ايها الشهداء الخالدين :
ستار خضير و شاكر محمود و محمد الخضري
محمد جواد فارس
.سئل الروائي جوزية ساراماغو [ هو روائي و صحفي و كاتب مسرحي و شاعر برتغالي ويعد من أعظم كتاب البرتغال في القرن العشرين و أحد أبرز رموز الادب العالمي ، حصل على جائزة نوبل في الادب عام ١٩٩٨ ] : عن اصراره على الانتماء الى الحزب الشيوعي ، رغم التغيرات الكثيرة التي جرت في العالم في العقود الاخيرة أجاب ؛ مثلما لدي هرمون ينبت الشعر في ذقني ، لدي هرمون اخر يجبرني ان اكون شيوعيا ، و الأمر له علاقة بسلطة قدر بيولوجي أعجز عن مقاومته ٠
شهد تاريخ العراق الحديث في ظل الاستعمار العثماني و الاستعمار البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية و تنصيب الملك فيصل الاول القادم من نجد و الحجاز ملك على العراق ، وبعد اول ثورة حدث في العراق عام 1920 وسميت بثورة العشرين ، و انطلقت الشرارة الاولى لها من ريف الفرات الاوسط ، وكان لثورة أكتوبر المجيدة في روسيا القيصرية دورا مهما في ايقاظ شعوب الشرق ، للتحرر من رفقة المستعمرين ، مما اوجدت أرضية خصبة لظهور فكر جديد في بناء مجتمع متحرر من نهب المستعمر لثروات الشعوب ، فظهرت الحاجة الى نقل أفكار ثورة أكتوبر ، في بناء احزاب شيوعية تتبنى الفكر الماركسي و اللينيني ، ظهر الحزب الشيوعي الفلسطيني و المصري و السوري اللبناني و العراقي وفتحت ابواب مدرسة سوفيتية لأ عداد الكوادر الحزبية ، و ذلك بتدريس المواد التالية : 1_ الاقتصاد السياسي الانكليزي نظريات ( ديفادو ريكاردوا و ادم سمث ) ، 2_ ومادة الفلسفة الالمانية نظريات هيغل الديالكتيكي و فيورباغ المادي و كارل ماركس في قوانيه الثلاث ( التغير الكمي الى تغير نوعي ، وقانون نفي النفي ، و قانون وحدة و صراع الاضداد ) , 4_ و الاشتراكية الفرنسية ( سان سيمون و شارل فوريه و روبرت اوين ) و 5 _ كذلك الانتفاضات و الثورات العمالية العالمية كما كومونة باريس الفرنسية و ثورة القرامطة في البحرين ٠
بالنسبة للعراق ظهرت الحلقات الماركسية و كان مؤسسها حسين الرحال و شقيقته امينة الرحال في جنوب العراق و على وجه التحديد في البصرة الفيحاء حيث تواجد الطبقة العاملة في حقول النفط و التجارة بين الهند و العراق ، وكان لمؤسس الحزب الشيوعي العراق يوسف سلمان يوسف ( فهد ) دورا في جمع الخلايا الماركسية ، و تم الاعلان عن الحزب الشيوعي العراقي في 31 اذار عام 1934 بشكل رسمي ، ولعب الحزب دورا مهما مع الحزب الوطني الديمقراطي العراقي بقيادة كامل الجادرجي و بقية الا حزاب الاخرى دورا مهما في تصعيد النضال المطلبي لصالح العمال و الفلاحين ، و من اجل السيادة الو طنية ، و كانت قيادته لانتفاضة كانون عام 1948 لاسقاط معاهدة بورت سموث و المسمات بمعاهدة ( صالح جبر _بيفن ) ٠
و للشيوعيين وحزبهم المجيد تاريخ حافل بالتضحيات قدموا أنفسهم من اجل وطنهم و شعبهم تحت شعار ( وطن حر و شعب سعيد ) وبحق أصبح حزبهم حزب فهد و سلام عادل و جمال الحيدري عميد الحركة الوطنية العراقية و اليوم نستذكر منهم الشهداء الثلاث ٠
ستار خضير الحيدر :
عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، في فترة شديدة حرجة و حساسة في تاريخ الحزب ، لقد جمع بين العمل التنظيمي و الفكري و العسكري ، و كان مع تماس في القضايا الحزبية و العمل الجماهيري ، كان محبوبا من قبل رفاقه الذين عمل معهم ، هادئ الطبع ، و لكن كان له رأي حول العمل مع حزب البعث عندما استلم السلطة في انقلاب تموز 1968 ، بعد ان قام النظام الجديد باطلاق سراح السجناء الشيوعيين في سجون نكرة السلمان و الحلة و بعقوبة و لم يبقى سجينا و أرجع العديد منهم الى الوظائف المدنية ، و كذلك اعترفت سلطة بغداد الاعتراف بجمهورية المانيا الديمقراطية و اقامة علاقات دبلوماسية ، و كان لستار خضير بعد نظر ثاقب في مسألة مد جسور بين الحزب الشيوعي العراقي و حزب البعث العربي الاشتراكي من إجل اقامة جبهة وطنية و قومية ، لانهم اي البعث ينقذوا العهود في حالة توسع الحزب جماهيريا وفي المنظمات المهنية كتحاد الطلبة العام في الجمهوريةالعراقية و رابطة المرأة و الشبيبة الديمقراطية ، و لم يتخلوا عن اساليب القمع من اجل تحجيم دور الحزب ، و كان ستار خضير على حق و اثبت التاريخ صحة اعتراضه لما حدث بعد عقد الجبهة و فرط العقد الجبهوي وتصعيد القمع على اعضاء و مؤازري واصدقاء الحزب ٠
كان اول المستهدفين من قبل زمرة المخابرات البعثية ، لمعلوماتهم عن موقفه من الجبهة ٠ اصيب بعد كمبن نصب له بطلق ناري و بشجاعته المعهودة لاحقهم و اختفوا ، و اسعف الى المستشفى و هناك توفي ٠
علمت من خلال الرفيق فائز الحيدر و هو عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الطلبة العام و انا كنت كذلك عضوا في اللجنة التنفيذية وسكرتير لاتحاد طلبة مدن الفرات الاوسط ، ان هناك عزاء في داره و تقبل التعازي باستشهاده في بيته ، و انا بدوري خبرت اللجنة المحلية في الحلة عن ذلك ، و كلفت انا برئاسة وفد من الرفاق و اعضاء الاتحاد و فعلا تم ذلك والقيت كلمة المحلية و رد علي اخيه العسكري السابق جبار خضير الحيدر بكلمة شكر للوفد وكان عددنا 18 شخصا و شرح لنا كيف كان هو يحرسه في المستشفى خوفا من الاجهاز عليه من قبل المخابرات حتى توفي ٠
وبعد اسبوع اخبرني فائز الحيدر ان الدكتور باسم خضير الحيدر الاخ الشقيق للشهيد ستار خضير تم نقله من بغداد الى مدينة القاسم التابعة اداريا لمدينة الحلة ، قلت له انا سوف اذهب الى القاسم و
ابلغ رفاقنا هناك بالتعرف عليه و بالاهتمام به و بسلامته و فعلا ذهبت الى المستوصف و هو مسكنه و تعرفت عليه و عرفته بنفسي ، و ذهبت الى الرفيق و هو مسؤول أتحاد طلبة القاسم ورفيق في الحزب خالد الذكر هادي عبس الشريفي و كلمته و ذهبنا سويا الى الدكتور باسم للتعارف معه و ان يكون هو العلاقة معه و بلغ الرفيق هادي عبس الرفاق في المنظمة الحزبية و اتذكر منهم كان الشهيد الخالد علي الصكر ، ومحمد النعمان ، و عرفهم بالدكتور و انهمرت على الدكتور الهدايا و كرم الضيافة من الخرفان ، الى مسدس يكون معه في الحالات التي يستدعى الى اسعافات طبية خارج العيادة ( منزلية ) ٠ وهكذا كانوا الشيوعيين مبادرين وكرماء و يصونون رفاقهم ٠
شاكر محمود :
عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي منتخب في المؤتمر الثاني للحزب وهو من ابناء البصرة الفيحاء ، لعب دورا نشط في أيام الحكم الملكي و خاصة في التنظيمات الطلابية و التي كان يقوم بها أتحاد الطلبة العام العراقي في البصرة ، كما في التظاهرات التي عمت مدن و قصبات العراق من اجل دعم الشقيقة مصر ايام العدوان الثلاثي عام 1956 من قبل قوى الاستعمار بريطانيا و فرنسا و اسرائيل و اعتقل مرات عديدة لنشاطاته الحزبية ، و كان معتقل في سجن نكرة السلمان الصحراوي ، وعندما نقل للعلاج الى مستشفى الديوانية قرر ورفيقه الذي كان معه للعلاج سليم اسماعيل ( أبو عواطف ) الهروب و تم ذلك عام 1964 للاتحاقهم بالتنظيم ، و عرف بمواقفه ، وطرحه الشجاع في عديد من المواقف و منها الموقف من الجبهة الوطنية و القومية مع البعث المزمع قيامها ، وكانت هناك استمرارية مخابرات البعث في عمليات اعتقال و تصفيةخيرة الكوادر الحزبية ، كما جرى مع المناضلين : الكادر الفلاحي كاظم الجاسم و العبايجي و عبد الامير سعيد ، و عند بدء المباحثات لعقد الجبهة ، عقد اجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي صوت ثمانية ضد عقد الجبهة مع البعث ، وسبعة مع عقدها مما اعلن عزيز محمد استراحة للتشاور ، ذهب لأقناع احمد بني خيلان للتصويت معهم وهذا ماحدث و اصبح ثمانية مع وسبعة ضد وانتصرت الاغلبية التي ارادها السكرتير عزيز محمد ٠ و هذا يذكرنا بالمثل القائل ( دود الخل منو وبي ) ٠
اما شاكر محمود فقد تعرض لمحاولة اغتيال مخطط لها مسبقا جرت في السادس من نوفمبر عام 1972 ٠ في بغداد و كانت معه أبنته اماني عندما صدمته سيارة ، و اصيب بجروح خطرة فارق الحياة بعدها ٠
محمد الخضري :
في كتابه الرفيق القائد الشيوعي الوطني باقر ابراهيم ( ابو خولة ) [ مذكرات باقر ابراهيم ] الصادر عن دار الطليعة بيروت في الصفحة 328 كتب عنه مايلي [ تعرفت على محمد الخضري بعد ثورة 14 تموز 1958 حينما توليت مسؤولية اللجنة المحلية للواء الديوانية ، وكان عضوا فيها ، كان يأتينا من مدينة الخضر ، جنوبي السماوة ، و هو يقود التظيمات الحزبية لهذه المدينة ، ولما جاورها في الريف ٠ و اظن انه في هذه المدينة و لد عام 1934 ومن اسمها المحبب لديه استمد لقبه ( الخضري ) ٠ لعب محمد ادوارا مأثورة ، في تجميع وانعاش التنظيم الحزبي ، في الفترة التي أعقبت ثورة تموز ٠ كان معتقلا في سجن الكوت ، عند اعلان انقلاب 8 شباط 1963 ،فاسهم في قيادة حركة التمرد من قبل بعض السجناء و اقتحام ابواب السجن ، و الهروب للالتحاق في منطقة الفرات الأوسط بعد ايام من الانقلاب ٠ حينما استقبلناه في النجف ، و كنا نخطط انذاك ، للاعداد للمقاومة المسلحة للانقلاب ، من الريف ، قررنا أن يكون محمد مساعدا لعدنان عباس في قيادتها ، كما جرى ضمه لمكتب لجنة الفرات الاوسط ٠ حظي محمد بحب الفلاحين ، وكان يقيم في دار الفلاح الشهيد هادي الكعبادي ، في ريف الشامية حينما طوقت الدار من قبل ( زركة ) للشرطة و الأمن في المنطقة فأبدى هادي ببسالة وتضحية مشهودة ، لأنقاذ محمد من الوقوع في اسرهم ، و دفع لموقفه ثمنا ، هو حياته الغالية حين ما قتل برصاصهم في ربيع 1964 ٠ محمد الخضري قائد ثوري ممتلئ الحماسة ، ولكنه يميل الى الاقتناع بعد انتهاء دور الحماسة ، وحلول المعقولية ٠ و بفضل هذه الصفات الايجابية و غيرها ، رفض الانجرار وراء طروحات ( اليسار ) المتطرف ، الذي قاد عملية الانقسام داخل لجنة منطقة بغداد عام 1967 , وكنا نعمل فيها معا ، و تصدى بوعي و حماس لرفض الانقسام ، ولاعادة تجميع التنظيمات الحزبية في بغداد ] انتهى الاقتباس ،
محمد الخضري جاء بمهمة الى الحلة بعد انقلاب البعث في السابع عشر من تموز عام 1968 من اجل العمل لأحياء القائمة المهنية لنقابة المعلمين حيث ان الحكومة اصدرت قرار أجازت فيه اجراء انتخابات للنقابة المعلمين ، و اجرى لقاء مع الكوادر الحزبية في المدينة تطرق فيه حول اهمية العمل النقابي و تهيئة الكوادر من الشيوعيين و الديمقراطيين للقائمة المهنية ، و طرحت عليه انا كاتب السطور السؤال التالي : الى تتوقع ايها الرفيق ان سلطة البعث سوف تعمل المستحيل من اجل فوز قائمتهم ؟ أجاب اكيد هذا ممكن ، ولكن نحن همنا الاساسي ان نسمع صوتنا الى ابعد معلم في القرية ٠
و فعلا نحن في الحلة اجرينا اتصالات مع رفاق من المعلمين الشيوعيين و الديمقراطيين ، منهم الشهدين فاضل حسن و توت و حميد الصكر و ابو لؤي واخرين و ظهرت القائمة المهنية ٠
و في يوم الجمعة من اذار 1970 وبقرار من الحزب ان يشارك في احتفالية في كازينو صدر القناة في بغداد بمناسبة التوقيع على بيان الحادي عشر من اذار ، و كان ذاهبا الى هناك و المخابرات العراقية تتابعه ونفذت جريمتها الغادرة بحق مناضل شيوعي شجاع و باسل ، وجد جثمانه على صدر القناة ٠
تحية المجد و الخلود للشهداء الثلاث و كل شهداء الحزب الشيوعي العراقي ٠
طبيب وكاتب
#محمد_جواد_فارس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟