أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - ثلاث قصص قصيرة جدا














المزيد.....

ثلاث قصص قصيرة جدا


نشوان عزيز عمانوئيل
Nashwan Aziz


الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


ستوكهولم


في الصباح، فتح الدكان قبل موعده بربع ساعة... لم يكن هناك زبائن، ولا سببٌ واضح للعجلة،لكنّه شعر أن الجلوس في البيت صار أثقل من الوقوف خلف الطاولة الخشبية القديمة.
مسح الزجاج بقطعة قماش رطبة،
ترك خطًا مائلًا لم ينتبه له،
ثم عاد ومسحه بدقّة زائدة، كأن الخطّ خطأ أخلاقي يجب تصحيحه.
علّق الميزان في مكانه المعتاد،تأكّد أن الكفّتين متساويتان،
وتذكّر فجأة كيف كان أبوه يقول:
«العدل يبدأ من الأشياء التي لا تتكلّم.»
مرّت امرأة تسأل عن سعر العدس.
أجابها بهدوء،
لم تشتَرِ.
ابتسمت واعتذرت،
فأومأ برأسه، كأنه هو من ينبغي أن يعتذر.
في الظهيرة، جلس على الكرسي القصير خلف الدكان... الشمس لم تكن حارّة،
لكنها كانت واضحة أكثر من اللازم،
تكشف الغبار فوق الأكياس،
وتُظهر يديه وقد صارتا أبطأ مما يتذكّر.
فكّر في الرسالة التي لم يكتبها،
وفي الزيارة التي أجّلها،
وفي الجملة التي قالها يومًا وظلّ صداها عالقًا في صدر شخصٍ آخر.
حين أذّن العصر،أغلق الدكان نصف إغلاق،
ليس لأن الوقت انتهى،
بل لأن اليوم اكتفى.
في طريق العودة،
لاحظ أن الشجرة عند الزاوية ما زالت هناك،
لم تكبر كثيرًا،ولم تمت.
اكتفى بذلك...
وأختفى وسط الحشود


////////








استيقظ قبل الفجر بقليل،لا بسبب حلم،
بل لأن جسده اعتاد أن يسبقه إلى القلق.
جلس على حافة السرير،
مدّ قدمه بحذر كأنه يختبر أرضًا جديدة،
ثم وقف... الألم في ركبته اليسرى كان واضحًا،
ليس حادًا،بل صادقًا.
في المطبخ، غلّى الماء مرتين.
نسي الشاي في الأولى،
وتذكّر أمه في الثانية.
قالت له يومًا إن النسيان شكلٌ مهذّب من التعب.
فتح الشباك.
الشارع فارغ إلا من قطٍّ يفتّش في كيس قمامة،
وشاحنة بعيدة تُفرغ حمولتها بكسل.
العالم يعمل…
لكن ليس على استعجال.
أخرج القميص الأزرق من الخزانة.
كان نظيفًا،
لكنه لا يشبه اليوم...أعاده، واختار الرمادي.
بعض الأيام لا تحب الألوان الواضحة.
في الطريق، توقّف عند الإشارة الخضراء.
لم يعرف لماذا.
العادة أحيانًا أقوى من الضوء.
في العمل، أنهى مهمّته بصمت.
لم يشتكِ،
ولم يبرّر،
اكتفى بأن يكون حاضرًا بما يكفي.
عند الغروب،
جلس على الدرج أمام البيت.
لم يشعل سيجارة،
ولم يتصل بأحد.
راقب ظلّه يطول على الأرض،
وفهم أخيرًا:
أن الأشياء لا تنقص فجأة…
إنها تتآكل بهدوء.
نهض،
دخل،
وأغلق الباب دون صوت


////////







حين مات، لم يذهب إلى الجنة ولا إلى النار.
استيقظ في قاعة واسعة، بيضاء أكثر مما ينبغي،
وفيها رفوف زجاجية تمتدّ بلا نهاية.
وقف مرتبكًا،
ثم قرأ اللوحة المعلّقة عند المدخل:
«متحف الأشياء التي لم تُستَخدَم في حياتك»
اقترب من الرفّ الأول.
رأى ابتسامة كاملة، جديدة،
لم تُفتح يومًا... تحتها بطاقة صغيرة:
كانت ستُنقذ محادثة… لو استُخدِمَت.
في الرفّ الثاني،
كلمة اعتذار... قصيرة، بسيطة،
لكنّها بدت ثقيلة كالحجر... لمس الزجاج،
فتذكّر كم مرّة قال: «ليس الآن».
في زاوية القاعة،
كان هناك صندوق خشبي.عليه غبار أقل من غيره... فتحَه،فوجد حياةً بديلة.
ليست أفضل،
فقط… أقل خوفًا.
لاحظ أن بعض الأشياء مكسورة:
ثقة تآكلت،
موهبة لم تُصقَل،
ووقتٌ بلا أرقام،
تسرّب دون أن يُلاحَظ.
في النهاية،
وصل إلى رفّ صغير، شبه فارغ.
عليه قلبٌ متعب،
مستعمل جزئيًا.
تحته بطاقة أخيرة.. شعر براحةٍ غريبة.
فهم أن الحياة لم تكن اختبارًا للنجاح،
بل محاولة.
قبل أن تُطفأ الأنوار،
سُئل سؤالًا واحدًا فقط:
— هل تريد الاحتفاظ بشيء؟
فكّر طويلًا…
ثم قال:
— لا.



#نشوان_عزيز_عمانوئيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الضوء والظلال
- إضاءة نقدية
- قصص قصيرة
- نصوص
- قضية سلوان موميكا... وجهة نظر
- في عناق اللحظة... قصة قصيرة جدا
- على حافة اللاشيء
- اغنية النهر
- الإنجاب بين الغريزة والواجب الأخلاقي
- لغة النار
- ثلاث قصص قصيرة
- سمفونية الفراغ
- قصة قصيرة إلينورا
- قصة قصيرة
- أرواح الليل
- مرايا الليل
- همسات مجهولة
- قصائد هايكو
- مسرحية
- وجهة نظر.... الفلسفة


المزيد.....




- من جنيف إلى الرياض: السعودية ومؤسسة سيغ تطلقان مشروعًا فنيًا ...
- وفاة بريجيت باردو أيقونة السينما الفرنسية عن 91 عاما
- تضارب الروايات بشأن الضربات الأميركية في نيجيريا
- مصر: وفاة المخرج داوود عبدالسيد.. إليكم أبرز أعماله
- الموت يغيّب -فيلسوف السينما المصرية- مخرج -الكيت كات-
- مصر تودع فيلسوف السينما وأحد أبرز مبدعيها المخرج داود عبد ال ...
- -الكوميديا تهمة تحريض-.. الاحتلال يفرج عن الفنان عامر زاهر ب ...
- قضية صور ريهام عبد الغفور.. نقابة المهن التمثيلية تتدخل وتتخ ...
- إعلان بيع وطن
- أفلام من توقيع مخرجات عربيات في سباق الأوسكار


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - ثلاث قصص قصيرة جدا