أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - تيسير خالد - ما الذي أخفاه نتنياهو عن الوفد الأميركي ، الذي زار شيلو مؤخرا















المزيد.....

ما الذي أخفاه نتنياهو عن الوفد الأميركي ، الذي زار شيلو مؤخرا


تيسير خالد

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 12:55
المحور: القضية الفلسطينية
    


بقلم : تيسير خالد
مطلع كانون اول الجاري قام وفد ضم نحو ألف قس إنجيلي أميركي بزيارة لموقع أثري على تلة محاذية لمستوطنة "شيلو" . فوق تلك التلة كانت تقوم قرية أو " مدينة " شيلو الكنعانية . الزيارة ، التي كانت بتمويل من حكومة بنيامين نتنياهو تحولت إلى منصة للدعاية السياسية السخيفة ، فقد حمل الوفد رسالة سياسية تدعو لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. خلال التجمع الرئيسي في الموقع الأثري ، خاطب القس، مايك إيفنز، المشاركين ودعاهم إلى إظهار دعم قوي لنتنياهو وحكومته أمام الكاميرات : "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو طلب صورة، ونحن سنمنحه الصورة التي يريد ". ولوّح بكتاب التوراة مخاطبًا جيه دي فانس ، نائب الرئيس الاميركي : "هذه ليست سياستك ولا سياستي ، هذه كلمة الرب ؛ يهودا والسامرة هي أرض الكتاب المقدس، فلا تضغط على إسرائيل لتقديمها لأعداء اليهود ". في جولته في الموقع رافق الوفد رئيس ما يسمى المجلس الاستيطاني "بنيامين"، يسرائيل غانتس، الذي قدّم نفسه أمام القساوسة كمن يطبّق السيادة فعليًا، ووصفهم بسفراء " يهودا والسامرة "، وطالبهم "بمساعدة إسرائيل في واشنطن".
نتنياهو مغرم بالصور والدعاية السياسية ومغرم أكثر ، خاصة هذه الأيام ، ببث الروح في الأساطير . احداثها لا توحي بالنسبة له بأنها مستمدة من الأساطير ، بل من قدرة قادر على تحويل الاسطورة الى حدث فعلي . مملكته الاسطورية تذهب بعيدا في التاريخ ، الى ما قبل ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة ، أما دولة اسرائيل الجديدة فهي عودة الروح الى تلك المملكة ، مملكة شاؤؤل وداوود وسليمان . كان نتنياهو قد بث الروح ذلت مرة في قطعة نقدية ونشرها في آب من العام 2017 على حسابه على " فيسبوك " وادعى انها اكتشاف مثير ودليل آخر على الارتباط العميق بين شعب إسرائيل ومملكته القديمة خاصة انها تعود حسب زعمه إلى أيام الهيكل الثاني قبل ألفي عام ، ليتبين سريعا فيما بعد أن القطعة المذكورة تذكار للأطفال صكت بمبادرة من متحف إسرائيل قبل حوالي 15 عاما من ذلك التاريخ .
قطعة نتنياهو النقدية كانت لعبة أطفال ، عكس القطعة النقدية ، التي عرضها سفيره في الامم المتحدة ، داني دانون ، في نفس العام كعملةً أثرية تثبت الحق التاريخي لليهود في فلسطين، دون ان ينتبه ان لغة تلك القطعة كانت ارامية ، الوجه فيها يمثل ورقة وفرع شجرة عنب كتب عليه ( يوم حرث )، أما الظهر فيها فكان يشير الى (سنة ستين) ، قطعة سكت على الارجح بمناسبة يوم أو عيد زراعي لا علاقة له بأساطير نتنياهو أو اساطير داني دانون .
وعودة الى " شيلو " ، فقد أرسل نتنياهو بعثته القساوسة الانجيليين إلى المكان ، يطلب منهم صورة لذلك العدد الكبير من المشاركين في زيارة لموقع أثري لم يعثر فيه نتنياهو على ضالته ، لا قطعة نقود مزورة ولا قطعة نقود حقيقية ، فشيلو كانت كنعانية منذ تأسيسها في العصر البرونزي ( 1750 – 1650 قبل الميلاد ) واستمرت على حالها كنعانية حتى في زمن يوشع بن نون وفي زمن الكاهن عالي والكاهن صموئيل ، الذي تعتبره الكنيسة أعظم انبياء اسرائيل . كثيرون نقبوا في تاريخ شيلو وآثارها والجميع أجمع أنها كانت في زمن بن نون قليلة السكان ، قرية كنعانية صغيرة على تلة متواضعة ، تحولت الى أول عاصمة لبني اسرائيل ، الذين لم يستوطنوها أصلا . وفقًا للبروفيسور إسرائيل فينكلشتاين، عالم الآثار الذي نقّب في شيلوه في أوائل ثمانينيات القرن العشرين ، ورجح أن شيلوه قد أُحرقت ودُمّرت خلال القرن السادس عشر قبل الميلاد ، وعندما وصل بنو إسرائيل إلى كنعان كانت شيلوه على الأرجح قليلة السكان .
ومع ذلك وبحسب سفر يشوع، اجتمع بنو إسرائيل في شيلوه في السنوات الأولى لدخولهم " أرض الميعاد " ست مرات على الأقل ، وفيها تم حسب الاساطير نصب " خيمة الاجتماع " ، حيث تابوت العهد ، في إشارة إلى أنها كانت " أول عاصمة لإسرائيل " . ومن هنا بدأت الروايات تتوارد بأن تلك القرية الوادعة تحولت إلى مركزً ديني في زمن يوشع بن نون نفسه . كثيرة هي التنقيبات ألأثرية ، التي جرت في المكان ، الذي يقع ضمن أراضي قريوت الفلسطينية ، وفيها تم العثور على آثار متنوعة ، أبرزها المسجد العمري العباسي القديم، وكنيستان بيزنطيتان مزينتان بالفسيفساء، بالإضافة إلى بقايا كنعانية ورومانية مثل الآبار والمغارات وآثار أخرى تشهد على حضارات متعاقبة ، وفيها عثر علماء الآثار على عظام حيوانات قربانية وأوانٍ طقسية ، فسرها بعض علماء الآثار الاسرائيليين ، مثل البروفيسور فينكلشتاين، على أنها كنعانية ، فيما ذهب غيره مذهبا آخر واعتبرها دليلا على نشاط ديني على صلة بما ورد في أساطير " الكتاب المقدس " وهكذا تم اسقاط الاسطورة على عظام حيوانات قيل انها قدمت كقرابين
ونسجت الاساطير حول شيلو أمورا خيالية كثيرة ، وبصفتي ابن تلك المنطقة واعرفها جيدا فقد حملت تلك الاساطير ، شيلو ما ليس لها طاقة به . قالت الاساطير أن شيلوه تمتعت بظروف صوتية مثالية. من اجل إضفاء البهجة على اختراع الاسطورة ، أجرى مهندس صوت ، يدعى مارك ميلز في سبعينيات القرن الماضي، اختبارات صوتية في شيلوه. ووفقًا لنتائجه، كان مستوى الضوضاء المحيطة في شيلوه أقل بكثير من مستوى الضوضاء المثالي المطلوب لأفضل قاعات الحفلات الموسيقية ، قال ذلك المهندس إن شيلو أهدأ بقعة قاسها على الإطلاق ، هادئة لدرجة سماع صوت بشري بوضوح من مسافة تزيد عن 500 متر. يبدو أن طبيعة شيلوه ومحيطها تُتيح للصوت أن ينتقل لمسافات شاسعة . وعلى هذا الاكتشاف المدهش ، وهو شبيه باكتشافات بنيامين نتنياهو ، اسقط مار ك ميلز اسطورة مخاطبة يوشع بن نون آلاف الناس في شيلو ليضفي مصداقية على الرواية التوراتية .
كثيرة هي الاساطير حول " شيلو " القرية الكنعانية الصغيرة على قمة تلة متواضعة ، بعض تلك الاساطير تتصل بخيمة الاجتماع دون الاتفاق على مكان محدد لتلك الخيمة ، هل هو في مركز القرية أم على أطرافها ، او تلك التي تتصل بعظام الحيوانات التي عثر عليها ولم تتجاوز نسبة عظام الخنازير فيها واحدا بالمئة . تلك أساطير مشوقة ، غير أن أكثرها تشويقا هو ذلك الدور ، الذي لعبته شيلو في إنقاذ سبط بنيامين من الهلاك . تقول الاسطورة ، بعد حرب أهلية دامية بين سبط بنيامين وبقية اسباط إسرائيل ( قضاة 19- 20 )، لم ينجُ سوى 600 بنياميني . وللحيلولة دون هلاك سبط بنيامين، احتاج بنو إسرائيل إلى إيجاد زوجات لهؤلاء الرجال . ( لم تخبرنا الاسطورة عن نساء سبط بنيامين وماذا حل بهن في تلك الحرب الأهلية ) . فوضعوا خطة ماكرة . ففي عيد سنوي، اعتادت " بنات شيلوه " الكنعانيات الرقص في مرجٍ قرب مدينتهن . هنا اقترح بنو إسرائيل أن يتربص رجال بنيامين ويختطفوا صبايا شيلو الجميلات أثناء رقصهن . وبتنفيذ تلك الخطة، تم إنقاذ سبط بنيامين من الانقراض . هذه " الحقيقة " الاسطورية أخفاها بنيامين نتنياهو للأسف عن الوفد ، الذي ضم ألف قس انجيلي ، جلبه نتنياهو من الولايات المتحدة للقيام بزيارة عاصمة وهمية ، كان سكانها من الكنعانيين .



#تيسير_خالد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسر عرفات كان قائدا تاريخيا شجاعا ، ورجلا ليس كغيره من الرج ...
- توني بلير ... وقصتنا مع هذا الرجل بقلم : تيسير خالد‎
- يائير غولان يسير بعيون مفتوحة وراء القطيع ويقدم له مشروع إنق ...
- نتنياهو يعشق الاساطير ، توراتية كانت أم اغريقية ولا يخشى تدا ...
- النفخ في الأساطير لن يجدي نفعا في بعث - مملكة نتنياهو الكبرى
- رسالة رؤساء الجامعات الاسرائيلية لنتنياهو تحطم رواية احتكار ...
- في ذكرى النكبة : الرواية الحقيقية عن النكبة تعود الى واجهة ا ...
- في يوم العمال العالمي : الحرب الوحشية تدفع العمال الفلسطينيي ...
- في يوم الارض الخالد : نحن هنا باقون على صدوركم كالجدار بقلم ...
- في اليوم العالمي للمرأة : مكانة المرأة الفلسطينية ومعاناتها ...
- من جديد ... المنطقة على موعد مع سياسة دونالد ترامب الهدامة ب ...
- هل كان لداود مملكة في هذه البلاد ؟!
- الحركة الصهيونية ... فاشية جديدة بطعم النازية تحوم فوق المنط ...
- في الذكرى السادسة والسبعين للنكبة .. جامعة كولومبيا الأميركي ...
- - نيتساح يهودا - ... رشوة سخيفة ونكتة سمجة في قصة هزلية
- رمتني بدائها وانسلت ... في معرض الرد على سموتريتش
- طرق آمنة للمستوطنين وأخرى محفوفة بالمخاطر للفلسطينيين
- هي درسدن جديدة إذن وحرب إبادة ....سيد بايدن ....
- - اعقلها وتوكل - نصائح في غير الزمان والمكان .... بقلم : تيس ...
- موقع اسرائيل في مشروع - الممر العظيم - للرئيس جو بايدن


المزيد.....




- مظهره قد يكون سببًا في هلاكه.. ضفدع المجرة النادر يواجه خطر ...
- غطس إلى مياه متجمدة.. شاهد إنقاذ شرطي لكلب عالق وسط درجات حر ...
- فيديو -عراك نسائي خلال اعتصام في عدن لدعم انفصال الجنوب-.. ه ...
- بزشكيان تحت الضغط: هل يتيح النظام الإيراني عزل الرئيس؟
- آخر رسالة بعد 400 عام.. الدنمارك تطوي صفحة البريد التقليدي
- من دارفور إلى كردفان.. مخاوف من فصل دموي جديد في الحرب السود ...
- ألمانيا ـ تهم القتل تلاحق حارسا سابقا في سجون بشار الأسد
- ضريبة جديدة في ألمانيا... هذه المرة على السكر؟
- في غزة منظومة صحية عند حافة الانهيار وسباق غير متكافئ مع الو ...
- تونس: سجناء سياسيون يبدأون إضرابا عن الطعام لتسليط الضوء على ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - تيسير خالد - ما الذي أخفاه نتنياهو عن الوفد الأميركي ، الذي زار شيلو مؤخرا