أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - قادري أحمد حيدر - أحمد عبده ناشر العريقي الرأسمالي الوطني














المزيد.....

أحمد عبده ناشر العريقي الرأسمالي الوطني


قادري أحمد حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 16:05
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


أحمد عبده ناشر العريقي الرأسمالي الوطني .. تحية واعتذار

هو اعتذارٌ طال أكثر من أربعة عقود، لكنه اليوم يرقى إلى مستوى اعترافٍ صريحٍ بالذنب، ذنبٍ اشتركنا فيه جميعًا:

مثقفين، وسياسيين، وحكّامًا.
إنها تحيةٌ ممزوجةٌ بالاعتذار لشخصيةٍ وطنيةٍ وأخلاقيةٍ وثورية، جرى تغييبها والتنكّر لدورها وسط ازدحام همومنا ومصالحنا الذاتية الصغيرة.

كان أحمد عبده ناشر العريقي ضميرًا وطنيًا حيًّا وفاعلًا بلا حدود في الأمس، ثم غدا منسيًّا اليوم، في تعبيرٍ فادح عن جحودٍ بلغ سدرة منتهى النسيان؛ جحودٍ من سلطةٍ لم تحفظ الذاكرة، وعقوقٍ من أبناءٍ تجاه الآباء الكبار الذين أسهموا بأموالهم وأنفسهم في صناعة مجد هذا الوطن، في مرحلة تاريخية هي من أصعب مراحل تاريخنا السياسي والوطني المعاصر.

وأقرّ بجحودي الشخصي؛ إذ إن والدي ـ رحمه الله تغشاه ـ كان أوّل من فتح أمامي باب المعرفة بهذا الاسم الكبير. عرفه في المهجر بالحبشة، ثم في عدن في أوائل الخمسينيات، ومن هناك بدأت صلتي باسمه الكريم، وبأدواره التربوية والوطنية داخل «الجالية اليمنية»، وبمكانته الإنسانية الرفيعة حيثما حلّ.

وفي عدن، كان هائل سعيد أنعم مؤسّسًا ورئيسًا لـ«نادي الاتحاد العريقي» عام 1944م، إلى جانب أحمد عبده ناشر وآخرين، في واحدة من البدايات المبكرة للعمل الأهلي والوطني المنظّم.

وإذا كانت هناك شخصياتٌ وطنيةٌ جمعت بين الرأسمالية الوطنية من جهة، والمساهمة في تأسيس السياسة الوطنية والثقافة اليمنية المعاصرة من جهة أخرى، فإن الأستاذ الفقيد أحمد عبده ناشر العريقي ـ رحمه الله ـ يقف في طليعة هذه الأسماء وأبرزها. والحديث حول ذلك يطول.

فقد مثّل الاستاذ الفقيد، أحمد عبده ناشر، نموذجًا للرأسمالية الوطنية التحررية، وتجسيدًا صادقًا لصورة الإنسان الوطني العضوي، بعيدًا عن أي ادّعاءٍ سياسي أو ثقافوي نخبوي زائف.

ستجده حاضرًا وفاعلًا في قلب معترك الحياة السياسية والتعليمية والثقافة المدنية، منذ مطالع أربعينيات القرن الماضي، مرورًا ببدايات وأوائل الستينيات، وصولًا إلى رحيله النبيل في صمتٍ هادئ، بعيدًا عن ضجيج الإعلام الزائف وصخبه.

كان أحمد عبده ناشر العريقي واحدًا من القلّة القليلة التي أسهمت في تأسيس الوطنية اليمنية المعاصرة، من موقع الرأسمالي الوطني الحر؛ إنسانًا كبيرًا اجتمعت فيه روح النبالة والفروسية، ونقاء الروح، وشجاعة الإقدام والمبادرة.

وقد شكّل أحمد عبده ناشر العريقي قيمةً وقامةً أخلاقية ووطنية وإنسانية، وشخصيةً سياسية تحررية وتقدمية بحق، بكل ما تحمله كلمة «تقدمية» من دلالة ومعنى. ذلك في وقتٍ ظللنا فيه ـ ولا نزال ـ نحتكر مفهوم التقدمية داخل إطار الرموز الفكرية والسياسية والثقافية المحسوبة على اليسار القومي والاشتراكي، في احتكارٍ حزبي/أيديولوجي لهذا المفهوم، يُعدّ أحد تجلّيات العقلية الشمولية الأحادية في التفكير.

لقد كان أحمد عبده ناشر العريقي، بحق، شخصيةً تقدميةً وتحرريةً بامتياز؛ لا لأنه من أوائل من وعوا مبكرًا قيمة الحرية وضرورة التقدم الاجتماعي في واقعٍ إماميٍّ مغلقٍ «قروسطي» فحسب، بل لأن الأهم أنه وهب ماله وحياته كاملةً فداءً لخياره السياسي والوطني والتقدمي، إيمانًا منه بحق الشعب في نيل حريته، وتقدمه الاجتماعي.

كان أحمد عبده ناشر العريقي إنسانًا نبيلًا وعظيمًا، قدّم بسخاءٍ نادر للحركة الوطنية، «حركة الأحرار اليمنيين»، حين كان الثمن مطاردةً وتشريدًا ونهبًا الأرض والمال، وسجنا للأهل، بل وقتلًا. وأسهم إسهامًا واسعًا في بناء السياسة الوطنية، من خلال حركة الأحرار اليمنيين، ودعم المدرسة والتعليم، وفتح أبواب المعرفة أمام الطلبة من الأسر الفقيرة، عبر منحٍ تعليمية هدفت إلى كسر طوق الأمية والجهل والعزلة والجمود. كما كان السند المادي، بل والمعنوي الأبرز، لحركة الأحرار حين كاد تراجع التمويل أن يشلّ فعلها ودورها، فمدّها بعناصر القوة والبقاء والاستمرارية، وكان هو حلقة الوصل بين أبناء المهجر في افريقيا تحديداً، وبين حركة الأحرار، وكان هو أبرز الأسماء التي تدفع وتحفز أبناء المهجر الافريقي لدعم حركة الأحرار، وهو ما أجمع عليه الأحرار جميعًا، وفي مقدّمتهم صديقه الأستاذ أحمد محمد نعمان، زعيم حركة الأحرار اليمنيين.

ويمتلك أحمد عبده ناشر العريقي حضورًا يكاد يكون روائيًا، بل أسطوريًا، في كثير من محطات حياته ومواقفه؛ حضورًا لا يفسَّر إلا بمحبةٍ عميقة لليمن واليمنيين، وبحلمٍ صادق بدولة عدالة وحرية ومواطنة، بلا جبايات ولا امتيازات.

ورغم أن كثيرين أسهموا بالمال في دعم حركة الأحرار، ومنهم جازم الحروي المعروف بسخائه النادر، فإن دور أحمد عبده ناشر ظلّ الأكثر تميّزًا وريادة؛ إذ واصل التزامه بهذا النهج حتى بعد قيام الثورة مباشرة، وخلال سنوات الحرب على الجمهورية، ولا سيما إبّان حصار صنعاء.

وحين بدأت مظاهر تقاسم المغانم بالظهور، آثر الانسحاب إلى دكانه الصغير في شارع جمال بصنعاء، وهو ما تبقى له من كل ثروته الكبيرة التي قدم القسم الأعظم منها لحركة الأحرار، وبعدها لدعم ثورة ٢٦سبتمبر،١٩٦٢م، بعد قيامها مباشرة، واضعًا بينه وبين السلطة مسافةً أخلاقية واضحة، وخاصة بعدما تحوّلت الثورة عند البعض إلى غنيمة، خصوصًا عقب انقلاب الخامس من نوفمبر 1967م.

كانت يده هي العليا في كل الأحوال. أفلا يليق بمثله أن يتحوّل اسمه ودوره وتاريخه إلى نصوصٍ حيّة في مناهجنا التعليمية، من التعليم الأساسي إلى الجامعي؟ وأن يُخلَّد، بتسمية مدرسة أو شارع أو مؤسسة اقتصادية باسمه؟ إن ذلك لا يعدو أن يكون أقلّ القليل في حقه .
لك المجد في الأعالي، ولروحك الطاهرة الخلود والسلام.


الموضوع القادم:( أحمد عبده ناشر العريقي : المثقف التاجر والثائر المنسي في حركة الأحرار



#قادري_أحمد_حيدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوثيون وقضية الراتب
- ثورة 14 أكتوبر والاستقلال الوطني
- تحية للمقالح في مهرجانه الشعري السنوي
- قرار ترامب للوصاية على غزة
- ثورة 14 أكتوبر الخلفية، المسار ، المستقبل 5-5
- ثورة 14 أكتوبر الخلفية،المسار، الاستقلال 4-5
- ثورة14 أكتوبر الخلفية المسار الاستقلال 3-5
- • ثورة 14 أكتوبر.. الخلفية المسار الاستقلال. 2-5
- ثورة 14 أكتوبر...الخلفية،المسار،الاستقلال 1-5
- ثورة 26 سبتمبر والسعودية 2-2
- ثورة 26 سبتمبر..والسعودية1-2
- جار الله عمر في مذكراته...وفي ذاكرتي 3-3
- الشهيد جار الله عمر في مذكراته...وفي ذاكرتي 2-3
- جار الله عمر في مذكراته... وذاكرتي 1-3
- أحمد محمد نعمان. قراءة فكرية وسياسية 4-4
- أحمد محمد نعمان،قراءة فكرية سياسية 4-4
- أحمد محمد نعمان،قرآءة فكرية سياسية 3-4
- أحمد محمد نعمان، قراءة فكرية سياسية 3-4
- أحمد محمد نعمان قراءة فكرية سياسية 2-4
- الأستاذ محمد احمد نعمان بين المقابلة ولمذكرات والسيرة 1-4


المزيد.....




- What Germans Think About AI
- تشيلي بعد اليسار: تداعيات فوز اليمين الراديكالي على السياسة ...
- الدورة السابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تحت شع ...
- لا.. لاتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني
-  حركة 14 دجنبر 1990
- The Position of the Serbian People in a Multipolar World: Br ...
- The Three Narratives: Gaza as the Last Moral Frontier agains ...
- الشيوعي التشيلي يدعو الى أوسع وحدة للقوى اليسارية والتقدمية ...
- سفير إسرائيل يطالب ألمانيا بالحزم ضد -عداء السامية اليساري- ...
- اتحدوا من اجل التغيير: رسالة المعتقل السياسي الاستاذ محمد جل ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - قادري أحمد حيدر - أحمد عبده ناشر العريقي الرأسمالي الوطني