أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بيان صالح - ذكورية اللغة العربية، إلغاء صامت لوجود انسانية المرأة














المزيد.....

ذكورية اللغة العربية، إلغاء صامت لوجود انسانية المرأة


بيان صالح
(Bayan Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 22:06
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ذكورية اللغة العربية ليست مجرد ظاهرة لغوية عابرة، وهي أحد أبشع أشكال الإجحاف التي تمارس بحق المرأة، لأنها تلغي وجودها وإنسانيتها. فاللغة هي وسيلة للتفكير والتواصل وصناعة الواقع. وعندما تصبح اللغة ذكورية بشكل كامل، ينعكس ذلك على شكل التعامل معنا وعلى الطريقة التي ينظر بها لدورنا في المجتمع. يوميا نواجه هذا الإلغاء المبرمج في الخطاب العام: في المنزل، مكان العمل، في الشارع، في المدارس والجامعات وغيرها. و من المؤسف والمؤلم أكثر أن هذا التهميش لا يظهر فقط في البيئات والاوساط التقليدية أو المحافظة، بل يتكرر حتى داخل المنظمات والأحزاب التي تعرف نفسها بأنها تقدمية أو داعمة لحقوق المرأة.

أنا شخصيا أعاني بشكل ملحوظ من شعور باللاوجود، عندما يتم استخدام صيغة المذكر فقط في مخاطبة الجميع:"زملاؤنا"، "كتابنا"، "قراؤنا"، "شبابنا"… وكأن المرأة مجرد ظل لا يرى، أو كأن وجودها ثانوي وغير جدير بالاعتراف. أحيانا أضطر لبذل طاقة إضافية فقط من أجل تذكير المجموعة بأن هناك عنصرا نسائيا حاضرا بينهم، وأن مخاطبتهم يجب أن تشملنا نحن النساء أيضا. هذا الأمر مرهق، حيث انه مجهود اضافي، ويعكس عبئا نفسيا عميقا، العبء المترتب على المطالبة بالاعتراف بوجودنا في أبسط التفاصيل، حتى في ضمائر الخطاب.
أن استمرار وجود هذه الظاهرة البشعة ليست حادثا لغويا طارئا، وهو امتداد لتاريخ طويل من الإقصاء. فاللغة لم تصنع في فراغ، وقد تشكلت داخل مجتمعات أبوية رأت الرجل مركزا لكل شيء، والمرأة مجرد تابع لا يذكر إلا بقدر صلته به. لذلك ظهرت القاعدة التي تقول إن “المذكر يغلب المؤنث”، وكأن الحضور الذكوري هو الأصل، وحضور المرأة استثناء يمكن تجاوزه.
وقد تراكمت الغاء و اقصاء كينونة وجود المراة لغويا عبر قرون، من العصور الجاهلية إلى سلطة الفقه والخطاب الديني، ومن الممارسات الاجتماعية إلى صياغة القوانين والنحو والأمثال. وكلها كرست فكرة واحدة: أن صوت الرجل يكفي ليمثل الجميع، وأن المرأة تدمج ضمنا، حتى وإن كان هذا "الدمج" يخفي وجودها تماما بدل الاعتراف به.

وهكذا تحولت اللغة العربية إلى مرآة تعكس تاريخا طويلا من اللامساواة، وإلى أداة تعيد إنتاجها يوميا في كل خطاب، وفي كل جملة نسمعها أو نقرأها. وعندما لا تسمى المرأة، فإنها لا ترى. وعندما لا ترى، يصبح تغييبها أمرا طبيعيا لا يلفت الانتباه. وما يحدث لغويا يحدث اجتماعيا أيضا. فالمخاطبة الذكورية هي تفصيل لغوي، ومقدمة لأسلوب تعامل كامل يضع الرجل في الواجهة والمرأة في الهامش. وعندما يعاد إنتاج هذا النمط حتى داخل المؤسسات التي تعلن التزامها بالمساواة، يصبح الشعور باللاوجود مضاعفا.

نعم، نحن بحاجة إلى ثورة لغوية حقيقية، وإلى إصلاح واع يواجه ذكورية اللغة التي تبتر جوهر المرأة وتضعف حضورها. هذا إلاصلاح ضرورة لاستعادة التوازن، ولإعادة بناء واقع يعترف بنا كما نحن: ثابتات، حاضرات، جديرات بأن نسمى وأن نرى وأن نكون. ومن دون إصلاح لغوي و جذري واع، ستبقى المرأة غائبة لغويا في اللغة العربية، وبالتالي غائبة سياسيا واجتماعيا. نحن بحاجة إلى لغة تعترف بنا، تسمينا، وتخاطبنا. لغة تعيد بناء حضورنا بدل أن تلغي وجودنا.



#بيان_صالح (هاشتاغ)       Bayan_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيبيكه فاسبو، ريادة نسوية وكسر الصمت حول الجسد والدين في الأ ...
- كلوديا جونز، رائدة النضال النسوي ومفهوم النسوية التقاطعية
- أنورادها غاندي، بين الماركسية والنسوية – قراءة في سيرة مثقفة ...
- كيفية مخاطبة عقل الطفل-ة ومشاعره في آن واحد
- روزا لوكسمبورغ وتطوير الماركسية من منظور نسوي - سلسلة -نساء ...
- التمثيل العقلي : فهم الذات والآخرين بصورة أعمق
- نينا بانغ: المؤرخة الماركسية التي فتحت أبواب السلطة للنساء - ...
- ليكن كل يومٍ يوم ٨ مارس!
- الخروج من الظلام، قوة النساء وكسر القيود
- الحب و التقاليد البالية
- إعادة التأهيل والتربية! الإعادة القسرية للأبناء والبنات الى ...
- التميز بين الأولاد والبنات في التربية داخل الأسرة والمجتمع
- اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ، مكافحته مسؤولية من ...
- قضية المرأة، النسوية والاستغلال الطبقي و مهماتنا
- بيان صالح - ناشطة نسوية يسارية، ومنسقة مركز مساواة المرأة، و ...
- الموضوع ليس قضية اللاجئين بل هو قضية المراة و تمييزها
- مرة اخرى راي حول زواج المسيار
- طلب رأي في زواج المسيار!
- حنين الرجل الغربي الى عصر الجواري!!
- حوار حول - الفمنستية - ، والعلاقة بين حركة تحرر النساء والحر ...


المزيد.....




- -كل المهاجرين يدفعون مالاً للمهرب، لكن يطلب من النساء دفع ال ...
- النمسا تقر حظر ارتداء الحجاب في المدارس لمن هن دون 14 عاما
- لوموند: في الفاشر شاهدت عائشة شنق شقيقها وقتل زوجها واغتصاب ...
- تعويض 4500 امرأة من جرينلاند زُرعت لوالب لهن دون موافقتهن
- أزمة ملكة جمال الكون.. هل فقدت مسابقات الجمال بريقها؟
- جنيفر لورنس خسرت لقب -الفتاة الرائعة- لتفوز بلقبٍ آخر غير مت ...
- بزشكيان يمنح شهادة تقدير لوزير الرياضة لتطوير الرياضة النسائ ...
- نساء يُقتلن في صمت.. نزيف العنف الأسري لا يتوقف في لبنان
- “شبكة أطباء السودان”: 19 ألف معتقل/ة في سجون ميليشيات الدعم ...
- نينا كالو أوّل فنانة من ذوات الإعاقة الذهنية تنال جائزة “تور ...


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بيان صالح - ذكورية اللغة العربية، إلغاء صامت لوجود انسانية المرأة