أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - من لاعب صغير إلى كابوس تركيا - الكورد لن يُهزموا أبداً















المزيد.....

من لاعب صغير إلى كابوس تركيا - الكورد لن يُهزموا أبداً


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأسابيع الأخيرة، تكثّفت الإشارات السياسية والدبلوماسية التي تؤكد أن الدائرة الداخلية في أنقرة، بالتنسيق مع بعض القوى الحاكمة في دمشق الجديدة ومنظومتها الأمنية، تحاول بكل قوة إنهاء ملف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) قبل أن تنتهي الولاية الرئاسية الثانية لدونالد ترامب في يناير 2029. السبب واضح ومعلن: الجميع في أنقرة يتذكّر جيداً كيف كان الديمقراطيون، في عهدي باراك أوباما وجو بايدن، الشريك الأكثر سلاسة ودعماً لـ«قسد» والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا. ومع استطلاعات الرأي التي تُظهر تقارباً شديداً بين المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، يبدو أن نافذة الفرصة التركية تضيق بسرعة.

رسالة أوجلان من إيمرالي

أبرز تلك الإشارات جاءت من جزيرة إيمرالي نفسها. فقد زارت لجنة برلمانية تركية الزعيم الكردي عبد الله أوجلان في سجنه، وسألته مباشرة عن موقفه من «قسد». وفق البيان الرسمي الذي صدر لاحقاً عن اللجنة، أكد أوجلان «ضرورة امتثال قوات سوريا الديمقراطية لاتفاق 10 مارس/آذار» (الذي أُبرم عام 1999 بينه وبين الدولة التركية قبل اعتقاله)، وأضاف أنه «بحاجة إلى إصدار بيان جديد بشأن سوريا». وعندما سُئل عن إمكانية تحويل «قسد» إلى قوة دفاع محلية، أجاب بصراحة: «لن تكون قوة دفاع، بل قوات لحفظ النظام العام، أي مثل الشرطة».

هذه التصريحات ليست مجرد كلام سجين معزول، بل رسالة سياسية مدروسة بعناية. أنقرة تريد أن تُظهر للعالم، وللأميركيين خاصة، أن حتى أوجلان نفسه يطالب «قسد» بالتخلي عن طابعها العسكري وتحويلها إلى قوة شرطة محلية تحت سيادة الدولة السورية المركزية. في الداخل التركي، انقسم الرأي بين مؤيد لـ«ورقة التفاهم» الجديدة بين حزب العمال الكردستاني (الذي يعتبره البعض منحلاً عملياً) وبين رافض يرى فيها تنازلاً خطيراً عن المكتسبات الكردية.

دمشق لا تتحرك إلا بضوء أخضر تركي.. والأخيرة تنتظر الضوء الأميركي

في دمشق، يدرك الجميع أن أي خطوة عسكرية أو حتى سياسية كبرى في شمال شرقي سوريا لن تحدث إلا بموافقة تركية صريحة. وحتى الآن، لا أنقرة ولا سلطة الرئيس المؤقت أحمد الشرع مستعدان للمغامرة بدون ضوء أخضر أميركي واضح. إدارة ترامب، التي تتعامل مع الملف السوري ببراغماتية اقتصادية بحتة، لا تبدو متحمسة لفتح جبهة جديدة مع الكورد في وقت تُركز فيه على ثلاث أولويات فقط:

1. مواجهة تعاظم القوة الصينية عسكرياً واقتصادياً.
2. عقد صفقة كبرى مع الروس لإنهاء الحرب في أوكرانيا (التي كلفت أوروبا مليارات الدولارات وأعباء لا تطاق).
3. الحفاظ على أمن إسرائيل من حزب الله وإيران والميليشيات العراقية الموالية لـ«ولاية الفقيه».

في هذا السياق، يصبح الملف الكوردي السوري مجرد ورقة تفاوضية يمكن التضحية بها مقابل مكاسب أكبر.

الصراع التركي - الإسرائيلي داخل الأراضي السورية

لكن هناك لاعب آخر يُراقب بقلق شديد: إسرائيل.
فتركيا تسعى جاهدة لربط مستقبل سوريا بمشروعها الإقليمي الكبير. في أنقرة، يُنظر إلى انهيار نظام بشار الأسد ووصول قوى إسلامية-قومية إلى السلطة في دمشق على أنه «انتصار تاريخي» و«زلزال جيوستراتيجي» يُنهي المشروع الإيراني في المنطقة نهائياً، بعد تدمير قوة حزب الله وسحق حركة حماس التي كان قادتها يؤمون الصلاة خلف علي خامنئي في طهران.

إسرائيل، من جانبها، تخشى أن يتحول هذا «الانتصار» التركي إلى كابوس استراتيجي طويل الأمد، خصوصاً إذا ما نجحت أنقرة في دمج شمال شرقي سوريا في نفوذها بشكل كامل، مما سيضع حدوداً جديدة لـ«الإخوان المسلمين» والنفوذ التركي على تخوم الجولان وجنوب لبنان.

الكورد من لاعب صغير إلى رقم صعب..في المعادلة السياسية في منطقة الشرق الأوسط إنه تحول تاريخي

في خضم هذه المعادلة المعقدة، حدث تحول تاريخي لا يمكن تجاهله: الكورد السوريون تحولوا خلال عقد ونصف من لاعب صغير هش إلى رقم صعب حقيقي في المعادلة الإقليمية. لم يعد الحديث عن «قسد» مجرد شأن داخلي سوري، بل أصبح ملفاً يُناقش في البيت الأبيض والكرملين وتل أبيب وطهران وأنقرة في الوقت نفسه.

هذا التحول ليس وليد صدفة، بل نتيجة تضحيات هائلة قدمت الاف الشهداء وعشرات الألاف من الجرحى في حربها مع الإرهاب وإدارة سياسية وعسكرية ناضجة استطاعت أن تبني كياناً شبه دولة في ثلث مساحة سوريا، يدير نفسه بنفسه، ويدير النفط، يُنتج القمح، يحمي حدوده، ويُقاتل تنظيم داعش نيابة عن العالم كله.

الكورد يمدون يدهم.. لكن بشروطهم

موقف الكورد في سوريا اليوم واضح وصريح وثابت: لن نقبل بأقل من حقوقنا القومية والثقافية والإدارية، ولن نتنازل عن دماء عشرات آلاف الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن وجودنا وكرامتنا. هذه الحقوق يجب أن تُثبت في دستور سوريا الجديدة، دستور ديمقراطي تعددي لامركزي، وليس في بيانات إعلامية أو وعود شفوية.

لغة القوة والتهديد وإعلان الحرب لن تفيد أحداً. على العكس، قد تؤدي إلى نتائج كارثية لا يُحمد عقباها، كما أثبتت التجربة السورية على مدى خمس عشرة سنة. نحن نؤمن بالديمقراطية وبلغة الحوار، ويدنا ممدودة دائماً للسلام الحقيقي، لكن السلاح الذي نحمله ليس عدواناً، بل دفاعاً مشروعاً عن حقنا في الحياة، تماماً كما تفعل كل أمة تواجه الإبادة أو التهميش في هذا العالم الذي لا يعترف بالضعفاء.

ختاماً نحتاج دبلوماسية ذكية لا عض أصابع

الكورد اليوم بحاجة إلى دبلوماسية وحنكة سياسية عالية، وقبل ذلك إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد. لا يكفي رفض الابتزاز، بل يجب أن نكون جزءاً فاعلاً من صناعة القرار الإقليمي. ذلك يتطلب تفاهمات واتفاقيات مكتوبة ومضمونة دولياً مع اللاعبين الكبار: واشنطن، موسكو،بكين ، باريس، برلين، وحتى الرياض والقاهرة.

القرن الحادي والعشرون لن يرحم الشعوب التي تنتظر الخلاص من الخارج. الكورد، بكل ما قدموه من تضحيات وما بنوه من إنجازات، أصبحوا اليوم قادرين على أن يكونوا ليس مجرد طرف في الطاولة، بل صانعي جزء من قواعد اللعبة نفسها.

إذا أُغلق ملف «قسد» بالقوة العسكرية قبل 2029، فسيكون ذلك انتصاراً تكتيكياً قصير الأمد لأنقرة، لكنه هزيمة استراتيجية كارثية للاستقرار المنطقة كلها. أما إذا تُرك الملف مفتوحاً إلى ما بعد عودة الديمقراطيين المحتملة، فقد يصبح الكورد السوريون أول مشروع قومي كوردي ناجح مع تجربة إقليم كوردستان في القرن الحادي والعشرين، لا يقل شأناً عن المشاريع العربية والفارسية والتركية واليهودية في المنطقة.

الكرة الآن في ملعب الدبلوماسية الكوردية.. في نيل حقوقهم والوقت يمضي بسرعة.


كاتب وباحث سياسي



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنرال مظلوم عبدي وأحمد الشرع: عقدة الدمج والدستور ورهان ال ...
- سوريا بين ثورات الدم واتفاقيات المصير : قراءة في عقدٍ مضطرب ...
- جولاني.. مغتصب السلطة ومجرم الدم السوري: الوجه القبيح لدمشق ...
- سوريا بين فكّي الشرع والفوضى: من مجازر السويداء إلى هشاشة ال ...
- في حضرة الوحدة: تأملات من أقصى شمال الأرض
- سوريا الجديدة والدستور الموعود: كيف نبني عقداً اجتماعياً لا ...
- الدولة الكردية: ضرورة تاريخية في مواجهة الإرهاب وصراع الهويا ...
- سوريا بين رماد البعث وشبح الدولة الدينية: معركة على هوية الو ...
- رحلة العودة من السويد إلى بلاد - قسد
- رحلة العودة من سوريا إلى بلاد - قسد
- “لن نُقصى من وطننا… أنا كوردي ودستوركم لا يمثلني!-
- - ليلة إبادة العلويين: عندما صار القتل طقسًا مقدسًا -
- اتفاق دمشق – القامشلي: واقعية سياسية أم بداية مرحلة جديدة؟
- - مجزرة الساحل: حين ذُبح العلويون على مذبح الكراهية -
- إبادة العلويون 6 و7 آذار… يوم العار والذبح على الهوية
- سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية
- “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-
- كوباني: هوية لا تُمحى وتاريخ لا يُزوّر – في مواجهة محاولات ا ...
- لماذا اجتماع جنيف الموسع: نحو رؤى وطنية لسوريا المستقبل
- اجتماع جنيف الموسع للقوى والشخصيات الوطنية نحو سوريا ديمقراط ...


المزيد.....




- ما قد لا تعلمه عن استهداف -شريان الحياة المالي الأكبر لروسيا ...
- رئيس الناتو يحذر الحلفاء من خطر روسيا خلال 5 سنوات.. ماذا قا ...
- 100 ألف شخص يواجهون خطر الإخلاء في واشنطن بسبب الفيضانات الك ...
- غزة.. كواليس دخول خطة ترامب المرحلة الثانية خلال أسابيع
- عقد على اتفاق باريس البيئي ... المناخ يزداد سخونة
- مدير المستشفى الفرنسي بالقدس: نقدر لقطر دعمها الإنساني
- اليابان تلغي التحذير من تسونامي عقب زلزال بقوة 6.7 درجات
- ضباب وأمطار وثلوج.. تحذيرات من طقس عاصف يمر بدول عربية
- إسرائيل تشن سلسلة غارات على جنوب وشرق لبنان
- هدوء نسبي في معبر باكارايما الحدودي بين فنزويلا والبرازيل


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - من لاعب صغير إلى كابوس تركيا - الكورد لن يُهزموا أبداً