أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - الجنرال مظلوم عبدي وأحمد الشرع: عقدة الدمج والدستور ورهان المصالحة الوطنية















المزيد.....

الجنرال مظلوم عبدي وأحمد الشرع: عقدة الدمج والدستور ورهان المصالحة الوطنية


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في لحظة تتقاطع فيها الجغرافيا مع التاريخ، وتتشابك فيها الذاكرة السورية المثقلة بالحرب مع آمال بناء وطن جديد، يبرز لقاء مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وأحمد الشرع، رئيس السلطة الانتقالية في دمشق، كحدث يتجاوز السياسة اليومية نحو إعادة تعريف معادلة القوة والدولة في سوريا.
ليس اللقاء مجرّد مصافحة شكلية بين طرفين متنافرين، بل لحظة مواجهة بين مشروعين متوازيين: مشروع الدولة المركزية التي تبحث عن استعادة السيطرة، ومشروع الإدارة الذاتية التي تطمح إلى شراكة حقيقية في القرار والمصير.

في 10 آذار/مارس 2025، تم الإعلان عن اتفاق مبدئي بين الطرفين تضمن بنودًا طموحة: دمج مؤسسات قسد المدنية والعسكرية في مؤسسات الدولة، نقل السيطرة على المعابر والمطارات وحقول النفط والغاز إلى الحكومة المركزية، وضمان إدراج حقوق الكرد في الدستور الجديد، إلى جانب وقف إطلاق نار شامل.
ورغم الزخم الإعلامي الذي رافق الاتفاق، فإن كثيرين وصفوه بأنه خطوة على حافة الهاوية؛ إما أن يقود إلى وحدة وطنية متجددة، أو أن يتحول إلى نسخة أخرى من اتفاقات لم تُنفَّذ.

قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي أعلن عقب التوقيع أن “الدمج لا يعني الذوبان”، وأن القوات الأمنية الكردية (الآسايش) ستدخل ضمن وزارة الداخلية السورية ولكن ضمن صيغة تحفظ خصوصية مهامها المحلية. كما دعا إلى “نص دستوري واضح يعترف بالحقوق القومية والثقافية للكرد، ويكفل مبدأ الإدارة اللامركزية المتوازنة”.
في المقابل، شدّد أحمد الشرع في خطابه الرسمي على أن “الجيش السوري هو الضامن الوحيد لوحدة البلاد وسيادتها”، وأن دمج قسد في صفوفه سيكون “على أساس الانضباط الوطني، لا الانتماء الفصائلي أو المناطقي”.

بين الموقفين، تتبدّى عقدة الدمج كأكثر الملفات حساسية. فدمشق ترى في اللامركزية تهديدًا لتماسك الدولة، بينما ترى الإدارة الذاتية فيها ضمانة لعدم العودة إلى الاستبداد المركزي. وهنا يظهر الخلاف الحقيقي: ليس على من يسيطر على الأرض، بل على من يملك القرار في صياغة مستقبل البلاد.

أما الملف الدستوري، فيُعتبر ساحة الصراع الأكثر عمقًا. الدستور المؤقت الذي طرحته السلطة الانتقالية في 13 آذار 2025، وإن تضمّن إشارات إلى “المساواة بين المواطنين”، فإنه لم يتطرق صراحة إلى الهوية الثقافية الكردية أو إلى مبدأ اللامركزية. لذلك طالبت قسد بتعديلات تُقرّ باللغتين العربية والكردية كلغتين رسميتين في المناطق ذات الغالبية الكردية، وتضمن مشاركة عادلة في مؤسسات الدولة وإدارة الموارد المحلية بشفافية.
هذه المطالب، وإن بدت منطقية في سياق العدالة الوطنية، تصطدم بعقل سياسي مركزي يرى أن الاعتراف بالخصوصيات القومية قد يفتح الباب أمام التفكك.

على الأرض، ما زالت المسائل التقنية معقدة: من سيقود العمليات العسكرية في الشرق؟ كيف سيُدمج آلاف المقاتلين ضمن هيكل الجيش السوري؟ من سيتحكم بالموارد الاقتصادية الكبرى في دير الزور والحسكة والرقة؟
دمشق تعتبر أن السيادة لا تتجزأ، فيما تطالب الإدارة الذاتية بتوزيع عادل للثروة يضمن تنمية المناطق التي عانت التهميش لعقود. وبين الخطابين، تلوح احتمالات صدام صامت بين أجهزة الدولة القديمة وإرادة المجتمعات الجديدة التي نشأت في ظل الحرب.

لكن المسألة تتجاوز الأمن والدستور إلى الاقتصاد والمصالحة الوطنية.
فنجاح أي تسوية مرهون بإطلاق مشروع اقتصادي متكامل يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، ويحوّل الثروات المحلية إلى رافعة وطنية، لا إلى أداة ابتزاز سياسي.
في المقابل، فإن إعادة الإعمار دون إصلاح سياسي وعدالة انتقالية لن تُعيد الثقة بين المواطن والدولة.

ملف عودة المهجرين واللاجئين يطرح تحديًا آخر. فالملايين الذين نزحوا إلى الخارج أو إلى الداخل لن يعودوا إلى بلد يُعيد إنتاج الإقصاء أو يكرّس الانقسام. إنهم بحاجة إلى ضمانات دستورية وقانونية تحميهم من الانتقام أو التمييز، وإلى بنية تحتية وخدمات قادرة على استيعابهم.
عودة اللاجئين يجب أن تكون فعل ثقة لا دعاية سياسية، وهذا لا يتحقق إلا حين يشعر الجميع بأن سوريا الجديدة تتسع لهم بلا استثناء.

في خضم ذلك، تتصاعد الدعوات إلى مصالحة وطنية شاملة، لا تقوم على عفو متبادل أو صفقات آنية، بل على اعتراف متبادل بالمسؤولية وفتح صفحة جديدة من المواطنة المتساوية.
يرى مراقبون أن لقاء عبدي والشرع هو أول اختبار حقيقي لمدى استعداد السوريين — سلطة ومعارضة ومجتمعًا مدنيًا — لتجاوز جراحهم، وبناء عقد اجتماعي جديد يضمن مشاركة جميع المكونات من عرب وكرد وسريان وتركمان وأرمن في صياغة مستقبل الدولة.

ومع أن اللقاء بدا كأنه خطوة نحو دمشق أكثر منه نحو حلّ شامل، إلا أن رمزيته تظل عميقة. فوجود قائد كردي قاتل “داعش” إلى جانب رئيس انتقالي يمثل السلطة المركزية يعني اعترافًا ضمنيًا بأن لا حلّ في سوريا دون الأكراد، ولا استقرار دون وحدة الجيش.

لكن التحدي الحقيقي يبدأ الآن: تنفيذ ما تم التوقيع عليه.
فبدون لجان مشتركة حقيقية، وضمانات زمنية واضحة، ومراقبة دولية محايدة، قد يتلاشى الحلم كما تلاشت اتفاقات جنيف وأستانة وسوتشي.
إن ما يميّز هذه المرحلة هو إدراك متزايد بأن الزمن لم يعد في صالح أحد — لا المركز ولا الأطراف — وأن استمرار الجمود يعني انهيار ما تبقى من الدولة والمجتمع معًا.

في نهاية المطاف، يختصر لقاء مظلوم عبدي وأحمد الشرع معادلة سوريا الراهنة: بين الدولة التي تبحث عن البقاء، والمجتمع الذي يبحث عن الاعتراف.
قد ينجح الاتفاق في فتح بوابة الوحدة الوطنية، أو يفشل فيتحول إلى فصل جديد من فصول الخيبة. لكن المؤكد أن التاريخ لن يرحم أحدًا إن أضاع فرصة السلام الأخيرة.

سوريا اليوم تقف عند مفترق طرق؛
إما أن تنتقل من منطق الغلبة إلى منطق الشراكة،
وإما أن تعود إلى دوامة الانقسام التي أحرقت أبناءها لعقدٍ من الزمان.

وبين مظلوم عبدي وأحمد الشرع، تتجسد صورة سوريا التي تتصارع داخل نفسها: نصفها يحرس الحدود، ونصفها يحلم بدستور يفتح الحدود نحو المستقبل.
الدمج قد يكون بداية وحدة جديدة — أو بداية صراع مؤجل — لكن المؤكد أن الزمن السوري القادم لن يشبه ما قبله



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا بين ثورات الدم واتفاقيات المصير : قراءة في عقدٍ مضطرب ...
- جولاني.. مغتصب السلطة ومجرم الدم السوري: الوجه القبيح لدمشق ...
- سوريا بين فكّي الشرع والفوضى: من مجازر السويداء إلى هشاشة ال ...
- في حضرة الوحدة: تأملات من أقصى شمال الأرض
- سوريا الجديدة والدستور الموعود: كيف نبني عقداً اجتماعياً لا ...
- الدولة الكردية: ضرورة تاريخية في مواجهة الإرهاب وصراع الهويا ...
- سوريا بين رماد البعث وشبح الدولة الدينية: معركة على هوية الو ...
- رحلة العودة من السويد إلى بلاد - قسد
- رحلة العودة من سوريا إلى بلاد - قسد
- “لن نُقصى من وطننا… أنا كوردي ودستوركم لا يمثلني!-
- - ليلة إبادة العلويين: عندما صار القتل طقسًا مقدسًا -
- اتفاق دمشق – القامشلي: واقعية سياسية أم بداية مرحلة جديدة؟
- - مجزرة الساحل: حين ذُبح العلويون على مذبح الكراهية -
- إبادة العلويون 6 و7 آذار… يوم العار والذبح على الهوية
- سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية
- “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-
- كوباني: هوية لا تُمحى وتاريخ لا يُزوّر – في مواجهة محاولات ا ...
- لماذا اجتماع جنيف الموسع: نحو رؤى وطنية لسوريا المستقبل
- اجتماع جنيف الموسع للقوى والشخصيات الوطنية نحو سوريا ديمقراط ...
- - حمار بدرجة بروفيسور : عندما يصبح الجهل ذكاءً اصطناعيًا!


المزيد.....




- -حياة جديدة في داخلي-.. دانييلا رحمة تحتفل بعيد ميلادها
- وحدة طبية متخصصة وهدايا من نتنياهو.. كيف ستبدأ إسرائيل إعادة ...
- زيارة أمريكية وتصريحات مثيرة للجدل.. إندونيسيا وماليزيا على ...
- قافلة مساعدات أممية تتعرض لهجوم في خيرسون وأوكرانيا تتحدث عن ...
- مدغشقر: وحدة النخبة في الجيش تعلن توليها السلطة بعد عزل -الج ...
- لوكورنو يعلن في خطابه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية تعليق إص ...
- ما أهم ما جاء في خطاب لوكورنو أمام الجمعية الوطنية الفرنسية؟ ...
- النزوح والعودة: شمال غزة بلا حياة تقريبا.. دمار هائل ولا مكا ...
- القضاء الإيراني يصدر حكما بسجن فرنسيين اثنين بتهمة التجسس
- شاهد.. ذيل طائرة يرتطم بالمدرج أثناء الهبوط والطيار ينقذ الم ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - الجنرال مظلوم عبدي وأحمد الشرع: عقدة الدمج والدستور ورهان المصالحة الوطنية