|
|
علم العلم-لفصل الخامس- البحث العليمي
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 09:37
المحور:
قضايا ثقافية
ا 1- تعريف البحث العلمي. البحث في اللغة هو: أن تسأل عن شيء وتستخبر [95]. أو هو: طلب الشيء والتفتيش عنه والتعرف على حقيقته، والسؤال والاستقصاء عنه، أو هو: بذل الجهد في موضوع ما، فالبحث يكون ثمرة جهد ونتيجة له[96]. وفي الاصطلاح البحث العلمي هو " عملية نظامية لجمع وتحليل المعلومات والبيانات لغرض محدد" (مكيلان وشوما شر)[ 97]. أو هو " البحث عن الحقيقة، أو تنمية المعرفة"(باكلي وهانج) أو هو " عملية فحص دقيق للكشف عن معلومات أو علاقات جديدة لزيادة المعرفة المتاحة أو للتحقق منها"(رومل وبالين) . أو هو " إتباع خطوات نظامية منطقية وصولاً إلى زيادة المعرفة المتاحة عن طريق كشف معلومات أو علاقات أو تطبيقات جديدة أو للتحقق من ذلك" [98]. من التعريفات السابقة يمكن استخلاص السمات الآتية للبحث العلمي: أ-البحث العلمي هو بحث عن شيء مجهول، قد يكون من جملة الأسباب، أو من جملة السمات، أو من جملة التطبيقات. ب-البحث العلمي هو عملية هادفة، والهدف هنا قد يكون اكتشاف جديد، أو زيادة المعرفة بشيء معلوم جزئياً، أو زيادة الانتفاع من تطبيقات معينة، أو اكتشاف تطبيقات جديدة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 95-لسان العرب لابن منظور، المجلد الأول، مادة: بحث، ص 165 96- محمد شفيق، البحث العلمي، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث،1987، ص 20 97د.طاهر مرسي عطية، إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ص 9 98- المرجع السابق ص10 ت- البحث العلمي هو عملية منظمة، أي لها خطة مؤمنة ماديا وذاتيا بجميع مستلزماتها. ث- البحث العلمي هو عملية ممنهجة، أي أنه يعتمد في الاستقصاء والاستكشاف على منهج علمي محدد يلاءم الموضوع الذي يبحث فيه، ويستخدم وسائل وأدوات بحثية ملائمة أيضاً. ج- البحث العلمي ذو طبيعة عامة، فالمعرفة التي يستهدف تنميتها أو الأسباب التي يسعى إلى اكتشافها أو التطبيقات الجديدة التي يحاول تكريس الانتفاع بها جميعها لها طابع العمومية يستفيد منها الجميع على المستوى الإنساني. وبناء على ما سبق القول فيه من المفيد التفريق بين البحث العلمي والدراسة العلمية. لقد صار البحث العلمي واضحاً من تعريفاته ومن سماته، أما الدراسة العلمية فهي بحث في المعلوم من أجل التمكن من فهمه والإحاطة به، وتحسين استخدامه. بهذا المعنى الدراسة العلمية ذات طبيعة شخصية، وهي لا تتطلب سوى استعدادات ذاتية للقيام بها، من حيث التوجه الصحيح نحو المادة المراد دراستها (كتاب أو وثائق، أو معطيات رقمية ومعلومات..) ومن حيث المعرفة الجيدة بطريقة كتابة المادة العلمية (هيكل الدراسة، لغتها، أسلوبها..) 2- صفات الباحث العلمي. من أهم عناصر العملية البحثية العلمية توافر الباحث العلمي المؤهل والخبير. ولكي يكون الباحث العلمي مستحقا هذا التوصيف بدرجة نوعية جيدة، ينبغي أن يتحلى بجملة من الصفات الذاتية. من هذه الصفات يمكن ذكر ما يأتي: أ- أن يكون متفوقاً في مجال دراسته الجامعية الأولى، و في دراساته العليا، وأن يكون قد استوعب بصورة جيدة مناهج البحث العلمي، وتمكن من لغته ومنطقه واستخدام أساليبه وأدواته. ب- أن يكون متقنا للغته الأم وأن يتقن لغة أجنبية رئيسة أو أكثر، ومتمكنا من أساليب الكتابة العلمية باللغات التي يتقنها. ت- أن يتميز بحس انتقادي نام وبنزعة شكية وفضول، وأن تكون ميوله البحثية واضحة ومتطورة. بعبارة أخرى، ينبغي على الباحث العلمي أن يحب البحث العلمي بصورة عامة، وأن يحب مجاله الخاص بصورة خاصة. ث- أن يكون متمكنا من التعامل مع المواد المرجعية، ومن جمع وتنظيم وتحليل المعطيات وفرزها وتصنيفها. ج- أن يتحلى بأخلاق حسنة، وبتواضع العارف، وشعور كبير بالمسؤولية، والقدرة على التواصل مع الآخرين والعمل الجماعي. ح- أن يكون أمينا من الناحية العلمية، أي ألا يلجأ إلى سرقة أفكار غيره، أو أسلوبه في البحث أو الكتابة، وأن يراعي الدقة في التوثيق المرجعي، والدقة في كتابة الهوامش. 3- ما ينبغي مراعاته عند كتابة الورقة البحثية تقسم البحوث العلمية إلى قسمين رئيسيين: بحوث تطبيقية وبحوث أكاديمية. تتميز البحوث التطبيقية في أنها تتوجه إلى حل مشكلات لها علاقة باستخدام تطبيقات علمية معينة أو التمكن المعرفي منها. يقوم بتنفيذ هذه البحوث في العادة الخبراء لصالح الجهة المعنية بالمشكلة (مؤسسة، مزرعة..) وفي مدة زمنية محددة. يبرز في البحوث التطبيقية الجانب النفعي أكثر من الجانب المعرفي. أما البحوث الأكاديمية فهي تهدف إلى اكتشاف المبادئ والقوانين العلمية وتقديمها في صورة نظريات علمية صالحة للتعميم. بكلام آخر تهدف البحوث العلمية الأكاديمية إلى تنمية المعرفة وتحقيق تراكمها، ولذلك فهي تنفذ في الغالب الأعم من قبل علماء متخصصين في إطار مؤسسات ومراكز بحثية على درجة عالية من التنظيم والإدارة والتجهيز في مدة زمنية مرنة تسمح بتجاوز الحدود المرسومة له بحسب طبيعة البحث. بغض النظر عن كون البحث أكاديمياً أو تطبيقياً فإن كتابته في ورقة بحثية جيدة ينبغي أن تراعي جملة من المواصفات يمكن ذكر ما يأتي منها: أ- ينبغي أن يعبر عنوان البحث عن محتواه بدقة، أي عن المادة البحثية التي يجري مناقشتها ومعالجتها. ب-أن تكون أهداف البحث محددة بدقة ووضوح بما ينسجم مع المادة المعالجة. ت-أن تكون النتائج التي يتم التوصل إليها مرتبطة بالمقدمات البحثية أي بالدلائل التي تمت مناقشتها بموضوعية ودون تحيز. ث-أن يراعى في بناء هيكل البحث وتوزيع ديباجته الترابط المنطقي بين أبوابه وفصوله ومباحثه ومطالبه. ج- أن يراعى التناسب بين الأبواب والفصول التي يتكون منها البحث من ناحية حجم المادة البحثية الموزعة عليها. ح- أن يتضمن البحث عرضا لأفكار البحث بصورة متماسكة غير مجزأة خ- أن تكون مصادر البحث حديثة ومتنوعة. د- وأخيراً أن تكون لغة البحث سليمة من الناحية اللغوية والعلمية، وان تكون واضحة وبسيطة يسهل فهمها[99]. 4-العوامل المؤثرة على اختيار البحث. ثمة عوامل عديدة ينبغي مراعاتها عند اختيار البحث، من هذه العوامل يمكن ذكر ما يأتي: أ-أن يكون الموضوع جديداً في بابه، وألا يكون مكرراً. يمكن للبحث الجديد أن يبدأ من حيث انتهت الأبحاث السابقة. ب- أن يحس الباحث بالمشكلة البحثية وان تحوز على اهتمامه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 99-سيد الهواري، دليل الباحثين، مكتبة عين شمس،1987، القاهرة، ص 7-12. ت- أن يكون للبحث قيمة علمية أو تطبيقية، أي أن يشكل إضافة معرفية في مجاله، أو أن يزيد في المنافع التطبيقية. ث- أن يكون موضوع البحث يقبل الدراسة، أي ينبغي اختيار البحث الذي يمكن إنجازه. ج- ينبغي اختيار الموضوعات البحثية، في ضوء الإمكانيات المادية والبشرية والظروف البحثية المتوفرة. ح- يفضل اختيار الموضوعات البحثية التي تتضمن مشكلة بحثية واحدة. خ-مراعاة التخصص في اختيار الموضوعات البحثية، وعدم التورط في أبحاث خارج نطاق تخصص الباحث. د-مراعاة الزمن المتاح لانجاز البحث، وكلما كان الزمن قصيراً كان ذلك أفضل. ذ- اختيار الأبحاث التي يوجد لها مراجع كثيرة، أو تتأمن لها المعلومات والبيانات الضرورية التي يمكن الحصول عليها. ر- وأخيراً أن يكون الباحث مدركاً لجميع الصعوبات والمشكلات التي يمكن أن تواجه البحث والعمل على تذليلها وتجاوزها. كلما كانت المشكلات والصعوبات التي تواجه عملية إنجاز البحث قليلة كان ذلك أفضل [100]. 5- إعداد مشروع البحث، وخطته. يتضمن البحث العلمي مشكلات بحثية معينة وهي تعبر عن نقص معرفي أو تطبيقي في مجاله. بكلام آخر ثمة جوانب غامضة في موضوع البحث ينبغي توضيحها. تتحدد المشكلات البحثية، في العادة، من جراء الإحساس بها في سياق الحياة العملية. لكنها قد تتحدد عن طريق التفكير المنظم الاستقرائي أو الاستنباطي، وقد توحي بها الأبحاث والدراسات السابقة. فعندما يتوصل أي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 100-د. طاهر مرسي عطية، إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ص 58-61، بدون تاريخ نشر بحث إلى حلول معينة لمشكلاته البحثية فإنه، في الوقت ذاته، يخلق مشكلات جديدة. ومهما يكن من أمر المصدر الذي جاءت منه المشكلات البحثية فيجب أن تحدد وتصاغ بدقة كبيرة ويمكن عرضها عندئذ في صيغة أسئلة معينة. غير أن الصوغ الدقيق للمشكلات البحثية لا يشكل في حد ذاته ضمانة كافية لانجاز البحث والوصول إلى النتائج المرجوة، بل لا بد من إعداد مشروع البحث وخطته بصورة محكمة وجيدة. في ضوء الاعتبارات السابقة ينبغي إعداد مشروع البحث وفق الخطوات الآتية: أولا؛ مقدمة. تتضمن المقدمة، في العادة، ما يشكل خلفية للمشكلة البحثية والأشكال التي تظهر فيها ومن ثم تحديد مبدئي للمشكلة ذاتها. ثانياً؛ إجراء الدراسات الاستطلاعية والمرجعية. في هذه المرحلة ينبغي أن يقوم الباحث بمراجعة مراجع البحث وإجراء دراسات استطلاعية لتكوين صورة أولية عن طبيعة المشكلة البحثية والحلول الممكنة لها. ثالثاً؛ في ضوء الدراسة المرجعية والاستطلاعية التي ينجزها الباحث يتم تحديد مشكلة البحث بدقة وعرضها في صيغة مناسبة. رابعاً؛ صوغ فروض البحث التي تتضمن تفسيراً أولياً لمشكلات البحث، وقد يتم الاكتفاء بعرض هذه الفروض في صيغة أسئلة موحية بالجواب الأولي. خامساً؛ أهداف البحث: ينبغي تحديد أهداف البحث بصورة جيدة لا لبس فيها، لأن الأهداف هي التي توجه الباحث وتحدد معالم طريق البحث. سادساً؛ أهمية البحث: إن أهمية البحث تأتي من المشكلات التي يحلها ويزيل غموضها، أو يوسع من نطاق الانتفاع بها. في الأبحاث العلمية ينبغي تحديد أهمية البحث بالنسبة للباحث ذاته وبالنسبة للعلم وبالنسبة لفئة من المجتمع أو للمجتمع ككل. سابعاً؛ تحديد منهجية البحث ومصادر بياناته. لقد صار معلوماً أن لكل مجال بحثي ولكل موضوع بحثي مناهجه أو منهجه الخاص به لا يكون البحث إلا به. بقدر ما يكون اختيار المنهج البحثي ملائماً تكون عملية إجراء البحث ميسرة تسير باتجاه الهدف المرسوم لها. أما بالنسبة لمصادر بيانات البحث فهي تتنوع بحسب نوع البحث ومجاله وتتوزع على ثلاثة مصادر بحسب أهميتها العلمية: المصدر الأول؛ وهو الأوراق العلمية (أبحاث، دراسات..)، وما يصدر عن المؤتمرات العلمية من وثائق وتوصيات وغيرها، وكذلك المنشورات العلمية على اختلافها (ما يصدر عن مراكز الأبحاث..) المصدر الثاني؛ ويشمل الكتب والمراجع العلمية المختلفة من دوريات ومجلات. المصدر الثالث، وهو المعطيات الرسمية وتقارير الجهات المعنية والتحقيقات الصحفية والملخصات والفهارس على اختلافها. تسمى المصادر الثلاث السابقة بالمصادر الثانوية، لتمييزها عن المصادر الأولية وهي تلك التي يقوم بها الباحث ذاته من قبيل اجراء التجارب أو الاستبانات وغيرها. ثامناً؛ تحديد الخطة الزمنية للبحث وتأمينها مادياً ومالياً ولوجستياً. تاسعاً؛ تزويد مشروع البحث ببليوغرافيا مرجعية تتضمن مصادر البحث ومراجعة مبوبة حسب تسلسلها الأبجدي أو بحسب طبيعتها كتب، دوريات، منشورات وغيرها. استناداً إلى إعداد مشروع البحث وخطته يبدأ العمل على إنجاز البحث، ليتثنى لاحقا عرضه أمام لجنة مختصة للحكم عليه واعتماده رسمياً من قبل الجهة المعنية. 6- طرق جمع البيانات، ووسائلها (الاستقصاء). ثمة طرق ووسائل عديدة لجمع البيانات الضرورية لانجاز البحث تختلف بحسب طبيعة البحث ومجاله تسمى هذه الطرق بالاستقصاء. ثمة طرق عديدة للاستقصاء نستعرض منها ما يأتي: 6-1- الاستبانة. تستخدم الاستبانة على نطاق واسع في البحوث والدراسات الاجتماعية. من محاسنها أنها لا تتطلب، في العادة، الدخول في علاقة مباشرة مع مصدر المعلومات إذ يمكن إرسالها بالبريد. تستخدم الاستبانة نوعين من الأسئلة: النوع الأول؛ ويشمل الأسئلة ذات النهايات المفتوحة إذ يترك بعد كل سؤال فراغ ليملأه المستجيب. النوع الثاني؛ ويشمل الأسئلة ذات النهايات المغلقة أي تلك التي ترفق بها، عادة، أجوبتها المحتملة في استمارة الاستبانة، ويترك للمستجيب حرية اختيار الإجابة التي يراها مناسبة. تستخدم الأسئلة ذات النهاية المفتوحة في الحالات التي لا يمكن حصر الإجابة عليها، وتسمح للمستجيب بالتعبير عن ذاته من خلال الجواب، ولهذا فهي تحترم شخصيته وتقدر دوره. أما عيوبها فإنها تكاد تقتصر على احتمال الحصول على إجابات غير صحيحة أو غير ملائمة، وقد تكون الإجابات غير محددة ويصعب مقارنتها. وقد تتطلب مهارات في الكتابة، وتستغرق وقتا طويلا نسبيا للحصول على الإجابات. أما بالنسبة للأسئلة، ذات النهايات المغلقة، فإن ايجابياتها كثيرة، منها أن إجاباتها محددة ويسهل تصنيفها وتكون معانيها، عادة، واضحة الدلالة والمعاني، وتسمح بإجابات كاملة إلى حد كبير. أما سلبيات الأسئلة المغلقة النهاية فهي تتمحور حول صعوبة تعبير المستجيب عن خصوصيته، وقد تحصل الإجابات بطريقة عشوائية، ولهذا يصعب، في كثير الأحيان، التحقق من صدقيتها. إن طبيعة الأسئلة وكونها مفتوحة أو مغلقة تتأثر إلى حد كبير بالمنهج البحثي المستخدم. فإذا استخدام المنهج التجريبي فإن أسئلة تكون مغلقة، اما إذا استخدام المنهج الوصفي فإن وسائل جمع المعلومات تكون متعددة وأسئلتها متنوعة. ومن أجل أن تحوز البيانات التي يتم جمعها عن طريق الاستبانة مزيداً من المصداقية العلمية ينبغي أن تراعي الاستبانة الاعتبارات الأتية: أ- الوضوح في الهدف بما يخدم الغرض البحثي. ب- أن يكون لكل هدف سؤال محدد او أن يتضمن كل سؤال فكرة محددة. ت- ينبغي تصميم الأسئلة لتتميز بالوضوح والبساطة وينبغي تفضيل الأسئلة التي تقبل الجواب بنعم أو لا. ث- ينبغي البعد عن الأسئلة السلبية وعن الأسئلة الموحية. ج- في الأسئلة التي لها أجوبة متدرجة (هام، هام جدا، غير هام) ينبغي أن يخصص لكل جواب محتمل خانة خاصة به. رغم الاستخدام الواسع للاستبانة في البحوث العلمية كوسيلة لجمع المعلومات نظراً لإيجابياتها الكثيرة، التي منها كلفته القليلة، وسماحها للمستجيب بالحرية الكاملة في الإجابة، وثبات الإجابات بلا تبديل او تغيير، فإنه يسجل لها العديد من السلبيات التي منها: أ- قد يشعر المستجيب بالحرج، خصوصا، إذا كانت الأسئلة توجه لصالح جهة أمنية أو حكومية. ب- قد لا يجد المستجيب أي مصلحة في البحث، فيتردد في الإجابة الصحيحة عن أسئلة الاستبيان. ت- لا يمكن استخدام الاستبانة في أوساط الأميين، وقد لا يفهم المستجيب الأسئلة بسبب ضعف مستواه التعليمي. 6-2- المقابلة. تعد المقابلة من الوسائل المهمة لجمع المعلومات، خصوصاً، في مجال البحوث والدراسات الاجتماعية وهي، على العكس من الاستبانة، تتطلب دخول الباحث بعلاقة مباشرة مع المبحوث الذي هو مصدر المعلومات. تتميز المقابلة بالمرونة وتسمح بتعديل الأسئلة وتوضيحها للوصول إلى الجواب المطلوب. يتوقف نجاح المقابلة على الإعداد الجيد لها سواء من جهة الباحث أم من جهة المبحوث أم من ناحية إعداد الأسئلة. في هذا المجال ينبغي التمييز بين نظام الأسئلة المفتوحة والنظام المقنن الذي يضع لكل سؤال عدد من الأجوبة يقوم المبحوث باختيار واحد منها، والنظام شبه المقنن الذي يتضمن أجوبة متدرجة عن السؤال يختار المبحوث واحداً منها. فيما يخص المقابلة المفتوحة يستطيع الباحث طرح الأسئلة دون تحديد مسبق للإجابات ويحصل بنتيجتها على معلومات غزيرة يصعب أحيانا تصنيفها. أما في حال المقابلة المغلقة فيتم تحديد الأسئلة وإجاباتها مسبقا ولذلك فإن المعلومات المتحصلة منها تقبل التصنيف والمعالجة الإحصائية. وثمة نوع ثالث من المقابلة يدعى بالمقابلة المفتوحة- المغلقة، وهي تشمل على النوعين السابقين من المقابلة، وتجمع بين مزاياهما، ولذلك فهي الأكثر استخداماً. تمتاز المقابلة كوسيلة لجمع البيانات، بأنها مرنة تسمح بتكرار السؤال وتوضيحه وتعطي المستجيب فرصة كافية للإجابة ويمكن ملاحظة صحة الجواب من خلال ردود فعل المستجيب في أثناء إجابته عن الأسئلة. وهي تسمح للباحث، أيضاً، بالتحكم بالتسلسل المنطقي للأسئلة وتحديد زمان ووقت المقابلة. من جهة أخرى يسجل على المقابلة بعض العيوب، منها تكلفتها الكبيرة إذ تتطلب تحديد المواعيد والتحضير الجيد واحتمال تحيز المبحوث للباحث أو بالعكس، خصوصا، إذا كانت تربطهما علاقات مصلحيه وهي لا تعطي للمبحوث الوقت الكافي للتفكير والإجابة، ولهذا فإن احتمال إعطاء إجابات خاطئة يكون كبيراً. 6-3-الملاحظة. يقصد بالملاحظة البحثية أن يقوم الباحث بجمع البيانات مباشرة عن الظاهر المدروسة بصورة تلقائية، وبدون خطة معدة مسبقاً. لكنه مع ذلك فهو يعرف هدفه ويتوجه إليه، ويعرف المعلومات التي يلاحظها، فهو لا يجمع أية معلومة بل تلك التي يحتاجها البحث. بطبيعة الحال قد تكون العوامل المؤثرة على الظاهرة المدروسة كثيرة يصعب ملاحظتها جميعها، لهذا ينبغي توجيه الملاحظة نحو العوامل المستهدفة، أي ما يسمى بوحدات التحليل الأكثر أهمية. ثمة أنواع عديدة للملاحظة نذكر منها: أ-الملاحظة البسيطة، وهي التي تجري في الظروف الطبيعية بصورة تلقائية وتكون: إما ملاحظة بسيطة يشارك فيها الباحث المبحوث حياته الفعلية ويمر بالظروف ذاتها. وإما ملاحظة بسيطة لا يشارك الباحث فيها المبحوث حياته، بل يكتفي بمراقبته. ب- الملاحظة الموجهة أو المنظمة وهي ملاحظة يتم التخطيط لها مسبقاً وهي تخضع للسيطرة والضبط العلمي. ثمة وسائل عديدة لتدوين الملاحظات فقد تستخدم السجلات العادية، وقد تستخدم أجهزة صوتية وغيرها. مهما يكن من أمر وسيلة تدوين الملاحظة ينبغي مراعاة ما يأتي: - تحديد موعد إجراء الملاحظة بدقة سواء عن طريق الجداول العشوائية، أم عن طريق جداول معدة مسبقاً. أما في حال الملاحظة المستمرة فلا داعي لتحديد جداول الملاحظة. - الزمن الذي تجري الملاحظة في أثنائه ومدى استغراقها فيه. - تحديد تكرار حدوث الملاحظة والمدى الزمني بين تكرار وآخر. ثمة إيجابيات كثيرة للملاحظة نذكر منها: أنها طريقة مباشرة لجمع البيانات ولا تحتاج إلى عدد كبير من الملاحظين وتسمح بتدوين الملاحظات مباشرة أو بعد حين. أما من سلبياتها أنها لا تسمح بتوقع الأحداث عند حدوثها وقد يصعب الحصول على معلومات شخصية إلى جانب حصول تفاوت زمني أحياناً في إجراء الملاحظة. 6-4- المسح. تعتبر البحوث المسحية (survey researches) من الوسائل الهامة لجمع المعلومات عن الظواهر المبحوثة خصوصا في مجال الدراسات الاجتماعية والسكانية، وفي مجال العلوم الاقتصادية والسياسية واختبارات الرأي العام وغيرها. تستخدم الدراسات المسحية، عادة، للتعرف على سمات الظاهرة وعلى اتجاهات حركتها، ولهذا ينبغي مراعاة الاعتبارات الآتية: أ- تحديد هدف الدراسة المسحية بدقة. ب- تحديد الأفراد الذين سوف يتوجه المسح إليهم (مجتمع المسح). ت- تحديد العينة التي سوف يتركز المسح عليها. ث- اختيار أسلوب جمع البيانات (استبانة، استمارة، مسح، وغيرها). ج- أن ترفق الاستبانة أو استمارة المسح، بخطاب يشجع المبحوثين على التعامل الجدي مع أسئلة المسح والإجابة عنها بصراحة وبلا تردد. ينبغي أن يوضع في الحسبان أنه مع كل الإجراءات التحضيرية لعملية المسح بما فيها إجراءات تحفيز المبحوثين على الإجابة، فإن نسبة منهم لن تجيب على أسئلة المسح. في هذا المجال تعد نتائج المسح مقبولة وذات مصداقية إذا بقيت نسبة الذين لم يجيبوا على أسئلة المسح أقل من 40 بالمائة من مجمل عدد الذين شملهم المسح. 7- مناقشة المادة البحثية. في هذه المرحلة من العملية البحثية تتم مناقشة المعطيات التي جمعت عن الموضوع المبحوث للكشف عما تتضمنه من نتائج معرفية أو تطبيقية وتقديمها في صورة نتائج وتوصيات. في هذا المجال يمكن استخدام الطرق الإحصائية ووسائلها في عرض البيانات مثل الجداول أو في الرسوم البيانية بحسب الغرض البحثي. مثلا يمكن حساب المتوسطات او السلاسل الزمنية أو معاملات الانحدار والارتباط وغيرها. 8- كتابة البحث. بعد أن يصل البحث إلى هذه المرحلة من العملية البحثية تتم كتابته وفق هيكلية معينة تلاءم طبيعة البحث. مثلا في الأطروحات الجامعية (ماجستير ودكتوراه) يمكن اعتماد الهيكلية التالية: - مقدمة، أو مدخل- فصل تمهيدي - الباب الأول- الفصل الأول - المبحث الأول - المطلب الأول، وهكذا دواليك. لكن يمكن بدلا من المباحث والمطالب استخدام الترقيم العادي مثلا: الفصل الأول، 1- للعنوان الرئيسي1-1 للعنوان الفرعي1-1-1 للعنوان تحت فرعي وهكذا دواليك. بعد الانتهاء من كتابة أبواب وفصول البحث يتم تدوين أهم الاستنتاجات التي توصل إليها والتوصيات المقترحة. يراعى في كتابة البحث سلامة اللغة ووضوحها وعلامات الترقيم واعتماد نمط واحد من الخط أثناء الطباعة، يمكن في العناوين الرئيسية تمييز الخط بتثخينه لتمييزه عن ديباجة البحث. وأخيراً ينبغي أن تعتمد في البحث الأرقام العربية فقط، ووسائل الترقيم العربية الأخرى.
9- التوثيق المرجعي. من الأهمية بمكان لإعداد البحوث العلمية مراعاة قواعد التوثيق المرجعي بحسب ما هو معتمد في هذا المجال. في حال التوثيق في داخل النص يمكن اعتماد الصيغة الأتية:( محمد،2005، ص120)، ومن ثم يشار إلى تفصيل المرجع في نهاية المخطوطة أو الورقة البحثية أو في نهاية الفصل. يمكن الاكتفاء بذكر رقم المرجع حسب تسلسل وروده في ديباجة البحث [1]، [2] وهكذا دواليك. ويمكن استخدام الطريقة الآتية: [1، 5] إذ يشير الرقم الأول إلى رقم تسلسل المصدر في قائمة المصادر في حين يشير الرقم الثاني إلى رقم الصفحة التي أخذ الاقتباس منها. أما التوثيق المرجعي خارج ديباجة النص فيمكنه اعتماد ما يلي: في الكتب: أسم المؤلف، عنوان الكتاب، الناشر وتاريخ النشر، المدينة او البلد، الصفحة. في المطبوعات العلمية: عنوان البحث، اسم المطبوعة، مكان وتاريخ طباعتها، الصفحة. في الصحف أو المنشورات المختلفة (وثائق، أوراق متفرقة، وغيرها) يذكر أسم الصحيفة، تاريخها، الصفحة. في الوثائق الرسمية: اسم الوثيقة، الجهة الصادرة عنها، تاريخها، الصفحة. في حال البحث على الشبكة العنكبوتية يكتب عنوان الموقع، وتاريخ الوصول إليه. 10- قائمة المصادر والمراجع بداية ينبغي التفريق بين المصدر والمرجع، فالمصدر هو التي استفاد منه البحث مباشرة عن طريق الاقتباس. أما المرجع فهو مصدر لأفكار أو معلومات معينة تغني ثقافة الباحث عن موضوع بحثة دون أن تساهم فيه مباشرة. تكتب قائمة المصادر والمراجع في نهاية البحث عادة، وقد تكتب في نهاية كل فصل ومن ثم تجمع في نهاية البحث. عند تدوين قائمة المصادر والمراجع توضع المصادر في المقدمة بحسب نوعها ولغتها: ما هو باللغة العربية يأتي أولاً، بحسب التسلسل الآتي: الكتب أولاً، ومن ثم الدوريات العلمية، ومن ثم الأوراق العلمية، تليها الصحف والمجلات، وهكذا دواليك. بعد الانتهاء من قائمة المصادر باللغة العربية يتم تدوين قائمة المصادر باللغة الأجنبية وفق التسلسل السابق ذاته. بعد قائمة المصادر، يتم تدوين قائمة المراجع بالطريقة ذاتها التي تم إتباعها في حالة المصادر.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة
-
علم العلم: الفصل الثالث: منطق العلم
-
علم - العلم ( مناهج البحث العلمي،الفصل الثاني فلسفة العلم
-
مناهج البحث العلمي-الفصل الأول-ما هو العلم؟
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الخام
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الراب
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثان
...
-
رهانات الاسد والسقوط الكبير
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
-
العرب والعولمة( الفصل السادس)
-
العرب والعولمة( الفصل الخامس)
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
-
العرب والعولمة(الفصل الثاني)
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
-
العرب والعولمة( مدخل)
-
العرب والعولمة(مقدمة)
-
في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الحادي عشر)
المزيد.....
-
لحظة تحطم مقاتلة أمريكية من طراز F16 في كاليفورنيا
-
وزير الخارجية الأمريكي يبين ما كشفه -التطرف الإسلامي- وما ال
...
-
مصر.. بيان إثيوبي شديد اللهجة حول سد النهضة والاستشهاد -بمعا
...
-
أمريكا تعرض مكافأة تصل لـ10 ملايين دولار لمعلومات عن شخصين إ
...
-
للمرة الأولى، نشر صور لجزيرة إبستين
-
العميل المزدوج.. ماذا تعرف عن أعقد أنماط العمل الاستخباري؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: قصف مدفعي وإطلاق نار مكثف من الدبابات
...
-
تحليل لـCNN: اتفاقية مع ترامب وترحيب ببوتين.. هل ستنجح الهند
...
-
ما هي بيضات فابرجيه الثمينة التي يُتهم رجل بابتلاع إحداها؟
-
لماذا يتعثر الاتفاق بين قسد ودمشق رغم وحدة الهدف؟
المزيد.....
-
علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة
/ منذر خدام
-
قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف
...
/ محمد اسماعيل السراي
-
الثقافة العربية الصفراء
/ د. خالد زغريت
-
الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية
/ د. خالد زغريت
-
الثقافة العربية الصفراء
/ د. خالد زغريت
-
الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس
/ د. خالد زغريت
-
المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين
...
/ أمين أحمد ثابت
-
في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي
/ د. خالد زغريت
-
الحفر على أمواج العاصي
/ د. خالد زغريت
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|