أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - أزمة الهوية عند السوريين - الطب النفسي السياسي 8-














المزيد.....

أزمة الهوية عند السوريين - الطب النفسي السياسي 8-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


إلى العلويين أهلي وناسي:

أنا أكثر من يعلم بفقر حالكم، فقد عشته.. في سنوات طويلة من طفولتي سافر أهلي يم الشرق والغرب من أجل لقمة كريمة، حمل أبي هم أسرة كاملة مكونة من ستة أخوة وأخوات فوق هم أطفاله، وكدّ في دول كثيرة من أجل تعليمهم.. نمنا جياعاً، نمنا على الأرض.. لكننا حملنا الشهادات جميعاً ولم نحمل يوماً ضغينة لأحد.

أنا أكثر من يعلم بطموحكم، فهو سبب استمراري، فكلمات أمي لا تزال تزيّن أيامي وصباحاتي: “ العمل هو أفضل عبادة على هذه الأرض، مساعدة خلق الله جميعاً، فالأطباء يد الله على الأرض”.. وصار جميع أطفال أمي أطباء، حتى من اعتبرها أمه من تلامذته أصبح طبيباً.
حلمتْ أمي يوماً بأن تكون يداً لله على الأرض، هي اعتقدت أنها لم تفلح، لأنها ما صارت طبيبة، لكنني أراها القدوة، فليس كمعلم فاضل يزرع الطموح بين تلامذته أجدر بهذا اللقب.

أنا أكثر من يعرف طيبتكم، أعرف بالتفاصيل عن البيوت التي فتحتموها لأهل سوريا جميعاً، ففي سنين حرب أهلية عجاف، لم نسمع بحالة اغتصاب أو خطف واحدة في الساحل، الساحل نفسه الذي استقبل جثث المجندين البسطاء بيادق رقعة الأجندات جميعها على الأرض السوريّة.

أنا أكثر من وقف ضد نظام الأسد، فحرمتُ من دخول البلاد لسنوات طويلة، وحُرِمَ أهلي مما كان ليكون حقاً مكتسباً لو واليت الظالم ومستفيديه.
هددني في السنوات السابقة: السني الموالي، العلوي الموالي، المتطرف الموالي، والملحد الموالي.. كسروا أملي مراتٍ كثيرات، ومنعوا كتبي ومقالاتي من دخول البلاد، كانوا شبيحة كمن نراهم اليوم تماماً…
فيما كانت زميلات لي ممن يعتبرن أنفسهن ولاة الثورة اليوم يزرن البلاد سنوياً، كنت أنا محرومة من دخولها!
قسّم النظام القديم الشعب بحسب الولاء، وتقسم المنظومة المستحدثة الشعب بحسب الطائفة!


أيها العلويون الكرام، يا آل بيت النبي ومحبي الأنبياء والأولياء:

أبرز ما يميزنا هو فصلنا للدين عن الدولة، وضعنا للدين في القلب والعمل الجاد في طرق الحياة..
نحن علمانيون من دون أن ندرك ذلك، قابلون للعيش في أية بلاد..
نحن من القادرين حول العالم على جمع الخير من كل الثقافات، والرقص بين الحضارات..
نساؤنا أخوة الرجال، ورجالنا أبناء أمهاتٍ قدوات علمنّنا أن ثقافة الحياة تنتصر دوماً.

في دراسات كثيرة، حاول مستشرقون وكتاب كثيرون العودة إلى الماضي لمعرفة لماذا نشأت الطائفة العلويّة..
دراسات قالت أنهم أهل فلسفة وعقل، أحكموا العقل في كل الممارسات الدينية والسياسية و لجؤوا للقرآن فقط لفهم الدين..
دراسات أخرى قالوا أنهم كالدروز استخدموا الكنايات والاستعارات والفلسفة في فهم كل شيء.

دراسات أخرى أبرزها دراسة الباحث المستشرق هنري لامنس (1862-1937) أشارت إلى أن العلويين هم من المسيحيين الذين أخفوا دينهم لحماية أنفسهم، في عصر قتل المسيحيين.. كلنا نعلم أن كثيراً من الطقوس والعادات المسيحية استمرت بين العلويين ليومنا هذا.

هذا كله لا يهم.. ما يهم حقاً، أن العلويين أهل عقل، حكمة، علم وتسامح.. أنهم علمانيون يريدون الخير لكل شعوب الأرض، هذا ما يجب أن يعمل المثقف العلوي اليوم على نشره، فأكثر ما يميز العلويين هو عدم وجود مرجعية دينية واحدة لهم، مع احتراماتي الكبيرة لجميع الشيوخ العقلاء في جميع الملل، الأديان والطوائف..

ما يميز العلويين كطائفة هو حبهم لله، العلم، مساواتهم بين المرأة والرجل في سداد الرأي، و تحويل كل شيء إلى فلسفة عظيمة تستخدم عقلك الذي منحك إياه الله لتفهمها.

يرى العلويون في علي بن أبي طالب قدوة ومثلاً في الحكمة، الفلسفة، التسامح واستخدام العقل.. ولهذا يقولون يا علي كثيراً، وحتى هذه الجملة تحمل من الاستعارة والكناية ما تحتاج عقلك لفهمه.

أيها العلويون النبلاء:

كل الشعب السوري اليوم يعاني من أزمة هويّة، هذا طبيعي بعد أن كانت بلادنا سجناً كبيراً لسنوات طويلة، ثم أصبحت صحراء هاربة من زمن جاهلي، تحاول زرع الواحات الاصطناعية هنا وهناك.. مكاناً لتجنيس المتطرفين من حول العالم، يستخدمون من أجل بث الرعب، الفتنة والفزعات، ثم للتأكيد للغرب على (علمانية) الدولة ووجوب طردهم!

المخطط كبير، من يعيش في أمريكا يعلم من 2012 أن المخطط هنا هو لتقسيم ذلك البلد، وكلكم تعرفون لماذا…
أنا أعرف أنكم لم تريدوا إلا الأمان، ولا حل أمام استباحتكم اليوم إلا بلا مركزية تحفظ البلاد من التقسيم…

وأعرف أننا بلا صوت اليوم.. وأن الخطف، القتل على الهوية، الاغتصاب، السبي، السرقات، حرق الأرزاق، إهانة الكرامات، المحسوبيات، الفزعات والاستباحة بحقكم وبحق الدروز الأحباب ملأت القلوب حزناً والعقول حيرة.

أنا أعلم أن اعتصامكم السلمي في 25/نوفمبر/2025 لم يكن سوى صرخات يأس في أذن الإعلام السافل المكذّب لمظلومياتكم و الدول المستفيدة التي غضت وتغض النظر عن استباحتكم..

تذكروا كلام الإمام علي وما ذكره في كتاباته كفيلسوف قبل أن يكون رجل دين، الصبر جناح المؤمن، والعمل طريقه، والاستمرار عزيمته، والسماح زينة قلبه…


إلى السوريين جميعاً:

أنا مؤمنة بالطيبين فينا.. بأن الجد والاجتهاد طريقنا، الاستمرار سرنا، السماح والصبر سماتنا، والناس جميعهم سواسية، لا يختلفون إلا بالأحلام والأخلاق.

أزمة الهوية والانتماء تأكل المجتمع من أبسط أميّ إلى أعتى مثقف، لقد تحول المعنى في الحياة لماديّ بحت، و أضحى فهم الذات حلماً بعيد المنال، فأصبحت الغايات مبررة للوسائل.

الحل يبدأ بكلمة واحدة: اقرأ.
والوطن الذي نريده يبدأ من جملة أولى: الدين معاملة.

من قدر علي تحقيق ذلك حكم وطناً، ومن لم يقدر صنع قبائل…

يتبع…



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممداني وجحا - علي السوري الجزء الرابع 19-
- العلويّة الرواقيّة -علي السوري الجزء الرابع 18-
- لقد استخدمونا -علي السوري الجزء الرابع 17-
- السيبروسلافية -علي السوري الجزء الرابع 16-
- بين أدونيس والجريمة رقم واحد: عيدٌ للرحمة -الطب النفسي السيا ...
- الحلّ السوريّ - علي السوري الجزء الرابع 15-
- نستورد الأحلام -علي السوري الجزء الرابع 14-
- تجارة الألم -علي السوري الجزء الرابع 13-
- الملكية العضوضة والشعب الأعزل فكرياً - علي السوري الجزء الرا ...
- و نرش الزعتر - علي السوري11
- و نرش الزعتر - علي السوري الجزء الرابع 11-
- سويداء القلب - علي السوري 10-
- استباحة الأقليات - علي السوري الجزء الرابع 9-
- وردة السانت جون -علي السوري الجزء الرابع 8-
- حلف الأقليّات -علي السوري الجزء الرابع 7-
- قلْ لي ما طائفتك، أخبركَ عن رأيك - علي السوريّ الجزء الرابع ...
- اتصالٌ من الرئيس السابق - علي السوري الجزء الرابع 5-
- آذار الأسود- أنا لا أزال هنا - علي السوري الجزء الرابع 3-
- عمر وعلي - علي السوري الجزء الرابع 2-
- أجاكس سوريا - علي السوري -الجزء الرابع 1-


المزيد.....




- الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا ...
- كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق ...
- وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما
- إيران تحظر دخول غابات مدرجة على قائمة التراث العالمي بعد أن ...
- اكتشافات بجنوب شرق تركيا تشرح حياة البشر في العصر الحجري الح ...
- عمليات جراحية على نغمات الموسيقى: اكتشاف علمي يغير قواعد الت ...
- متاحف قطر تحصد جوائز مرموقة في النسخة الثالثة من جوائز قطر ل ...
- الألكسو تكرم ستيفاني دوجول عن ترجمة -حكاية جدار- وتختار -كتا ...
- تشييع الممثلة الراحلة -بيونة- إلى مثواها الأخير في مقبرة الع ...
- نساء غانا المنفيات إلى -مخيمات الساحرات-


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - أزمة الهوية عند السوريين - الطب النفسي السياسي 8-