أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - أجاكس سوريا - علي السوري -الجزء الرابع 1-















المزيد.....

أجاكس سوريا - علي السوري -الجزء الرابع 1-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


جَمُدَ عليّ في مكانه، كان القبر ضيقاً جداً على أنفاسه التي حبسها في صدره الحزين، لم يقوَ على البكاء لا تعباً ولا خوفاً، بل أملاً.. هو صاحب القصة، وأيّ نفس الآن معناه قتله وقتل قصته معه.
*******


كانت فرحة عمّار بسقوط النظام في سوريا كبيرة لا تشبه أي فرح أحسه في حياته، أخيراً ستعود سوريا إلى أبنائها قال في نفسه.
على الجسر الأبيض في بغداد، مكانما أراد الانتحار يوماً.. رفع صوت جواله وبدأ بالرقص..
ظنّ المارة أنّه جُنّ، أما هو فاختبر سكرة الفرح، لا نبيذ ولا عقار على وجه الأرض قادر على مضاهاة سكر الفرح.
ركض، هرول إلى بيت هبة.. دقّ الباب وكأنه طبل آخر:
-صباح الحرية يا رفيقة.. صباح الحرية يا رفيقة.. سقط الطغاة.. هرب الأسد الأخرس.. فتحوا صيدنايا.. لمّوا الشعب بكله حولهم..
نظرت هبة إليه بسخرية.. في عينيها نهر دموع.. لم تصنع شلالاً بعد، ولا تبدو دموع فرح..
استيقظ عمّار:
-أنت بخير؟
-حتى الآن.
- لماذا لست سعيدة؟
- سعيدة لمَ؟ صفقة دوليّة أخرى؟ نوّقع ببساطتنا أو حماقتنا عليها.. إلى متى نقبل أن نكون حجارة الرقعة؟ يحركوننا كما يريدون في سبيل النفط، الغاز والأرض.
- لم أفهم؟
- النظام السوري مجرم وأنت تعرف أنني منفية من هناك، أنت تعلم عن قصصي الحزينة كلها، لكن ما حدث في إحدى عشر يوماً يدفع العقل للتفكير بأشياء كثيرة.. و البديل المختار يخبرك عن إرادة مجرمي الغرب في سوريا.. القادم سيء جداً وسترى.
- اعذريني هبة لكني لا أفهمك.. كيف تقولين هذا؟ لقد حلمنا لسنوات طويلة بما حدث اليوم.. لماذا نظرية المؤامرة تحكمنا نحن العرب والكرد؟
- هل تعرف شيئاً عن عملية أجاكس؟
- أجاكس؟
- أجل..
-عملية Ajax أجاكس عام 1953 في إيران كبروفة لما حدث في سوريا، ويكتب التاريخ عن أمثلة كثيرة وصفقات دولية أكثر انطوت على تغييرأنظمة وسقوط تحالفات.
-ماذا حدث في أجاكس؟
- انقلاب ايران على محمد مصدق، العملية كانت سرية مخطط لها من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هدفها الأساسي النفط وهدفها المعلن الحرية و الديمقراطية.
لم تعترف المخابرات الغربية بأنها صانعتها إلى عام 2013، حيث تم نشر معظم الوثائق الحكومية التي كانت سرية في السابق وأظهرت أن الحكومة الغربية العتيدة كانت مسؤولة عن التخطيط للانقلاب وتنفيذه، بما في ذلك رشوة الساسة الإيرانيين، وكبار المسؤولين الأمنيين والجيش، وتم نشر وثائق حتى عن دعم التحريض المؤيد للانقلاب، تخيل ستين سنة حتى فضحتهم الوثائق والرسائل، المشكلة أن كنوز الشرق الأوسط النفطية، السياحية، الجغرافية والاقتصادية في نظر الدول الكبرى أثمن بكثير من أي مفهوم ديمقراطي أو إنساني.

-من قال لك هذه الخزعبلات؟

-المقالات المنتشرة بكثرة لمن يقرأ يا عزيزي.. الويكيبيديا إن أردت مصدراً سهلاً..
فتحت هبة حاسوبها و قرأت ل عمّار عن عملية أجاكس، ثم أخذته في رحله نفط وغاز لرؤية المستقبل عن طريق معرفة الماضي:
اسمع: “ محمد مصدق كان محامياً ومؤلفاً وبرلمانياً بارزاً قبل أن يصبح رئيسا لوزراء إيران .أدخلت إدارته إصلاحات اجتماعية وسياسية واسعة مثل الضمان الاجتماعي وتنظيم الإيجارات واستصلاح الأراضي. ولكن تبقى حركة تأميم صناعة النفط الإيرانية هي النقطة الأبرز في سياسة حكومته حيث كان البريطانيون يسيطرون عليها منذ 1913 من خلال شركة النفط الأنجلو-إيرانية (APOC / AIOC) (سميت لاحقا باسم شركة النفط البريطانية أو بي بي).تسببت قراراته في تأميم شركات النفط في إزاحته في إنقلاب عليه يوم 19 أغسطس 1953 بعد إجراء استفتاء مزوّر لحل البرلمان، طلبت المخابرات البريطانية مساعدة السي آي إيه في تنفيذ الإنقلاب واختيار الجنرال فضل الله زاهدي ليخلف مصدق. فأسقطت حكومته وسجن مصدق ثلاث سنوات ثم أطلق سراحه، إلا أنه أستمر رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته سنة 1967.”

صمتت هبة، وصمت عمّار، لم يعتد من هبة أن تزوّق الكلام ،ولا أن تهرب من حقيقة.
نظر إلى حزنه المسكوب أمامها على طبق الواقع، مشوهاً كأنما يراه من عينيها لا عينيه، ثم استدرك أن أنهارها قد حلّت عنده.
*******


كانوا ينطون فوق مقام الشيخ العلويّ، وعليّ في داخله يختبئ من رصاصة في القلب، أو من اقتلاع للقلب.. سمعهم يلبطون الحجر ويشتمون عباد الله، فيسيؤون لله قبل أي آخر:
“ قلنا لك أن تزوجنا يا شيخ لم تفعل” …” هذا هو الخنزير الشيخ العلوي” .. ؛ لعنة الله عليك يا شيخ”.. “ كل كلب علوي بينبح بدنا ندعس عليه ونشخلكم على مقاماتكم”.. “ “ مقاماتكم تحت اجرنا”.

كانوا ينطون فوق جسد عليّ المختبئ في القبر.. حابساً أنفاسه ودموعه.. علي السوري المعارض العلوي الذي ظنّ أنه بسقوط نظام الأسد الأخرس في سوريا يستطيع العودة، فاكتشف أنه سيدفع الثمن مرتين.

عليّ يعلم -كأي فرد ورث الثقافة العلويّة عن أجداده- أن المقامات جزء من استعارات وكنايات حب الحياة عند العلويين، وأن زيارتها لا تعني بأي شكل من الأشكال عبادتها، بل هي أن تشكر شخصاً ما -شيخاً في الغالب- مد يد الحسنى للفقراء والبسطاء، فزيارته كناية عن حب فعل الخير والتودد له استعارة عن التودد لله الواحد الأحد.

قال في نفسه: أنا صاحب قصة، وصاحب القصة يجب أن يعيش.

في الثلاثة أشهر الماضية، سألوه كثيراً على حواجز كثيرة: هل أنت سني أو علويّ؟ و دوماً أجاب سنيّ.

قال لي: شفع لي جواز سفري الأمريكي، لهجتي التي دبغها سكني في السعودية لأعوام وعلم الثورة الذي أرتديه في معصمي.

رأيتُ أبناء الثقافة العلويّة يعوون، لأنهم لم يكذبوا مثلي وقالوا لهم الحقيقة عندما سألوهم سؤال المرحلة الشهير: “هل أنت علوي أو سني” .. “ عووي ولاك”.. سمعتها ولم أسمع صوت فيروز.
كنتُ أكذبُ بثقة، وهذا ما قتلني.. بررت لنفسي أنني صاحب قصة، بررت أن زميلي في العمل - السني الذي والى النظام البائد للعظم- قال لي:
“ لقد أخطأ العلويون..”.. أنا المعارض الذي هُجّرتُ وسُجِنْتُ يقال لي هذا، لأنني أحمل بكل لا دينيتي علم ثقافة الفينيق العلمانية..” .

هل تعلمين يا عليا، يقال أن العلويين أرادوا الابتعاد عن تاريخ القتل والإجرام وتحسينه، فلجأوا للعلمانية وأسموها العلويّة، يقال أيضاً أنهم أحبوا المسيح وطيبته ولم يجرؤوا على الانضمام لثقافة الحياة المسيحية، فتبعوا مجموعة تشبه سلام المسيح.
يقال أيضاً أنهم أحبوا سلام الإسلام وأرادوا تفاسير تحترم العقل وتجعله قادراً على أنسنتها عن طريق البلاغة، الاستعارة والكناية، فصاروا علويين.

أما أنا يا صديقتي النبيلة:
لم أختر موروثي الثقافي، لكن لطالما فخرتُ بكنايات ثقافة طائر الفينيق وبعثه من الرماد، عندما أراك سأهديك قلادة طائر الفينيق، نحن أصحاب القصة وسنبعث من الرماد كي نحكيها، يجب أن نستمر لأن جمال هذه الحياة يكمن في اختلاف ثقافاتها.

الحال في سوريا غير الحال، بعد أسابيع من سقوط الأسد، طالت جرائم الخطف والتطهير العرقي الفردية الكثيرين من أبناء الثقافة العلوية، فصلوا كثيراً منهم من أعمالهم.. ومع كل الظلم كانت الأمور لتحل، لكن بعد مجازر فاحل وأرزة، تغير الوضع.
لقد رؤوا صمت العالم أمام وحشيتهم، لذلك أقول لك لا تتفائلي وإن كان أساس الطب النفسي تفاؤل.. القادم أسوأ…

أبناء الثقافة العلوية هنا، فيحكمهم الرعب، كثيرون لا يغادروا منازلهم أبداً، وفيما يحتفل من اعتقدوا أنّ الثورة كانت لتبديل حاكم علويّ بآخر سني.. يهجم الظلم على مجتمعات الأقليات ببطء كأفعى تنتظر بث سمها، بينما ينقض على أبناء الثقافة العلويّة ديناصور جاء من زمن جاهليّ لا يشبهنا نحن السنة العلمانيون، نحن العلويون، نحن المسيحون.. نحن الدروز، نحن الكورد.. لا يشبهنا نحن أبناء ثقافة الحياة.

طلب البسطاء عبر التاريخ وفي كل الثقافات حول العالم شفاعة المحسنين عند الله.
في علم نفس الإنسان: ينكر البسيط على نفسه حتى حق الطلب من الله مباشرة، فيحتاج الوسائط ولهذا كانت المقامات، الجوامع، الكنائس، الكنس والأديان.. لم تكن الأديان في أي زمان وسيلة لقتل، قهر وظلم الناس، ولم يستخدمها في ذلك سوى الكافرون والساسة.. ولهذا قلت لك دوماً أنني لا أصلح للسياسة.

هذا كان نصف رسالة عليّ السوري، أما كيف خرج من المقام، ففي هذا حكاية أخرى…


يتبع…



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمنا للأبد -يا للعار 10-
- القيامة دفعات تأتي - يا للعار 9-
- افعلوا ما فعلت اسرائيل -دعونا نغادر - يا للعار 8-
- الثقافة العلويّة الرواقيّة في مواجهة الطائفيين - يا للعار 7-
- قنوات العهر العربيّة - ياللعار
- صارت غابة - ياللعار 5-
- ثقافة العلويين في مواجهة طائفية المتثاقفين - ياللعار4-
- من الكافر؟ -يا للعار 3-
- الإبادة المنهجية لطائر الفينيق السوري - الطب النفسي السياسي ...
- فشرتوا -ثقافتنا ثقافة حياة لا موت- ياللعار 2-
- هولوكوست علويّ في سوريا - يا للعار-
- العلويون قرابين مذبح الوطن الحلم الضائع- الطب النفسي السياسي ...
- الطوطم السوريّ -الطب النفسي السياسي 2-
- في أقل من سنتين - متعدد الثقافات 20-
- لم تنتصر ثورة سوريا - الطب النفسيّ السياسي 1-
- شورى في آشوريا -متعدد الثقافات 19-
- رجال ذوو ماضي -متعدد الثقافات 18-
- حلمنا بديكتاتور ألطف -متعدد الثقافات 17-
- حروب السوائل -متعدد الثقافات-
- ملخص الوضع السوري- تخيّل - متعدد الثقافات 15-


المزيد.....




- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي
- مهرجان الفيلم العربي في برلين: ماض استعماري يشغل بال صناع ال ...
- شاركت في -باب الحارة- و-ليالي روكسي-.. وفاة الفنانة السورية ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - أجاكس سوريا - علي السوري -الجزء الرابع 1-